صدقى صبحى.. قائد فى مواجهة الطابور الخامس
الفريق «صدقى صبحى سيد» رئيس اركان القوات المسلحة صاحب مواقف معلنة من كافة الاحداث التى مرت بها مصر منذ ثورة 25 يناير 2011 مروراً بوصول الإخوان للسلطة وحتى عزل محمد مرسى العياط.. فرئيس الاركان فى الجيوش الحديثة عين صقر لا ينقصها الإحاطة الشاملة بالمكان الذى تقف فيه ..وثمة توافق كبير للغاية جمعه بالفريق اول عبداالفتاح السيسى وزير الدفاع فكانا كما كل الجيش وقادته على قلب رجل واحد.. برز اسم الفريق «صدقى صبحي» بعد تنحى مبارك بوصفه قائد الجيش الثالث الميدانى حيث مدن القناة الأكثر ثورة واشتعالاً بالغضب باحثة عن صدر حنون ودرع حامى فوجدته فى الجيش.. بعد اسابيع قليلة من تنحى مبارك على اثر ثورة 25 يناير بدت ملامح الصورة واضحة.. حيث ظهر من يرغبون فى استثمار ما جرى لنشر الفتنة فى مصر..
فى ذلك الوقت ظهر الفريق صدقى صبحى ليحذر من «طابور خامس يسعى لزعزعة الأمن وخلق الفتنة الطائفية»، وقال الفريق صدقى صبحي، فى مؤتمر علنى كان منعقد فى ذلك الوقت فى نقابة المحامين بالسويس فى 13 مارس 2011، تحت عنوان «كيف تستعيد السويس حياتها الطبيعية»: «إن المكاسب التى حققتها (انتفاضة) الخامس والعشرين من يناير مهددة بسبب استمرار الإضرابات والاعتصامات التى تعطل عجلة الإنتاج، وتصيب مؤسسات الدولة بالشلل» وهى تصريحات جاءت بناءاً على معلومات وتقدير دقيق للموقف ولهذا لم يكن غريباً أن يكررها الفريق صبحى على شاشات الفضائيات بعد ذلك كما حدث على فضائية «أون تى في»، فى لقاء معه جرى بعد ذلك، وقد تحدث فيه عن دور الجيش فى حل المشكلات التى تواجه المجتمع المحلى فى السويس مطالبًا بأن تستمر الاعتصامات فى غير ساعات العمل، وقال اللواء أركان حرب، وقتها فى اللقاء الذى امتد لخمس عشرة دقيقة إنه «لا مانع من قبول (البطالة المقنعة) فى سبيل خلق فرص عمل للشباب تهدئ من ثورة الرأى العام».
الترقية الأهم
وظل طوال أيام الثورة وبعد تنحى مبارك فى المشهد فى الميدان ومركز صنع القرار يوضح ويشرح ويقرر والرأى عنده ثابت كالجبل لا يتغير بتغيير من السلطة فما كان يقوله ويردده أيام المجلس العسكرى هو ذاته الذى ظل يردده بعد وصول الإخوان للسلطة الغاية فيه الوطن.. والشعب ولهذا فقد اندهش كثيرون عن صدر فى شهر رمضان قرار مفاجئ من الرئيس فى ذلك الوقت محمد مرسى بتعيينه رئيسًا للأركان ونائبًا لرئيس المجلس الأعلى للقوات المسلحة خلفًا للفريق سامي.
عنان وترقيته من لواء الى فريق وهى الترقية الأهم فى توقيتها واهميتها، وقد تمت فى رمضان ومع تولى الفريق عبدالفتاح السيسى منصب وزير الدفاع خلفاً للمشير محمد حسين طنطاوى فقد كانت مصر بحاجة لكفاءة فى هذا المنصب فى هذا التوقيت الحساس قائد يؤمن بأن مصر هدف لمؤامرات خارجية تسعى لتقزيم دورها المحورى فى المنطقة، ويرفض كل محاولات »زعزعة الاستقرار وهدم ثقة المواطن فى مؤسسات الدولة التى احتضنت الثورة« فى اشارة صريحة لوسائل إعلام انحرفت عن طريقها فى ذلك الوقت.
