نكشف قصة حب المشير أبو غزالة وصفية العمري
بعد توقيع اتفاقية كامب ديفيد واسترداد كامل تراب الأرض المصرية كان هناك مخطط لتحييد الجيش المصري وتحويله إلي قطاعات إنتاجية واستغلال طاقته وقدراته التنظيمية للمشاركة في أعمال التنمية الشاملة وإرساء دعائم مشروعات البنية التحتية وهذا الهدف كان نبيلاً ونال قبولاً لدي الرأي العام إلا أن القيادة السياسية منذ تولي مبارك مقاليد الحكم كانت تهدف لمآرب أخري من وراء هذا التحول وهي إقناع الإدارة الأمريكية والكيان الصهيوني بأن الجيش المصري والقيادة السياسية لا ينويان خوض أي حروب مستقبلية مهما كانت التطورات.. وهي رسائل تطمين سياسية استفادت منها إسرائيل والولايات المتحدة للالتفات لقوي أخري في المنطقة بعيداً عن مصر التي أصبحت تحت السيطرة.
كان هذا هو المشهد السياسي داخلياً وخارجياً أما علي مستوي الجنرالات فالأمر مختلف تماماً فقد تحول العسكر نتيجة هذا التوجه إلي رجال أعمال.. وبدأت تتسرب الأنباء عن امتلاك البعض لمشروعات استثمارية ضخمة وأراضي وقصورا وفيلات وقري سياحية.
وبعد أن كان أقصي حدود الجنرالات عمولات صفقات السلاح ظهرت استثمارات أخري مع هدوء عجلة الحرب.
وسريعاً تشابكت المصالح بين الجنرالات ورجال الأعمال وتعددت العلاقات بكل أنواعها وسقطت شعارات «ممنوع الاقتراب أو التصوير» وتزاوجت العلاقة بين رجال الأعمال والعسكر بفعل فاعل وكان بينهم محلل وهو نجمات السينما وجميلات الفن واللاتي نلن قسطاً وفيراً من هذه الصفقات والتنعم بالعيش في قصور وفيلات الكبار.
النهار ستكشف خلال هذا الملف أسراراً ومفاجآت من العيار الثقيل تؤكد أن خزائن أسرار عهد مبارك مازالت عامرة بالمفاجآت التي تكشف مدي توغل الفساد في جميع المؤسسات منذ انطلاق شرارة البدء لهذا النظام وتزاوج السلطة بالمال مبكراً كما سنكشف صفحات جديدة من عصر الجواري والرقيق الأبيض اللاتي زينّ هذه الليالي الملاح.
بطل هذه المفاجآت هو شخص شغل منصب «المشير» أي رئيس أكبر وأرقي مؤسسة في مصر وهي المؤسسة العسكرية بل إنه ليس «مشيراً» عادياً ولكنه يشير إليه التاريخ بالبنان لبراعته العسكرية وصفحاته البيضاء في الجيش المصري وهو المشير «محمد عبدالحليم أبوغزالة» الذي تم تقويضه بأسلحة النساء والمال والصفقات المشبوهة التي تم تفصيلها للإيقاع به وتشويه تاريخه.
لم يأت ذلك من فراغ فالمشير أبوغزالة تولي وزارة الدفاع أواخر عهد الرئيس السادات وبداية عهد الرئيس السابق مبارك حتي عام 1989 وهو أحد أبطال وقادة حرب أكتوبر المجيدة.
ولد أبوغزالة بقرية زهور الأمراء بمركز الدلنجات في محافظة البحيرة عام 1930 وفي عام 1961 حصل علي إجازة القادة للتشكيلات المدفعية من أكاديمية ستالين بالاتحاد السوفيتي بعد تخرجه في الكلية الحربية.
لم يكتف الرجل بالدراسات العسكرية فقط فقد حصل علي بكالوريوس التجارة وماجستير إدارة الأعمال من جامعة القاهرة.
تدرج في المواقع القيادية وعين وزيراً للدفاع وقائداً للقوات المسلحة عام 1981 ورقي إلي رتبة مشير عام 1982 وأصبح نائباً لرئيس الوزراء إلي جانب قيادته للجيش حتي عام 1989 عندما تمت إقالته وعين مساعداً لرئيس الجمهورية.
وقيل عند إقالته إن مبارك خشي من تزايد شعبيته في الجيش واحتمال قيامه بانقلاب عسكري عليه ولكن في الكواليس كانت هناك أمور لا يعرفها أحد فقد غضب الغرب مبكراً من أبوغزالة واستشعروا خطورته حيث كان يقوم بتطوير صواريخ طويلة المدي تحت اسم «كوندور 2» واستطاع مراوغة الولايات المتحدة في عدة صفقات أشهرها مناقصة دولية حول «دبابة الأبرامز» ولم تدخل الولايات المتحدة هذه المناقصة حتي لا تدعم مصر بسلاح يضمن لها الأفضلية علي إسرائيل إلا أن الولايات المتحدة فوجئت بعدد كبير من الدول الأوروبية نفذت المناقصة وعلي رأس هذه الدول بريطانيا فلم تجد الولايات المتحدة حلاً سوي التعاون مع مصر بدبابات «الأبرامز».
