الدبلوماسية الفهمية تعيد مصر إلي المجتمع الدولي
الدبلوماسية " الفهمية" ليست نظرية ولكنها رؤية واقعية لنبيل فهمى وزير الخارجية المصرى الذى اعاد ماكينة الدبلوماسية المصرية إلى تروس المجتمع الدولى وفى قراءة متأنية لعودة مصر إلى دورها وريادتها الحقيقية فى كثير من الملفات نجد أن العودة جاءت بعد أن كان دور الدبلوماسية فى القضايا الحيوية خاصة الأمن القومى قد دخل إلى طى النسيان خاصة ملف عودة مصر إلى دورها فى افريقيا وأزمة سد النهضة الاثيوبى ورفع القيود التى فرضها الاتحاد الافريقى على مصر قريباً جداً ناهيك عن دور الدبلوماسية المصرية فى عودة الدورين الروسى والصينى عبر النافذة المصرية لتحقيق التوازن الاستراتيجى مع أمريكا.
فالمواقف والاحداث والتغيرات والتحولات العربية والافريقية والاوروبية والدولية لا تكذب ولا تتجمل فقيام بابا الفاتيكان فرانسيس و استقباله الحافل لنبيل فهمى قائلاً «أصلى من اجل الناطقين بالعربية ومن اجل الوفد القادم من مصر " أمر له دلالة سياسية خطيرة من رمز دينى له شعبيته ومريدوه اضف إلى هذا مفردات وكلمات رؤساء أفريقيا فى مقابلة وزير خارجية مصر فعندما يقول رئيس تنزانيا " لن نضر بمصالح أكبر دولة فى المنطقة وهى مصر " وعندما يقول الرئيس النيجيرى " لابد من الحفاظ على مصالح مصر المائية» فهذا يعنى أن الملف الأفريقى عاد للخارجية بعد طول نسيان وأن مصر كسبت من جديد قلوب حكام القارة السمراء وعندما يتحدث رئيس نيجيريا التى كانت لها موقف واضح ومعلن ضد مصر عن محبة مصر ومصالحها ثم تجيء إلينا جنوب افريقيا فهذا يعنى ان هناك تحولات وزلزالاً سياسياً مصرياً حدث فى افريقيا ليس بالشعارات ولكن بلغة المصالح والمنافع التى تجيدها دول العالم الآن وهذا هو دور قائد الدبلوماسية الفهمية نبيل فهمى الذى يعمل فى صمت ولم لا فهو ولد وترعرع فى مدرسة الصراحة والمواجهة وبيت الدبلوماسية فأبوه اسماعيل فهمى صاحب المواقف فى زمن لم يكن يقدر أحد عن البوح او التفكير باتخاذ موقف فيه.
غرائب
الغريب أن المراقبين والمحللين الجدد او بمعنى ادق الهواة الذين امتلكوا نوافذ صحفية يتهمون نبيل فهمى بضعف الأداء والشخصية ولانهم لا يعلمون وهم جاهلون بسراديب وادوات ومهارات الدبلوماسية المصرية الضاربة فى اعماق العالم والتاريخ الدبلوماسى فإنهم يتهمون العلماء فى زمن اللا معقول فدائماً مدرسة الادب الدبلوماسية تنتصر على ممارسة قلة الادب للبعض.
ودعونا نعود إلى المشهد الأفريقى وما حدث وسيحدث فيه من خلال التواجد الدبلوماسى الفاعل على كل الاتجاهات والملفات والعبرة بالنتائج وليس بالشائعات فالذى لا جدال فيه أن الوزير نبيل فهمى يجرى عملية بالغة الأهمية فى الخارجية المصرية لتناسب عصرها وقد أكد الوزير فور توليه الخارجية فى الحكومة الجديدة " حكومة محلب " أن الحكومة الجديدة ستمضى فى استكمال تصحيح السياسة الخارجية المصرية كسياسة وطنية قومية تنطلق من هوية عربية وجذور أفريقية.
وقال فهمى حول سياسة مصر : سنعمل على عدة محاورة أهمها هى حماية أهداف الثورتين وتحصينهما من أى مخاطر خارجية، بالإضافة إلى التعامل مع قضايا لها أولوية خاصة كعملية السلام والملف السورى وحوض مياه نهر النيل.
وشدد على أهمية تنويع الخيارات أمام صاحب القرار المصرى فى مختلف المجالات وبشكل خاص ما يتعلق بالأمن القومى المصرى.
