الدكتور إيهاب الخراط.. أستاذ الطب النفسى.. فى حوار خاص لـ«النهار»:
البرلمان سيكون انعكاسًا للشارع المصرى.. والأغلبية لن تزيد على20
بعد انتهاء الجولة الأولى من الانتخابات البرلمانية فى جولتها الأولى تصاعد العديد من الأصوات حول تبرير الإقبال الضعيف عليها، ولكن هناك من رأى أن الإقبال الضعيف على التصويت كان متوقعًا، وهو الأستاذ الدكتور إيهاب الخراط، أستاذ الطب النفسى وعلاج الإدمان، القيادى بالحزب المصرى الديمقراطى الاجتماعى، العضو السابق بجبهة الإنقاذ، الذى رأى أن ضعف الإقبال كان متوقعًا، وأن حزب النور والقوى المحسوبة على الإخوان، ستستمر فى الخسارة، فى مقابل القوى المحسوبة على الدولة، وبعض القوى المدنية، حيث تحدث «الخراط» فى حواره لـ«النهار» عن توقعه للمجلس القادم، والموقف السياسى فى مصر، وأشياء أخرى فى الحوار التالى...
ما رأيك بالانتخابات الحالية؟
هذه الانتخابات ليس هناك أى تنبؤ بها وبما سيحدث فيها، ولكن الأكيد أن ما حدث فى الجولة الماضية من المرحلة الأولى يشير إلى أن القوى التى خسرت كثيرًا مثل السلفيين والإخوان مستمرون فى الخسارة، وتقدمت عليهم القوى المدعومة أو المحسوبة على الدولة، مثل قائمة فى حب مصر، وأصدقائها، وكذلك هناك مستقلون وقوى مدنية حصلت وستحصل على بعض المقاعد.
ماذا عن نجاح أعضاء الحزب الوطنى؟
لدينا موقف ملتبس للغاية هذه الفترة، لأن هناك أشخاصًا لم يكونوا يومًا أعضاء بالحزب الوطنى، بل بعضهم كان معارضًا لسياساته، والآن هؤلاء ينتهجون نفس السياسة ويدافعون عنها، وفى المقابل لن ينجح رموز الفساد الكبيرة فى الحزب الوطنى، فهم إما تم استبعادهم بحكم قضائى مثلما حدث مع أحمد عز، أو أنهم لن يدخلوا السباق مثلما حدث مع الباقين.
ويبقى شىء آخر، وهو المسألة العائلية والقبلية، حيث ترى بعض العائلات الكبيرة أن عضوية البرلمان تكمل مكانة العائلة، وهؤلاء بعيدون عن السياسة، وكانت مشاركتهم فى الفساد السياسى بشكل غير مباشر، عن طريق صمتهم تجاه ما يحدث، وعدم تمكنهم من ممارسة السياسة، فكان الحزب الوطنى يجتذبهم نظرًا لشعبيتهم الكبيرة، وهؤلاء سيستمرون فى الترشح، ولكن الكثير منهم دفع بأفراد آخرين من نفس العائلة.
إذن هل كانت هناك مفاجآت فى الجولة الأولى؟
لا، حتى ضعف الإقبال كان متوقعًا، لأشياء عديدة ظهرت فى المناخ السياسى، ومن الطبيعى إحجام الناس عن المشاركة، ولكن قد نرى إقبالاً مختلفًا فى المرحلة الثانية، خاصة مع وجود محافظات ذات كثافة عالية، من الوجه البحرى والقاهرة، وكذلك خسارة حزب النور متوقعة ولم تكن مفاجأة على الإطلاق.
كيف ترى المجلس القادم؟
بعد انتهاء الجولة الأولى من المرحلة الأولى يبدو أن المجلس سيكون أغلبه من المستقلين كما توقعنا، والأكثرية لن تزيد على 15أو20%، ولن يحصل حزب على أكثر من 40 مقعدا بالبرلمان.
كيف سيدار المجلس القادم؟
المجلس سيكون انعكاسًا للشارع المصرى، فهناك شعبية للرئيس السيسى، وهذا ما سيعتمد عليه الأعضاء فى عملهم بالبرلمان، حيث سيتم تمرير القوانين التى تريدها الحكومة، عن طريق كتلة المستقلين، والكتل الحزبية التى ستتحالف مع الحكومة.
بعد هذه المرحلة نستطيع القول بأن المجلس القادم سيكون مواليا للحكومة؟
بالطبع، سيكون المجلس مواليا للرئيس عبدالفتاح السيسى، وأى قانون سيطلبه الرئيس سوف يتم تمريره فى المجلس، وهذا يعود إلى ان الشعب المصرى بطبعه متمسك بدولته، ويريد أن تظل الشرطة والجيش فى حماية البلاد من التفكك الذى أصابها، ويخشون أن يحدث فى مصر ما وقع فى ليبيا وسوريا، ولذلك فالأولوية الآن ستكون لشخصية البطل الشعبى المتمثلة فى الرئيس السيسى.