مرحلة جديدة
بهذه الترقية من رتبة لواء أركان حرب إلى رتبة الفريق انتقل الفريق صدقى صبحى من موقعه كرئيس للجيش الثالث الميدانى المتمركز فى منطقة عجرود العسكرية بالقرب من محافظة السويس إلى منصب رئيس الأركان فى مقر القيادة وعبر دور جديد اكبر وابرز ومحورى للغاية سيتجلى هذا لاحقاً عندما تتصاعد وتيرة الاحداث وتجد القوات المسلحة نفسها فى مفترق طرق بين الاستجابة لنداء الشعب والوقوف الى جانبه وبين الاستسلام لتهديدات جماعة استبان ارهابها و عدم ايمانها بالوطن ومقدساته ولم يصل الفريق صبحى لمنصب رئيس الأركان فجأة لكنه وصل لهذا المنصب بعد سيرة حافلة بالالتزام والعطاء حيث ولد الفريق صدقى صبحى سيد فى الثانى عشر من ديسمبر عام 1955 وتخرج فى الكلية الحربية فى نهاية السبعينيات والتحق بقوات المشاة عقب حرب أكتوبر وتدرج فى المناصب حتى تولى قيادة الجيش الثالث الميدانى ورقى إلى رتبة اللواء فى يناير 2007 .
ثم رئيس أركان القوات المسلحة المصرية منذ 12 أغسطس 2012، خلفاً للفريق سامى عنان وحتى الآن وهو حاصل على الماجستير من كلية الحرب الأمريكية.
رسالته للماجستير
وقد سافر الفريق صدقى صبحى إلى الولايات المتحدة للدراسة فى كلية الحرب الأمريكية، وكان وقتها برتبة عميد، وكتب فى أطروحته للماجستير كتب ورقة مكونة من 16.600 صفحة حول السياسة الخارجية للولايات المتحدة، ونشرها موقع تابع لوزارة الدفاع الأمريكية بعد ذلك لأهميتها ، حيث قال فيها إن «القوات الأمريكية يجب أن تنسحب من الشرق الأوسط، وأى عملية لنشر الديمقراطية بالمنطقة يجب أن تنبع من الداخل وأن تكون لها شرعية دينية». جاء فيها: »أوصى بأن يكون الانسحاب الدائم لقوات الولايات المتحدة من الشرق الأوسط والخليج هدفًا للاستراتيجية الأمريكية فى المنطقة».
وأضاف، فى التوصيات الختامية لرسالة الماجستير، أن «الولايات المتحدة يجب أن تعمل لتحقيق أهدافها الاستراتيجية فى المنطقة من خلال الوسائل الاجتماعية الاقتصادية والتطبيق غير المنحاز للقانون الدولي، وأن وجود القوات الأمريكية فى المنطقة جرى استغلاله من جانب الإسلاميين الراديكاليين كتبرير للكفاح المسلح».
وتابع صبحى فى الورقة التى كتبها قبل أن يسعى الرئيس الأمريكى أوباما إلى تغيير فى السياسة الخارجية الأمريكية من خلال خطابه المهم فى القاهرة عام 2009: «هناك نقص كبير فى التفاهم والاتصال بين صناع السياسة الخارجية فى الإدارات الأمريكية والحكومات فى المنطقة، وصناع السياسة الأمريكية يعملون فى نظام ديمقراطى علمانى صارم لكن الدين الإسلامى مرتبط بشدة بدرجات مختلفة بأداء معظم الحكومات العربية ومجتمعاتها».
وأوضح: «عملية نشر الديمقراطية لا بد أن تمثل شرعية سياسية واجتماعية وثقافية ودينية، وبتعبير آخر هذه العملية لنشر الديمقراطية لا بد أن يكون لها أصل داخلى صرف وأن ينظر إليها على هذا النحو».
