النهار
الثلاثاء 24 ديسمبر 2024 04:00 صـ 23 جمادى آخر 1446 هـ
جريدة النهار المصرية رئيس مجلس الإدارة ورئيس التحريرأسامة شرشر

حوارات

البابا تواضروس: مصر فى حالة مخاض والولادة ستكون بقيصرية.. ومتفائل بالحياة الجديدة للمولود

- «مصر ليست وطنا نعيش فيه، بل هى وطن يعيش فينا».. هذه العبارة الرائعة هى لقداسة بابا الاسكندرية وبطريرك الكرازة المرقسية الراحل الأنبا شنودة الذى قالها لفظا وطبقها عملا حتى بات يُستشهد بها كمقولة خالدة فى خطب الساسة ومقالات الكتاب وكتابات المثقفين، وبعد ان رحل الرجل تاركا خلفه إرثا وطنيا كبيرا تساءل الكثيرون: من ذا الذى يمكن أن يملأ فراغ الانبا شنودة بكل تاريخه ومواقفه الأصيلة، ولكن لم يطل الانتظار حتى جاءت الاجابة إذ اعتلى كرسى البابوية فى مشيئة إلهية رجل وجد نفسه يواجه ظروفا عصيبة، لا أحسب ان احدا من الـ117 الذين سبقوه قد واجهوها لكنه تصدى لها فى شجاعة وبوطنية تسرى فى دمه، إذ أفسد على الصائدين فى الماء العكر من الداخل والخارج محاولة اشعال واشغال مصر بفتنة طائفية كان مخططا ألا تبقى أو تذر، ومن منا يمكن ان ينسى محاولات خفافيش الظلام الاعتداء على عدد كبير من الكنائس، على رأسها المقر البابوى الذى لم يسبق فى التاريخ ان تعرض لأى اعتداء كالذى تعرضت له العام الماضى، ولكن ضيف هذا الحوار، وهو قداسة بابا الاسكندرية وبطريرك الكرازة المرقسية تواضروس الثانى، أفسد هذه المحاولات وأوصد كل الابواب فى وجه كل محاولات التدخل الخارجى ولو بذريعة حماية الأقباط، وقال قولته الشهيرة «لتذهب الكنائس وتبقى مصر واذا لم نجد كنائس نصلى فيها فسوف نصلى فى المسجد وسندفع ثمن الحرية وبناء الديمقراطية فى حب للوطن» وهكذا افسد خطط الماكرين الذين اجتهدوا فى مكرهم وافشل سعى الخبثاء الذين برعوا فى خبثهم.

«النهار» انطلاقا من هذه المواقف الوطنية لقداسة البابا تواضروس الثانى أجرت معه هذا الحوار الشامل والمختلف، ففتح لنا عقله وقلبه بزاوية 180 درجة ولم يضع أمامنا أى خطوط حمراء وهذا ما يحسب له.

فى هذا الحوار مع قداسة البابا تواضروس الثانى تحدث عن وفاة والدته، وتعرض للمشهد السياسى فقال إن الكنيسة لن تدعو لمرشح رئاسى بعينه لأن سياسة التوجيه لم تعد تجدى نفعا وولى عصرها، ووصف دستور 2014 بأن فيه رائحة مصر، وأبدى ثقته فى وضع حد لتهميش الاقباط بعد استقرار الاوضاع فى المحروسة، لكنه بدا قلقا ًمن هجرة بعض المسيحيين الى الخارج، وشدد على أن خط بابوات مصر منذ قديم الأزل هو خط الوطنية ولا سواه والتفاصيل فى السطور التالية :-

   

- والدتى مثل كل الامهات الطيبات اللاتى سخَّرن جل حياتهن من أجل أُسرهن، وقد ترملت وهى فى بداية الثلاثينيات من عمرها وبقيت أرملة بعد وفاة والدى فى عام 1967 أى لمدة تقارب نصف قرن من الزمان وتفرغت تماما لرعايتى ورعاية أختين لى وكانت تفهم كل منا جيدا وتحرص على تلبية مطالبه كما كانت شديدة الاهتمام ببيتها وحرصت على ارتباطنا بربنا وخلال مسيرة حياتها واجهت العديد من الصدمات وتحملتها فى شجاعة.

