اللواء محمد إبراهيم: مصر بقيادة السيسي مؤهلة للقيام بدور فاعل لتحقيق السلام وإقامة الدولة الفلسطينية
أكد اللواء محمد إبراهيم الدويري نائب المدير العام للمركز المصري للفكر والدراسات الاستراتيجية أن مصر بقيادة الرئيس عبدالفتاح السيسي هي الدولة الرئيسية المؤهلة للقيام بدور فاعل لتغيير الواقع الفلسطينى إلى الأفضل من خلال التفاوض الحقيقي المبني على المرجعيات الدولية لإقامة الدولة الفلسطينية وعاصمتها القدس الشرقية .
وقال اللواء محمد إبراهيم - في مقال له تحت عنوان "وماذا يتبقى من أمل لدى الفلسطينيين؟" نشره المركز المصري للفكر والدراسات الاستراتيجية - إن مصر مؤهلة لهذا الدور في ظل ما تتمتع به من علاقات طيبة مع جميع الأطراف وكذا خبراتها المميزة في ملف السلام، وبالطبع فإن هذا الجهد المصرى لتحقيق السلام سوف يتم بالتنسيق مع بعض الدول العربية المعنية وعلى رأسها كل من الأردن والسعودية.
وشدد إبراهيم على أن القضية الفلسطينية مازالت تمثل الهم الأكبر لدى مصر ولدى قيادتها السياسية برئاسة الرئيس السيسي الذى لا يتوقف سيادته عن الربط بين الإستقرار فى المنطقة وبين إقامة الدولة الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس الشرقية.
وتابع "أن مصر أكبر وأقوى الدول العربية لا زالت تتحمل العبء الأكبر تجاه القضية الفلسطينية خاصة فيما يتعلق بملفات التهدئة والمصالحة وتبادل الأسرى والتى تتبناها مصر بكل مصداقية وشفافية وحرفية وتحقق فيها نجاحات واضحة"، مؤكدا أن ما قدمته مصر للقضية الفلسطينية مازال يؤهلها لقيادة هذا الدور في المرحلة القادمة بكل كفاءة وقوة وقناعة ويقين.
وقال اللواء محمد إبراهيم "قد يبدو عنوان المقال غريباً إلى حد ما عندما أنا أتعرض لموضوع يتعلق بالقضية الفلسطينية فى إطارها العربى، فمن حيث المبدأ أستطيع أن أجزم أن جميع الدول العربية تؤكد تأييدها للثوابت الفلسطينية وتتبنى المرجعيات الدولية المرتبطة بالتسوية السياسية للقضية، أما من حيث الواقع فإن أولوية القضية قد تراجعت كثيراً فى معظم الاهتمامات العربية، كما أن طبيعة الحل وكيفيته وحدود المرونة الفلسطينية المطلوبة وحتى مستقبل مبادرة السلام العربية وإمكانية وضعها موضع التنفيذ كلها أمور قد تبدو أنها خارج إطار التوافق العربى الكامل".
وأضاف "بداية أرى أنه لا يمكن لنا أن نفصل بين الثلاثية الفلسطينية المتمثلة فى الشعب الفلسطينى والقيادة والفصائل فمهما كان حجم الخلافات داخل البيت الفلسطينى، إلا أن الجميع انصهر في بوتقة واحدة أكدت على عدم التفريط فى الثوابت التي لا يمكن لأي فلسطيني سواء كان مواطناً عادياً أو مسئولاً فى الوطن أو الشتات أن يتنازل عن أى منها تحت أي ظروف وخاصة قضيتى حق العودة والقدس، ولذا كان الأمر طبيعياً عندما انطلق الفلسطينيون على اختلاف توجهاتهم يرفضون خطة السلام الأمريكية لإجحافها بأقل الحقوق الفلسطينية".
وتابع "فى نفس الوقت فلا شك أن مسألة تحميل الفلسطينيين وحدهم مسئولية عدم التوصل إلى حل للقضية يعد أمراً غير منصف تماماً نظراً لأن القضية الفلسطينية هى قضية عربية مركزية بالأساس وذات مسئولية جماعية، ودعوني هنا أسأل كل من يهمه الأمر ماهى الأدوات التى يمتلكها الفلسطينيون للتوصل إلى حل مرضي يضمن لهم أبسط حقوقهم فى الحياة وهو إقامة دولة فلسطينية مستقلة ذات سيادة، وحتى إذا نظرنا إلى مبادرة السلام العربية التى طرحتها الدول العربية فقد وافق عليها الفلسطينيون بينما لم ينجح العرب فى فرضها أو تسويقها".