العرب وأفريقيا
ووزارة الخارجية فى عصر الدبلوماسية الفهمية ستعمل على إعادة هيكلة عمل مصر فى الخارج ووضع سيناريوهات معينة للاحتمالات التى ستواجهها مصر فى السنوات القادمة لتحديد السياسات التى سيتم تبنيها على ضوء هذه السيناريوهات مع التركيز الخاص على العرب وأفريقيا.
ومن يتابع يدرك أن وزارة الخارجية المصرية انتشرت مؤخرا على كافة الساحات الدولية سواء أوروبيا أو آسيويا أو عربيا وأفريقيا، وقد قام الوزير بأكثر من خمس جولات أفريقية فى أقل من ستة أشهر، فضلا عن الجولات المختلفة للسفير حمدى لوزة نائب وزير الخارجية والاتصالات المستمرة مع العالم العربى والمواقف الواضحة فى عدة قضايا.
انفتاح مصرى
وفى عصر الدبلوماسية الفهمية فإن هناك انفتاحا أكثر على المستوى العالمى مع مصر، حيث تركز وزارة الخارجية على الاستمرار فى منهجية تنويع الخيارات المصرية والتوسع فيها والانطلاق فيها إلى حيز التنفيذ، و زيادة التركيز على أفريقيا عامة والأولوية للأمن المائى خلال المرحلة المقبلة.
و بحسبما أوضح نبيل فهمى فإن الخارجية تركز أيضا على قضية الإرهاب والتى لها أولوية فى التعامل السياسى المصرى الخارجى على مستويات مختلفة، اضافة إلى ضرورة التعامل مع القضايا الإقليمية المجاورة سواء القضية الفلسطينية والملف السورى والوضع فى ليبيا، كما تعمل الوزارة على إخلاء منطقة الشرق الأوسط من أسلحة الدمار الشامل.
المصريون فى الخارج
ومنذ تولى نبيل فهمى حقيبة الخارجية لوحظ أن هناك اهتماماً كبيراً بالمصريين فى الخارج، حيث صدرت توجيهات لجميع السفارات والقنصليات المصرية فى الخارج بالالتزام بتوفير أقصى قدر من الخدمات لدعم المواطن المصرى حيثما تواجد ومنذ تولى نبيل فهمى الخارجية والمصلحة المصرية لها أولوية بصرف النظر عن أى شىء اخر.
تاريخ حافل
لم تكن الدبلوماسية الفهمية عفوية أو فجائية لكنها ثمرة رحلة دبلوماسية طويلة للوزير نبيل فهمى الذى مثل مصر عضوا فى البعثات المصرية للعديد من المؤتمرات والاجتماعات الحكومية الدولية لعملية السلام فى الشرق الأوسط بما فى ذلك مؤتمر مدريد للسلام عام 1991 وأيضا الأمن الدولى وقضايا نزع السلاح والطاقة النووية، وكذلك مؤتمرات مراجعة معاهدات الحد من الانتشار النووي؛ كما عمل مقرراً بلجنة المبادئ فى مؤتمر الأمم المتحدة حول تعزيز التعاون الدولى فى مجال استخدامات الطاقة النووية للأغراض السلمية؛ ومجلس الوكالة الدولية للطاقة الذرية ومؤتمرات عامة والكثير من جلسات الجمعية العامة للأمم المتحدة منذ عام 1977 .
وتم انتخابه نائب رئيس اللجنة الأولى المعنية بنزع السلاح وشئون الأمن الدولى فى الدورة الرابعة والأربعين للجمعية العامة للأمم المتحدة عام 1989، وفى 2009 أصبح عميدا مؤسسا وأستاذا ممارسا بكلية الدبلوماسية الدولية للشئون العالمية والسياسات العامة، والجامعة الأمريكية فى القاهرة.
منهج خاص
ويملك نبيل فهمى منهجا وفكرا خاصين فى الدبلوماسية الدولية للشئون العالمية يمكن التعرف على ملامحهما من خلال قراءة مقالاته وبحوثه وكتبه ومتابعة محاضراته التى تناولت على نطاق واسع سياسة الشرق الأوسط والتنمية وصنع السلام والأمن الإقليمى ونزع السلاح ووضع الدبلوماسية المصرية قبل ثورة 25 يناير ومستقبلها بعدها.
كما أن لديه تصورات متكاملة ومتجددة للشأن الداخلى المصرى وما يجرى على الساحة السياسية والاجتماعية والاقتصادية يكشف عن رؤية ثاقبة غفل عنها الكثيرون حتى تكشفت جوانبها مؤخراً بعد ثورة 30 يونيو.
