لبنان والطائفية
بقلم : حمدى البطران
لبنان بلد صغير , ظهر خطاً في اتفاقية سايكس بيكو عام 1916 , وقسمت هذه الاتفاقية وما تبعها سوريا الكبرى أو المشرق العربي إلى دول وكيانات سياسية وهي : العراق، الذي أستقل عام 1932., ومنطقة الانتداب الفرنسي على سوريا وتشمل سوريا، استقلت فعلياً عام 1946 ولبنان الذي استقل ككيان مستقل عام 1943.
كما تم ضم بعض الأقاليم السورية الشمالية لدولة تركيا ايام اتاتروك .وشملت الإتفاقية ايضا منطقة الانتداب البريطاني على فلسطين , والأردن، الذي استقل ككيان مستقل عام 1946.
وبموجب تلك الإتفاقية ايضا تم تأييدها لاحقا بقرارات من عصبة الأمم التي صدرت عام1920 والتي أجازت نظام الإنتداب على المناطق العثمانية المتفككة بحجة المساعدة في إنشاء مؤسسات للدول الجديدة. وفي ذلك الزمن، كانت متصرفية او محافظة جبل لبنان مقاطعة عثمانية , مستقلة عن بقية الولايات. فقام الفرنسيين بضم عدد من المدن الساحلية، جبل عامل، سهل البقاع والسهول الشمالية , لتتوسع المتصرفية وتصبح دولة لبنان الكبير. وبعد صراع سياسي مرير وقتال ، إتحد المسيحيون والمسلمون اللبنانيون معا فيما عرف بالميثاق الوطني اللبناني , وأعلنوا استقلال لبنان تحت اسم الجمهورية اللبنانية. وأعلن عن استقلال لبنان عام 1943 وانسحبت القوات الفرنسية كليا في 17 ابريل 1946وهو عيد الجلاء في لبنان وسوريا احتفالا بجلاء آخر جندي استعماري عن البلاد .
رسمت فرنسا مستقبل لبنان السياسي والاجتماعي والاقتصادي وقامت بربطه بالاقتصاد الفرنسي عن طريق زراعة التوت لتأمين المواد الخام للمصانع الفرنسية في مدينة "ليون" الفرنسية. ومن الوجهة السياسية شجعت فرنسا التعاون بين الطوائف لا سيما الموارنة والسنة وقيام تجربة ديمقراطية فريدة عانت وما زالت من التناقض الطوائفي ومن تجربة الديمقراطية التوافقية التي تشل المبدأ الذي تقوم عليه الممارسة الديمقراطية بين أغلبية وأقلية , وعلي ذلك تأسس دستور 1926 لم يتضمن نصاً يحدد التوزيع الطائفي رغم تضمنه مسألة مراعاة الطوائف في المجالس. "كان شارل دباس الأرثوذكسي رئيساً للجمهورية، ثم أيوب ثابت الإنجيلي".بالإضافة إلى تثبيت الطائفية في المجالس التمثيلية، قام الانتداب بتثبيت عناصر التبعية في البنية الاقتصادية - الاجتماعية.
وفي عام 1943 تم الإتفاق بين ممثلي طوائف لبنان علي وجود عرف ,أو اتفاق غير مكتوب , بتوزيع المناصب الرئيسة للسلطة على أساس طائفي، مرتبطاً بحالة ظرفية ومؤقتة بهدف نيل الاستقلال، وتمهيداً لبناء الدولة المستقلة، ونصت المادة 95 من الدستور اللبناني على اعتبار أن الطائفية مؤقتة. تتمثل في رغبة فريق من المسيحيين ببقاء فرنسا، بينما يري فريق من المسلمين بالانضمام إلى سوريا، فكان الاتفاق على الميثاق والصيغة تحت عنوان طمأنة المسيحيين سبيلاً مسهلاً للاستقلال). كانت الكوتا الطائفية حتى تم إتفاق الطائف 1989 الذي قرر المناصفة بين ممثلي المسيحيين والمسلمين في المجلس النيابي والحكومة، وموظفي الفئة الأولى. رغم ما جاء في اتفاق الطائف الذي أصبح في صلب الدستور اللبناني، من ضرورة تشكيل هيئة وطنية لبحث كيفية تجاوز الطائفية، وإنتخاب انتخاب أعضاء المجلس النيابي خارج القيد الطائفي،
وكان لاتفاق الطائف دور كبير في إدخال لبنان في العصبية , كما لعب دوراً أساساً في الخلاف الطائفي الداخلي، فالموارنة يتقاتلون للوصول إلى المركز السياسي الخاص بهم والسنّة كذلك والشيعة. وكل فريق يطلب تمثيلاً لطائفته حتى يصل إلى مبتغاه الخاص.
وأصبحت المشكلة اللبنانية في الأساس , هي مشكلة التعايش الحقيقي بين الطوائف المتعددة والتي تسعي الي السلطة .