العقيد حاتم صابر.. خبير مكافحة الإرهاب الدولى.. فى حوار لـ«النهار»: مصر أخرست «داعش ليبيا».. وأمريكا لا تريد التخلص منهم فى الشام
استطاعت القوات المسلحة أن تحكم قبضتها على شبه جزيرة سيناء، وتم حصار الجماعات التكفيرية، التى لم تعد قادرة على التحرك أو القيام بعمليات إرهابية، لكن لا تزال حدودنا الغربية مع ليبيا تمثل تهديدًا من الجماعات المتطرفة الموجود بليبيا، وداعش يتحرك بحرية فى سوريا والعراق، وقد أعلن الرئيس السيسى فى زيارته لروسيا عن إنشاء جبهة إقليمية بمشاركة سوريا، وفى ظل الوضع الخطر فى المنطقة العربية تستطيع مصر أن تتحرك اقتصاديًا، وتتقدم وتحقق إنجازًا وراء إنجازٍ، فما هو تقييم الوضع الآن وهل تم القضاء على الإرهاب فى سيناء بشكل كامل؟ «النهار» قابلت القائد المجهول، العقيد حاتم صابر، القائد السابق بفرقة 777، بالصاعقة المصرية، وخبير مكافحة الإرهاب الدولى، وفتحنا حوارًا معه حول مواجهة مصر للإرهاب، والموقف العربى الشائك الآن، وما استطاعت مصر فعله منذ 30 يونيو 2013 حتى اليوم.. وإلى نص الحوار..
كيف تقيم الوضع فى سيناء الآن؟
لقد تغير الوضع بشكل كبير الآن، واستطاعت القوات المسلحة أن توقف الدعم القادم للجماعات المتطرفة، ولم نعد نرى العمليات التى كانت تقوم بها جماعة «ولاية سيناء»، وذلك لأن الجيش تمكن من إيقاف إمداد هذه الجماعات بالمواد المتفجرة خاصةً مادة الـ»C4» والتى كان يستخدمها الإرهابيون بشكل أساسى.
من أين كانت تأتى هذه المادة؟ وكيف كان يتم تهريبها لسيناء؟
هذه المادة شديدة الانفجار، والكمية الصغيرة منها تحدث انفجارًا يعادل أضعافها من مادة TNT، لذلك اعتمد الإرهابيون عليها، وهذه المادة تُصنع بشكل أساسى فى الولايات المتحدة وإسرائيل، وكان يتم إدخالها عن طريق الأنفاق، وبعد السيطرة بشكل كامل على الأنفاق أصبح من المستحيل للإرهابيين التمكن من تهريب هذه المادة، وأصبحت الحدود مؤمنة بدرجة مائة بالمائة.
يربط الكثيرون بين فتح المعبر والعمليات الإرهابية.. فهل هناك رابط؟
بالفعل هناك رابط بين فتح المعبر ووقوع عمليات إرهابية، ولكن المتفجرات لا يمكن بأى شكلٍ من الأشكال أن تدخل عن طريق المعبر، فهى يتم تهريبها عن أى طريقٍ آخر، وبمجرد فتح المعبر، يدخل المتخصص فى تصنيع القنبلة أو العبوة الناسفة، ويكون ذلك مرتبًا بشكل مسبق.
كيف لا يمكن لأجهزة المعلومات رصد هذا الخبير وإلقاء القبض عليه؟
حينما تقوم مصر بفتح المعبر، فهى تسمح للإخوة الفلسطينيين بالدخول، إما لقضاء حاجاتهم الهامة، من العلاج أو الدراسة أو السفر، وهنا لا يمكن الشك فى كل من يتقدم للدخول عبر المعبر، وحماس تدفع بخبراء غير مرصودين من قبل أجهزة المعلومات، فحينما يتقدم لك شخص يطلب الدخول، وكل أوراقه مستوفاة وليست لديك معلومات عنه، فإنك لا يمكنك منعه من الدخول، وهذا ليس خللاً من أجهزة المعلومات، ولكن هو إحدى حلقات جريمة الإرهاب، ولذلك نقول إنه لا يمكن القضاء 100% على الإرهاب لكن يمكن السيطرة عليه كما حدث الآن.
