سعيد اللاوندي في حوار خاص لـ”النهار”: مصر وإيران لا يمكن أن يكونا صديقين
أشار سعيد اللاوندي خبير العلاقات السياسية والدولية بالأهرام في حوارمع النهار, إلي أن الأوضاع الخارجية المصرية تشهد اتزانا غير مشهود مسبقاً, وأن مصر استطاعت أن تستعيد هيبتها في الفترة القصيرة الماضية, مؤكدا أن علاقتنا مع إيران من الممكن أن توثر على علاقتنا بالسعودية ...
وإلي نص الحوار ..
* كيف تري الأوضاع السياسية في مصر ؟
الوضع السياسي في مصر مريح إلي حد كبير جدا, بالنسبة للغالبية العظمي, لأن أي عمل سياسي كما قال أرسطو يجب أن يستهدف في النهاية المواطن العادي, وإذا طبقنا هذه النظرية وجدنا أن التحول الديمقراطي في مصر بدءا بالدستور ثم الانتخابات الرئاسية ثم انتخابات مجلس الشعب, التى نستعد لها الآن, ثم هناك مشروع قناة السويس الكبير الذي سيتم افتتاحه غدا, أعتقد أن كل هذه الأشياء هي إنجازات كبيرة, وهذا يمكن أن نطلق عليه القول “وعد الرئيس السيسي بذلك ثم أوفي”.
فالتطورات يلمسها المواطن المصري العادي, من خلال الطرق والكباري, واستصلاح مليون فدان, فكل هذه الأشياء كانت أضغاث أحلام, وكانت مجرد أفكار قبل أن تطبق علي أرض الواقع.. كل هذا بجانب استعادة مكانتنا الدولية, في إفريقيا بعد أن كان فيها عداء, فأصبحت شراكة وتعاونا, وعلاقتنا بالقارة الإفريقية والاتحاد الأوربي ممتازة جدا, والدور الإيجابي الذي قام به الرئيس في زيارة كل من فرنسا وإسبانيا وألمانيا, كل هذه الأشياء تؤكد بشكل أو بآخر أننا نسير علي الطريق السليم .
* كيف تري أوضاع الأحزاب في مصر؟
أعتقد أن الأحزاب كرتونية, لا يوجد إلا الحزب الوطني والانتكاسة الأخيرة قد قضت عليه, وحزب الوفد أيضاً مشاكله الداخلية، تثير الشكوك حول فعاليته، لكن الأحزاب الأخري أحزاب ورقية, أي أحزاب علي الورق فقط, فالمواطن المصري لا يشعر بها ولا بوجودها .
* في ظل هذا الوضع الكارتونى.. كيف لهم أن يخوضوا انتخابات البرلمان القادم؟
الواقع أن وجود مجلس نواب وإن كان ضعيفا أفضل بالتأكيد من عدم وجود مجلس نواب على الإطلاق، لأنه يعبر عن نظام ديمقراطي, فبرغم السلبيات التى حولنا يجب أن نسعي للحياة الديمقراطية, حتي لا يمتلك رئيس الجمهورية السلطة التنفيذية والسلطة التشريعة في آن واحد .
* ما رأيك فى القول بأن الدستور ظلم الرئيس بالصلاحيات التى منحها لمجلس النواب؟
**هذه وجهات نظر لابد من احترامها تماما, لكن ليس بالضرورة أن يأخذ رأيهم ثم ينفذ, فمن الممكن أن يكون رأيا استشاريا بشكل أو بآخر, لكن رئيس الجمهورية باعتبار أنه هو المسئول عن مصر, ومسئول عن السلطة التنفيذية, وأعتقد أنه مهما كانت السلبيات، فإن وجود مجلس النواب بهذه الصلاحيات يفيد الأوضاع في مصر.
* كيف ترى سعي الأحزاب اليسارية نحو تشكيل تحالف مشترك فيما بينها؟
**هذا أمر رائع, وموجودة في كل دول العالم, فالأحزاب اليسارية في فرنسا متحدة مع بعضها, وكذلك في أمريكا, وأيضاً الأحزاب اليسارية في روسيا وسوريا, ففكرة التحالف لا يمكن أن يكون أحد ضدها, لأن في النهاية الهدف هو وجود عمل سياسي من أجل تحسين الأوضاع في البلاد, باستخدام آليات الديمقراطية, وهذا ما ننشده في بلادنا .