كما قام أبوغزالة بتأسيس برنامج صواريخ سري لصناعة الصواريخ الباليستية بالتعاون مع العراق والأرجنتين واكتشفت بعدها الولايات المتحدة تهريب أجزاء تستخدم في صناعة الصواريخ واتهموا بعدها أبوغزالة بمحاولة اقتناء تكنولوجيا تسليح أمريكية بطريقة غير مشروعة وبعيداً عن أعين الجهات الرسمية في الولايات المتحدة.
كل هذه المقدمات جعلت من أبوغزالة شبحاً يفزع أمريكا نفسها، وما إن جاءت الأوامر لمبارك المذعور حتي وقرر أن يتم التخلص من أبوغزالة ولكن بعد حرقه تماماً لدي الشارع ولدي المؤسسة العسكرية أيضاً لضمان عدم التعاطف مع المشير «المخلوع» ومن هنا بدأت الكواليس التي لا يعرفها أحد ونحاول إزاحة الستار عنها لأول مرة في الصحافة.
بدأت مخططات حرق المشير أبوغزالة باللعب علي وترين الأول هو سلاح الصفقات سواء صفقات السلاح أو البيزنس الخفي مع عدد من رجال الأعمال والثاني هو سلاح النساء.
واليوم نعرض لقصة جديدة لغراميات الجنرالات.. قصة حب في حياة المشير بعيداً عما تردد حول علاقته بـ«لوسي آرتين» التي تم الإلقاء بها في طريقه أيضاً.
القصة الجديدة بطلتها جميلة جميلات السينما المصرية وهي الفنانة صفية العمري التي تلاطمت بها الأمواج وانتهي بها المطاف للزواج السري بالمشير وأصبحت صاحبة القصر.. نعم صاحبة القصر بعد أن قام أبوغزالة ببناء قصر فاره في منطقة المقطم تم تصميمه بشكل يليق بزهرة السينما وجميلة الجميلات بل حرص أبوغزالة علي أن تكون زهرته بعيداً عن أعين الجميع فتم تصميم القصر بشكل خاص في شارع كورنيش النيل بالمقطم حيث تم الحفر له علي عمق كبير وباتت مباني القصر لا تظهر من أعلي أسواره.
ووجدت صفية العمري صعوبات كبيرة في حياتها الفنية وحياتها الخاصة أيضاً بسبب علاقتها بالمشير وتحولت قصورها إلي سجون.
فعلي المستوي الإنساني ظلت نازك «السلحدار» تشعر بالظلم طوال حياتها فحياتها الخاصة لم تكن ناجحة حيث تزوجت من الفنان جلال عيسي وأنجبت منه ولدين حرصت علي تسفيرهما للخارج ويعملان الآن في الولايات المتحدة وسرعان ما حملت صفية لقب مطلقة عندما انفصلت عن جلال عيسي.
في ذلك التوقيت كانت صفية قد وصلت إلي درجة النضج الفني وتخلصت من أدوار المايوهات التي كانت وسيلتها للشهرة مثل باقي الفنانات.
وبدأ نجم صفية يسطع في سماء الأعمال الجادة وحرص المشير علي ألا تترك صفية المشهد الفني في هذه النشوة الفنية لأن الاعتزال في هذا التوقيت سيفتح الباب لعلامات استفهام كثيرة هم في غني عنها حالياً.
تقدم لصفية العديد من الأسماء اللامعة للزواج منها خاصة أن جميلة الجميلات صاحبة الروح المصرية والملامح الأوروبية كانت تمتلك إلي جوار جمالها شخصية جذابة تحمل كثيراً من الخجل والأدب الجم إلا أن طابور العرسان والعشاق الطويل قوبل بالرفض من جميلة الجميلات وكانت هذه النقطة تمثل لغزاً للجميع وتؤكد لكل المحيطين حولها أن في حياتها شخصاً لا يعرفه أحد.. ورغم محاولات المتطفلين والعيون الراصدة لصفية للتعرف علي الدنجوان الذي امتلك قلبها وكشف شخصيته إلا أن هذا السر ظل حبيس جدران قصر المقطم حتي هذه اللحظة التي نكشف فيها لأول مرة عن هذه العلاقة وظلت في طي الكتمان حتي وفاة المشير عام 2008 ومازالت صفية تحتفظ بالسر وتأبي أن تتاجر به وهو ما يؤكد أن السيدة كانت تحب المشير حباً حقيقياً وشرعياً ولكنه كان عشقاً في الظلام بعيداً عن أعين الجميع.
