دماء على ثياب الخلافة
بقلم : علاء شبل
كم من جرائم ارتُكبت ومازالت تُرتكب تحت شعار الخلافة الراشدة التي بشر بها الرسول صلى الله عليه وسلم وبالطبع لم يكن الرسول يعني تلك المذابح والمجازر التي ارتكبت بزعم إعادة الخلافة التي تكون ختاما لهذه الدنيا كما ورد بالحديث الشريف الصحيح
فعن النعمان بن بشير رضي الله عنه أنه قال: كنا قعودا في المسجد مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، وكان بشير رجلا يكف حديثه، فجاء أبو ثعلبة الخشني فقال: يا بشير بن سعد أتحفظ حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم في الأمراء، فقال حذيفة: أنا أحفظ خطبته، فجلس أبو ثعلبة فقال حذيفة: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم "تكون النبوة فيكم ما شاء الله أن تكون، ثم يرفعها إذا شاء أن يرفعها، ثم تكون خلافة على منهاج النبوة، فتكون ما شاء الله أن تكون، ثم يرفعها إذا شاء الله أن يرفعها، ثم تكون ملكا عاضا، فيكون ما شاء الله أن يكون، ثم يرفعها إذا شاء أن يرفعها، ثم تكون ملكا جبرية، فتكون ما شاء الله أن تكون، ثم يرفعها إذا شاء أن يرفعها، ثم تكون خلافة على منهاج النبوة، ثم سكت، قال حبيب: فلما قام عمر بن عبد العزيز وكان يزيد بن النعمان بن بشير في صحابته، فكتبت إليه بهذا الحديث أذكره إياه، فقلت له: إنى أرجو أن يكون أمير المؤمنين، يعنى عمر بعد الملك العاض والجبرية، فادخل كتابي على عمر بن عبد العزيز فسر به وأعجبه" رواه أحمد.
و الحديث حديث حسن، رواه الإمام أحمد بن حنبل وغيره، وقد صححه العراقي، وحسنه الهيثمي والألباني ولعله الحديث الذي يروج له كل باحث عن حكم لا عن خلافة راشدة وبين الطمع وسوء الفهم أساء الكثيرون لدين الله فالإخوان الطامعون في السلطة روجوا لأنفسهم باعتبارهم قد خوطبوا بملك من السماء لإعادة الخلافة ونسوا وصفها بأنها الراشدة وتلك الراشدة لا يمكن ان تكون على يد أناسٍ لا يعرفون للرشد طريقا ومن ورائهم الدواعش وما تفرع منها لقتل وذبح المسلمين وهم يزعمون أنهم يعيدون خلافة مفقودة بل ويطلقون على مجرمهم الخليفة ومن هنا كان لزاما أن نذكر بالدماء التي أُريقت على ثياب الخلافة الراشدة وهي من كل ذلك براء
فقد قُتل الخليفة عثمان بأيدي مسلمين يدّعون الثورة ثم قُتل الخليفة علي بأيدي مسلمين ثم قُتل الحسين سبط رسول الله ، وقطعت رأسه بأيدي مسلمين وقُتل الحسن سبط الرسول مسموماً مغدوراً بأيدي مسلمين
- وقُتل صحابيان من المبشرين بالجنة وهما " طلحة و الزبير " .. بأيدي مسلمين في (موقعة الجمل) .
وقُتل مسلمون بأيدي مسلمين في (موقعة صفين) .
وقُتل مسلمون بأيدي مسلمين في ( موقعة نهروان ) .
وقُتل مسلمون بأيدي مسلمين في معركة كان طرفاها " الحسين " و" يزيد "
وذُبح 73 من عائلة رسول الله بأيدي مسلمين في معركة إخماد ثورة " أهل المدينة " على حكم " الأمويين " غضباً لمقتل الحسين .
وقُتل 700 من المهاجرين والأنصار بيد 12 ألف من قوات الجيش الأموي المسلم في (معركة الحرة) التي قاد جيش الأمويين فيها " مسلم بن عقبة " الذي جاءه صديقه الصحابي معقل بن سنان الأشجعي ( شهد فتح مكة وروى أحاديثاً وكان فاضلاً تقياً ) فأسمعه كلاماً غليظاً في " يزيد بن معاوية " بعدما قتل الحسين فغضب منه وقتله .
وفي الوقت الذي لم يتجرأ فيه " أبو لهب " و " أبو جهل " على ضرب " الكعبة " بالمنجنيق وهدم أجزاء منها ولكن فعلها المسلم " الحصين بن نمير" قائد جيش عبد الملك بن مروان أثناء حصاره لمكة .
و لم يتجرأ " اليهود " أو " الكفار" على الإساءة لمسجد رسول الله يوماً لكن فعلها قائد جيش المسلمين يزيد بن معاوية عندما حوّل المسجد النبوي لثلاث ليال إلى أسطبلٍ تبول فيه الخيول .
و في خلافة عبد الملك بن مروان قُتل عبد الله بن الزبير ( ابن أسماء بنت أبي بكر ذات النطاقين ) بيد مسلمين .
وفي خلافة هشام بن عبد الملك : لم يُقتل زيد بن زين العابدين بن الحسين ( من نسل النبي ) فحسب بل صلبوه عارياً على باب دمشق لأربع سنوات ثم أحرقوه
و معاوية بن يزيد ( ثالث خلفاء بني أمية ) لما حضرته الوفاة ( وكان صالحاً على عكس أبيه ) قالوا له : اعهد إلى من رأيت من أهل بيتك ؟؟، فقال : والله ماذقت حلاوة خلافتكم فكيف أتقلد وزرها !! اللهم إني بريء منها متخل عنها
فلما سمعت أُمه ( زوجة يزيد بن معاوية الذي قتل الحسين ) كلماته ، قالت : ليتني خرقة حيضة ولم أسمع منك هذا الكلام ..
