كارثة.. ألبان المصريين ملوثة بالأفلاتوكسين المسرطن
تُعد الألبان من الأغذية المتكاملة والهامة للصحة حيث يحوي كافة العناصر الغذائية ذات الطبيعة الخاصة مثل البروتينات والدهون والكربوهيدرات والكالسيوم والكثير من العناصر والمركبات الهامة للجسم، فجميع الفئات العمرية تستهلكها بكميات كبيرة يوميا، ولكن منتجات الألبان هي دائما في خطر التعرض للتلوث بـ"الأفلاتوكسين".
وتتلوث الألبان بتلك السموم نتيجة تغذية الماشية على أعلاف ملوثة والتي تتحول في جسم الماشية إلى الأفلاتوكسين 1M، ووجود ملوثات مثل الأفلاتوكسين في منتجات الألبان يشكل خطرًا على صحة الإنسان خاصة الأطفال والرضع الذين هم أكثر حساسية للآثار الجانبية الناتجة من التلوث أكثر من البالغين، مما يستلزم رقابه أكثر صرامة علي هذا المنتج، وبسبب هذه المخاطر الصحية الخطيرة التي قد تترافق مع التعرض للأفلاتوكسين M1.
ولرصد الأفلاتوكسين M1 في بعض منتجات الألبان في السوق، أجري المركز الإقليمي للأغذية والأعلاف التابع لمركز البحوث الزراعية و معهد الدراسات العليا والبحوث بجامعة الإسكندرية، بمعرفة الدكتور محمود السداني الباحث بالمركز ، حيث قام بتحليل بعض من عينات الألبان ومنتجاته، وتقييم مستويات الأفلاتوكسين M1 فيها، كما أجري تجارب للحد من المخاطر والقضاء على التلوث واستخلاص توصية للاستهلاك الصحي تفيد المستهلك المصري.
في البداية قال الدكتور محمود لـ"الدستور" إنه تم تحليل 210 عينه من نوعيات مختلفة من الألبان تنوعت بين "الخام، المبستر ، المعقم (UHT) ، المركز ، لبن الرضع ، اللبن المجفف، اللبن الرائب، الزبادي" بالإضافة إلي بعض أنواع الجبن مثل "القريش ، الأبيض الدمياطي الطري، الجاف، المطبوخ"، لافتًا إلي أنه تم تحليل بعض المثلجات المنتجة من الألبان مثل "الآيس كريم بجانب اللبنة والزبدة ومصل اللبن "الشرش".
وأشار إلي أنه تم تجميع العينات الأكثر استهلاكا وعشوائياً من الأسواق ومحلات السوبر ماركت في مدينة الإسكندرية خلال الفترة "2012 – 2013" وأظهرت نتائج الدراسة إن جميع العينات الايجابية لم تتجاوز الحدود المصرية المسموح بها لتلوث الألبان ومنتجاتها بالأفلاتوكسين M1 .
وللتوصل إلي معرفة مدي تأثير تصنيع الألبان علي محتوي اللبن من الافلاتوكسين M1 قام الباحث بتصنيع الجبن الأبيض الطري بالطريقة التقليدية باستخدام لبن خام تم تلويثه، وبقياس نسبة التلوث بعينات الجبن أظهرت النتائج إن تركيز الافلاتوكسين M1 في الجبن ازداد بمقدار 1.77 ضعف تركيزه في اللبن الملوث المصنوع منه الجبن، وانخفض تركيز التلوث في مصل اللبن (الشرش) الي 0.44 اى نصف تركيزه في اللبن الملوث المصنوع منه الجبن ويعتبر الشرش هو الناتج الثانوي لعملية تصنيع الجبن.
وعند تصنيع الجبن الجاف كانت نسبة الافلاتوكسين M1 بعينات الجبن تزداد بمقدار 2.4 ضعف تركيزه فى اللبن الملوث المصنوع منه الجبن، وقد ترجع هذه النتائج إلي ارتباط الافلاتوكسين 1M مع (الكازين) اي بروتين اللبن (الافلاتوكسين 1M قابل للذوبان بشكل رئيسي في المرحلة المائية من اللبن أو الادمصاص على سطح جزيئات الكازين ).
