معاناة المصريين .المياة .
بقلم : حمدى البطران
ربما نقرأ في الصحف , أو تطالعنا اعلانات الصحف , أو بعض القنوات المحلية , بأن المياة سنتقطع عن بعض أحياء القاهرة فى القترة من .. الي .. وهي يوم كامل أو نصف يوم , وقد تمتد خارج المواعيد المعلنة , ولا يعلم المسئولون عن المياة , كيف يعاني سكان الشقق والبيوت , في تلك الفترة , سواء في إعداد الطعام أو في النظافة أو في الوضوء تأدية شعائرهم الدينية . والغريب أنهم يختارون فترة زمنية تكون في أوج إستهلاك المياه .
غير أن تلك المعاناة تهون إلى جانب نوع أخر من معاناة الناس مع المياة , إذا رأينا لون المياه التي يشربها ابناء الصعيد وبعض المدن في الأقاليم , ولن أذهب بعيد , فقد عملت ف يالقاهرة فترة , وكنت في أقيم في ارقي أحياء القاهرة , حي مدينة نصر , في أستراحة حكومية , وكان زملاءنا القدامي من المقيمين في تلك الحراسة يحذروننا من شرب المياة من الصنابير , وعندما كنا نضع المياه في الكوب , كنا نجده يميل الي الأحمر وكأنه مذابا به صدأ الحديد . وعرفنا أن هناك إقبال هائل علي المياه المعدنية , وراجت أسواقها وكثرت شركاتها . وغلت أسعارها . فعندما تشتري زجاجة مياه معدنية صغيرة في القطار , في القطار ستجد ان ثمنها يعادل ثمن زجاجة مشروب غازي مثلج , في نفس الحجم . !
وأتذكر أنني في مدينتنا في وسط الصعيد , كانت المياة تأتينا لونها بني , وخصوصا في فترتي الصباح والمساء , مما إضطرنا الي استخدام المياه المعدنية , ثم لجأنا الي الفلاتر متعددة المراحل , وهي أيضا أصبحت سوقا رائجة , وإرتفعت اسعارها .
المهم انني إتصلت بالقائمين علي أعمال المياة , وقيل أنها أصبحت شركة , فأرسلوا لي اثنين من العمال , قاما بالطرق علي عداد المياة اسفل المنزل , ثم قاما بفصله عن الماسورة , ونزلت المياة علي الأرضية المبلطة في مدخل المنزل , وكانت كمية من الطين المذاب كفيلة بأنها لوثت كل المدخل , وتحولت الي بركة من الطين , وظل الطين المذاب يتفق من المواسيرة فترة طويلة ثم بدأ يروق , وقام العامل بإدخال سيخ رفيع من الحديد في ماسورة المياه , واخرجها وانطلقت ايضا كمية أخري من الطين المذاب .
وقالوا إنها الطريق الوحيدة لتنظيف المواسير . وبالطبع لم أقتنع , لأنه لا يمكن أن تكون تلك هي طريقة الحصول علي الماء النقي , ولكن فوضت امري اللي الله , واحضرنا الفلتر متعدد المراحل , مع تعهد الشركة بصيانة الفلتر وتغيير مكوناته كل فترة , وعندما قاموا بتغيير الفتر الأول بعد ثلاثة شهور , وجدنا الحشو وكأننا دهناه بالطين , , فقد كان مشبعا باللون البني اللزج . وبالطبع لوا الفتر فإن هذا كله كان سيتراكم في الكلي والمجاري البولية .
أما معاناة المصريين مع موظفي الشركة من المحصلين في شركة المياة , فهو امر لا يطاق .
فقد شاهدت احد البسطاء , وقد طالبته شرطة المياة بثماني مائة جنيها, نظير استهلاك المياه , ولما حاول أن يشتكي , طلبوا منه أن يسدد أولا , ثم يشتكي , وهددوه بأن القانون يمكنهم من إجراء الحجز علي المواطن وبيته , ضمانا للسداد . وبعدها داخ الرجل , حتي إكتشفوا أن العداد الذي ركبوه بمعرفتهم قد تلف , وصار يتحرك بسرعة مسجلا قراءات لم تحدث ولم يستهلكها المواطن لصالح شركته . .