النهار
الإثنين 23 ديسمبر 2024 05:32 صـ 22 جمادى آخر 1446 هـ
جريدة النهار المصرية رئيس مجلس الإدارة ورئيس التحريرأسامة شرشر

فن

تركيا تطرح فيلما لتجميل وجه اردوغان

أثارت  السينما التركية مؤخرا،الجدل،  فور طرحها فيلما بعنوان "الرئيس" كونه ينتمى لتلك النوعية من السينما الموجهة التى تحاول تجميل صورة اردوغان واظهاره فى صورة زعيم تكاملت أوصافه. 
اصحاب الفيلم وصفوه بأنه لحظة لا تنسى بينما انتقده البعض بأنه يخلو من النبل الفنى ورسالة إنسانية تنير الطريق بلا زيف. 
ويأتى الفيلم فى الوقت الذى يشهد فيه الشارع الثقافى والفنى التركى ايضا محاولات معارضة على سياسات اردوغان وسط حالة من الاستقطاب السياسى.
فى الفيلم الذى صور بإحدى المدن الساحلية ويتناول حياة الرئيس التركى، رجب طيب أردوغان، مذ كان عمره 6 سنوات، وحتى عام 1997. نرى صبيا عمره ١١ عاما، يشب فى شوارع اسطنبول القاسية ويسعى لإثبات نفسه أمام والده ويساعد أهالى حى قاسم باشا الفقراء وسط العاصمة.. يبدو جادا ومهذبا.. ويبيع بذور عباد الشمس، ويطلق عليه أصدقاؤه: "الزعيم" ليصبح فيما بعد ـ بحسب الفيلم ـ رجلا يحارب قوى الظلام فى سبيل بناء تركيا قوية وعادلة.
هكذا تدور أحداث العمل السينمائى الذى تقدمه دور السينما التركية ويتناول حياة الرئيس رجب طيب أردوغان. 
الفيلم من إخراج هودا فردى ياووز ويلعب الممثل ريها بيه أوغلو دور أردوغان حتى سجنه بسبب مزاعم بأن له نشاطا إسلاميا قبل أن يصعد نجمه ليبلغ أعلى منصب فى الدولة التركية.
ريها بيه نفى فى تصريحاته أن يكون عرض فيلم "الزعيم" فى هذا التوقيت يهدف إلى مساعدة أردوغان وحزبه فى الفوز باستفتاء 16 أبريل والذى من شأنه أن يمنحه سلطات جديدة واسعة عندما يتم الاخذ بالرئاسة التنفيذية التى تحل محل نظام الحكم البرلمانى. وأضاف أن العرض الأول للفيلم تزامن مع عيد ميلاد أردوغان الثالث والستين. وأضاف "من يقبلون لمشاهدة الفيلم أناس يعشقونه وأنا منهم وهذه لحظة لا تقدر بثمن"، وأشار: "عشت خلال تصوير الفيلم لحظات مليئة بالعواطف، وهو الشعور الذى أنا عليه الآن وفيما بعد سترافقنى هذه المسئولية الكبيرة على الأرجح طوال حياتى". 
وقال الممثل فى يوم العرض الأول للفيلم ""أنا معجب بأردوغان، رئيسنا مثل الحبة التى تجعل المسبحة متماسكة" مستخدما بذلك تشبيها استحضره أردوغان نفسه بعد محاولة الانقلاب.
ولا يرى بيه أوغلو النزعة الانقسامية التى يراها الكثير من العلمانيين والليبراليين فى أردوغان بل يراه شخصية توافقية ليس فقط لتركيا وإنما للعالم الإسلامى بأكمله.
هكذا قال بيه اوغلوا بعدما واجه انتقادات دفاعا عن نفسه وعن تقديمه فيلما مكشوف الهدف والغرض وأوضح المخرج بأن الفيلم يروى لمحات من حياة الرئيس التركى "رجب طيب أردوغان"، وتبدأ الحكاية منذ عام 1930 وإلى عام 1997 عندما دخل أردوغان السجن.
وأكّد المخرج بأن أحداث الفيلم تسلّط الضوء على الجانب الاجتماعى لأردوغان، وحياته فى حى قاسم باشا، وكيف كانت حياته بعيدا عن السياسة.
وكان السؤال لماذا هذا الفيلم الآن، وهل يمكن لأردوغان بلجوئه للقوى الناعمة ان يغير من نظرة تزايد جرعة منتقديه ومعارضيه.
وأشارت تقارير إلى أن ميزانية الفيلم تبلغ ثمانية ملايين دولار. كما لم تتضح مصادر تمويله وقيل انه إنتاج شركة ليست معروفة على نطاق واسع وهى شركة كافكاسور للإنتاج السينمائى. 
على الجانب الآخر يرى منتقدو أردوغان عقب هوجة الفيلم، ان فى الأمر بذوغ حالة تشبه التأليه وسط اعتقالات جماعية وإقالات شملت القضاء والشرطة والجامعات والإعلام عقب محاولة انقلاب فى يوليو وإنه اذا أقرت الاقتراحات التى ستطرح فى الاستفتاء فإنها ستغير المشهد السياسى وسيتمكن الرئيس من تعيين الوزراء وكبار مسئولى الدولة واقالة من يرغب وحل البرلمان وإعلان حالة الطوارئ وإصدار المراسيم.
ويقول مؤيدو التعديلات إنها ضرورية فى بلد يتعرض أيضا لهجمات من تنظيم الدولة الإسلامية والمسلحين الأكراد، لكن أحزاب المعارضة تقول إن التغييرات ستزيل الضوابط على نفوذ إردوغان الطاغى بعد نحو 15 عاما قضاها فى السلطة نتيجة شعبية منقطعة.
كل هذا المشهد حرك مياهه الراكدة فيلم "الزعيم" وقال المعارض دينيز بايكال "لا يمكن ائتمان شخص واحد على مصير أمة.. أردوغان يقدم نفسه فى صورة نصير الملتزمين دينيا الذين عانوا الاضطهاد طويلا من قبل نخبة علمانية أصبحت الآن مشوشة.. ومن ثم يحتفى به من يشاركون فى مسيرات تأييده".
وعقد المعلق السياسى مصطفى أكيول فى عمود على موقع المونيتور الإخبارى وكتب "والآن.. وبعد قرن.. تتشكل فى تركيا شخصية يكاد يؤلهها أناس هم أنفسهم الذين سخروا لعقود من تأليه أتاتورك".
وبعيدا عن السينما فيرى مراقبون أن إردوغان قد لا يتحمل خسارة الاستفتاء المقرر فى 16 أبريل بعد أن راهن بسمعته فى سبيل هذا المسعى منذ سنوات. فإن كانت النتيجة "لا" فإن ذلك قد يوجه له أقوى ضربة خلال مسيرته السياسية.