قصة وصف «هيكل» لهزيمة 1967 بـ«النكسة» في «أحاديث برقاش»
واصلت صحيفة «الأخبار» اللبنانية في عددها الصادر، الخميس، نشر صفحات من كتاب «أحاديث برقاش.. هيكل بلا حواجز»، للكاتب الصحفي عبدالله السناوي، الذي يصدر عن دار الشروق خلال الأيام المقبلة. وفي الجزء السابع الذي جاء تحت عنوان: «عودة إلى عبدالمنعم رياض»، يقول السناوي عن هيكل: «عندما شرع في كتابة خطاب تنحي الرئيس جمال عبد الناصر في يونيو (١٩٦٧)، لم يكن قد استقر تفكيره على وصف الهزيمة العسكرية بـ(النكسة)». وسأل السناوي هيكل: «كيف طرأ التعبير إلى ذهنك في تلك اللحظة القاسية؟». وأجاب هيكل، قائلًا: «تسألني بعد كل تلك السنوات والعقود كيف طرأ مصطلح النكسة، وأنا أقول لك أميناً أنني لا أعرف، أظنها مشاعر مواطن لم يكن يقدر على إغلاق أبواب الأمل في المستقبل أمام شعبه». وقال هيكل: «انفردت بنفسي لأكتب خطابه الأخير، وكنت أجلس في ذلك الركن من الغرفة التي نجلس فيها الآن، وفي خاطري أن أحلامنا الكبرى انهارت.. فكرت في عبد الناصر وآلامه فوق طاقة بشر وكأنه كبر مرة واحدة عشر سنوات، كان صادقاً في مشاعره وتصرفاته، معتقداً أنه خذل أمة أولته ثقتها كما لم تفعل مع أحد آخر، قرر أن يتنحى، وطلب مني أن أكتب ما اتفقنا عليه من خطوط عريضة، وكنت الوحيد الذي التقاه في ذلك اليوم الطويل.. لم يكن يناور، ففي اعتقاده أن النظم التي تعجز عن حماية حدودها تفقد شرعيتها.. وفكرت في الشعب الذي سوف تصدمه نتائج المواجهات العسكرية في سيناء، لم أكن مستعداً لكتابة كلمة الهزيمة، ولا زلت معتقداً أنني كنت على صواب، كيف أكتب أنها هزيمة والجبهة السورية تقاتل والعراق يرسل قوات عسكرية إليك والجيش المصري ما زالت بعض قواته في سيناء، كان اعتقادي أننا أمام عثرة مؤقتة، وإن كان عبد الناصر لا يستطيع أن يستكمل دوره في القتال فإن أحداً آخر يستطيع، لكن شعبه خرج يومي (٩) و(١٠) يونيو إلى الشوارع يطالبه بالبقاء ويعرض المقاومة ومواصلة القتال». ويرى هيكل أن «للتعبيرات قوة تأثيرها في حركة الأحداث، عندما تقول هزيمة فإن كل شيء قد انتهى، وعليك أن تقر بما جرى وتستسلم له، بينما تعبير النكسة ساعدنا في لملمة جراحنا ودخلت قواتنا المسلحة بعد أيام أحد ملاحمها الكبرى في معركة رأس العش»، مضيفًا أن «كل ما فكرت فيه أن النكسة وضع مؤقت والهزيمة استسلام نهائي». وجاء في الجزء السابع أن «نفس النظرة الاستراتيجية تبناها الفريق عبد المنعم رياض، مستنداً إلى خبرة شعوب أخرى تعرضت لهزائم فادحة، لكن روحها العامة لم تنكسر وأعلنت المقاومة مجدداً، وكان صعود رياض لرئاسة أركان حرب القوات المسلحة المصرية بعد النكسة مباشرة تعبيراً عن ضرورات إسناد المناصب العسكرية للكفاءات القادرة على تحمل مسؤولية القتال، ووقد وضع عبد الناصر الثقة نفسها في رجل آخر، الفريق أول محمد فوزي قائداً عاماً برهان أن شخصيته الحازمة تعيد الانضباط المفقود إلى القوات المسلحة، وتساعد في إعادة بنائها على أسس حديثة».