النهار
الإثنين 30 سبتمبر 2024 02:26 صـ 26 ربيع أول 1446 هـ
جريدة النهار المصرية رئيس مجلس الإدارة ورئيس التحريرأسامة شرشر

مقالات

جمال حشمت يكتب: أليس منهم رجل رشيد؟

د. جمال حشمت
د. جمال حشمت
مارس برلمان الثورة دوره في حدود اماكنات نوابه التي لم ترتب الأولويات ترتيبا يناسب المرحلة التي كانت تستوجب اتخاذ جميع الإجراءات لإنهاء وجود ما تبقي من النظام البائد وذلك يعود الي حالة عدم الثقة التي شجعتها بعض القوي التي زايدت علي الثورة واشغلت وقت المجلس فيما لا يستحق ! مع غياب الحوار علي أجندة واحدة لكل الأحزاب والقوي السياسية وكنت شخصيا أعول علي اللجنة العامة التي تضم كل أطياف المجلس لكنه مارس عملا روتينيا لا يناسب المرحلة رغم أن الجميع كان ينظر الي المجلس فعلا علي أنه برلمان الثورة لذا تسارع المتآمرون الي حله ! ولعل الطهارة السياسية التي كانت أغلب الأحزاب و الشخصيات العامة تعيشها بلا تاريخ فاسد إلا قليلا من المحسوبين علي الماضي ! سمح بالاقتراب من قضايا وقوانين لم يكن أحد يجرؤ علي الاقتراب منها وهنا تتفاوت الآراء هل كان من المناسب الدخول بقوة في هذه المناطق الملغومة مبكرا أم لا ؟ وبين مؤيد باعتبار ذلك عهد ووعد للناخبين لتصحيح الأوضاع وتطهير الدولة من الفساد وهم الأغلبية وبين مطالب بالمواءمة والتدرج في مواجهة الفساد وهم أقلية من كل التيارات ! فمثلا قانون الحد الأقصي مثل رعبا لقطاع عريض من المسئولين وكذلك إلغاء محاكمة المدنيين أمام المحاكم العسكرية مثل تقليما لأظافر العسكريين أضف الي ذلك الإعلان عن نية مناقشة قانون استقلال القضاء وما يمثله من خطورة علي البعض هيئات وأفراد وتعديلات كثيرة لمنح الأجهزة الرقابية حصانة تمنع التدخل وحماية الفساد (مثل الجهاز المركزي للمحاسبات و هيئة التوثيق العقاري والنيابة الإدارية وغيرها ) ولاننسي هنا القوانين التي تخدم مختلف فئات المجتمع ( مثل عودة الانتساب للكليات والثانوية العامة في عام واحد وتثبيت العمالة و ضم الصناديق الخاصة والتأمين الصحي للمرأة المعيلة والأطفال دون السادسة ورد اعتبار أساتذة الجامعات فوق السبعين وزيادة مرتبات أعضاء هيئة التدريس وأمناء الشرطة وضباط الشرطة والنظر في كادر المعلمين ونزع رحلات الحج من سيطرة الداخلية التي أهدرت كرامة المصريين مرارا وتكرارا في الرحلة المقدسة وقانون الانتخابات الرئاسية الذي يجعل النتائج أكثر شفافية ) وكان في الطريق كادر الأطباء والتأمين الصحي الشامل وزيادة مرتبات أفراد القوات المسلحة الذي أفزع وزارة الدفاع فلم ترد علي لجنة الاقتراحات والشكاوي وغير ذلك كثير لا يمكن حصره في مقال ، بدا كأنه يدعم شرعية شعبية حقيقية تؤكد صدق المصريين في اختيار نوابهم حتي لو كانوا قليلي الخبرة! وهنا بدأت حرب الإشاعات وتلغيم المسارات الجماهيرية والتوقف عن الاستجابة لطلبات النواب وحرمان الشعب من حقوقه الأساسية وصنع أزمة للبرلمان انتهت بقرار حل عجيب يحتاج الي التوقف أمامه وتأمل أثاره فيتضح الآتي :مستشار مع أخرين أشرفوا علي ودافعوا عن