أراء مهمة
من الأراء المهمة التى أدلى الفريق صدقى صبحى رئيس هيئة الأركان عندما كان الإخوان فى السلطة وكانت مصر تغلى وتتساءل عن انحياز القوات المسلحة المصرية لمن يكون؟ ، تصريحاته على هامش فعاليات مؤتمر ومعرض الدفاع الدولى إيدكس 2013 فى الامارات ، حيث قال فيها إن القوات المسلحة التى ظلت فى مركز السلطة لعشرات السنين، ستتجنب التدخل فى السياسة، لكن يمكن أن تقوم بدور إذا "تعقدت" الأمور، ولكن الأمر لم يصل بعد إلى مستوى الإضراب أو العنف الشديد، متمنيا أن تحل التيارات والقوى السياسية المتنافسة نزاعاتها بالحوار، مشيرا إلى أن الجيش لن يدعم أى حزب سياسي، ولكنه يمكن أن يساعد أحيانا فى هذه المشكلة، ويمكن أن نلعب هذا الدور إذا تعقد الموقف، ولم يذكر تفاصيل.
ورأى محللون وقتها أن تلك التصريحات تعنى أـن الجيش يمكن أن يتدخل إذا واجهت مصر اضطرابا يماثل الثورة التى أسقطت مبارك.
وقد ترافقت تصريحات صبحى مع تصريحات أدلى بها وزير الدفاع الفريق أول عبد الفتاح السيسي، عندما قال فيها إن الاضطراب السياسى يدفع الدولة إلى حافة الانهيار، وإن الجيش سيظل الكتلة الصلبة المتماسكة والعمود القوى الذى ترتكز عليه أركان الدولة.
كسب الأصدقاء بالحقائق
كما ذكر فى هذه التصريحات المهمة - فى وقت كان الأخوان يهاجمون الامارات بشدة - الموقف العروبى الشجاع للشيخ زايد فى حرب أكتوبر المجيدة، عندما خرج على العالم، وقال قولته الشهيرة: إن البترول العربى ليس بأغلى ولا أثمن من الدم العربي، وسخر كل إمكاناته وثرواته تحت تصرف المقاتل العربى فى تلك الحرب ليتحقق النصر أولاً، وليضرب ثانيًا مثالاً رائدًا فى التضامن العربى الحقيقى المنزه عن الهوى والغرض، واضاف لا ننسى أيضا أن الإمارات بقيادته كانت أول دولة عربية، تعيد علاقاتها مع مصر بعد المقاطعة العربية عقب اتفاقية كامب ديفيد".
وقال: "العلاقات التاريخية بين مصر والإمارات، تضيء سماء الأمة، وأن المواقف الوطنية الصلبة للشيخ زايد بن سلطان آل نهيان -رحمه الله- لن تنساها مصر مهما مرت السنين والأزمان، فهو صاحب المقولة الشهيرة أن مصر بالنسبة للعرب هى القلب وإذا مات القلب فلا حياة للعرب".
وعن الأوضاع فى مصر حاليًا، وموقف الجيش المصرى منها، أكد الفريق صدقى أن ما يحدث حاليًا هو أمر طبيعى ومعروف، يعقب جميع الثورات والتحولات الكبرى التى تتعرض لها الدول، وأن علينا جميعًا أن نتفهم ذلك، ونتعامل معه بصبر وحكمة.
الدرع القوى
وقد اشار الفريق صدقى صبحى وفى اكثر من مناسبة إلى أن القوات المسلحة المصرية تحملت دورها الوطنى بعد ثورة 25 يناير بأمانة صادقة وقدرة عالية، واقتدار غير مسبوق فى التعامل مع الأحداث المدنية المتلاحقة، وما صاحبها من انفلاتات أمنية واجتماعية لم تكن فى الحسبان، مضيفًا بأن التاريخ سيذكر هذا الدور التاريخى للجيش المصري، وسيضيفه إلى سجل وطنية هذه المؤسسة العريقة، التى كانت وما زالت وستظل بوتقة الوحدة الوطنية المصرية.
وأكد مرات عده أن الجيش المصرى سيظل درع مصر القوي، الذى يصون وحدتها، ويحفظ أمنها القومي، ويدافع عن وجودها اللائق بها بين أمتها العربية وبين محيطيها الإقليمى والدولي، مشددًا على أن القوات المسلحة المصرية فى حالة يقظة دائمة لكل ما يدور حول مصر من مؤامرات ومخططات، وأنها على وعى وإدراك كاملين برسالتها المقدسة فى حماية أمن وحدود وطنها، وصون مقدراته التى اكتسبها حضاريًا عبر آلاف السنين.