النهار
الثلاثاء 24 ديسمبر 2024 03:22 صـ 23 جمادى آخر 1446 هـ
جريدة النهار المصرية رئيس مجلس الإدارة ورئيس التحريرأسامة شرشر

حوارات

كامل الوزير.. جندى القناة المجهول

 للإنجاز رجال.. رجال لا تظهر معادنهم الأصيلة إلا في المواقف الصعبة وأوقات الشدة.. فعند التعرض للضغط ينقسم البشر إلى نوعين، نوع تقصم تلك الضغوط ظهره، وتفقده توازنه، ونوع تظهر المسئولية صلابة معدنه، وقوة شخصيته، ونجاحه الإدارى وقدرته على الإنجاز..
وأبرز نموذج على هذا النوع الثاني في وقتنا الحاضر، هو اللواء كامل الوزير، رئيس أركان الهيئة الهندسية بالقوات المسلحة، ذلك الجندى المجهول والذي يقف خلف إنجاز إتمام حفر قناة السويس الجديدة وتجهيزها للعمل في عام واحد، وهو الأمر الذي اعتبرته كثير من الشركات العالمية والجهات المختصة أمرا مستحيلا، إلا أن الوزير كان له رأي آخر، وهو أن المستحيل طوع بنان القوات المسلحة المصرية، وأن إنجاز المهمة- أيَّ مهمة- أمر يتعلق بعزيمة الرجال أكثر مما يتعلق بالآلات والماكينات، وأنه طالما توفرت الهمة والعزيمة فإن أي مهمة مستحيلة تصبح ممكنة.
إن أهم ما يتصف به اللواء كامل الوزير هو ابتعاده التام عن الشو الإعلامي، وتركيزه في العمل لإتمام المهمة المنوطة به، وبينما كانت الفضائيات تعج يوميا بهؤلاء الذين يدَّعون صلة ما بإتمام المشروع كان الوزير هناك في الموقع، يتابع بنفسه يوما بيوم ما تم إنجازه، ويخطط لما تبقى.. يوفر للعمال راحتهم وأمنهم وللمهندسين ما يحتاجون من آلات وأدوات لإتمام العمل على أكمل وجه، وهذا هو دور القائد الحقيقي الذي يتقدم جنوده ويسهر على راحتهم، ليقدم لنا بهذا العمل نفحات من حرب أكتوبر المجيدة، وليعيد لنا أمجاد المصريين، وليكشف للعالم كله معدن المصريين وقدرتهم على الإنجاز، طالما كانت هناك إرادة سياسية ودعم شعبي.
وعد فأوفى
«مش عاوزك تسيب المكان هنا إلا لمّا المشروع ده يخلص فى سنة واحدة مش 3 سنين».. كان هذا أهم التكليفات التى تلقاها طيلة حياته العسكرية، ولم يرد سوى بجملة واحدة «عُلم وينفذ يا فندم».. وخلال 365  يوما بالتمام والكمال قضاها بين اللوادر والكراكات والعمال.. عام كامل مر لم يشعر أحد به، بينما كان عاما ثقيلا على الوزير الذى كان يصل الليل بالنهار ويسابق الزمن كى يفى بالوعد، حمل الرجل فوق كتفه مسئولية تحقيق أحلام الشعب المصري، فكانت القناة الجديدة بالنسبة له مسألة حياة أو موت.  
ولأنه رجل المهام المستحيلة استطاع رئيس أركان الهيئة الهندسية اللواء كامل الوزير أن ينجز المهمة المنوطة به بالتمام، واكتمل المشروع برفع أكثر من نصف مليار متر مكعب من الرمال فى مشهد مستمر يشبه خلية النحل، فبدأت مرحلة الحفر الجاف بالمشروع فى 7 أغسطس 2014، وشارك فيها 44 ألف عامل مصري، بمصاحبة 4500 معدة، وتمت إضافة كتيبتين من القوات المسلحة لإزالة الألغام ومخلفات الحرب، بالإضافة إلى كتيبتى طرق للمساعدة فى عمليات الحفر. واستطاعوا إنهاء الحفر الجاف بنسبة 100% خلال 9 أشهر فقط، عن طريق استخراج نحو 250 مليون متر مكعب من الرمال، وتلاها بدء أعمال تكسيات وتدبيش الأجناب بطول 100 كيلو متر لضبط أجناب القناة الجديدة.
ولم تكد مرحلة الحفر الجاف تكتمل حتى بدأت مرحلة الحفر المائى- التكريك، للوصول إلى العمق المطلوب، وشارك فى هذه المرحلة 2000 عامل من هيئة قناة السويس، 3000 عامل من تحالف التحدي، 750 عاملا من تحالف الأمل، وذلك بمشاركة 45 كراكة، وانتهت أعمال التكريك المائى برفع 258.8 مليون متر مكعب من الرمال المشبعة بالمياه.