حالى يغم

 

- والدى كان الابن الاكبر لاخوته، ووالدتى كانت الابنة الصغرى لاخواتها كما كانت البنت الوحيدة لوالديها فى مقابل ستة ابناء، وقد واجهت فى شجاعة صدمة رحيل زوجها الذى انتقل ونحن فى سن مبكرة، اذ كان عمرى 15 سنة واختى 12 سنة واختى الصغرى ثلاث سنوات، وقبل وفاة والدى كانت قد واجهت صدمة رحيل والدها وفى العام 1972 توفيت والدتها «جدتي» وفى العام 1980 توفى حماها «والد والدى» والذى كان يحبها حبا جما ثم فى العام 1984 توفى زوج ابنتها «اختي» فى حادث بعد زواجها بشهرين وفى العام 2008 توفيت ابنتها الاخرى واختى الصغيرة وهى فى الاربعين من عمرها والتى كانت تعمل مهندسة، لقد كانت رحمها الله أما قوية رغم كل هذه الصدمات.

- عندنا مثل مصرى ينطبق عليَّ جدا الآن وهو «اللى معندوش أم حاله يغم».

- طبعا.. طبعا.. طبعا، وأقول لك إننى زرتها فى المستشفى يوم عيد الأم الماضى أى قبيل وفاتها.. بأسبوع واحد.

نبوءة

- نعم اذكر هذا اليوم جيدا وتحديدا كان 3 يونيو عام 1967 وكان يوم سبت وكان الوالد رحمه الله عودنا ان نمر على الكنيسة قبل ذهابنا الى الامتحان لكى نصلى دقائق ونتوجه الى حيث مقر اللجنة، وبينما كنت فى طريقى الى الكنيسة عند السابعة صباحا توفى الوالد ولكنى اكملت الامتحان لكن وبسبب حرب يونيو 1967 تم ايقاف الامتحانات فى يومها الثالث.

- نعم.

 

- حدث هذا بينما كنت فى الصف الثالث الابتدائى وكان هناك أحد الاساقفة يزور مدينة دمنهور التى كنا حديثى الاقامة فيها فأخذتنى والدتى لرسامتى شماسا لكنهم رفضوا كوننا أغرابا عن المدينة ولم يكونوا يعرفونني، فرجعت أمى باكية وعندما عاد الوالد من عمله ووجدها على هذه الحال أراد تطييب خاطرها فقال لها: «بكرة يعملوه مطران».

ولادة بقيصرية

- من الواضح ان الولادة ستكون قيصرية، لكن المقصود من هذا الكلام الذى قلته انه ستوجد حياة جديدة للابن أو للابنة التى ستتم ولادتها وهذه الحياة الجديدة لهذا المولود تستدعى ان يكون هناك حالة مخاض وألم وتعب لكن ستوجد الحياة الجديدة.

- جدا.

- إذن كيف ستتعامل الكنيسة مع الانتخابات الرئاسية التى اوشكت، التى ستمهد لهذه الحياة الجديدة، وهل سيكون هناك توجيه من قبلكم نحو الاصلح والاجدر برئاسة الجمهورية من وجهة نظركم ولو بشكل غير مباشر؟

- سياسة التوجيه ولى عصرها وانتهت ولم تعد قائمة بأى صورة، والواقع ان كل مرشح سوف يقدم برنامجه الانتخابى وسيكون متاحا لكل مواطن سواء كان مسيحيا أو مسلما قراءته ومن ثم تحديد اختياره.

- لم أقل كلمة «واجب» فى معرض حديثى عن ترشح المشير السيسى ابدا، لكن القاعدة العامة ان الوطن عندما يحتاج الى أى انسان فإنه ينبغى على هذا الإنسان ان يتقدم لخدمة الوطن وعلى سبيل المثال فإن مصريا كالدكتور احمد زويل عندما احتاجه الوطن لبى النداء وجاء ليؤسس مركزا عالميا فى مصر، وما قلته: ان ما قام به المشير السيسى واجب وطنى لأنه عندما اتخذ قرارا بتدخل الجيش، فإن ذلك كان تلبية لمطلب شعبي.