واستطرد نائب المدير العام للمركز المصري للفكر قائلا "وارتباطاً بالحديث عن مسئولية الفلسطينيين عن الحل السياسى وإنصافاً لهم في هذا الشأن فلا يخفى على أحد أن الرئيس الفلسطينى محمود عباس "أبو مازن" لم يكن منغلقاً فى البحث عن بدائل لدفع الموقف المتعثر فى عملية السلام وقدمت السلطة الفلسطينية مرونة كبيرة من أجل إنجاح جهود التسوية من بينها القبول بمبدأ تبادل طفيف للأراضى مع إسرائيل بنفس القيمة والنسبة، وأن تظل القدس مدينة مفتوحة أمام الديانات السماوية الثلاث، مع ضمان أمن الدولتين الفلسطينية والإسرائيلية – دون المساس بالسيادة – من خلال طرف دولى، وأن يكون هناك حل عادل ومتفق عليه لقضية اللاجئين، وقام الرئيس أبو مازن بطرح هذه الرؤية المرنة والمتقدمة أمام مجلس الأمن فى خطابه الهام الذى ألقاه فى 20 فبراير 2018 وللأسف الشديد فقد استمع المجتمع الدولى للخطاب دون أن يحرك ساكناً أو أن يستغل هذه الفرصة الضائعة التي قدمها الفلسطينيون".
وأوضح "وبالرغم من ذلك فإننى لابد أن أعترف بأن الفلسطينيين يتحملون بعض الأخطاء سواء على مستوى الداخل فى عدم قدرتهم حتى الآن على إعادة ترتيب البيت الفلسطينى، أو على المستوى الخارجى وخاصة توقف المفاوضات مع إسرائيل منذ أبريل 2014 رغم صعوبتها ونتائجها المحدودة للغاية بسبب التعنت الإسرائيلي، وكنت دائماً أرى أن لهذا التوقف تأثيرين سلبيين على الوضع الفلسطينى، التأثير الأول إتاحة الفرصة أمام إسرائيل لمزيد من الإستيطان والتهويد، والتأثير الثانى أن الساحة أصبحت خالية من أي حراك سياسى والادعاء بعدم وجود شريك فلسطيني مما أدى فى النهاية إلى طرح خطة السلام الأمريكية".
وأضاف اللواء محمد إبراهيم "أرجو عندما نتحدث عن الفلسطينيين أن نكون على قناعة بأننا لا نتحدث عن دولة مستقلة ذات سيادة ولكننا نتحدث عن شعب صامد لا يزال يرزخ تحت احتلال إسرائيلي يطمع ويعتزم ضم ثلث ما تبقى من أرض بدعم أمريكى، كما أن هذا الشعب وقيادته الذين يعيشون فى القدس الشرقية وفى الضفة الغربية مقيدون بالموافقة الإسرائيلية على كثير من تنقلاتهم الداخلية وكافة تحركاتهم الخارجية، وعندما أسوق هذا المثل دون حتى التعرض للوضع الاقتصادى السئ فلا أقصد سوى أن نستذكر كيف يعيش الشعب الفلسطينى وقياداته هذا الواقع الأليم في الأراضي المحتلة حتى لا نحمل الفلسطينيين فوق طاقاتهم".
وأكد أنه ليس خافياً على أحد أن المرحلة القادمة فى مسار القضية الفلسطينية سوف تزداد صعوبة وتعقيداً فى ضوء عوامل كثيرة أهمها أن قطار الاستيطان والتهويد لم ولن يتوقف، وأن الحكومة الإسرائيلية الحالية برئاسة بنيامين نتانياهو لم ولن تضع عملية السلام فى جدول اهتماماتها وأن اليمين المتطرف يزداد قوة، كما أن التطبيع الإسرائيلى يسير فى طريقه دون عوائق، بالإضافة إلى أن خطة السلام الأمريكية التى بدأت معالمها فى الظهور والتطبيق سوف تجد طريقها للتنفيذ إذا أعيد انتخاب الرئيس ترامب لفترة حكم ثانية.
وقال اللواء محمد إبراهيم "رغم طبيعة الموقف العربى المتشبع في معظم جوانبه بمشكلات وصراعات داخلية وخارجية، فالسؤال الذي أطرحه هنا إلى من يلجأ الفلسطينيون للحصول على حقوقهم في مواجهة الاحتلال الإسرائيلى؟ هل سيتوجهون إلى إسرائيل والولايات المتحدة اللذين أسقطا الثوابت ولا يعترفان بالحقوق الفلسطينية؟ أم يلجأون إلى المجتمع الدولي العاجز عن أى تحرك فعال؟ إذن فمن المنطقى والطبيعى أن يلجأ الفلسطينيون إلى محيطهم العربى مهما كان الوضع العربى سيئاً، ومن ثم ليس أمام العرب إلا أن يكونوا سنداً حقيقياً للفلسطينيين ليس فقط لأن ذلك يعد فرضاً عليهم بل لأن القضية الفلسطينية بشكل أو بآخر هى جزء لا يتجزأ من الأمن القومي العربي".
