النهار
الأحد 29 سبتمبر 2024 12:29 صـ 25 ربيع أول 1446 هـ
جريدة النهار المصرية رئيس مجلس الإدارة ورئيس التحريرأسامة شرشر

تقارير ومتابعات

«النهار» ترصد رحلة الإخوان من الميدان إلى السجن

مرت خمس سنواتٍ على ثورة الخامس والعشرين من يناير، ولا تزال هناك أسرار لم تُكشف بعد، ولكن الأكيد أن جماعة الإخوان قد اختطفت حلم من نزلوا إلى ميدان التحرير فى 25 و28 يناير، وأحالوا الحلم الجميل إلى كابوسٍ مخيفٍ، لولا فضل الله على المصريين فى 30 يونيو 2013، فكيف تمكنت جماعة الإخوان الإرهابية من السطو على ثورة الشعب فى يناير 2011؟
محمد أبوحامد، عضو مجلس النواب، أحد شباب ثورة 25 يناير، يتحدث لـ«النهار» عن رحلة الإخوان من ميدان التحرير إلى السجن، قائلاً إن أسامة ياسين ومحمد البلتاجى كانا أكثر القيادات وجودًا وسيطرةً على الإخوان، وأسامة ياسين كان أكثر أعضاء الجماعة قربًا من «خيرت الشاطر»، وكان ياسين فى هذا الوقت وجهًا غير معروف، فلم يكن قد دخل البرلمان فى كتلة الإخوان من قبل، كما أنه لم يكن يظهر إعلاميًا، لذلك لم يكن معروفًا بانتمائه للإخوان، وهذا ما جعله يتحرك بحرية أكثر، ولم يكن ياسين وحده بل كان هناك أيضًا «صفوت حجازى»، الذى كان متواجدًا من الوهلة الأولى فى 25 يناير.
ويؤكد عضو مجلس النواب أن أسامة ياسين كان مسئولاً عن منع الشباب من ترك الميدان، فبعد خطاب مبارك الشهير فى 1 فبراير 2011، قرر مجموعة كبيرة من الشباب ترك الميدان، ولكن تصدى أسامة ياسين ومجموعته لهؤلاء الشباب، فقد كان ياسين «جلاد الميدان»، فكان يقود مجموعة تعزز وجود أى عنف وتؤججه، ويتحركون بسرعة كبيرة نحو العنف، فقد كان واضحًا أنهم مدربون تدريبًا متقدمًا على العنف، وكان ياسين يدير الأمر بنجاح، فبدا لى واضحًا أنه أحد قيادات التنظيم السرى للجماعة.
هدفنا غير هدف الإخوان
وعن هدف الجماعة فى الميدان يقول «أبوحامد»: لقد كان هدف الجماعة هدم مؤسسات الدولة، هكذا تحدث أبوحامد عن هدف الإخوان، قائلاً إنه علم أن الجماعة ستستحوذ على السلطة، لأننا افتقدنا وجود أى تنظيم سياسى حقيقى أو أحزاب حقيقية، وبالتالى ففى حال وقوع أى ثورة على الحكم، سيتمكن الإخوان من الوصول للسلطة، وكان واضحًا تحركاتهم منذ البداية، فلم يكن يُسمح لأحد بالحديث فى الميدان، إلا من يخدم أفكارهم، ويدعم وجودهم. 
ويضيف: نزلنا فى مجموعات شبابية قليلة يوم 25 يناير 2011، نطالب بالتغيير بعد أن سيطرت مجموعة الحزب الوطنى على زمام الأمور فى البلاد، منذ الوهلة الأولى فى الميدان كانت هناك مجموعات من الإخوان، ولكن لم تكن للمشاركة، فكانت هذه المجموعات بهدف الاستكشاف ومراقبة الأوضاع، والتحركات الموجودة بالشارع، وفى 28 يناير ظهرت مجموعات كبيرة من جماعة الإخوان، وحينما حل المساء، بدأت سيطرة الجماعة على الميدان، لم يكن الإخوان وحدهم فى الميدان، فقد كانت هناك العديد من الحركات السياسية، ولكن كانت جميع هذه الحركات السياسية مخترقة من قبل الجماعة، التى لم تترك جماعة نشأت قبل أو بعد 25 يناير إلا وزرعت عناصرها فيها، فقد كانت الجماعة هى الكيان الوحيد المنظم فى الميدان، وأحكم الإخوان سيطرتهم على المنصة، وكذا أحكموا سيطرتهم على من يصعد ويتحدث ومن هو ممنوع من الحديث، فقد تمكنت الجماعة من بث الأفكار التى تخدمهم منذ اللحظة الأولى. 
الجماعة تقود الميدان
تنظيم الإخوان كان هو قائد الميدان، وبدأت الجماعة منذ 28 يناير؛ فى بث الشائعات التى تنال من مؤسسات الدولة، وأكبر الشائعات التى روجوها كانت أنهم عقدوا اتفاقًا مع القوات المسلحة، وهو الأمر الذى ظلوا يسوقون له منذ 28 يناير وحتى صعدوا للسلطة فى 2012، وكانوا يحاولون إيهام الشعب بأن القوات المسلحة تدعمهم للوصول للسلطة، وهو الأمر الذى استطاعوا تسويقه جيدًا، حتى تم فضح كذبهم فى الثالث من يوليو 2013.
البرلمان بيزنس الجماعة