وتقول بعض الروايات إن عائلته هم من دسّوا له السم ليموت لرفضه قتال المسلمين ، بعد أن تقلد الخلافة لثلاثة أشهر فقط وكان عمره 22 سنة ، ثم صَلّى عليه " الوليد بن عتبه بن أبي سفيان " وكانوا قد اختاروه خليفة له ، لكنه طُعن بعد التكبيرة الثانية .. وسقط ميتاً قبل اتمام صلاة الجنازة . فقدّموا "عثمان بن عتبة بن أبي سفيان " ليكون الخليفة ، فقالوا : نبايعك ؟؟ قال : على أن لا أحارب ولا أباشر قتالاً .. فرفضوا .. فسار إلى مكة وإنضم لعبد الله بن الزبير وقتلوه نعم قتل الأمويون بعضهم البعض ..
- ثم قُتل أمير المؤمنين " مروان بن الحكم " بيد مسلمين- ثم قُتل أمير المؤمنين " عمر بن عبد العزيز " ( خامس الخلفاء الراشدين ) مسموماً بيد مسلمين .
- ثم قُتل أمير المؤمنين " الوليد بن يزيد " .. بيد مسلمين .
- ثم قُتل أمير المؤمنين " إبراهيم بن الوليد " .. بيد مسلمين .
- ثم قُتل آخر الخلفاء الأمويين بيد القائد المسلم " أبو مسلم الخرساني " .
و قَتلَ " أبو العباس" (السفاح) - الخليفة العباسي الأول - كلَّ من تبقى من نسل بني أمية من أولاد الخلفاء ، فلم يتبقَ منهم إلاّ من كان رضيعاً أو هرب للأندلس ثم أعطى أوامره لجنوده بنبش قبور بنى أمية في " دمشق" فنبش قبر معاوية بن أبى سفيان فلم يجدوا فيه إلاّ خيطاً ، ونبش قبر يزيد بن معاوية فوجدوا فيه حطاماً كالرماد ، ونبش قبر عبدالملك فوجده لم يتلف منه إلاّ أرنبة أنفه ، فضربه بالسياط وصلبه وحرقه وذراه في الريح .
ولولا جهود وشعبية القائد المسلم " أبو مسلم الخرساني " الذي دبر وخطط لإنهاء الحكم الأموي ، ما كانت للدولة العباسية أن تقوم
وقال فيه المأمون : " أجلّ ملوك الأرض ثلاثة ، وهم الذين نقلوا الدول وحولوها : الإسكندر وأردشير وأبو مسلم الخرساني " .
وعندما مات " أبو العباس " .. وخلفه " أخوه أبو جعفر المنصور " .. خاف من شعبية صديقه " أبو مسلم الخرساني " أن تُطمَّعه بالملك .. فاستشار أصحابه فأشاروا عليه بقتله . فدبَّر لصديقه مكيدة وقتله وعمره 37 عاماً .
و في معركة كان طرفاها " أنصار أبو مسلم " و" جيش العباسيين " قُتل فيها آلاف المسلمين بأيدي مسلمين .
وقتلت شجرة الدر عز الدين أيبك وزوجة أيبك قتلت شجرة الدر رمياً بالقباقيب .
وبعد وفاة " أرطوغرول " نشب خلاف بين " أخيه " دوندار و " ابنه " عثمان ، إنتهى بأن قتل عثمان " عمه " واستولى على الحكم ، وهكذا قامت الدولة العثمانية .
وحفيده " مراد الأول " عندما أصبح سلطاناً قتل أيضاً " شقيقيه " إبراهيم وخليل خوفاً من مطامعهما .
و عندما كان على فراش الموت في معركة كوسوفو عام 1389 ميلادي أصدر تعليماته بخنق " ابنه " يعقوب حتى لا ينافس" شقيقه " في خلافته .
والسلطان محمد الثاني ( الذي فتح إسطنبول ) أصدر فتوى شرعية حلل فيها قتل السلطان لشقيقه من أجل وحدة الدولة ومصالحها العليا
و السلطان مراد الثالث قتل أشقاءه الخمسة فور تنصيبه سلطاناً خلفاً لأبيه
و إبنه محمد الثالث لم يكن أقل إجراماً فقتل أشقاءه التسعة عشر فور تسلمه السلطة ليصبح صاحب الرقم القياسي في هذاالمجال تحت راية الخلافة المزعومة والبعيدة كل البعد عن تبشير رسول الله صلى الله عليه وسلم بالخلافة الراشدة
وفي كل ما سبق كان القاتلون يزعمون انهم يريدون خلافة إسلامية ، وكان القتلى يريدون خلافة إسلامية والقاتلون كانوا يرددون الله اكبر والقتلى . كانوا يرددون الشهادتين ،
إنه مسلسل قديم مرعب ، ومخيف ، لكننا لم نقرأ ونتدبر من التاريخ إلاّ ما أُريد لنا فقط أن نقرأه ونتدبره لنسير في ركب الحالمين بالخلافة الراشدة التي لم يحضر اهلها او زمانها بعد والله أعلم بوقتها والسؤال الذي يطرح نفسه هو هل نحن جديرون بحالنا هذا لخلافة راشدة اللهم لك الامر من قبل ومن بعد