النهار
الإثنين 30 ديسمبر 2024 10:32 مـ 29 جمادى آخر 1446 هـ
جريدة النهار المصرية رئيس مجلس الإدارة ورئيس التحريرأسامة شرشر
شراكة إستراتيجية بين متجر HUAWEI AppGallery واتحاد الإمارات للرياضات الإلكترونية في الإمارات إصابة 33 في حادث انقلاب أتوبيس سياحي قادما من دهب بطريق السويس- القاهرة خاص| بعد ترشحها لجائزة ”ساويرس” و”غسان كنفاني”.. حوار مع صاحب ”أبشاق الغزال” رئيس الغردقة في جولة تفقدية لبعض المشروعات المقترح افتتاحها في احتفالات العيد القومي فاركو يفوز على سموحة بهدفين في الدوري إنطلاق فعاليات أسبوع العمارة بمهندسي الإسكندرية: ”يوم العمارة” تحت مظلة الإبداع استكمال أعمال تطوير شارع المدارس بالغردقة نقابة الأطباء عن قانون المسؤولية الطبية: أداة للحساب تضاف للقنوات الموجودة (خاص) كارثة حال تطبيقه.. برلمانية سابقة: قانون المسؤولية الطبية يثير تخوف الأطباء (خاص) النني يصعد بالجزيرة إلى نصف نهائي كأس الرابطة الإماراتية بالفوز على العين محافظ القليوبية يفتتح معرض الكتاب الأول بقصر ثقافه القناطر الخيريه الانتهاء من أعمال أحلال وتجديد مرشحات محطة فايد الكبري

مقالات

وليد الدرمللي يكتب:

المعجنة في حضرة الفرعون 

الكاتب الصحفي وليد الدرمللي
الكاتب الصحفي وليد الدرمللي

في البدايه لابد من أن نقف ضد بعض الأقلام التي تهاجم وترفض تقديم عروض مسرحيه شابه الصنع والتمثيل مثل عرض المعجنه لمؤلفه المبدع  الدكتور سامح مهران رئيس أكاديميه الفنون الأسبق والذي يعرض حاليا  علي خشبه "المسرح القومي" العريق ورفضت هذه الأقلام العرض  بحجه أنه لايجوز استضافه أي من من هذه العروض علي خشبه وقف عليها عظماء الفن  في مصر الحديثه فتلك الأقلام لاتريد إلا أن يظل المسرح شيخا عجوزا تندثر أعماله مع الزمن مثلما يندثر التاريخ الذي لا نحافظ عليه.
واقول لهم نعم لا نستطيع إعاده يوسف بك وهبي أو زكي طليمات أو كرم مطاوع أو سميحه أيوب ودولت أبيض ولكن نستطيع صنع أجيال تجديده تخطوا علي خطي هؤلاء العظماء ويسيروا  علي نهجهم ليصبحوا يوما ما أسماء يذكرها التاريخ ضمن سجلات عظماء الفن المصري الأصيل وهذا لن يكون إلا من بين جدران المسرح القومي ذلك الصرح الذي شهد ميلاد العمالقه الذين انطلقوا أيضا من علي خشبته وهم شبابا .
فالتفكير خارج الصندوق والبعد عن الفكر العقيم لن يأتي إلا بفكر مستير يقدر الشباب ويسهم في دعمه مثل الفنان يوسف إسماعيل الذي كسر التابوه  واعاد للمسرح شبابه بعد موافقته علي إستضافه ثلاث عروض فنيه شابه هذا الموسم من بينهم عرض "المعجنه " من إخراج الشاب الصاعد أحمد رجب 
  العرض لا شك أنه جرئ  نفذ به  المؤلف إالي دائره كان من الصعب إختراقها في المجتمعات الشرقيه مثل العنوسه وزنا المحارم والعنف وجبروت الحاكم سواء كان في صوره أب أو ملك وغيرها من المفردات التي تحتاج الي مخرج لديه من الرؤيا ما يؤهله لذلك وفريق عمل لديه الروح والحيويه والطاقه تضافروا جميعا من اجل تقديم وجبه دسمه تحمل الضحك والبكاء في أن واحد فالنص مكتوب في قالب كوميدي اجتماعي ساخر، يتم فيه استدعاء شخصيات من عمق التاريخ، ويدور فى إطار قالب اجتماعى كوميدى ساخر وتعبر عن حالة الفوضى الأخلاقية والمعنوية التى يعانى منها المجتمع وتعد هذه المسرحية مزيجًا ما بين أجيال مختلفة من الفنانين .
فالقصه تدور حول أسره مكونه من الأب "عبده" الذي يجسده الفنان ناصر شاهين والذي أراه وكأنني أراه لأول مره لأداءه المتميز والإبن مفتاح " مروان" واخته "حكايه "أسماء عمرو والأم" انشراح" هايدي عبد الخالق  وعشيقه الأبن ثم زوجه للأب "هديه " إيمان رجائي أما الطفله مريم والتي جسدت دور" تحفه "هي بمثابه رومانه ميزان والحرك الرئيسي لشخصيات العرض .
فللعرض فلسفه معقده يصعب علي المتلقي فهمها من أول مره أو قد يراها كل منهم بطريقه او منظور مختلف عن الاخر 


