الهرم الثقافى.. ثروت عكاشة
تعتبر الاحتفالات التى أطلقتها الدكتورة إيناس عبد الدايم، وزيرة الثقافة، بمئوية الدكتور ثروت عكاشة وزير الثقافة الأسبق وأحد رواد الثقافة المصرية، من أفضل ما قامت به عبد الدايم على الإطلاق، لأن هذه الاحتفالات تعرف الأجيال الجديدة بثروت عكاشة الضابط والفنان والمبدع الذى أحدث نهضة ثقافية مصرية ضخمة.
فثروت عكاشة الذى كان أحد أفراد سلاح الفرسان وأحد الضباط الأحرار بثورة يوليو، هو نفسه عاشق الثقافة المصرية وبانيها الحديث، فهو مؤسس أكاديمية الفنون بكل تخصصاتها، والتى خرج –وما زال يخرج- من عباءتها آلاف المبدعين.
ولأنه كان ملمًّا بكل تفاصيل الحركة الثقافية العالمية فى ذلك الوقت، فإنه أحدث نهضة ثقافية استثنائية مازلنا نعيش بها ونبنى عليها حتى الآن، وهو ما يظهر جليًّا فى اهتمامه بالموسيقى مثلا وفرق دار الأوبرا المصرية، والمسرح القومى والفن التشكيلى، بالإضافة إلى اهتمامه بحفظ المخطوطات وإنشائه دار الكتب والوثائق القومية وغيرها الكثير والكثير من المؤسسة الثقافية المصرية.
لقد أخذ عكاشة على عاتقه إحياء الثقافة المصرية فى نفوس الشعب المصرى، لتكون ثقافة مصرية خالصة بعيدة عن الاغتراب، وهو ما ظهر جليًّا فى تجربة الثقافة الجماهيرية، فهذه التجربة التى تحولت فيما بعد إلى "الهيئة العامة لقصور الثقافة"، وتأسس من خلالها مئات بيوت وقصور الثقافة فى جميع أنحاء مصر، لعبت دورًا تاريخيًا فى نشر الثقافة والمعرفة بمفهومها العام والشامل فى البلاد، وأحدثت تحوّلًا هائلًا فى الوعى الثقافى، والخروج بالثقافة من أسر المركزية وحدود القرية، إلى براح الريف والقرى والنجوع، لتصبح قضية الثقافة بحق قضية وطنية عامة تضم الشعب بأسره.
ولا ننسى الجهود الجبارة التى بذلها ثروت عكاشة فى إنقاذ آثار النوبة، خصوصًا معبد أبو سمبل وفيلة من الغرق أثناء بناء السد العالى، وهو ما لم يكن ليحدث إلا بشبكة علاقاته الواسعة التى نجحت فى توحيد العالم حول هذا الهدف.
سيبقى ثروت عكاشة حيًّا فى وجدان المصريين، ما بقيت الثقافة والمعرفة والفنون المصرية.