دستور برائحة مصر

- أجمل ما فى دستور 2014 انه كُتب بواسطة متخصصين أداروا مناقشات واسعة جدا وأدلى كل بدلوه بحرية، وما ذلك إلا لأن عدد اللجنة كان خمسين عضوا وليس مائة، وقد انتج الخمسون دستورا متوازنا لكل المصريين، وكما هو معروف فإن الدستور أبو القوانين ولهذا ينبغى ان تكون له رائحة مصر وليس رائحة الدين.

٪       

- طبعا.. طبعا.. طبعا.

- نعم هذا حصل.

الوعى بالهدف الخبيث

- ما قصدته ان هذا الاعتداء الذى تعرضت له حرقا وتدميرا مائة كنيسة وموقع مسيحى فى يوم واحد وبصورة شرسة، والذى لنا ان نحزن بسببه ونتألم ويشاركنا العالم كله فى هذا الألم كان الهدف من ورائه خبيثا ويتمثل فى اشعال فتنة طائفية بين ابناء الوطن الواحد، ولأننا نعى ذلك جيدا، فقد كان التصرف الحكيم آنذاك ان نعلن بأن هذا الذى حدث انما هو ثمن للحرية ولبناء الديمقراطية التى نتطلع اليها، ونحن نقدمه بحب للوطن ونصلى فى الوقت نفسه من اجل ان يعود الذين هاجموا الكنائس بتلك الشراسة الى رشدهم وبحيث لا نسمح للكراهية بأن تدخل فى قلوبنا، اذن الكلام كان تعليقا على حدث معين فى توقيت معين.

مود المصريين أفضل

- الأوضاع فى المجتمع لم تستقر حتى الآن فى مصر فنحن نقول عن رئيس الجمهورية بأنه مؤقت ونقول عن الحكومة انها انتقالية، والشيء الآخر هو أن هذا التهميش ليس وليد سنة واحدة بل هو نتاج وحصاد سنوات وسنوات بل عصور وأجيال، وبالتالى فقد بات واقعا وبصورة كبيرة ولزمن طويل، ولكى يتم التعامل معه بصورة ايجابية ويزول فإن ذلك سيحتاج الى وقت، واثق ان أموراً كثيرة سوف تتغير عندما تستقر الاوضاع فى مصر، يبقى ان اقول بأن الحالة النفسية للشعب المصرى كله وليس للأقباط فقط افضل من ذى قبل بالطبع.

قلق

- نعم لأن أغلى ما فى الوطن هم البشر، واذا ما تم استنزاف البشر فإن الوطن يفقد اغلى ما يملك خصوصا ان الذين يهاجرون غالبا هم قامات فى مجالات عملهم سواء فى التعليم أو فى الاقتصاد أو فى غيرهما وهذا يعنى تفريغا للمجتمع من طاقاته وإمكاناته، وأى مجتمع لا يمكن له ان ينهض إلا بعقول اولاده وسواعدهم.

طلاق وتطليق

٪                   ا    ب                   

- موضوع الطلاق أو الاحوال الشخصية أو موضوعات الاسرة بصفة عامة محل اهتمامنا وموضع بحثنا، وقد عملنا مؤتمرا كبيرا فى العام الماضى لدراسة الامر وسوف نستكمله فى هذا العام وسنحاول ايجاد منظومة جديدة لتلافى المشكلات فى ضوء وصية الانجيل «لا طلاق الا لعلة الزنا»، وعلة الزنى هذه لها ثلاثة أشكال، الأول هو «الزنا الفعلي» بمعنى ان يترك طرف من الطرفين قرينه ويذهب الى طرف ثالث، والشكل الثانى هو «الزنا الحكمي» كأن تكون هناك رسائل متبادلة أو مكالمات تمت أو صور التقطت أو ما شابه بين طرف من طرفى الزواج وبين طرف ثالث، وأما الشكل الثالث فهو »الزنا الرمزي« بمعنى ان يترك طرف من الطرفين ايمانه ويذهب الى ايمان آخر فهذا زنا روحي، وهذه الاشكال الثلاثة من الزنا تسمح بالطلاق، والطلاق يعنى فك الزيجة وإعطاء تصريح بالزواج ثانية للطرف الذى له الحق وهو الطرف المجنى عليه، أما الطرف الجانى فلا تصريح له بالزواج.

