سعيد الأجهورى الخبير الإدارى ورئيس المتابعة والتقييم بوزارة التنمية المحلية سابقا: يجب منح المحافظين السلطة التقديرية لميزانية محافظاتهم
تمثل وزارة التنمية المحلية أهمية كبيرة فى أى مجتمع لأن هذه الوزارة تتعلق بشئون المواطن اليومية جميعها، وللأسف امتلأت المحليات بالفساد ومعها أصبح الفساد منتشرا فى قطاعات كثيرة بالدولة وانتشرت المحسوبية والرشاوى والوساطة .
وبالرغم من أن الدولة تحاول تغيير مسمى الوزارة الحالية إلى وزارة الإدارة المحلية محاولة منها لإعطائها الصفة التشريعية والتنفيذية للوصول إلى اللامركزية فى القرار إلا أن الكثير من المواطنين يساورهم الشك أن التغيير سيلحق بالمسمى فقط لكنه لا يتعدى حدود ذلك ..!! .
المهندس سعيد الأجهورى رئيس الإدارة المركزية للمتابعة والتقييم بوزارة التنمية المحلية سابقا والخبير الإدارى أكد من خلال الحوار الذى أجرته النهار معه أن المحطة الأهم فى تطوير النظام المحلى كانت فى عام 1960 وقت الوحدة بين مصر وسوريا حيث كان هناك نص صريح على مسمى الإدارة المحلية كنظام عمل قانونى لإدارة المجتمعات المحلية، ونقلت تبعية إدارة المديريات من وزارة الداخلية إلى الوزارة الجديدة كما تم نقل البلديات من وزارة الشئون الاجتماعية لنفس الوزارة ليكونا نواة الهيكل الوظيفى لوزارة الإدارة المحلية.
أمور عديدة تحدث عنها الأجهورى من خلال حواره نستعرضها فى السطور التالية ..... .
*كيف ترى وضع وزارة التنمية المحلية الآن؟
**وزارة التنمية المحلية تهتم بثلاثة ملفات رئيسية الصناعات الحرفية والتعاونيات الإنتاجية وتنمية القرية والعشوائيات.
وتعتبر الوزارة هى الحكومة على المستوى المحلى فهى الإدارة التنفيذية للمحليات لتحقيق كافة الخدمات فى التنمية المحلية, كما تستجيب لمتطلبات السكان المحليين وتقدم الخدمات وتيسر الإجراءات وتوفر فرص العمل وتحاول عمل دورات تدريبية ولديها مشروعات اقتصادية مثل مشروع الإقراض من صندوق التنمية المحلية, ومشروعات خاصة بالمرأة المعيلة, ونشر الصناعات الحرفية والأنشطة الزراعية فى القرى من خلال الوحدات المحلية وكل ذلك حتى يتم تحقيق رضى المواطنين. .
*هل دور وزارة الإدارة المحلية الجديدة المزمع إنشاؤها يكتفى بالدور السابق أم أن هناك مهاما جديدة ؟
القانون الجديد غير المسمى من وزارة التنمية المحلية إلى وزارة الإدارة المحلية ووضع لها اختصاصات حيث تتولى الإدارة المحلية كافة المسائل المتعلقة بتنظيم شئون الادارة المحلية ووحدات الإدارة المحلية وبصفة خاصة وضع التشريعات والعمل على اللامركزية الإدارية والاقتصادية والمالية للوحدات المحلية ونحن نعمل خلال الخمس سنوات القادمة للوصول إلى اللامركزية وقياس أداء الأجهزة المحلية والوحدات المحلية على جميع المستويات ورفع مستوى قيادات الأجهزة المحلية وتقديم الدعم الفنى والعلمى والإدارى والمالى الذى تحتاجه الأجهزة المحلية مع ضمان التوزيع العادل للمرافق والموارد وأيضا رعاية الصناعات الأساسية ورعاية وبناء القرية الحديثة ويتبع الأمانة العامة للإدارة المحلية, وكذلك تنظيم العلاقات .
