النهار
الإثنين 30 ديسمبر 2024 10:04 مـ 29 جمادى آخر 1446 هـ
جريدة النهار المصرية رئيس مجلس الإدارة ورئيس التحريرأسامة شرشر
كارثة حال تطبيقه.. برلمانية سابقة: قانون المسؤولية الطبية يثير تخوف الأطباء (خاص) النني يصعد بالجزيرة إلى نصف نهائي كأس الرابطة الإماراتية بالفوز على العين محافظ القليوبية يفتتح معرض الكتاب الأول بقصر ثقافه القناطر الخيريه الانتهاء من أعمال أحلال وتجديد مرشحات محطة فايد الكبري أغاني أم كلثوم وعبد الحليم ووردة وفيروز في حفل موسيقى عربية بأوبرا دمنهور .. الخميس تجربة جديدة في نصف نهائي كأس الرابطة الإنجليزية أموريم يعلن تشكيل مانشستر يونايتد ضد نيوكاسل في الدوري الإنجليزي السفير العكلوك: مساعدات إغاثية صحية مقدمة من مجلس وزراء الصحة العرب إلى غزة «مسام» ينتزع 48,705 لغم وذخيرة غير منفجرة خلال 2024 في اليمن نفاد الدفعة الأولى من تذاكر كأس السوبر الفرنسي بالدوحة.. وطرح الدفعة الثانية اليوم كاسبرسكي تحذر الشركات المحلية من خدع تنتحل صفة منصة Docusign اورنچ مصر تفوز بجائزة «Telecom Review Leaders’ Summit» كأفضل شركة اتصالات في «المسؤولية المجتمعية»

مقالات

د. نجوى كامل تكتب : 80 عاماً على رحيل عبدالقادر حمزة

د. نجوى كامل
د. نجوى كامل

في مثل هذا اليوم من ٨٠ عاماً توفي الكاتب الصحفي الكبير عبد القادر حمزة ، و الذي كان قلمه واحداً من الأقلام الوطنية التي عبرت عن ارهاصات الفترة ( الليبرالية ) ، وتحدياتها وماشهدته من انشقاقات كان لها تأثيرها الكبير علي الأحداث السياسية ..

ولد عبد القادر حمزة في قرية تابعة لمركز شبراخيت محافظة البحيرة عام ١٨٨٠ ، تلقي تعليمه في مدرسة رأس التين في الاسكندرية ثم التحق بمدرسة الحقوق في القاهرة ، عمل بعدها محاميا لفترة وجيزة ثم اتجه للصحافة ..وكانت بدايته في العمل الصحفي توليه رئاسة تحرير جريدة ( الأهالي ) التي صدرت في الاسكندرية عام ١٩١٠ ..والتي اتخذت مواقف معارضة لسعد زغلول والوفد عند قيام ثورة ١٩١٩ حتي نجح الوفد من خلال عبد الرحمن فهمي في استقطابها الي صفوف الحركة الوطنية بزعامة سعد زغلول ، وهكذا يقرر عبد القادر حمزة نقل الصحيفة الي القاهرة في سبتمبر عام ١٩٢١ وظهر اتجاه الجريدة الوفدي منذ اول عدد لها في القاهرة حيث اتخذت عبارتين من أقوال سعد زغلول شعارا لها ، كتبتهما في ترويسة هذا العدد ( الحق فوق القوة والأمة فوق الحكومة ) و( يعجبني الصدق في القول والاخلاص في العمل ، وأن تقوم المحبة بين الناس مقام القانون ) ونتيجة حملات الأهالي القوية ضد وزارة عدلي يكن ، يصدر قرار بتعطيلها في نوفمبر ١٩٢١ وجاء في قرار التعطيل “ حيث أن جريدة الأهالي قد دأبت في الأيام الأخيرة علي نشر أخبار كاذبة ومطاعن لا أساس لها من الصحة ، من شأنها تضليل الرأي العام واثارة الأفكار وتهييج الخواطر ، وحيث أن هذا منشؤه الإخلال بالنظام “ تم وقف جريدة الأهالي ستة أشهر وبعد تعطيل الأهالي لجأ عبد القادر حمزة الي الكتابة في عدد من الصحف مثل المحروسة والمنبر والتي كانت تعطل بسبب كتاباته الواحدة تلو الأخري ، حتي عادت جريدة الاهالي في ٧مايو ١٩٢٢ ولم يمر سوي ثلاثة أيام حتي اصدر ت وزارة عبد الخالق ثروت قرار ا بتعطيلها نهائيا …واستأجر عبدالقادر حمزة عددا من الصحف الصغيرة كانت تعطل هي الأخري ، حتي أصدر جريدة( البلاغ ) في يناير ١٩٢٣ .