- فى الكنيسة يوجد خط اسمه «خط التطليق» والذى يعنى ان هناك زواجا تم وبعد تمامه بأسبوع أو اثنين أو ثلاثة تم اكتشاف خطأ ما فى هذا الزواج كأن يتم مثلا اكتشاف صلة قرابة بين اثنين تزوجا بما لا يسمح باستمرار الزواج، أو على سبيل المثال ايضا يتم اكتشاف مرض عند طرف من الطرفين أخفاه على الطرف الآخر أو كأن يكون هناك من الطرفين من يعانى من اعراض جسدية أو جنسية واخفاها عن الطرف الآخر.

هوامش خلال الحوار

- سجل قداسة البابا خالص شكره وتقديره للقيادة السياسية فى دولة الكويت ممثلة فى حضرة صاحب السمو أمير البلاد الشيخ صباح الاحمد الجابر الصباح وكبار المسئولين ورجالات الدولة وللسفير الكويتى فى جمهورية مصر العربية سالم الزمانان على تعازيهم القلبية له فى وفاة السيدة والدته رحمها الله، وقال: لقد ارسلنا لهم برقيات شكر على تعازيهم ومواساتهم لنا فى مصابنا، وجيد ان نجدد الشكر عبر صفحات جريدة «النهار» فشكرا جزيلا لمحبتهم الخالصة التى نعتز بها وندعو الله تعالى للكويت اميرا وحكومة وبرلمانا وشعبا كريما بأن يعمها السلام والمحبة والرخاء.

وأضاف: ان المشاعر التى احاطنى بها المحبون فى الداخل سواء من رموز الدولة وممثلى المجتمع المدنى ومشاهيره والكثير من المواطنين العاديين، ومن الخارج ايضا هى مشاعر فياضة للغاية لم أكن أتوقعها على هذا النحو، واذا كان غياب الوالدة قد اصابنى فى مشاعرى فإن هذه المشاعر الطيبة عوضتنى كثيرا، فشكرا للجميع.

وفى برقية طلبت منه ان يبرق بها لصاحب السمو الأمير الشيخ صباح الاحمد حفظه الله ورعاه خلال الحديث عن الكويت، قال قداسته: اننا يا صاحب السمو نتابع نهضة الكويت الحديثة بفخار شديد، كما نتابع الحياة الديمقراطية الراقية فى بلدكم العزيز، وكم نحن سعداء بما تقدمونه لوطنكم ولأمتكم فى مسئولية كاملة ونقدر وقفة كويتكم الحبيبة بجوار مصرنا الغالية خصوصا فى الشهور الأخيرة وما هذا بغريب عليكم يا من نلتم عن جدارة واستحقاق لقب «زعيم الانسانية»، اطلب من الله ان يعطيك الصحة والعافية لتواصل قيادة شعبك.

سلموا لى على رشيد الحمد «الرائع»

- يا ليت.

- قل له اننى لا اعرف فى الكرة التى انتهت علاقتى بها منذ كنت طالباً فى الصف الاول الاعدادي، ولعلك رأيت اننى استقبلت قبلك وفدا من مشاهير المجتمع المصرى كان من بينهم اثنان من مشاهير الرياضة، هما الكابتن محمود الخطيب والكابتن أحمد شوبير، وقد سألانى عما اذا كنت من محبى الكرة فقلت لهما: عندما كنت فى الصف السادس الابتدائى تلقيت هدية «ساعة» من اسرتى لمناسبة نجاحى، وفى اول يوم دراسة لى فى الصف الاول الاعدادى ذهبت الى المدرسة والساعة فى معصمي، ولعبت كرة قدم مع بعض الزملاء فانكسرت هذه الساعة، ومن يومها انتهت علاقتى بالكرة، لكنى احياناً اتفرج على بعض المباريات التى تتسم بالإثارة والحيوية، وذلك عندما يتوفر لدى بعض الوقت.