*ما المقصود بتنظيم العلاقات ؟
**هناك علاقات واتصالات بين الوزارات بعضها البعض وبين المحليات وهذه العلاقات لابد وأن تتم عن طريق وسيط يربط بين المحليات والوزارات المعنية, ويربط بين المحليات وبعضها البعض فهناك خمس مستويات محلية بدءا من المحافظة, المدينة, المركز, الشياخة والقرية, وتوجد مرافق ومشروعات مشتركة بين المحافظات, فوزير الإدارة المحلية له الحق أن يجتمع مع السادة المحافظين التى يجمعه بها اتفاقات مشتركة ويصدر قرارات.
*هل اكتمل قانون المحليات الجديد؟
**القانون الجديد ينقصه بعض الأمور، فلابد أن يضيف إلى مسئولياته جهاز الصناعات الحرفية والتعاون الانتاجى, وجهاز إدارة وتنمية القرية وليس جهاز الصناعات الأساسية, كما كان هناك مادة تؤكد ذلك فى الأمانة العامة للغدارة المحلية قائمة على رعاية القطاع الحرفى فى مصر لأن وجود بند الصناعات الأساسية سيضر بالصناعات الحرفية وبتنظيم سوق العمل الحرفي فى مصر ونحن لدينا 15 مليون عامل فى قطاع خاص غير منظم فكيف يتم دمجه فى الجمعيات التعاونية أو الغرف الصناعية إذا لم يذكر هذا البند فى القانون الجديد.
وهذه الأجهزة لها أفرع فى المحافظات وإدارات بديوان عام المحافظات يطلق عليها إدارة الصناعات الحرفية والتعاون الإنتاجى ونفس الشىء ينطبق على جهاز إدارة وتنمية القرية.. هذا الجهاز له دوره فى السنوات السابقة فى مجال تنمية القرية وله إيجابيات وانجازات فى برامج القروض وبالتالى لابد وأن يوجد له مادة فى القانون.
*من وجهة نظركم ما هى الأمور الإيجابية فى قانون المحليات الجديد؟
**النقطة الإيجابية التى أضيفت فى قانون المحليات الجديد أكاديمية الإدارة المحلية وهى تصدر بقرار من رئيس الجمهورية تتولى تدريب المحافظين والقيادات فى المحليات من رؤساء وحدات محلية, وسكرتيرعموم ومساعدين على أعلى مستوى علمى وثقافى وتعطى شهادة علمية وبذلك نستطيع إخراج كوادر جديدة مدربة فى المحليات. .
*هل ستتم إعادة تقسيم المحافظات فى وزارة الإدارة المحلية الجديدة؟
**مصر لديها 27 محافظة بها 7 أقاليم اقتصادية جغرافية أقل إقليم يضم محافظتين ولا يوجد إقليم يتكون من محافظة واحدة، ويوجد إشكالية فى القانون الجديد فى المادة 53 عندما تكلم عن إقاليم التنمية الاقتصادية, مادة القانون أكدت على محافظة أو عدة محافظات هنا التساؤل هل يوجد فى مصر محافظة واحدة متكاملة الثروة تعتمد على نفسها وتتمتع بالخصائص التنموية التى يمكن لها أن تكون إقليما اقتصاديا تنمويا, فالمسمى الجديد للإقليم لابد من وجود محافظتين حتى يكتمل الإقليم التنموى وقد ذكر القانون أن تشكيل هذه الأقاليم من السادة المحافظين ورؤساء المجالس المحلية للمحافظات والخطورة تكمن في انضمام رجال الأعمال إليهم والحصول على عضوية المجالس, ومعروف أن قرار مجالس الإدارة المحلية واجب التنفيذ على المحافظات ومن هنا يستطيع رجال الأعمال أن يصدروا قرارات لصالحهم فيجب أن تعاد هذه المادة ويمكن الاستفادة من رجال الأعمال فى تنفيذ المشروعات وليس لهم تصويت فى اتخاذ القرار حتى لا يسيطروا على المجلس المحلى.