هل هذا مؤشر جيد؟
به خطورة كبيرة، لأن فيه انزلاقا مرة أخرى بعيدًا عن الديمقراطية، واختزال كل العملية السياسية فى شخصية الرئيس، ويمثل عبئا كبيرا للغاية عليه، ونحن الآن فى مخاطر كبيرة من العودة لطريق الاستبداد مرة أخرى، لأن هناك دعوات كثيرة لإلغاء الأحزاب وتقييد الحريات، ظنًا منهم أن الأحزاب هى السبب فيما حدث فى مصر، وهناك البعض يقول إن هذا الشعب لا تصلح له الحرية والديمقراطية، وأنه لا يُحكم إلا بالقوة والحديد والنار، وهذه الأصوات تعالت وتعلو كلما مر خطر بالبلاد.
ماذا عن تعديل الدستور؟
ليس هناك أى ضرورة لتعديل الدستور، وليست هناك حاجة لقوانين كثيرة موجودة تقيد الحريات مثل قانون التظاهر، وبعض بنود قانون مكافحة الإرهاب، كما أن الحديث عن تعديل الدستور لتوسيع صلاحيات الرئيس لا توجد ضرورة تقتضيه، فالرئيس سيحصل على مجلس نواب موال له، فلماذا تعديل الدستور؟ وإن كان الأمر سيحتاج لتعديل دستورى، فربما يكون فى مرحلة قادمة، عندما يتم تأسيس الديمقراطية بشكل حقيقى.
ولكن هناك إرهاب، والدولة بحاجة للتفرغ للقضاء عليه؟
إن الحديث عن أن الدولة تحارب الإرهاب أمر حقيقى وفى غاية الخطورة، فعلى الدولة أن تحسم حربها ضد الإرهاب، وتستقر سريعًا، لأن هناك أشياء كثيرة نحن بحاجة إليها على رأسها الحفاظ على كرامة المصريين، خاصة فى أقسام الشرطة، وكذلك الاهتمام بالتعليم والصحة والمستوى المعيشى، وهذه هى المعركة الحقيقية لمجلس النواب القادم، وهى معركة طويلة.
هل تعتقد أن وعى الشعب المصرى تغير؟
عكس كل ما يقال، فإن الشعب المصرى منذ 2011 وحتى الآن أخذ طفرات فى وعيه وثقافته، ولن يتنازل عن حقوقه، ولن يكون هناك تراجع عنها، والرئيس طلب من الشعب سنتين، وبعد انتهاء العامين سيبدأ الشعب فى مطالبة الرئيس بالمطالب التى تم رفعها فى ثورتى يناير و30 يونيو، وعلى رأسها التعليم والصحة.
بعد انتشار الإدمان ما المطلوب من مجلس النواب لحل هذه الأزمة؟
مشكلة الإدمان استفحلت بشكل كبير، وعلى مجلس النواب إعادة صياغة القوانين المنظمة لمراكز علاج الإدمان، وضبط تجار المخدرات، فهناك أشياء كثيرة نحتاج إليها لتصحيح المسار فى مسألة علاج الإدمان.
وماذا عن لجان البرلمان القادم؟
اللجان يجب أن يكون بها تخصص، فلا يمكن أن يشارك أحد بلجنة بعيدة عن تخصصه، إلا إذا كان مرشحا حزبيا، لأنه حينها سيقدم مقترحات من متخصصين فى حزبه، وهذا سيدفع المجلس لتحقيق العديد من الأهداف بشكل صائب، ولا نسقط مجددًا فى فخ العوار الدستورى الذى أصاب المئات من القوانين، وهذا ما يميز الأحزاب عن المستقلين.
هل يستطيع المجلس القادم مواجهة الفساد فى الدولة؟
حينما تريد إصلاح الفساد الإدارى فى جهاز "ديناصورى" مثل الجهاز الإدارى المصرى، فلابد أن تمتلك قدرًا كبيرًا من الصبر، وطول النفس، وإصرارا على تحقيق ما طالب به الشعب المصرى.
كم من الوقت نحتاج؟
إن بدأنا خطة الإصلاح بعد انتخاب المجلس، فيمكن بعد سنة أن نبدأ فى جنى الثمار، ولكن ستكون هناك أهداف قصيرة ومتوسطة وبعيدة المدى، وعلى الجميع أن يعلم أن الدول التى حققت قفزات اجتماعية واقتصادية حققت قفزات سياسية فى البداية، فبدون وجود آلية لحساب الوزراء وموظفى الدولة، وأعضاء المجلس المحلى، وهذه هى الحياة التى يشارك فيها الشعب- بدون ذلك لن تستطيع أن تحقق أية إصلاحات اقتصادية فى هذا العالم الذى نعيشه.