يقع شارع أمير الجيوش في الجزء الجنوبي الغربي من القاهرة الفاطمية، يبدأ من ميدان باب الشعرية وينتهي في شارع المعز لدين الله الفاطمي، بالقرب من باب الفتوح، ونشاطه الأبرز هو تجاه الأواني المعدنية والبلاستيكية، وأرض شارع أمير الجيوش على إمتدادها تتجاور فيها ورض تصنيع الأواني ومحال بيعها، وبضائعه التي تكاد تعطل حركة السير فيه وتبدأ بقدر الفول وخزانات الماء وتنتهي بالأكواب المعدنية والبلاستيكية، وسكانه الحاليون في الغالب من المشتغلين في صناعة وتوزيع الأواني، أما سكان شارع أمير الجيوش القدامى فقد كانوا من وجهاء القوم على المستوى السياسي أو العسكري أو الديني، فقد سكنه أبناء الخليفة العاضد ووزير وقائد جيوش الخليفة المستنصر الفاطمي ووكيل ابن عوف شريف مكة والشيخ علي البقلي مفتي مجلس الأحكام وغيرهم.
وصف شارع أمير الجيوش
شارع أمير الجيوش، ضيق ويخلو إلى حد ما من مظاهر الفخامة الحديثة، وعلى المستوى التاريخي يعد من أقدم شوارع القاهرة الفاطمية، واسمه أمير الجيوش، يرجع مباشرة إلى المؤسس الثاني للعاصمة والذي جعل منها مدينة بالمعنى الحرفي للكلمة.
أمير الجيوش أو القائد بدر الجمالي ومؤسس الشارع والمنطقة المحيطة يوصف عادة بأنه رجل الساعة، فمبجرد دخوله مصر عام 1074 نجح في إنقاذ الدولة الفاطمية من كارثتين محدقتين أولهما المجاعة التي أكلت الأخضر واليابس طوال سبع سنوات، وثانيهما استفحال نفوذ الأتراك والبراربة الذين استغلوا ضعف الخليفة الفاطمي وعاثوا في الأرض فسادًا.
قصة تسمية شارع أمير الجيوش
واستطاع بدر الدين الجمالي التخلص من قادة الفتنة ودعاة الثورة، وبدأ في إعادة النظام إلي القاهرة وفرض الأمن والسكينة في ربوعها، وامتدت يده إلي بقية أقاليم مصر، فأعاد إليها الهدوء والاستقرار، وضرب علي يد العابثين والخارجين، وبسط نفوذ الخليفة في جميع أرجاء البلاد.
ويتميز شارع أمير الجيوش بتنوع مظاهر الحياة به، ويستمد عبقه التاريخي من تصميمات بعض مبانيه علي الطرازين المملوكي والفاطمي، ويرجع تاريخ إنشائها لأكثر من ٢٠٠ سنة، ورغم قدمها فإن عائلات مازالت تقطنها، توارثت تأجيرها بعقود إيجار بعضها لا يتجاوز جنيهًا واحدًا للمنزل المكون من طابقين، وجميعها تكسوه زينات و«تعاليق»، وفوانيس رمضان بمجرد حلول الشهر الكريم وحتي صباح يوم العيد، تمتلئ الشارع بالورش والمحال، التي لا تغلق أبوابها علي مدار اليوم، خاصة في رمضان، إذ يحرص العمال علي الإفطار والسحور أمام ورشهم، وإلي جوار المباني التاريخية، التي تمنح الناظرين إليها إحساسًا روحانيًا.
مظاهر الاحتفال بـ شارع أمير الجيوش
يزيد من بهجة الاحتفال بهذا الشهر المعظم، الأمر الذي يخفف عنهم ما يتكبدون من معاناة أثناء صهر النحاس والألومنيوم والحديد، قبل إعادة تشكيلها علي شكل أوان ومعدات بمختلف الأشكال والأحجام، ويوجد بالشارع سبيلان، كان يحرص «السقا» قديمًا علي ملء أحواضهما المصنوعة من الرخام بالماء.
مازال الشارع يحتفظ باسم أمير الجيوش بدر الجمالي حتى الآن، فهو يجاور شوارع منطقة لم تهتم العهود السياسية المتعاقبة بتغيير أسمائها الأولى لأن قدمها وبعدها عن مراكز الحكم قلل إمكانية العداوة مع أصحابها القدامي.
أبرز معالم شارع أمير الجيوش
على إمتداد شارع أمير الجيوش يحتوي على مدرسة الجمالية وثلاث مدارس أخرى، وهي رمسيس للغات وأمير الجيوش وباب الشعرية، وهي إن كانت أقل فخامة تذكر بمدارسه القديمة فقد كانت به مدرسة العزنوية التي بناها الأمير حسام الدين القايماز النجمي الذي كان في الأصل مملوك نجم الدين أيوب، وفي مقابلها كانت مدرسة البازكوجية التي أنشاها الأمير سيف الدين يازكوج الأسدي مملوك أسد الدين شيركوه أحد أمراء السلطان صلاح الدين.