برلمان 2010 (الذي تم تزويره بالكامل وبفجور) هو هو مع أخرين الذي قرر حل برلمان الثورة (الذي انتخبه 30 مليون مصري في أنزه انتخابات شهد لها العالم وأنفقت عليه المليارات من دماء الشعب المصري) ومن بعده جاء مستشار حكم بدستورية المادة 76 التي كانت تمهد الطريق لوراثة مصر ! وحكمت المحكمة بعدم دستورية المادة التي وضعها برلمان الثورة وتحرم أعضاء اللجنة العليا للإنتخابات من تولي أي منصب تنفيذي في مدة الرئيس المنتخب تحت اشراف اللجنة تبرئة وحماية لهم من القيل والقال !! وكلهم تجاهلوا المادة 38 من الاعلان الدستوري التي تكلمت عن انتخابات ثلثي الأعضاء بالقائمة والثلث فردي . ولم تحدد إذا كانوا مستقلين أو أحزاب فمن أين جاءت عدم الدستورية؟!!! فلا ندري الي أي نص استندوا بعدم الدستورية !!! ثم يصدر تقرير المفوضين والحكم في 45 يوما وأعراف المحكمة تجعل تقرير المفوضين وحكم المحكمة في مثل هذه القضايا يستغرق عامين أو ثلاثة مثلما حدث في برلمان 84 الذي صدر حكم عدم دستوريته عام 87 وكذلك عام 90 !!! الأخطر من كل هذا أن الحكم تسرب الي رئيس الوزراء وهدد به رئيس مجلس الشعب الذي يفضح الأداء الحكومي ومؤمرات الوزارة أمام الشعب !ومنذ أكثر من شهر مما يعني أن التقرير والحكم لم يستغرقا سوي شهر ونصف الشهر علي الأكثر!! والأعجب من ذلك سرعة إعلان الحكم ونشره في الجريدة الرسمية قبل نطقه في نفس اليوم !!! وهل رفض الدكتور الكتاتني اصدار قانون بالضبطية القضائية لضباط وضباط صف المخابرات والشرطة العسكرية كما طلب منه !! حيث تصوروا للحظة أن الكتاتني هو سرور! كان سببا مضافا لسرعة الحكم وإهدار إرادة شعب بفتوي تصيب وتخطئ !!! ورغم أن حكم الدستورية بالحل في هذا الوقت الحساس الذي تناقش فيه موازنة مصر وعدة قوانين مهمة علي رأسها ضم الصناديق الخاصة وقانون الجامعات واستقلال القضاء وتعديل قانون الجهاز المركزي للمحاسبات وتحصين باقي الأجهزة الرقابية التي تلاعب بها نظام مبارك المخلوع حتي لا تنكشف سرقات هؤلاء المنتفعين من النظام البائد وينفقون ملياراتهم لإسقاط المجلس وانجاح ممثل المشروع الصهيوني الأمريكي في انتخابات الرئاسة ! أيضا قرار الحل الذي أصدره المشير إفتئات لاحق له فيه فليس هناك نص دستوري يمنحه هذا الحق فلم العجلة بغير سند!؟هذا الحل في هذا التوقيت هو إهانة للشعب المصري الذي انتخب هؤلاء مهما كان أداؤهم الفطري الذي لم يجعل لأي قضية حصانة أو خلفية تمنعهم من الاقتراب منها وكان الأداء يتطور من يوم لأخر ! لكن الكارهين لايودون نجاحا لأغلبية وثق فيها الشعب المصري ومنحها ثقته كما لم يمنح أحدا من قبل !اليوم نحتاج الي مراجعة سريعة من أصحاب القرار لتأكيد الأمل في التغيير ولن يحرم أحد من الخير الذي سيعم مصر عندما تتحرر إرادتها وتستمتع بخيراتها أرجوكم عودوا لرشدكم قبل فوضي تعم البلاد بقراراتكم المتعجلة الخاطئة ولعن الله مستشاري السوء في كل مكان وحفظ مصر والمصريين من كيد أعدائهم لكن ماذا نقول ؟ حسبنا الله ونعم الوكيل وسيعلم الذين ظلموا أي منقلب ينقلبون!.