وطرح إبراهيم مجموعة أسئلة وجهها للدول العربية فى محاولة للبحث قدر المستطاع عن إجابات واقعية عليها لعلها تساعد على تحريك الأزمة أو على الأقل توضيح الصورة الحقيقية، وهي هل من الأفضل الآن بينما قطار التهويد يلتهم الأرض أن نفتح ما يسمى بالملفات القديمة ونتحدث عن الفرص الضائعة؟ وهل قدمت الفرص الضائعة للفلسطينيين دولة مستقلة ذات سيادة على حدود 67 عاصمتها القدس الشرقية مع حق العودة ورفضها الفلسطينيون؟
وتابع "وهل من المطلوب تركيز جهودنا على الماضى أم أن الأفضل أن نركز على المستقبل وكيف نواجه كل المحاولات التى لا تهدف إلا إلى القضاء على أي أمل لقيام الدولة الفلسطينية ؟.. وما هي الرؤية السياسية التي نمتلكها كدول عربية لحل القضية الفلسطينية ؟ وهل العرب قادرون على تسويق هذه الرؤية ؟، هل لدينا البديل السياسى المناسب الذى يمكن لنا أن نتبناه ونطرحه بقوة وواقعية إذا ما وصلت الأمور بشأن المبادرة العربية إلى طريق مسدود ؟
واستطرد متسائلا: "هل وصلنا كعرب إلى قناعة بأن هذه القضية أصبحت عصية على الحل ومن ثم فلا داعي أن تأخذ من اهتماماتنا إلا القليل؟ وهل حساباتنا تتمثل في أن الشعب الفلسطينى قد استسلم للواقع؟ وحتى فى حالة تفجر الأمور فى المناطق الفلسطينية فهل لدينا ضمانات كافية أن المنطقة كلها سوف تكون فى مأمن ؟.. وما الذي يمكن أن يقدمه العرب للفلسطينيين من دعم حقيقى وأدوات فعالة تساعدهم على الصمود والتماسك والتوحد وأن تكون لهم مواقف منسقة فيما بينهم ومتسقة مع الموقف العربى؟، وهنا لا يمكن لي أن أنفي أن هناك مسئولية تقع على عاتق الفلسطينيين بأن يهيئوا المناخ المناسب حتى يتمكن العرب من مساعدتهم بشكل أفضل".
وتابع مستعرضا أسئلته "وما هي كروت الضغط التى نمتلكها كعرب من أجل الضغط على إسرائيل حتى نبدأ مرحلة السلام العادل الذى يلبي التطلعات الفلسطينية فى أقل حقوقهم الشرعية وحتى لا نتجمع حول خطط سلام وهمية لا أمل مطلقاً في أن يقبلها الفلسطينييون؟.. وكيف يمكن لنا أن نغير الواقع الحالى فى القضية الفلسطينية إلى واقع أفضل دون تنازلات عن الثوابت؟.. وهل حان الوقت ليكف البعض عن تبني سياسة الانتقادات والاتهامات المتبادلة التي تزيد من الفجوات القائمة في المواقف وتؤجج مشاعر الكراهية بين القيادات وبين الشعوب؟ فمسئولية الدول العربية عن القضية الفلسطينية لا تعنى أبداً أننا نمن عليهم ونذكرهم بمواقف هى من صميم واجبنا، وفى نفس الوقت لا يحق للفلسطينيين في مقابل ذلك مهاجمة السياسات العربية".
كما تساءل اللواء محمد إبراهيم "هل سيستمر قطار التطبيع الإسرائيلى العربى والإسلامى دون أن نرى أي تنازلات إسرائيلية حقيقية فى أهم قضية عربية؟ وهنا أكرر أنه من حق كل دولة أن ترسم وتنفذ سياساتها طبقاً لمصالحها ولكن لا يزال يحدوني الأمل ولو قليلاً في أن أرى قطار التطبيع يسير بنفس السرعة إلى جانب قطار السلام العادل".
وتابع اللواء محمد إبراهيم "وهل عندما نطالب الفلسطينيين باستئناف التفاوض مع إسرائيل نمتلك الرؤية الواضحة حول كيفية سير العملية التفاوضية من قضايا ومرجعيات ورعاية وإشراف؟ .. وهل يمكن أن نصل إلى مرحلة نرى فيها ضغوطاً عربية على الفلسطينيين للقبول بتسويات سياسية منقوصة ومرفوضة بدلاً من أن نرى أن هذه الضغوط تمارس على إسرائيل وهى الطرف الرافض والمتشدد؟ وهل من المطلوب أن يقدم الفلسطينيون تنازلات وهم الطرف المحتل أراضيه؟ أم أن هذه المرحلة من المستحيل أن نصل إليها؟".