وعن البرلمان، يقول «أبوحامد»: لقد كان أعضاء البرلمان الإخوان أصحاب السيطرة والنفوذ، فقد استطاعوا السطو على مجموعة من الفرص الاستثمارية، والحصول على قروض، فقد تمكنوا من الحصول على منافع كثيرة من البرلمان، فلم يتركوا شيئًا سواء ماليًا أو سياسيًا إلا واستغلوه، فقد قاموا بمساومة مجموعة كبيرة من أعضاء الحزب الوطنى المنحل، من أجل الضغط عليهم للحصول على أموال مقابل تغاضيهم عن قضايا يمكن تحريكها ضدهم، ويضيف أنه فى منطقة «بولاق أبوالعلا» كانت هناك عناصر إخوانية فقيرة للغاية بل تكاد تكون معدمة، وهذه العناصر بعد وصول الإخوان للبرلمان ثم للسلطة، تبدل حالها 180 درجة، وبدا عليهم الثراء الفاحش، وهذا دليل دامغ على فساد الإخوان المالى.
محمد مرسى لم يظهر فى الميدان
وحول ظهور مرسى فى الميدان، يقول عضو مجلس النواب إن محمد مرسى لم يظهر فى الميدان، فقد كان مكلفًا بملف آخر غير الميدان، فقد كان الميدان مسئولية البلتاجى وأسامة ياسين وصفوت حجازى، وربما كان أول نزوله بعد انتخابات الرئاسة، حين فتح الجاكت فى أشهر كذبة قام بها قبل أن يتولى السلطة رسميًا، ويشير إلى أن هذا يؤكد الطريقة التنظيمية للجماعة، فقد قامت الجماعة بتقسيم الأدوار منذ البداية، فكانت هناك قيادات دورها الاجتماع بالسياسيين والأحزاب، والبعض الآخر مكلف بالاجتماع بالقوى الشبابية، والبعض مكلف بالإعلام، وهكذا فالتنظيم الإخوانى كان يعرف ماذا يفعل جيدًا.
ويقول «أبوحامد» إن أكثر من رسخ كذب الإخوان وجعل الشعب يصدقهم، هم النخب المدنية التى اجتمعت معهم فى فندق «فيرمونت»، مثل حسن نافعة، وحمدى قنديل، وزياد العليمى وغيرهم، فكان هؤلاء أصحاب التضليل الكبير للشعب المصرى، وهم من أوصلوا الجماعة للسلطة. 
معالم فى طريق الرحلة
يشير «أبوحامد» إلى أن أشهر المعالم على طريق رحلة الإخوان من الميدان إلى السجن، كانت الشائعات التى أطلقوها فى الميدان أثناء الثمانية عشر يومًا، والتى أفقدت الناس الثقة فى كل مؤسسات الدولة، ولكن رغم أن ذلك كان فى مصلحتهم؛ إلا أنهم فى مقابل ذلك أوصلوا للشعب إلى يقين أنهم الأفضل لقيادة مصر، فوضعوا المشنقة حول رقابهم بأيديهم، وأكثر المعالم وضوحًا على الطريق أيضًا، موافقة مرسى على بناء سد النهضة الإثيوبى، والإعلان الدستورى المكمل، ثم يأتى فى النهاية أهم وأخطر ما فعلته الجماعة، من إرهابٍ قبل نزول جموع الشعب فى 30 يونيو، حين خرجت أبواق الجماعة الفارغة تهدد من سينزل بالسحل والقتل، فقد أرادوا أن يعيش المصريون أذلاء لهم، كما عاشوا هم وسيعيشون أذلاء لأسيادهم فى الخارج. 
ويضيف «أبوحامد» أن الشعب كان يريد إسقاط «محمد مرسى» عقب الإعلان الدستورى فى نوفمبر 2012، ولكن لم يستطع، وكاد اليأس يملؤنى أن الجماعة لن ترحل، ولم أتيقن أن الجماعة ستترك السلطة وأن مصر سوف تعود للمصريين، إلا بعد بيان القوات المسلحة فى يونيو 2013، فنزلنا إلى الشوارع ونحن نعلم ان الجيش سيحمينا، فلولا القوات المسلحة أعلنت أنها سوف تحمى الشعب، لقام الإخوان بقتل جميع من نزل إلى الشارع، فقد نزلنا فى هذا اليوم ونحن نعلم أن لنا ظهرًا سيحمينا، ولن يكون ظهرنا للحائط أو للخونة.  يختتم «أبوحامد» حديثه، قائلاَ إن الإخوان لم يكن لهم يومًا مصداقية حقيقية، بل كانت مصداقية مزيفة، منذ أن بدأوا التواصل مع الأمريكان بوساطة سعد الدين إبراهيم، وكانوا أداة الولايات المتحدة لتدمير المنطقة، فالإخوان ليسوا فصيلاً نختلف معه سياسيًا وإنما هم فصيل خائن مجرم وإرهابى، لذلك الحديث عن أى مصالحة أو مهادنة معهم غير واقعى، فلولا عناية الله تعالى ثم مؤسسات الدولة الوطنية فى مقدمتها القوات المسلحة، لكانت مصر الآن ربما أسوأ من السيناريو السورى أو الليبى، فقد تعافت مؤسسات الدولة سريعًا، وتم إدارة الأمور بحكمة بالغة، أدت فى النهاية إلى نجاة مصر والمصريين، أما رحلة الإخوان فسوف يكملونها داخل السجون.