* ما هي أهداف الثورة التى عجز النظام الحالي عن تنفيذها؟
**هناك أشياء كثيرة جدا, أهمها وأبرزها, العدالة الاجتماعية, فأين نحن من تحقيقها.. هي غائبة تماماً, فنجدهم كل فترة يتحدثون عن الحد الأدني والأقصى للأجور, ولا يحققوا سوى الحد الأدني فقط, بالرغم من أنها كانت أحد المطالب الأساسية للثورة “عيش, حرية, عدالة اجتماعية”.
كما أن هناك العديد من الفاسدين الذين مازالوا يمارسون فسادهم, لأن النظامين السابقين, نظام مبارك ونظام مرسي, هما نظامان فاسدان, فربيا الفساد داخل المؤسسات, فتغيير رئيس المؤسسة وحده لا يكفي, لأن الرئيس الصالح سيكون تحته أناس يرعون الفساد كما هم , وأعتقد أننا نفتقد أشياء كثيرة جدا, فمجلس النواب قد تأخر كثيرا, فهناك عوار في العمل الديمقراطي وفي المؤسسات المختلفة, وتكافؤ الفرص غير موجود, والدليل علي ذلك ما قاله وزير العدل السابق من أن “ابن الزبال ليس من حقه أن يدخل النيابة” وهو التصريح الذي أدي للإطاحة به, ورغم كل هذه الأمور إلا أنه علي قدر طموحنا توزن الأمور, فنحن نطمح إلي أن تكون هناك دولة مدنية ديمقراطية.
* ما الأخطاء التى وقع فيها السيسي منذ أن أصبح رئيسا للجمهورية؟
إنه لم ينفذ شعارات الثورة, ومنها العدالة الاجتماعية الغائبة تماما, والحرية التي لم يعد لدينا منها إلا القليل..
* ما تقييمك للأوضاع الأمنية في مصر؟
الوضع ينطبق عليه ما قاله الرئيس السيسي أن الإرهاب لا وطن له ولا دين, وهو آفة عالمية, لذلك يجب مكافحته مكافحة عالمية, والدليل علي ذلك ضرب فرنسا ثم تونس ثم الكويت ثم السعودية, فمعني ذلك أنه ظاهرة عالمية وليست حكراً علي مصر .
* ما الذي ميز داعش عن غيرها لتمثل خطورة بهذا الشكل؟
أمريكا هي التى صنعت داعش, كما فعلت مسبقاً بتنظيم القاعدة, فكل الجماعات الموجودة هي صناعات أمريكية, وغداً ستصنع أشياء أخري تحمل مسميات مختلفة, وأيا كان الأمر، فلم يحدث في التاريخ القديم أوالحديث أن هناك إرهابا هزم دولة, وأمريكا تقول إن هناك في سوريا, تحالف غربي لمواجهة داعش, وهذا أمر غريب، دول كبري تحارب فصيلا, ورغم ذلك فمرت 5 سنوات ونحن نحارب داعش في اليمن وفي مصر وفي ليبيا وفي مناطق أخري في العالم, ومعنى ذلك أن الدول الأوروبية والدول الغربية تريد أن يكون هناك بعبع لا بد أن نخاف منه, فهي تمول ذلك الإرهاب, وحتى وقت قريب كان أردوغان يدفع لداعش في سوريا ويمولها, وإذا كانت أمريكا حريصة على القضاء على الإرهاب كما تزعم، فعليها أن تقطع مصادر تمويلها، تنهى وجودها على الأرض.
* كيف تمول تركيا داعش وهي أحد متضرريها من العملية الأخيرة هناك؟
أعتقد أن تركيا هي زعيم التنظيم الدولي للإرهاب, والأمر الهام الذي يجب ذكره هنا أنها كانت تمول داعش سراً وأنها كانت تدربها سراً, لكن بعد الاتصال الهاتفي الذي حدث بين أوباما من ناحية وأردوغان من ناحية أخري تغيرت المعايير تماماً, وأصبح هناك وجهة نظر أن تركيا يجب أن تحارب داعش, وفقا للصفقة التى حدثت بينها وبين رئيس الولايات المتحدة الأمريكية, ولابد من القول بأننا نحن ضد داعش, لكن تركيا ليست كذلك, وإنما هي مجرد صفقة من خلالها لزم عليها محاربة داعش, فهي رأس حربة للولايات المتحدة الأمريكية, وتنفذ لها ما تريد .