فنحن نري  رب المنزل" عبده " البخيل وهو يفرض ظلمه علي أسرته ويضعهم تحت طائله الفقر والحرمان والإنكسار وهي عناصر ولدت بداخلهم حاله من  السخط والرفض والعصيان وبحث كلا منهم عن رغباته واحلامه بالطريقه التي يراها مناسبه فنجد الأم  قد تركت البيت بحثا عن المال والسعاده في  بيت واحضان  رجل اخر توفيت زوجته  رغم ان الأم لاتزال علي ذمه زوجها أم الأبن فقد جلب عشقيته "هديه" الي منزل ابيه لممارسه الحب سرا في الوقت الذي تقوم فيه الأخت "حكايه " بنفس الدور مع عشقيها "سمير " والذي جسده الرائع محمد فاروق في الغرفه الملاصقه أما الأب فيعيش حياته مرحا منذ مطلع الفجر وحتي غروب الشمس فيصبح الجميع في معجنه الأنفلات الأخلاقي الذي تسببت فيه الظروف المحيطه وغطرسه الأب الفاشي الذي يكتشف فور عودته للمنزل  وجود عشيقه ابنه وعشيق ابنته ثم يغمض عينييه  عن ذلك ويمارس الظلم والذل لمفتاح  ويتزوج من هديه التي ترغب بأن تصبح سيده المنزل وهو بالطبع ما يرفضه مجتمعنا بقيمه وأخلاقياته ولكنه موجود .

وفي مشهد درامي  ممزوج  بالكوميديا يعيش الجمهوروصله ردح بين انشراح والزوجه الجديده هديه تنتهي بموت الأب بعد دعاء الطفله" تحفه " يرحل الأب قبل أن يكشف لهم عن مكان ثروته فتستمر المعجنه في دعوه دجال لفتح المندل واستدعاء روح الأب لسؤالها عن الثروه .
فتخرج روح فرعون الذي يجسده ناصر شاهين أيضا ولهذا دلاله في أعتقادي أن اختيار فرعون ليكون دليلا علي الظلم والسيطره أيضا ،انما هذه المره في صوره الحاكم الذي يستغل حاجه الأسره للمال والأبنه للزواج مهما كان وحرمان الأم للحب فيقوم بأستغلال كل ذلك ويقوم بإغراء "حكايه " بالذهب والمال وترفض توسل الأسره بعدم الذهاب معه للماضي ولكنها تذهب دون أن تبالي يصاحب ذلك إضاءه وموسيقي تصويره خطفت أذهان وعين المتلقي  الي أن جاء صوت الفنان الكبير علي الحجار من خلال أغنيه مدد التي تحث الناس علي الأمل والصبر وأن بكره هو الأفضل وان الحياه لن تستقر إلا بوحده الأسره  وليس تفكهها كما هو في كثير من أسر مجتمعنا وتسطيع الشرطه انقاذ حكايه واعادتها من العالم اللافتراضي وتعود لحضن أمها واخيها ويأتي عشيقها سمير انما هذه المره عريس وتعم البهجه ارجاء البيت وترتسم الضحكه علي وجوه الجميع .
فالعرض يحمل الكثير من الرسائل والفسلفه التي تحتاج بالفعل الي تطبيقها في حياتنا اليوميه ويحتاج فعلا لمشاهدته 
وأخيرا فأن ابطال العرض جميعهم أدوا أدوارهم بنجاح سواء من النجوم أو المجاميع خاصه انشراح التي ابهرتني بأدائها المتميز وتلقائيتها المبهره أما "هديه " فهي اثبتت انها فنانه من نوع خاص تمتلك بشاشه الوجه والحضور واللياقه التي يفتقدها كثيرا من فنانات يواجهون الجمهور من خشبه المسرح.. أما حكايه فهي متمكنه في الحركه والإلقاء أما "مفتاح " فهو يملك مفاتيح شخصيه المواطن السيط المقهور الذي يحمل الهم طوال حياته جراء الظلم والذل وعبر عن ذلك بملامحه التي عادت اليها الضحكه بعدما ترابطت الأسره من جديد.. أما تحفه فهي مشروع فنى كبير يجب الحفاظ عليه حتي لا يتسرب من بين أيدينا .

ولا يفوتنا ذكر فريق الإخراج بالكامل، الذى أثبت أنه يمتلك بعدا فنيا وتكنيكا إبداعيا، تضافر معه في ذلك الموسيقى التصويرية، والإضاءة، والديكور. 
وفي النهايه اقول كلمه للفنان يوسف إسماعيل ما فعلته خطوه جاده لأعاده روح شباب المسرح ولا تبالي من يهاجومك فالفن في حاجه لمن هم مثلك وعليك استغلال قوه داعمه لهذا المشوار الدكتوره ايناس عبدايم وزير الثقافه والفنان اسماعيل مختار ...فنحن  حاجه للمبدعين وبناء أهرامات جديده في سماء الفن الذي تحتضنه مصر منذ فجر التاريخ .