وعلي النقيض عند تصنيع الزبادى البلدي وباستخدام لبن خام تم تلويثه بالافلاتوكسين M1 وبنسب معلومة، حيث تم قياس نسبته بعينات الزبادي بعد التصنيع مباشرة، بعد اليوم الأول ، الثاني والثالث ولوحظ أن تركيز التلوث انخفض بنسبة تتزايد لتصل إلي 30٪ في اليوم الثالث، أي حوالي ثلث تركيزه في اللبن الملوث المصنوع منه الزبادى وهذا الانخفاض قد يرجع إلى عدة عوامل مثل انخفاض الرقم الهيدروجيني، وتشكيل الأحماض العضوية أو التخمير وغيرها من العوامل.
وفي محاولة لاستخدام طرق حديثة وآمنة لإزالة سمية الافلاتوكسينM1 من الألبان ومنتجاتها تم معالجة الألبان الخالية والألبان التي تم تلويثها بالسموم بكل من "غاز الأوزون O3"" بالإضافة إلي استخدام أشعة جاما " γ " علي لبن خالي من الافلاتوكسينM1 وأيضا باستخدام ألبان تم تلويثها بتلك السموم.
وأظهرت النتائج انخفاض تركيز الأفلاتوكسين M1 في اللبن الذي تم تلويثه بنسبة تصل الي 100%، وباختبار تأثير المعاملات السابقة على خصائص اللبن وقيمته الغذائية والتي تتضمن "السعرات الحرارية، الدهون، البروتين، الكربوهيدرات، الكالسيوم، الفوسفور، الفيتامينات B1 و الفيتامينات B2 " إن غاز الأوزون أدى إلى تخثر بروتين اللبن وتغيير رائحته، وهو مايعد دليلاً على تغيير خواصه الفيزيائية للبن وكذلك قيمته الغذائية.
أما العينات التي تم تعريضها لأشعة جاما لم تتأثر الخواص الفيزيائية للبن بها وكذلك قيمته الغذائية ، وشدد الدكتور محمود السداني علي إن نتائج هذه المعاملات تم إجرائها معمليا إلا أنه قبل بدء تطبيقها عمليا يجب التحقق منها باستخدام التجارب البيولوجية لنعلم إمكانية استخدام هذه المعاملات أم لا والتحقق إن كانت سامة أم لا وتأثيرها على صحة الإنسان وذلك من خلال دراسات مستقبلية.
ولضمان السلامة الصحية في استهلاك الألبان ومنتجاتها أوصى بتجنب الأعلاف الملوثة بالأفلاتوكسين B1 التي تتغذى عليها الماشية والتي تتحول في أجسادها إلي الأفلاتوكسين 1M ، وهو السبيل العملي الوحيد لضمان سلامة الألبان للاستهلاك البشري، وهو ما يؤكد أهمية الكشف عن السموم الفطرية في أعلاف الحيوانات قبل تغذيتها عليها.
كما طالب الدولة بضرورة الاعتماد على المزارع الكبرى في إنتاج الألبان من مزارع كبيرة نسبيا وليس من خلال صغار المربين للماشية وذلك لسهولة التحكم في جودة الأعلاف بالإضافة إلي الرقابة المفروضة علي المزارع الكبرى الأمر الذي يساهم في إنتاج ألبان نظيفة وخالية من اي سموم.
وطالب بضرورة شراء اللبن ومنتجاته من خلال مصادر مضمونة لتجنب التلوث بالافلاتوكسين 1M ، وذلك من خلال تناول الألبان المعلبة والمصنعة في مصانع كبرى وخاضعة لرقابة من أجهزة الدولة، مع أهمية الابتعاد عن شراء منتجات مجهولة المصدر "مصانع بئر السلم" والتي لا يوجد عليها أي رقابة.