* كيف تري الأوضاع الخارجية لمصر؟
مصر رفعت شعار السياسة المتوازنة مع الجميع, فعلاقتنا بموسكو لا تمنع علاقتنا بواشنطن, أوعلاقتنا ببكين, وأعتقد أن مصر نجحت في أن توازن علاقاتها بين الدول.. لكن الأمر المهم أنها اخترقت الاتحاد الأوروبي, وعندما زار الرئيس فرنسا, حدث بيننا وبينها تحالف عسكري, وزياراته المختلفة لأوروبا, إيطاليا, الفاتيكان, إسبانيا, ألمانيا, والزيارة التى تأتى قريبا إلي الولايات المتحدة الأمريكية، كل هذا يعكس أن هناك رغبة حقيقية في أن تكون مصر, علي تواصل دائم مع جميع دول العالم, المعترف بها في الأمم المتحدة أي 200 دولة في العالم, وأن الفترة القادمة ستشهد توثيقا في العلاقات الأوروبية المصرية, وخاصة العلاقات الأمنية.
* وماذا عن العلاقات المصرية الإيرانية ؟
علاقاتنا بإيران ستخضع لعوامل كثيرة جدا, لأنها ستؤثر علي علاقتنا بالسعودية حتما, ولكن الغرب تمكن من إصلاح علاقاته بإيران بعد مفاوضات 12 عاماً, فكيف يتصالح الغرب مع إيران, ونحن نعاديها, لذلك أعتقد أن مصر في المرحله القادمة, ستحذو حذو إيران لأننا نرغب في إنشاء مفاعل نووي في الضبعة وبالتالي يمكننا الاستفادة من خبرات الدولة الفارسية.
خلاصة القول في هذا الأمر إنه إذا لم يكن هناك توثيق للعلاقات وتوصيلها الي حد الصداقة, فعلى الأقل ستكون هناك علاقات جيدة ورغم ذلك أعتقد أننا سنسير بشكل حذر مع إيران .
* وماذا عن الأوضاع في اليمن؟
أين اليمن الآن؟!, لا يوجد يمن, لكن أعتقد أن الحرب هناك ستطول, ويخطئ من يعتقد أنها ستنتهي قريبا, بل ستستمر حالة اللادولة فترة من الزمن كما حدث في ليبيا وسوريا والعراق، فالغرب نجح فعلا في تطييف المنطقة العربية, وهو هدف أمريكي لا محالة .
فالمنطقة ستزداد اشتعالا الفترة القادمة, لأن أمريكا تريد ذلك, ولا ننسي إطلاقاً أن إسرائيل وراء كل هذا.
رسالة توجهها لكل من:
رئيس الجمهورية ؟
وعدتنا بأن تكون هناك عدالة اجتماعية, وتكافؤ فرص.. والمواطن المصري العادي ينتظر أن تحقق هذه الأشياء, أنت حققت الكثير, ولكن ما زلنا ننتظر المزيد .
ولابد أن تقضي علي الفساد أينما كان, لأنه هو أخطر عدو لمصر .
وزير الداخلية ؟
لقد بذلت جهوداً كثيرة جدا, وسبقك في ذلك محمد إبراهيم في استرداد الأمن, لكن ننتظر منك الكثير, لاسيما وأن هناك الجماعة الإرهابية تدبر الكثير من العمليات التى تستهدف الأمن المصري, فعليك أن تكون أكثر انتباها وتصديا لذلك .
الأحزاب المصرية ؟
أتمنى أن تبتعد الأحزاب المصرية عن كونها أحزابا ورقية, وأن تكون قريبة جدا للمواطن المصري العادي, وأن تعبر عن طموحاته, ونحن ننتظر المزيد من الأحزاب, حتي نكون دولة ديمقراطية حقيقية.
وزير الخارجية ؟
العلاقات الخارجية مهمة جدا, ونحن ننتظر ـن تعود هيبة الدولة أكثر في الفترة القادمة .