عبد القادر حمزة والبلاغ
قبل أن نبدأ في استكمال سيرة الكاتب الصحفي عبدالقادر حمزة ، يهمني توضيح أمر متعلق بالغاء الصحف أو تعطيلها ، رغم ان دستور ١٩٢٣ أكد في مادتة (١٥) علي حرية الصحافة ومنع التعطيل الإداري للصحف ..الا انه “ ودي عادتنا مش حنشتريها“ زيل المادة بعبارة الا اذا كان هذا ضروريا لوقاية النظام الاجتماعي، و ( هذا ) في هذه العبارة تعود علي تعطيل الصحف والغائها ، وهكذا بحجة ان ماينشر في صحيفة ما يضر بالنظام الاجتماعي شهدت الفترة التي سميت بالليبرالية حالات عديدة لاغلاق الصحف المعارضة ولكن الصحفيون الوطنيون قاوموها باستئجار صحف صغيرة تكون بديلا لصحفهم الأصلية حتي عودتها من التعطيل والأمر الثاني ان الأحزاب كانت تدعم صحفييها ماديا وأدبيا وبالتالي لا يتأثرون كثيرا باغلاق الصحف، وتساعدهم في الوقت نفسه علي استئجار الصحف البديلة .
نعود الي عبد القادرحمزة وجريدة ( البلاغ ) التي صدر عددها الاول في ٢٨يناير ١٩٢٣ وكان شعارها هو نفس شعار جريدة الاهالي ، وأصبح عبد القادر حمزة وجريدته المعبرة عن سياسة الوفد وتوجهات سعد زغلول ، حتي ان عبدالقادر حمزة لم يكتب مقالا في عهد سعد دون ان يتفقا علي موضوعه وأطروحاته الرئيسية ..ولكن بعد أقل من أربعين يوما علي صدور البلاغ صدر قرار تعطيلها واعتقال عبدالقادر حمزة في ٦مارس ١٩٢٣ …وخرج من المعتقل ليصدر جريدة الرشيد وتعود البلاغ في يونيو ولكن هذه المرة استمرت دون تعطيل حتي عام ١٩٢٨ عندما تولي الوزارة محمد محمود واقدم علي تعطيل الحياة النيابية لمدة ثلاث سنوات قابلة للتجديد ..ولم يكن أمام حمزة الا ان يحرر أربع صحف اسبوعية تصدر متتابعة ، بحيث تتيح له الكتابة اربعة ايام في الأسبوع وقاد من خلالها حملة ضارية ضد حكومة محمد محمود دفاعا عن الدستور ، الا ان الوزارة تنبهت لهذه الخطة ، فأصدرت قرارا بتعطيل الصحف الأربعة علي أساس أن هذه الصحف “ تحايل ظاهر لاصدار جريدة البلاغ يوميا بأسماء مختلفة “ وفي ١٦يناير عام ١٩٢٩ عادت البلاغ الي الصدور لتستمر في التعبير عن الوفد وسياساته ، لتواجه بعد فترة بسيطة حكما ديكتاتوريا آخر و بعد ستة أشهر فقط من عودة الحياة النيابية ، عندما تولي اسماعيل صدقي الوزارة والغي دستور ١٩٢٣ واستبدله بدستور ١٩٣٠ ، وهكذا بدأت فترة أخري من معاناة الصحافة الوفدية وتعرضها للتعطيل والالغاء وتقديم محرريها الي المحاكمات والزج ببعضهم في السجن فعلا ومنهم العقاد وتوفيق دياب ، وتم تعطيل صحيفة البلاغ تعطيلا نهائيا ليعود عبد القادر حمزة الي استئجار الصحف ، ونجح في الحصول علي تصريح جديد لاصدار البلاغ في ٢٣يونيو عام ١٩٣١ باسم ( البلاغ الجديد ) وحاول ان يكون أقل حدة في الهجوم علي الوزارة بما يعتبر تمهيدا منطقيا لانشقاقه عن الوفد ودخوله في ساحة الصحف التي يدعمها القصر ..

انشقاق حمزة

حصل حمزة علي ترخيص باصدار جريدة جديدة أطلق عليها اسم ( البلاغ الجديد) في يونيو عام ١٩٣١ . وفي عام ١٩٣٢ انشق عبدالقادر حمزة عن الوفد بعد رفض النحاس تشكيل حكومة ائتلافية من الأحزاب التي عارضت وزارة اسماعيل صدقي ..وكالمعتاد نجح القصر في استقطاب عبد القادر حمزة وصحيفته ، وهكذا خاضت الجريدة حملات قوية ضد الوفد والنحاس ودعمت القصر في صراعه مع الوفد ، وجاءت المكافأة سريعا ، فقد تم الانعام علي عبد القادر حمزة برتبة الباشوية وتعيينه في مجلس الشيوخ ، واستمر الوضع حتي وفاته عام ١٩٤١ وتولي ابنه محمد عبدالقادر حمزة أمور الجريدة حيث قرر ان يعود بها مرة أخري الي صفوف الوفد خاصة بعد وصول الوفد الي الحكم في فبراير ١٩٤٢ وفي أغسطس ١٩٤٣ أرسل محمد عبد القادر حمزة خطابا الي النحاس يطلب فيه اعتباره وفديا وعودة البلاغ لحظيرة الوفد لتكون أحد ألسنته الصحفية ، واستجاب النحاس لهذا الطلب ونشرت البلاغ علي صفحاتها عودة البلاغ الي الوفد وتم ترشيح صاحبها لعضوية مجلس النواب ..واستمرت البلاغ وفدية حتي عام ١٩٥٣ عندما صدر قرار حل الاحزاب . عامة لم تحظ البلاغ في عهد الابن بالمكانة نفسها التي كانت لها في فترة وفديتها الأولي ، لعدة أسباب : أن المكانة السابقة التي كانت عليها البلاغ احتلتها صحف أقوي مثل ( المصري ) كما أن القراء الوفديين لم يستطيعوا نسيان ماضي الصحيفة القريب في خدمة السراي وأحزاب الاقلية وحملاتها العنيفة ضد الوفد ،فضلا عن اختلاف وضع الوفد في العشرينيات عنه في الأربعينيات وأخيرا لم يكن الابن يمتلك القدرات المهنية والادارية التي امتلكها الأب…رحم الله الجميع

* د. نجوى كامل

استاذ تاريخ الصحافة بكلية الإعلام - جامعة القاهرة

موضوعات متعلقة