مشوار الألف ميل

قال اللواء كامل الوزير، رئيس أركان الهيئة الهندسية للقوات المسلحة، إن الهيئة بدأت في الألف خطوة التي أعلن الرئيس عبدالفتاح السيسي عنها خلال حفل افتتاح قناة السويس الجديدة.
وأوضح «الوزير» أن الهيئة تعمل حاليا على تطوير ميناء العين السخنة، ومدينة الجلالة، ومنتجع الجلالة السياحي، بالإضافة إلى التخطيط للعاصمة الإدارية الجديدة، ومساكن الضبعة، ومدينة رفح الجديدة.
وأكد أن مشروع العاصمة الإدارية الجديدة سيتم تنفيذه بتخطيط وأياد مصرية، موضحًا أن تمويل المشروع سيكون عن طريق بيع بعض المباني الداخلية به، و«سنبدأ في مشروع العاصمة الإدارية بما هو متاح لنا الآن وسنترك تمويل الباقي لما بعد».
في سياق آخر، أكد رئيس أركان الهيئة الهندسية للقوات المسلحة أنه كان على يقين من إتمام مشروع قناة السويس الجديدة خلال عام كما أمر الرئيس، متابعا «تعلمت من القوات المسلحة أن أنفذ الأوامر حتى لو كانت خطرة». وكشف “الوزير” أن المشروعات التي تم تكليف الهيئة الهندسية للعمل بها تحتاج إلى عمالة مدربة ومهارة من كل التخصصات، موضحا أن مدينة الإسماعيلية الجديدة يعمل بها 126 شركة حالية، ونحتاج إلى من 200 إلى 250 شركة لتنفيذ المدينة، مؤكدا أن الباب مفتوح لكل من يرغب في العمل بشرط الجدية في العمل والكفاءة.
وردا على سؤال حول قيام القوات المسلحة بتسليم المشروعات في الموعد المتفق على تنفيذه، قال “الوزير”: إن القوات المسلحة تعمل وفق خطط مدروسة وعملية، ولا تؤخر أي مستحقات على الشركات التي تعمل معها في تنفيذ هذه المشروعات، فضلا عن أنهم يعملون على مدى 24 ساعة يوميا.

 

تكريم واجب

طالبت الحملة الشعبية لتنمية مصر والمجلس القومى لشئون القبائل المصرية، بتكريم الفريق مهاب مميش، رئيس هيئة قناة السويس، واللواء كامل الوزير، رئيس أركان الهيئة الهندسية للقوات المسلحة، المشرف العام على مشروع قناة السويس الجديدة، ذلك لجهودهما فى إتمام المشروع فى المدة التى حددها الرئيس والتى بلغت عاما واحدا فقط، مما جعل المشروع يدخل موسوعة جينيس للأرقام القياسية كأسرع مشروع حفر مائى فى العالم.
قال سليمان الحوت، مؤسس الحملة الشعبية لتنمية مصر، إن اللواء كامل الوزير كان يواصل الليل بالنهار ويعمل طوال 24 ساعة، مما يعطيه لقب رجل المشروع مع وسام التقدير من الدرجة الأولى، إضافة إلى خلقه الكريم وجديته فى العمل وحسن إدارته للمشروع الذى كان يعمل به أكثر من 43 ألف عامل و70% من معدات الحفر فى العالم.

 

«مهندس بدرجة مقاتل»

«الوزير»، الذى يحلو للبعض أن يصفه بأنه «مهندس بدرجة مقاتل»، تخرج فى الكلية الفنية العسكرية الدفعة ١٧ فى الأول من يوليو عام ١٩٨٠، وتخصص فى الإنشاءات وتدرج فى العمل داخل الهيئة الهندسية والتحق بجميع الوظائف القيادية فى سلاح المهندسين بالقوات المسلحة إلى أن وصل إلى مدير سلاح المهندسين، واستمر فى العمل به ٣ سنوات حتى تم تكليفه برئاسة أركان الهيئة الهندسية للقوات المسلحة.
اتخذ «الوزير» من منطقة الحفر بيتاً له، عاش فيها وسط العمال كما اعتاد فى كل المشروعات التى شارك فيها خلال خدمته بالقوات المسلحة، أو أشرف عليها خلال قيادته لأركان الهيئة الهندسية، لم يفارق موقعه فى مكان الحفر، كجندى لم يترك جبهته حتى النصر، حاول تذليل كل العقبات التى وقفت أمام المشروع، فاستطاع إزالة الألغام التى كانت تقابل العمال خلال الحفر، وتوفير الأمان والحماية لآلاف العمال وسط تلك الصحراء.
 ويومياً كان يستقبل «الوزير» اتصالاً من عبدالفتاح السيسى ليطمئنه فيه على سير الأوضاع فى حفر القناة الجديدة.. كان اللواء كامل الوزير «بوصلة» الالتزام فى موقع الحفر، سواء الالتزام المالى تجاه العمال والمهندسين، أو الالتزام فى التسليم والتسلم، والإشراف العام على عمليات الحفر، وتوفير كل سبل العمل دون هوادة ودون خوف فى ظل العمل فى صحراء سيناء على بعد خطوات من الحرب على الإرهاب.