هل هناك تهديدات للمجرى الملاحى لقناة السويس؟
هناك تهديدات فعلية للمجرى الملاحى لقناة السويس، وهذه التهديدات ستستمر لفترة ليست قصيرة، ولكن السؤال هو: كيف نتعامل مع هذه التهديدات؟ وهو ما تعيه جيدًا القوات المسلحة، لذلك فهى تقوم بتأمين المجرى الملاحى وفق خطة مدروسة بشكل دقيق للغاية، سواء عن طريق الدوريات الموجودة بطول المجرى الملاحى أو بطائرات الأباتشى، لذلك لم نر أية جماعة استطاعت مجرد الاقتراب من المجرى الملاحى، ولن يستطيع أحد الاقتراب من قناة السويس.
هل لا تزال هناك قائمة اغتيالات تسعى جماعة الإخوان لتنفيذها؟
بعد أن أحكم الأمن قبضته على رءوس الجماعات الإرهابية، أصبحت التنظيمات الموجودة على الأرض بلا ظهير، وصارت ضعيفة، لذلك هى تبحث عن إثبات أنها موجودة، وهذا ما تحاول عمله عن طريق استهداف بعض ضباط الشرطة أو الشخصيات العامة، وهذا لن ينتهى قريبًا.
كيف يمكن قراءة هذه الاغتيالات ضمن أجندة الإرهاب؟
كل هذا يندرج تحت مسمى حروب الجيل الخامس، ومن ذلك الاغتيالات، وهنا الاغتيالات ليست فقط القتل، فهناك اغتيالات معنوية، ومن مظاهر حروب الجيل الخامس أيضًا استخدام واستبدال الشعارات، بمعنى أنه يستغل ظهور أية أزمة كى يقوم بركوبها لتأجيج النفوس على الدولة، وهو ما رأيناه جليًا فى الطالبة «مريم» الشهيرة بصفر الثانوية العامة، فقد تكون مظلومة وربما يكون هناك خلل فى وزارة التربية والتعليم، لكن أن يخرج الأمر إلى مجموعة كبيرة من الشعارات، كالظلم والقهر، فهو خروج عن المألوف، وكذلك إبعاد الأمر عن سياقه، كل ذلك يحدث لإعادة سيناريو الفوضى مرة أخرى.
ماذا عن فترة الانتخابات؟
لن تتمكن جماعة الإخوان الإرهابية أو الجماعات المتطرفة من القيام بأية أعمال إرهابية، ولكنها بالتأكيد ستحاول استهداف مقار اللجان، وقد تحاول مهاجمة بعض مؤتمرات المرشحين، وسوف تلجأ لتأجيج مشاعر بعض الشباب المغيبين، لكن الأكيد أن الانتخابات ستمر بأمان ولن يحدث ما يعكر صفوها.
ماذا عن صفقات السلاح الأخيرة والتنويع فى التسليح الذى لجأت إليه مصر؟
كان ينبغى لمصر أن تتوجه لتنويع التسليح، وهذا ليس جديدًا، فقد امتلكنا فى عصر مبارك العديد من الصواريخ الصينية، وكذلك بعض الأسلحة الروسية، ولكن الرئيس السيسى الآن يعى دورس التاريخ جيدًا، ففى حرب 1973 كانت إسرائيل متفوقة بالطائرة الفانتوم، ومصر لم تكن تمتلك سوى الطائرات الميج، واضطر الطيران المصرى لأن يخضع لتدريبات عديدة كى يمكنه التفوق بالمهارة البشرية على التكنولوجيا العسكرية، لذلك كانت مصر تأخذ طائراتها من الولايات المتحدة، وبدأت الأخيرة فى مساومة مصر على طائرات الـF16، ومن ثم لجأت مصر إلى شراء الرافال الفرنسية، كى تتمكن من إحداث تطور نوعى.
هل يمكن للرافال التفوق على الـF16؟
الرافال تم شراؤها للقيام بعمليات أخرى، أما الطائرة التى ستتفوق على الـF16، فهى الطائرة الروسية ميج 35، وهى التى ستمتلكها مصر قريبًا.
هناك تقرير روسى بأن مصر ستشترى قريبًا الهليكوبتر الروسية المهاجمة K52؟
بالفعل مصر قد تشترى هذه الطائرة قريبا، وهى ملقبة بالتمساح الروسى، وهى طائرة أفضل من الأباتشى، وهذا بغرض ألا نكون تحت رحمة الولايات المتحدة، فالتنويع فى التسليح سيعطى للقوات المسلحة المصرية الفرصة فى القضاء على الإرهاب.
