من سلسلة عباقرة الصعيد 3- الشاعر شوقي ابو ناجي
بقلم : حمدى البطران
عرفت شوقي أبو ناجي منذ زمن لا أدرك بدايته , أو تحديده , سمعت عنه قبل أن ألقاه , وعندما قابلته استمعت إليه , وقتها كان اهتمامي بالشعر قليل , إلا أنني علي ما أذكر , تفاعلت مع قصائده . لأنها لم تكن ككل القصائد التي قيلت في تلك الندوة في قصر ثقافة ديروط في مطلع الثمانينات .
وقتها كنت مدعوا كضيف لا كمشارك , وكنا مجموعة من المهتمين بالأدب والثقافة , وأذكر أننا صفقنا له طويلا ووقفنا تحية له . ومن وقتها بدأت صداقتنا معه . فقد لازمته حتى ركب السيارة متجها إلي أسيوط ومنها إلي أبو تيج .
ثم جمعتنا مؤتمرات صغيرة في أسيوط , وفي جلساتنا الحرة كان يتلو شعره من الذاكرة , كشان معظم شعراء الصعيد , كانت لديه موهبة شعرية متدفقة , وأعتقد أن تراثا شعريا هائلا قد فقده شوقي أبو ناجي عبر تلك الجلسات التي كان يتكلم فيها شعرا , وشعرا ساخرا . ولم يتنبه إلي تدوين ما يكتبه , إلا عندما يكون في بيته , ثمأصبح يدون شعره في أجندة .
وقتها كانت الثقافة تترنح , علي أعتاب مرحلة جديدة تريد فيها الدولة أن تتخلي عنها , وكان فاروق حسني وزير الثقافة , قد بشرنا بثقافة الضوضاء , والتي تعني بالصخب أكثر من عنايتها بالمكتوب , وتوقفت مجلات كانت تصدر في الأقاليم , وتحولت كل مؤسساتها إلي شللية طالت كل الأدباء أنفسهم .
كان شوقي يتمتع في جلساته بحضور طاغ , وكانت حجرته في كل مؤتمر تجمع كل عشاق الشعر والنثر والكلمة الهادفة , ومع انفضاض المؤتمر , كنا نعود إلي حالة الانكماش حتي المؤتمر الثاني , وقتها كانوا يمنعوننا من حضور المؤتمرات بحجج مختلفة أهمها أنه لا ينبغي أن نحضر مؤتمرين متتاليين .
كان يشكو من وظيفته التي يعمل بها , لأنها لا تسمح له بالغياب لحضور ندوة أو مؤتمر , وكان يشكو , من عنت الثقافة لأنها لا تنشر له شعره , وقتها وجدنا في مجلات الخليج الأدبية مجالا للنشر , وكان هذا لا يعجبه , وكان يقول : انتشار الأديب في بلده , أفضل من انتشاره هناك في الرمال .
وكنا نحتفي معا بكل قصيدة جديدة ينشرها , أو يلقيها في الندوات , وكان يتجشم كثيرا في حضور تلك الندوات في المواقع الثقافية المختلفة , وعلي الأخص الندوات البعيدة في ديروط والغنايم , كان المسافة بين ديروط وأسيوط تزيد عن السبعين كليلو متر , وهناك عشرين أخري ليصل إلي بيته في أبو تيج . ومع ذلك كان يبدو عليه الفرح , عندما يلقي قصيدته الجديدة . ونحتفل معا بها .
كانت متعة وبهجة إستقبال قصيدته , تنسيه كل تعب أو ارهاق في المواصلات ووصوله متأخرا لبيته .
غير أن ما أثر في كثيرا , وطوق عنقي , تلك الزيارة التي زارني فيها في مارس 1998 , ومعه زكريا عبد الغني والراحل عبد الجواد المنفلوطي والشاعر محمد عبد الرزق الزهيري , في أعقاب إحالتي الي مجلس تأديب الشرطة , وقتها كانت في يد شوقي أبو ناجي ورقة كبيرة مطوية لم أتبنها إلا بعد أن هموا بالانصراف , وقبل أن ينهضوا , فتح شوقي الورقة المطوية , وقرأ منها قصيدة رائعة .سمعتها لأسرتي وأولادي ,وكانوا يجلسون في الصالة , علي مقربة منا , ونحن في غرفة الجلوس , روعة القصيدة أنها مكتوبة بخط شوقي الجميل , والذي برع في كتابته ايضا , فقد كان موهوبا بكتابة الخط العربي , ولا تزال تلك القصيدة تحتل ركنا من حائط مكتبي . .
ولد شوقي ابو ناجي في 25/9/1943م بقرية نزلة باقور، إحدى قرى مركز أبوتيج- محافظة أسيوط.
تعليمه:
توقف تعليمه عند حصوله على المرحلة الإعدادية؛ إلا أنه واصل تثقيف نفسه بقراءاته وإطلاعه، حتى صار حجة في اللغة والنحو وعروض الشعر العربي وعلوم الدين والتاريخ الإسلامي. عمله عمل في بداية حياته بجريدة الأهرام ثم تركها بعد عام واحد سـ1966ـنة، ثم عمل بمصلحة الشهر العقاري بالقاهرة، ثم نقل إلى ملوي ليظل بها بضع سنوات، ثم إلى أبوتيج وظل بها حتى سن المعاش, وحتي وفاته في 16يناير 2006م.