مفتي الديار المصرية: الحفاظ على بلدنا والدفاع عن حدودها واجب شرعي
أكد مفتى الديار المصرية الدكتور شوقي علام اليوم الأربعاء، على أن الأمة الإسلامية هي أمة بناء وليست أمة هدم ونريد لها أن تتقدم وأن تتوحد مع الحفاظ على الحدود الموجودة الآن، قائلا "إن الحفاظ على بلداننا والدفاع عن حدودها من الواجبات الشرعية وأن الانتماء إليها من الفطر التي فطر الله الناس عليها".وحذر مفتي الديار المصرية – أمام الجلسة الثالثة لمؤتمر الإفتاء الدولي التي عقدت اليوم بعنوان (نقض شبهات التطرف في مفهوم الدولة والحكم الرشيد) – من أن هناك هجمة شرسة تستهدف تفتيت الأمة، قائلا: "ينبغي أن نحافظ على دولنا كما هي ولا نقول أنها حفنة من التراب وأن الحدود تُزال وهو ما يجعل المفاسد أكبر من المنافع".وحول كيفية اختيار الحاكم.. قال علام إننا لم نجد في تاريخ المسلمين إطارا محددا لكيفية اختيار الحاكم وإنما ترك الأمر وكأنه يكون تبعا لتطورات العصور والأيام وما تولده من أطر وأشكال وأنماط، مبينا بأن مبدأ الشورى الذي رسمه القرأن الكريم تطور في الأنظمة المعاصرة إلى أنظمة معقدة تساعد الدولة والأمة في اتخاذ القرار وهو الآن لم يكن فقط قاصرا على مجرد المشورة بل يحتاج إلى أجهزة معلومات قوية.وأوضح مفتى الديار المصرية في ورقته (الديمقراطية وموقف الإسلام منها) أن الإسلام كفل للمسلم حقوقه كاملة غير منقوصة والتي منها حقوقه السياسية في اختيار الحاكم وهذا ما كان يعرف بالبيعة قديما وضمن له المشاركة في القضايا العامة التي تخص سواد الأمة وهذا ما عرف بمبدأ الشورى كما أعطى للمسلم حق نصح الحاكم انطلاقا من مبدأ الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وكفل له حقه في تولي المناصب السياسية سواء كانت في الحكومة أو أية من مؤسسات الدولة. وأشار إلى أن الشورى في الإسلام هي الديمقراطية الحقة وهي التي يجب أن يتربى عليها أبناء المجتمع ليكونوا أمناء صادقين دائما في أقوالهم وأفعالهم، وأن يحترموا عن إيمان صادق سلطات بلادهم التشريعية والقضائية والتنفيذية التي جاءت بالشورى الصحيحة.وأضاف "نحن أمة منفتحة وليست منغلقة ونأخذ من أفكار الآخرين ونصوغها بما يتفق مع مبادئنا ومع ديننا ونلفظ ونبعد تماما كل ما يخالف هذه المبادىء والقواعد؛ مادام ما عند الآخرين يحقق مصلحة لنا ويدفع مفسدة عنا ولا يتعارض مع قيمنا وثوابتا وديننا فنحن أحق به"..مؤكدا على أن أي قرار اتخذ ويحقق الغاية والمصلحة ويوحد الناس ويحفظ للإنسان آدميته وكرامته وإنسانيته وحريته فإنه لا ريب هو من صميم الدين والإسلام.وعن مصطلح الخلافة..أفاد مفتى الديار المصرية بأنه قد ساد فترة طويلة من الزمان ووحد بين أجزاء الدولة الإسلامية في أكثر أوقاتها وسمح في بعض الأوقات بتكوين دويلات ودول في إطار هذه المنظومة وكان لها حكام واستقلال ويكاد يكون استقلالا تاما إلا أنه تساءل هل هي من الفرائض بحيث تدخل ضمن منظومة ما لا يمكن أن نغيره أو ضمن منظومة الإيمان بحيث من ينكر ذلك يكون قد خرج عن هذه الدائرة، مبينا بأن من يقرأ النصوص ويتعمق في التاريخ يخرج باطمئنان إلى أنها من دائرة الفرعيات.وردا على الرافضين للديمقراطية باعتبارها كفرا.. قال علام إن القواعد العامة الحاكمة للديمقراطيات الحديثة كلها مستقاة من مبادىء الإسلام الذي استقى قوانينه تحت رقابة الله تعالى، كما أن الفقه الإسلامي يقوم العلاقة بين الفرد والمجتمع أو بين الحاكم والمحكوم ويوازن بين المصالح المتعارضة..مبينا بأن الديمقراطية التي يقرها الإسلام ويدعو إليها لا تنكر على ثوابت الأمة من عقائد وأعراف بالإلغاء أو تجعلها عرضة للنقاش والجدال لأن الثوابت الدينية والعقائد الإسلامية والأعراف خطوط حمراء لا يجوز تجاوزها.وقال إن الديمقراطية التي تخدم الدين وتحقق أهدافه هي التي لا تتعدى على حقوق الأمة في المحافظة على هويتها وعقيدتها وشخصيتها ولا تجعل ثوابت هذه الأمة محلا للتبديل والتغير أو الخلاف.. أما الديمقراطية المفروضة على الشعوب من الخارج للهيمنة على الشعوب والأنظمة فهي مظهر جديد من مظاهر الاحتلال البغيض.وأضاف علام "إن الديمقراطية كآلية لتداول السلطة سلميا لا تنافي الإسلام؛ إذ أن نظرية الحكم في الإسلام لم تستق من نصوص قطعية بل تركت على سبيل المصالح المرسلة".. مؤكدا ضرورة النظر إلى الديمقراطية كونها واقعا يعيشه غالبية الامة الإسلامية اليوم وليست حقلا نظريا يتناوله علماء الاجتماع والساسة فحسب إضافة إلى أنه لا يجب النظر اليها على أنها عقيدة أو دين بل هي فكرة بشرية أطلقها الإنسان لتيسيير شئونه العامة وتتوافق بنسبة كبيرة مع مبادىء الشريعة الإسلامية في إدارة شئون الدول.وشدد على أن الديمقراطية كأداة تتوافق بنسبة كبيرة مع تعاليم الإسلام إذ أن التشريع الإسلامي يتطلع إلى تحقيق العدالة والحرية والإخاء والمساواة وإعلاء كرامة الإنسان وكفالة حرية الاختيار للجميع بما يحقق مصالح الأمة العامة.