فمنذ توليه منصب وزير الخارجية وضع السياسة الخارجية المصرية على أرضية متينة وسوية لانطلاقة مصرية جديدة فى السياسة الخارجية فتحت الباب لحقبة جديدة تبنى على ما سبقها تتلافى عيوبه ولا تنكر لايجابياته ومزاياه حيث بدأ فهمى ينفذ ما كان يدعو له بعد ثورة 25 يناير من ضرورة مراجعة علاقات مصر بمختلف دول العالم واتفاقياتنا الخارجية لتحديد أوجه القصور والتمييز فيها.وتقويم هيكل وآليات العمل فى إطار وزارة الخارجية المصرية، حيث اتسم الأداء فى نهاية العقد الأول من هذا القرن بالسطحية ورد الفعل، واقتصر على الإدانة والشجب دون منهجية أو ابتكار أو مبادرة، وخلق وظائف وألقاب لمراعاة أفراد، بدلا من تأهيل أفراد لأداء مهام محددة، اضافة إلى التواصل مع مواقف مصر التقليدية عربيا، خاصة القضية الفلسطينية، سواء كان ذلك فى الأمم المتحدة أو فى التواصل مع كل من الضفة الغربية وقطاع غزة.
وتقويم العلاقة بين مصر ودول حوض النيل، حيث تكون العلاقة قائمة على الاحترام، سعيا لتحقيق حلول تحقق المصلحة المشتركة.
وإعداد دراسة جادة وموثقة عن التحديات والأولويات المصرية من 2012 إلى 2022، لتكون أمام النخبة السياسية المصرية التى سيتم انتخابها فى الأشهر القادمة، بمن فى ذلك المرشحون للرئاسة، مع نشر ملخص لها على الرأى العام، والذى من حقه أن يكون على دراية كاملة بالتحديات والفرص المتاحة لمصر مستقبلا.
اتساق
وطالب فهمى بأن تكون السياسة الخارجية متسقة مع الأحداث التاريخية التى شهدتها الساحة المصرية، حيث تعكس مبادئ الثورة وقيمها وأهدافها، وأهمها المشاركة المجتمعية، والحرية، والعدل الاجتماعي. وهى مبادئ يجب أن نتبناها ونحن نعيد تصدر مكانتنا فى العالم العربى وأفريقيا، ونسعى إلى قيادة المنطقتين إلى مواقع أفضل من المنظومة الدولية.
وهذا واجب ممكن ومتاح، بتبنى مصر- على سبيل المثال- مبادرة شعبية سلمية بالتعاون بين الحكومات والمجتمع المدنى للتحضر الفكرى والمجتمعي، تترجم من خلال حركات فكرية تتبناها «جامعة القاهرة» على سبيل المثال، أو تحالف من المجتمع المدني، بدعم من الحكومة المصرية، أو «مكتبة الاسكندرية»، لتؤثر تدريجيا فى تنوير الفكر المجتمعى العربى والافريقي، ومن ثم العلاقة بين مختلف فئات المجتمع، وفقا للتقاليد والظروف والمعدلات المقبولة فى كل مجتمع.
لن نخضع
ومع تزايد تصريحات بعض الدول عن وقف المساعدات أكد "فهمي" أن القرار المصرى لن يخضع لأى ضغط خارجي، معلنا أن التهديد بوقف المساعدات مرفوض، لأن الكرامة المصرية عالية ولن تهتز.
لقد تولى نبيل فهمى منصب وزير الخارجية وهو يدرك ما يتهدد البلاد خارجيا، حيث كانت المواقف الأمريكية والأوروبية منذ 3 يوليو " عزل مرسى " تصعد ضد القوات المسلحة وقياداتها معتبرة أن ما جرى ليس ثورة شعبية ولكنه انقلاب عسكري، مهددة بقطع العلاقات والمساعدات ووقف بيع الأسلحة، حتى بدا التدخل فى الشأن المصرى تآمريا بامتياز لكن الوزير نبيل فهمى بدأ التحرك على كافة المحاور العربية والإقليمية والدولية منذ 17 يوليو 2013 اليوم الأول لتوليه الوزارة، مؤكدا أن مصر تمر بمرحلة انتقالية ليست سهلة، ولكن هذا لا يمنعها من تأدية دورها الإقليمى والدولى ومن مسئولياتها التى اضطلعت بها دائماً تجاه جيرانها والعالم العربى والقضية الفلسطينية والقارة الأفريقية .
