شعبان خليفة يكتب: تفاصيل ملحمة الأيام الستة لتعويم السفينة «إيفر غيفن»
نجح رجال مصر فى تحريك السفينة البنمية الجانحة بقناة السويس «إيفر غيفن»، التى حبست أنفاس العالم لمدة ستة أيام سدت فيها المجرى الحيوى الذى يمر عبره ما بين 11 و 12% من التجارة العالمية .. السفينة التى كانت جانحة ، وتم تحريكها بجهد مصرى خالص يعادل طولها أربعة ملاعب كرة قدم لقد تم حل الأزمة بعد أن انتشر الخوف والقلق العالمى من استمرارها طويلاً ، حيث توقعت دوائر عالمية أن تحريك السفينة قد يحتاج لثلاثة شهور، لكن أبطال مصر صنعوا الملحمة، وتم إعادة فتح أحد أكثر الممرات المائية ازدحامًا فى العالم أمام طابور طويل من السفن التى تنتظر العبور.
وحسبما أكد رئيس هيئة قناة السويس الفريق أسامة ربيع فإن تحريك السفينة الجانحة بقناة السويس تم دون أى خسائر فى السفينة رغم صعوبة ذلك، وهو أمر يحفظ سمعة مصر، ويؤكد أهمية هذه القناة للعالم وحسن إدارتها، وقدم رئيس هيئة قناة السويس الشكر المستحق لرجال الهيئة وللرئيس عبد الفتاح السيسى على متابعته الأزمة لحظة بلحظة واتصاله بشكل مستمر ليتابع التطورات ويناقش كافة الاقتراحات لحل الأزمة.
وقال ربيع إن الرئيس كان يشدد لنا على أهمية سمعة مصر؛ ولذا كنا لا ننام طوال الستة أيام الماضية لتحريك هذه السفينة وهى اكبر سفينة حاويات فى العالم. واضاف ربيع فى تصريحاته أن سفينة بهذا الحجم كانت تحتاج لثلاثة اشهر لتحريكها ولكن الخبرة المصرية وخطة العمل التى وضعت منذ أول يوم نجحت فى إنهاء الأزمة فى ستة ايام دون اى خسائر فى جسم السفينة او تلوث لتبهر الخبرة المصرية العالم، ويصبح الحديث اليوم عن الخبرة المصرية هو حديث الإعلام العالمى.
جدير بالذكر أن السفينة وصلت لمنطقة بحيرات الإسماعيلية وهو موقع مخصص للسفن الضخمة بعدها عادت حركة سير السفن العالقة على خطى الملاحة.
انحراف
كانت سفينة الحاويات العملاقة التى يبلغ طولها 400 متر وتزن 224 ألف طن انحرفت عن مسارها الثلاثاء الماضى. وظلت السفينة «إيفر غيفن» شاهقة الارتفاع متوقفة بشكل عرضى فى المجرى الملاحى للقناة، ومصطدمة بحافة اليابسة، فى حدث تعتبر تداعياته بالغة الأهمية بالنسبة للاقتصاد العالمى وتتسبب فى خسائر عالمية ضخمة نظرًا لأهمية القناة العالمية ومكانتها فى الربط بين قارات العالم.
كانت السفينة العملاقة قد وصلت من عرض البحر إلى موقف خطير سد ممر القناة، حيث إن السفينة «إيفر غيفن» بعرض 59 مترًا وارتفاع 60 مترًا؛ مما أدى إلى قطع حركة الملاحة تمامًا بين البحر الأبيض المتوسط والبحر الأحمر، فى الاتجاهين.
أسباب الحادث
فى البداية أرجع محللون الحادث إلى الرياح القوية المصحوبة بعاصفة رملية، وقال رئيس هيئة قناة السويس اللواء أسامة ربيع فى وقت لاحق، إن الظروف المناخية القاسية لم تكن السبب الوحيد الذى جعل السفينة تغوص فى أرض القناة.