*وماذا عن ترسيم المحافظات ؟
**الخطة المستهدفة حاليا هي إضافة ثلاث محافظات إلى خريطة مصر حتى عام 2017 وهى الفرافرة والعلمين ووسط سيناء ومحافظتين أخريين حتى عام 2020 وهما العاشر من رمضان و25 يناير لتصبح مصر 32 محافظة مكونة من 10 أقاليم اقتصادية تنموية, وسيعتمد التقسيم الإدارى للمحافظات أو الإقاليم على ضرورة وجود منفذ بحرى لهم .
*هل توجد مشاكل إدارية فى المحافظات الحدودية وخصوصا أنها خط الدفاع الأول ؟
**المحافظات الحدودية مشكلتها أن الوحدات المحلية بها كثيرة وعدد السكان بها قليل جدا ولا ترقى إلى أن تكون وحدة محلية بالمعنى المتعارف عليه, مثل شمال سيناء بها 82 وحدة محلية رغم أن عدد سكانها قليلون جدا ومثلها مطروح والوادى الجديد. .
فلابد من إعادة ترسيم الوحدات المحلية حتى تتوافق مع كثافة عدد السكان، وتمثل فعلا وحدة محلية بمقوماتها وسيعود ذلك على استغلال زيادة مساحة الأراضى المأهولة بالسكان فبدلا من تركيز السكان على 7 % يصبح 14% بالإضافة إلى إنشاء مجتمعات عمرانية جديدة ومدن وتنمية بشرية ومشروعات تنموية جديدة لهذا التقسيم فى المستقبل .
* وماذا عن الوضع فى محافظة القاهرة هل ستظل العاصمة؟
**القاهرة سيكون لها وضع خاص فى القانون الجديد وعندما قالوا الإقليم سيكون محافظة واحدة من المحتمل أنهم يقصدون محافظة القاهرة وهى العاصمة بشكلها الجديد وسيكون لها مقومات تنموية خاصة . .
*لماذا ترتبط المحليات بالفساد والرشاوى دائما ؟
**لا يجب علينا ان نلقى باللوم على المحليات فهى تضم 4 ملايين عامل يمثلون 65% من اجمالى عدد العاملين بالدولة وأرى أن المسئولية تقع على التشريعات وتعددها وتداخل الاختصاصات بين السادة المحافظين والوزارات, مما يجعل بعض الموظفين بالمحافظات غير خاضعين لمحاسبات هذه المحافظات، والوزارات المسئولة عنهم بعيدة وبالتالي لا يوجد رادع.
*نرى كثيرا من السلبيات في المحليات مثل التعدى على الأراضى الزراعية, البناء العشوائى أين دورها ؟
**كما قلت تداخل الاختصاصات أوجد هذه السلبيات، لأن هذه الخدمات مسئولية المحافظة، لكن هل وزارة النقل اعطت المحافظة الامكانيات المالية والمعدات الكافية لتنفيذ المشروعات حتى يقوم المحافظ بدوره؟! لا . .
أيضا ظاهرة التعدى على الأراضى الزراعية فهى اختصاص وزارة الزراعة فعليها أن تقدم الدعم المالى والمعدات للمحافظة ولا ترمى اللوم على المحليات ونفس الشىء ينطبق على العشوائيات ومسئولية وزارة الإسكان عنها ومدى الدعم الذى تقدمه للمحافظة وأيضا يقع اللوم على مهندسى الأحياء الذين ينتمون لوزارة الإسكان وغياب دور الرقابة .