وأكد أنه "لن أتوقف عن أن أطالب الفلسطينيين بالكف عن مهاجمة أية دولة عربية أو إسلامية أو إفريقية تعقد اتفاق سلام مع إسرائيل فقد تم الاعتراف المتبادل بين إسرائيل ومنظمة التحرير الفلسطينية فى إطار اتفاق أوسلو رغم أنه ليس اتفاق سلام نهائي بل مرحلة انتقالية للتوصل لسلام شامل، كما أن كل من مصر والأردن وقعتا معاهدتي سلام مع إسرائيل، وبالتالي فبالرغم من اختلاف ظروف وطبيعة ونتائج ومبررات كل اتفاق من هذه الاتفاقات إلا أن السلام الإسرائيلي العربي ليس جديداً ولكن المشكلة تكمن في أن تستثمر إسرائيل هذا السلام الجديد لجنى الثمار فقط وعدم التنازل عن مواقفها المتطرفة التي لم تتغير في أي جزء منها بل تزداد تشدداً، وللأسف هذا هو ما أراه حالياً وأتمنى أن يتغير على أرض الواقع".
وقال إبراهيم: "ومع كل التقدير لموقف القيادة الفلسطينية الرافض للعنف والمعارض بقوة للإرهاب على كل المستويات، فلابد لي من أن أحذر مرة تلو الأخرى أنه مع تلاشى الأمل لدى الشعب الفلسطينى فإن البديل لن يكون هيناً أو سلمياً فلا يجب أن يطمئن المجتمع الدولي إلى أن هذا الشعب سيظل يقف موقف المتفرج إلى ما لا نهاية بل يجب أن يعيد الجميع حساباتهم تجاه الخيارات المطروحة أمام الشعب الفلسطيني في المرحلة المقبلة وهو لا يرى سوى استيطان وتهويد فقط، ولكن ما قد يطمئني مرحلياً أن هناك توافقاً فلسطينياً على مستوى القيادة والشعب حول رفض العنف وتبني مبدأ المقاومة الشعبية السلمية ولكن يظل السؤال إلى متى؟ .
وأضاف إبراهيم "لن أكون متحيزاً عندما أقول أن مصر أكبر وأقوى الدول العربية لازالت تتحمل العبء الأكبر تجاه القضية الفلسطينية خاصة فيما يتعلق بملفات التهدئة والمصالحة وتبادل الأسرى والتى تتبناها مصر بكل مصداقية وشفافية وحرفية وتحقق فيها نجاحات واضحة، وهو ما يدفعني إلى التأكيد على أن هذه القضية لازالت تمثل الهم الأكبر لدى مصر ولدى قيادتها السياسية برئاسة الرئيس عبد الفتاح السيسي الذى لا يتوقف سيادته عن الربط بين الاستقرار فى المنطقة وبين إقامة الدولة الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس الشرقية، ومن ثم فإن مصر تظل هي الدولة الرئيسية المؤهلة لتغيير الواقع الفلسطينى إلى الأفضل في ظل ما تتمتع به من علاقات طيبة مع جميع الأطراف وكذا خبراتها المميزة في ملف السلام، وبالطبع فإن هذا الجهد المصرى سوف يتم بالتنسيق مع بعض الدول العربية المعنية وعلى رأسها كل من الأردن والسعودية".
وتابع: "وفي النهاية إذا كنت قد اجتهدت في محاولة لطرح بعض الأسئلة والأفكار الاستكشافية للتعامل مع قضيتنا العربية المركزية وطالبت بدور مصري فاعل فى المرحلة القادمة، فإني في نفس الوقت أدعو الجميع – من قبيل التذكرة فقط – إلى إعادة قراءة اتفاق إطار السلام الشامل في الشرق الأوسط الذي وقعته مصر رسمياً مع كل من قيادات إسرائيل ( مناحم بيجين)، والولايات المتحدة (جيمى كارتر) فى 17 سبتمبر 1978 والوقوف على ما تضمنه من نقاط إيجابية لصالح القضية الفلسطينية.
وأكد أن هذا الاتفاق الموقع منذ 40 عاماً لم يكن مثالياً ولكنه من المفترض أنه البداية القوية والمبكرة للتفاوض الحقيقي المبني على أهم المرجعيات الدولية، وقد لا يعلم الكثيرون أن مصر وقعت هذا الاتفاق الخاص بالضفة الغربية وقطاع غزة أولاً وقبل ستة أشهر من توقيعها معاهدة السلام مع إسرائيل فى 26 مارس 1979، ولذلك أؤكد أن ما قدمته مصر للقضية الفلسطينية مازال يؤهلها لقيادة هذا الدور في المرحلة القادمة بكل كفاءة وقوة وقناعة ويقين.