المحللون الإسرائيليون يقولون إن مصر تتسلح لضربها؟
إسرائيل لا تريد لمصر أن تحصل على أى تفوق عسكرى، وكل خطوة تتخذها مصر للأمام تصيب إسرائيل بالقلق البالغ، وهذا ما يفسر قلقها بعد ثورة 30 يونيو.
كيف ترى موقف داعش الآن فى العراق؟
داعش الآن فى العراق لا يزال على نفس نهجه هناك، فهو يتوسع فى الأرض ويقوم بضم ولايات جديدة له كل يوم، تحت مسمى محاربة الشيعة، ولن تتخذ الولايات المتحدة ضده أى إجراء، حتى وإن تظاهرت أنها تقوم بمقاومته ومحاربته، ولكن غير مسموح له بالاقتراب من أربيل، فهى خط أحمر لتنظيم الدولة ممنوع الاقتراب منه، فهى أكبر مركز للنفط وكذلك بها جميع الأنشطة التجارية.
هل يمكن أن يعترف العالم بداعش كدولة؟
داعش بالفعل أعلن أنه دولة، ولكن هذا لا يعدو إلا أن يكون مجرد أوهام يعيش فيها التنظيم، ولا يمكن أن يعترف أحد به على المستوى الدولى، لأنه فى حال اعتراف أية دولة من الاتحاد الأوربى به أو الولايات المتحدة، فهذا يعني أنهم يفضحون أنفسهم بأنها دول داعمة للإرهاب، خاصةً بعد الجرائم البشعة التى ارتكبها التنظيم منذ بداية صعوده.
ما الدليل على أن الولايات المتحدة لا تريد القضاء على داعش؟
الدليل هو ما قامت به مصر فى ليبيا، فعندما قامت داعش ليبيا بمهاجمة مصر، قمنا بالرد الفورى عليه، ووجهت القوات المسلحة ضربة جوية أصابت أهدافه بدقة، ومنذ ذلك الوقت لم يقترب داعش ليبيا من الحدود المصرية، لأنه علم الفاتورة التى سيدفعها حال اقترابه، فلو كانت الولايات المتحدة تريد القضاء على داعش لفعلت ذلك وأكثر.
هل الجبهة التى أعلن عنها الرئيس السيسى والرئيس الروسى بوتين يمكن أن تتدخل عسكريًا ضد داعش؟
مصر لن تتدخل ضد داعش فى سوريا والعراق، ولكن مصر قد تتدخل عسكريًا فى ليبيا وسيكون تحت مظلة جامعة الدول العربية، أما التدخل ضد داعش فقد يحدث بعد تشكيل القوة العربية المشتركة.
هل ستتشكل القوة العربية المشتركة.. وهل بالفعل سنراها واقعًا؟
يجب تشكيل القوة العربية المشتركة، فهذا لم يعد خيارًا، حتى وإن عارضت بعض الدول كقطر هذه القوة، فلا يوجد فى كل الدول العربية جيش مثل الجيش المصرى، فليس هناك جيش يمتلك تسليح الجيش المصرى، أو عقيدة القتال المصرية، لذلك فالقوة العربية المشتركة هى المظلة الوحيدة التى تستطيع أن تجمع العرب تحت قيادة واحدة، وعقيدة قتالية واحدة، تتمكن من إعطاء الجيوش العربية نقلة نوعية، تستطيع من خلالها مواجهة الخطر الذى يحيط بالوطن العربى.
ماذا عن التدخل البرى السعودى فى اليمن؟
الجغرافيا والتضاريس اليمنية هى امتداد للأراضى السعودية، لذلك فالأمر ليس عسيرًا على القوات السعودية، التى لم تتدخل إلا بعد أن وفرت لها الضربات الجوية مساحة كبيرة من الأمان، كما أنها لا تزال توفر للقوات البرية مظلة حماية، كما أن الحوثيين تم حصارهم بشكل كبير، وتم قطع الدعم الإيرانى عنهم، وهذا ما دفع السعودية للتدخل بريًا.
هل الاتفاق الإيرانى الأمريكى هو الدافع لرفع إيران دعمها عن الحوثيين؟
بالتأكيد هذا جزء، فالاتفاق كان به بند خاص برفع طهران يدها عن اليمن، والسبب الآخر هو تمكن السعودية من توجيه ضربات موجعة للحوثيين، ولأى دعم إيرانى باليمن، فلم تجد إيران بدا من الانسحاب من المشهد، فقد تمكنت السعودية من إصابة معظم معاقل الحوثيين، كما قامت بضرب منزل على عبدالله صالح.