*كيف نصلح من المحليات ويكون لدينا محليات قادرة على القيام بدورها ؟
**القانون رقم 47 لسنة 1958 أعطى السادة الوزراء الفرصة فى التعيين والجزاءات دون المحافظين وهو يعنى ولاء موظفى المحافظات للوزراء, القانون الجديد لابد أن يضع بندا على أهمية دور المحافظين فى وضع الجزاءات والمكافآت لموظفى المحافظة، وكذلك يجب منح المحافظين القدرة على نقل بند من الموازنة إلى بند آخر تبع أولوية المشروعات التى يراها المحافظ دون اشتراط الموافقة من وزارة المالية, والمحليات لا بد ألا تكون فرعا من السلطة التنفيذية حتى تكون سلطتها واختصاصاتها مستقلة عن السلطات الثلاثة التشريعية والتنفيذية والقضائية, ولابد من اختيار أعضاء ورؤساء المجالس المحلية بالانتخاب السرى, ولابد أن يكون لكل قرية عضو يمثل فى الوحدة المحلية القروية والتأكيد على اللامركزية المالية للمجالس المحلية وإعطائها سلطات أكبر فى إدارة الموازنة تمكنها من فرض ضرائب ورسوم محلية .
ومن الضرورى النظر فى فساد الإدارات الهندسية فى المحليات ولابد من إرجاعها إلى وزارة الإسكان فهى المنوطة بتوظيف القيادات الهندسية, القانون الجديد أوجد رقابة ولجان تفتيش ومتابعة من الإدارات المحلية بالاتفاق مع وزارة العدل ويكون لها الضبطية القضائية للقضاء على الفساد.
ولابد من وجود شبكة معلومات فى الإدارة المحلية ومستوياتها من محافظة, حى, مدينة, مركز وقرى بجانب دور مركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار التابع لرئاسة الوزراء وبذلك سيكون لدينا معلومات محلية وقومية يستطيع متخذو القرار أن يرسم خطط التنمية وأيضا القضاء على الفساد من خلال شفافية المعلومات .
*ماذا عن تمكين الشباب والمرأة فى المحليات ؟
**أكدت المادة 180 من الدستور أن نسبة 25% من عدد المقاعد بالمحليات للشباب ومثلهم للمرأة والنصف للعمال والفلاحين كما أقر الدستور أنه سيكون هناك تمثيل لائق لمتحدى الإعاقة.
ولكن للأسف هذه مادة أراها معيبة فالمحافظات الحضرية لا توجد بها نسبة 50% من العمال والفلاحين وأين ذوو الكفاءات والخبراء, فمن الضرورى أن يراعى قانون الإدارة المحلية الجديد اختصاصات المحافظات الحضرية والريفية حتى لا يكون هناك عوار دستورى ولابد من سرعة اجراء انتخابات المجالس الشعبية المحلية لأن القانون 116 الخاص بالمجالس الشعبية غير مفعل وهو المنوط بتطبيق اللامركزية ويقع على عاتقها إدارة المرافق والخدمات التى تقدم للمواطنين, ونحن لدينا فى المجالس المحلية 54 ألف عضو فلابد أن أجرى الانتخابات لما لها من دور أساسى فى المرحلة المستقبلية.
*هناك ما يسمى بالبطالة المقنعة داخل المؤسسات الحكومية.. كيف يتم القضاء عليها ؟
**لابد من إعادة هيكلة الجهاز الإدارى للدولة، فلدينا أكبر جهاز إدارى موجود فى العالم يضم 7 ملايين موظف تقريبا يشغلون وظائف حكومية, وهذا ما أوجد البطالة المقنعة داخل المؤسسات الحكومية، ويجب أن أنظر إلى المستوى الأول العالى من درجة وكلاء وزارة الذين يقدر عددهم بـ10 آلاف موظف ولا بد أن أبدأ بهؤلاء بأن أعقد لهم دورات تأهيلية فى الإدارة الحديثة من خلال أكاديمية الإدارة المحلية الجديدة التى تعد برامج على إدارة التنمية الإدارية حتى تكون الإدارة فعالة، وإعادة الهيكلة لابد من البدء من هذا المستوى الوظيفى ويتدرج حتى يصل إلى الموظف العادى.