وخلال الأيام الأولى اتصل وتلقى اتصالات من وزراء خارجية أمريكا والدول الغربية، وأجرى العديد من الحوارات مع وسائل الإعلام الغربية والأمريكية، واجه فيها المعلومات المغلوطة التى تصل للإعلام الغربى عن تطورات المشهد السياسى المصرى عقب ثورة الثلاثين من يونيو، فقدم فيها شرحاً لحقيقة التطورات التى تمر بها مصر، وأكد التزام الحكومة بإقامة ديمقراطية حقيقية راسخة لأن هذا يعد مطلبا أساسياً للشعب المصرى وبما يضمن مشاركة جميع القوى السياسية، بما فى ذلك التيار الإسلامي، دون إقصاء أو استبعاد لأى فصيل طالما كان هناك التزام بالسلمية واحترام القانون الذى يطبق على الجميع دون استثناء.
كما عقد مؤتمرا صحفيا أعلن خلاله عن خطته لإعادة هيكلة وزارة الخارجية بما يتناسب مع التحديات الداخلية والإقليمية والدولية التى تواجه البلاد ومع مطالب المصريين بالخارج. وتشمل تمكين شباب الدبلوماسيين من المشاركة الفعالة فى عملية اتخاذ القرار بالوزارة وإنشاء وحدة مستقلة ومتخصصة فى مجال نقل التكنولوجيا فى مصر وتوطينها.
الرد على الادعاءات
وقد كتب نبيل فهمى مقالا كاشفا واجه فيه الادعاءات الأمريكية ضد ثورة 30 يونيو، نشر بـ"واشنطن تايمز" تحت عنوان «فرصة ثانية للديمقراطية فى مصر»، أشار فيه بوضوح إلى أن ثورة الثلاثين من يونيو مثلت فرصة ثانية لتحقيق الديمقراطية فى مصر بعد أن ثار الشعب المصرى مجدداً لاستكمال تحقيق أهداف ثورة الخامس والعشرين من يناير المجيدة، وهو أمر نادر الحدوث فى تاريخ الأمم.
إضافة إلى أن الملايين من جماهير الشعب المصرى خرجت فى واحدة من كبرى المظاهرات الاحتجاجية فى التاريخ الحديث لتعبر عن سخطها الشديد إزاء فشل النظام السابق فى إدارة البلاد، والذى تراكم على مدار أشهر عدة، حيث بات الاقتصاد على شفا الانهيار، وتعرضت الحياة السياسية لشلل تام، وتفاقم الانفلات الأمني، وتمثلت أكبر المساوئ فى سعى جماعة الإخوان المسلمين لاحتكار السلطة وتقسيم المجتمع وفق رؤية دينية انعزالية وضيقة، الأمر الذى نزع الشرعية عن الرئيس السابق وكان سبباً مباشراً فى تحريك الموجة الثانية من الثورة.
أكد «فهمي» أن تدخل القوات المسلحة تجاوباً مع الإرادة الشعبية بعزل الرئيس السابق لم يكن الخيار الأفضل لدى القوى السياسية المعارضة للنظام السابق ولا للقوات المسلحة نفسها.
فقد تمثلت المطالب الشعبية والسياسية فى المطالبة بالتغيير عبر الآليات الديمقراطية من خلال انتخابات رئاسية مبكرة، وهو المطلب الذى لم يلق استجابة من النظام السياسى السابق، الأمر الذى وضع القوات المسلحة أمام بديلين، إما التدخل بعد اندلاع حرب أهلية بين أبناء الشعب المصري، وإما التدخل مبكراً بدافع وطنى لدرء هذه المخاطر الكارثية المؤكدة، وقد اختارت القوات المسلحة البديل الثاني.
حرب منظمة
وبعد فض اعتصاميْ رابعة والنهضة وقيام جماعة الإخوان وحلفائها بإعلان حرب منظمة على المصريين مسلمين وأقباطا والتعدى على الكنائس وأقسام الشرطة والمنشآت الحكومية والممتلكات الخاصة، وسط تواطؤ أمريكى أوروبى واضح، قام «فهمي» بحملة قوية من الاتصالات المكثفة والمتواصلة مع نظرائه فى العالم كاشفا حقائق الأعمال الإجرامية، بما يمثل تصعيداً خطيراً ضد الدولة ومؤسساتها وتهديداً للأمن والسلم الأهلي.