هل ستتوغل السعودية بريًا داخل اليمن؟
التوغل داخل اليمن له عدة حسابات، الأول هو مدى إمكانية فرض الأمن فى الجزء الذى تمت السيطرة عليه، ومدى قدرة الجيش اليمنى الموالى لهادى على السيطرة على مناطق الجنوب والشمال، ففى حالة تمكن الجيش اليمنى من فرض سيطرته يمكن أن يقتصر الموقف السعودى على توجيه الدعم فقط.
ماذا عن الموقف فى ليبيا؟
الموقف فى ليبيا معقد للغاية، فقد تم تنفيذ مخطط الفوضى بإحكام، والوضع الحالى تحافظ عليه الدول الغربية، من أجل الوصول لنقطة التقسيم، فهم يريدون أن تتفتت ليبيا إلى مجموعة من الأقاليم والدويلات، وهذا سيكون السيناريو الوحيد لإنهاء الأزمة الليبية، لأن وجود مجموعات مختلفة من الجماعات المتصارعة سيؤدى فى النهاية لوضع حد واحد لهذا الصراع بإعطاء إقليم لكل جماعة، وهو ما سيؤدى فى النهاية للتقسيم.
ماذا عن الحدود المصرية مع ليبيا؟ وهل لا تزال هناك تهديدات؟
الآن نستطيع القول إن حدودنا الغربية مؤمنة بشكل كامل، ولا يمكن لأى شخصٍ أن يخترقها، فقد استطاعت القوات المسلحة أن تحكم قبضتها بشكل كامل على الحدود، من خلال قوات حرس الحدود، وكذلك القوات الجوية.
هل من الممكن أن نرى تدخلاً عسكريًا دوليًا فى ليبيا؟
بالتأكيد سيحدث تدخل عسكرى فى ليبيا وسيكون قريبًا، لأن حلف الناتو حينما تدخل لإزاحة القذافى لم يقم بفرض أمن أو أى استقرار، لذلك وجّه المجتمع الدولى اللوم له، وعليه الآن أن يتدخل، لكنه سيتدخل لفرض خطة التقسيم، ولكن هناك توقيت هو يحدده للتدخل، وهو بعد أن يصل الصراع للدرجة القصوى، وهذا ما يريده، لأنه بدون وصول حدة الصراع للنقطة القصوى، فلن يحقق أهدافه فى تقسيم ليبيا.
من برأيك أولى الدول التيى قد تتدخل عسكريًا فى ليبيا؟
إيطاليا وفرنسا ستكونان من أوليات الدول المشاركة فى أى تحرك حقيقى داخل ليبيا، وذلك لأن لهما مصالح كبيرة داخل ليبيا، وهما الوحيدتان بعد مصر اللتان تريدان عودة الاستقرار لليبيا.
هل من الممكن أن نرى تدخلاً عسكريًا عربيًا فى ليبيا؟
من الممكن حال إنشاء القوة العربية المشتركة أن نرى أول مشاركتها فى ليبيا، وأعتقد أن التدخل العربى فى ليبيا أمرٌ ضرورى للغاية، حتى يمكن للعرب أن يلحقوا ما تبقى منها، قبل أن تنتهى تمامًا، وتنشأ دويلات صغيرة متصارعة، وحينها يستحيل وضع حل لأية أزمة بداخل ليبيا.
هل من الممكن أن نرى تدخلاً مصريًا منفردًا؟
التدخل المصرى العسكرى فى ليبيا سيكون على محورين: الأول كما حدث بتوجيه ضربة جوية لبعض معاقل ومعسكرات الجماعات المتطرفة، وهو فى إطار القانون الدولى، والمحور الآخر سيكون تحت مظلة الجامعة العربية، أو من خلال القوة العربية المشتركة، وحينها لن يكون تدخلاً منفردًا، أم أن تتدخل مصر عسكريًا منفردة فهو أمر غير وارد على الإطلاق، لأن مصر لا تحارب بالوكالة، وإنما تتحرك فى إطار دولى عربى واضح، ولها أهداف معلنة وواضحة، وتتدخل إما لحماية نفسها أو إعادة استقرار الدول العربية.