لكنه أشار السبت إلى احتمال وجود خطأ بشرى أو فنى وراء ذلك أيضًا وهو أمر يتم دراسته لاستخلاص العبر.
أما أفراد الطاقم البالغ عددهم 25 فردًا، فقد خرجوا سالمين من الحادث، وفقًا لشركة «برنهارت شولته شيبمنجمنت»، التى تؤمّن الإدارة الفنية للسفينة ومقرها فى سنغافورة. ولم يُسجل أى تلوث أو تلف فى البضائع الموجودة داخل أكثر من 20 ألف حاوية أو أى خسائر فى السفينة.
جدير بالذكر أن القناة تم افتتاحها عام 1869، وشهدت منذ ذلك الحين مراحل عدة من التوسيع والتحديث. وأدى شقها إلى تقليص المسافات بشكل كبير بين آسيا وأوروبا، بنحو ستة آلاف كيلومتر بين سنغافورة وروتردام على سبيل المثال.
وأغلقت القناة خلال أزمة السويس عام 1956 عندما أغرقت السلطات المصرية عددًا من السفن.
ويمر عبر القناة، وفقًا للخبراء، ما يقرب من 11 فى المائة من التجارة البحرية الدولية. وذكرت هيئة قناة السويس أن ما يقرب من 19 ألف سفينة عبرت القناة فى عام 2020.
تداعيات
ونتيجة للحادث الأخير، هناك أكثر من 400 سفينة، بينها سفن شحن تنقل الماشية والنفط الإيرانى تنتظر على طرفى القناة الاثنين، وفقًا لرئيس الهيئة.
تسبب الإغلاق فى تأخير تسليم النفط والسلع الأخرى؛ مما أثر على أسعار الذهب الأسود التى ارتفعت فى أواخر الأسبوع الماضى، لكن الخبراء يؤكدون أن المخزونات كافية وهناك مصادر أخرى للإمداد.
ولكن بعض الدول تأثرت بصورة ملموسة، مثل سوريا التى أعلنت أنها بدأت تقنين توزيع المحروقات بسبب تأخير تسليم شحنة تنتظرها.
خسائر
وقد أعلنت الهيئة خلال الأزمة أن مصر تخسر ما بين 12 و14 مليون دولار (10 إلى 11.8 مليون يورو) فى اليوم بسبب الإغلاق، بينما تقدر مجلة «لويدز ليست» المتخصصة أن سفينة الحاويات تعطل كل يوم مرور بضائع بقيمة نحو 8.1 مليار يورو.
وذكرت شركة التأمين «أليانز» أن كل يوم من التعطيل «يمكن أن يكلف التجارة العالمية ما بين ستة وعشرة مليارات دولار».
وقالت وكالة «فيتش» للتصنيفات الائتمانية إن سد واحدة من أكبر سفن الحاويات فى العالم لقناة السويس قد يكبّد قطاع إعادة التأمين مئات الملايين من اليوروهات.
واختار العديد من عمالقة النقل البحرى، مثل شركة «مايرسك» الدولية و«سى إم إيه - سى جى إم» الفرنسية تحويل بعض السفن إلى طريق رأس الرجاء الصالح - وهو التفاف قد يصل إلى 9000 كيلومتر - أو سبعة أيام أخرى على الأقل من الملاحة.
ملحمة
منذ الخميس الماضى أعلنت هيئة قناة السويس أن حركة الملاحة البحرية «متوقفة مؤقتًا»، فى حين قالت الشركة التى تم تكليفها «بإنقاذ» السفينة، إن الأمر سيستغرق «أيامًا أو حتى أسابيع».
فشلت أول عملية إنقاذ نفذت الجمعة. وفى اليوم التالى، قال ربيع إن السفينة «تحركت 30 درجة يمينًا ويسارًا» للمرة الأولى، فى حين أكد أنه «مؤشر جيد».
وتواصلت ملحمة رجال مصر حتى تم تحريك السفينة وسط إشادة عالمية بالإنجاز المصرى لتعود الحركة والحياة للقناة مجددًا.