وبعد رحيل المشير حاولت صفية التركيز في أعمالها الفنية واخراج طاقتها فيها إلا أن الحزن كان أقوي من العمل وانتصر المرض علي الجسد الجميل ودخلت صفية في مرحلة جديدة من الصراع مع المرض في ظل غياب كل الأحباب عنها فأولادها في أمريكا والحبيب رحل عن دنياها ولم يبق لها صديق سوي المرض واصيبت صفية بشلل نصفي في وجهها وظلت تخضع للعلاج لعدة سنوات حتي أتي الأمل الذي تمسكت به الجميلة بنتائجه وبدأت حالتها في التحسن إلا أنها أثرت السلامة وفضلت العزلة واكتفت بعلاقاتها المحدودة مع الأصدقاء فقط ثم انطلقت في العمل الخيري وحققت فيه طفرات جيدة كانت كفيلة بأن تخرجها من اليأس والمرض..
وبعدها بقليل حصلت صفية العمري علي منصب سفيرة النواياالحسنة تقديراً لأعمالها الخيرية ثم استقالت في موقف سياسي مشرف اعتراضاً علي المجازر التي حدثت في لبنان في فترة الاعتداء علي الجنوب اللبناني.
حاولت صفية أن تخرج كل طاقاتها في فنها إلا أنها لم تدرك للحظة واحدة أن علاقتها بأبوغزالة ستفتح عليها النار ونسيت «سيدة القصر» أن هناك «سيدة قصر» أخري في البيت العالي الذي يحكم نازك السلحدار والمشير ويحكم مصر كلها.
وفي المقابل كان علاء مبارك وأشرف مروان هما باقي أضلاع المثلث مع أبوغزالة في صفقات السلاح والعمولات الخاصة لجر رجل الرجل لعالم البيزنس ووضعه تحت السيطرة وبذلك يتم كسر عينه بالنساء والمال.
وتوسعت هذه الصفقات وبتوصيات خاصة من الباب العالي منح أيوب عدلي أيوب مساحة أرض «5» أفدنة في منطقة المنصورية وهي أفضل موقع هناك وتسمي «الصليبة المنصورية» وتم بناء قصر بها خاص بالمشير الذي حصل علي هذه الأرض دون مقابل مادي.
ولكن كان المقابل منفعة وهي منح عدلي أيوب مشروعات ضخمة لشركاته داخل الجيش يحقق من ورائها ملايين الدولارات.
كل هذه المخططات تمت في الخفاء وبشكل تدريجي ولم يتم فضح أي جزء منها إلا في الوقت المناسب وعلي مستويات معينة.
ومع تزايد شعبية المشير أبوغزالة خاصة أثناء مساعدته للعراق في مواجهة إيران حانت ساعة الصفر للتخلص منه بعدما أشيع أن الرجل سيرشح نفسه للرئاسة في الوقت المناسب وربما يقوم بانقلاب عسكري علي نظام مبارك ويفضح فساده.
وعندما علمت سوزان مبارك بتصاعد هذه الأفكار والشائعات قررت فتح النار فوراً علي المشير خاصة علي مستوي قيادات الجيش الذين اكتشفوا أن الجنرال أصبح رجل أعمال و«دنجوان».
وفي جلسات الهوانم قالت سوزان بالنص: «أبوغزالة رايقة عاوز يبقي رئيس؟!» وكانت الفضائح الأخلاقية في المجتمع الشرقي الذي يحافظ علي العادات والتقاليد هي وسيلة الإبادة الفتاكة لشخصية فولاذية مثل أبوغزالة.
حتي بعد رحيل أبوغزالة عن كل مناصبه وجلوسه في منزله يؤثر السلامة ظل يمثل شبحاً لمبارك وكل من حوله باعتباره صاحب رصيد لدي الشارع وحتي عام 2005 وقبل وفاته بـ 3 سنوات كان قبلها موعد انتخابات الرئاسة وأشاع البعض أن أبوغزالة سيرشح نفسه فقام مبارك بالاتصال به وسأله بشكل مباشر «يا أبوغزالة هترشح نفسك»؟! وكان الرد جاهزاً «لا يا ريس طبعاً» وكان هذا السؤال بمثابة رسالة تهديد ضمنية أدرك أبوغزالة أبعادها مبكراً لأنه يعلم تماماً أن النظام البائد كان وقتها يحتفظ ببعض الأوراق والفضائح التي لم تتم إزاحة الستار عنها وربما يتم استخدامها في حالة التفكير في العودة للمشهد السياسي أبرزها غرامياته مع صفية العمري وبعض الملفات الأخري الساخنة سنوالي نشرها في الأعداد المقبلة.