النهار
السبت 28 سبتمبر 2024 06:19 صـ 25 ربيع أول 1446 هـ
جريدة النهار المصرية رئيس مجلس الإدارة ورئيس التحريرأسامة شرشر

أهم الأخبار

المفوضين تلغي العفو عن طارق وعبود الزمر

أصدرت هيئة مفوضي الدولة بالمحكمة الإدارية العليا تقريرا قضائيا، طالبت فيه المحكمة بإصدار حكما نهائيا ببطلان قرارات العفو رقم 27 لسنة 2011 الصادر من المجلس الأعلى للقوات المسلحة أثناء توليه إدارة شئون البلاد عقب ثورة 25 يناير برئاسة المشير محمد حسين طنطاوي، والذي شمل كلا من طارق وعبود الزمر القياديان بالجماعة الإسلامية و 58 آخرين من المحكوم عليهم في قضايا جنائية وسياسية.

ذكر التقرير الذي أعده المستشار محمد مقلد، مفوض الدولة، أن القرار الصادر بتاريخ 10 مارس 2011 والمتضمن العفو عن باقي العقوبات السالبة للحرية المحكوم بها على المسجونين الذين أمضوا نصف مدة العقوبة، والبالغ عددهم ستون وأولهم فايز عبدالله أحمد المطرى وآخرهم حسين جمال الدين أحمد جودة وبينهم طارق وعبود الزمر, قد تضمن العفو عن طائفتين تمثلت الأولى في المحكوم عليهم من قبل محاكم الجنايات في جرائم تنوعت ما بين القتل والشروع في القتل والسلاح والتجمهر والتزوير .

وقالت هيئة مفوضي الدولة أن هؤلاء تمت محاكمتهم أمام القاضي الطبيعي وقضى عليهم بعقوبات تراوحت ما بين 7 سنوات والمؤبد ،ويمثل الإفراج عنهم خطورة بالغة على المجتمع والسلم العام به ،الأمر الذي لا يمكن القول معه بأن الإفراج عن هؤلاء المحكوم عليهم كان مرتبطا بالمصلحة العليا للبلاد بل هو وعلى العكس من ذلك يمثل تهديدا للصالح العام في الدولة .

وأكدت هيئة مفوضي الدولة أن مصدر القرار " المجلس الأعلى للقوات المسلحة أثناء تولي المشير طنطاوي رئاسته " لم يضع أية ضوابط او معايير موضوعية من شأنها التحقق من النهج الذي يمكن أن ينتهجه هؤلاء حال العفو عنهم.

كما أشارت المفوضين إلى أن الطائفة الثانية التي شملها القرار تمثلت في المحكوم عليهم من قبل المحاكم العسكرية ومحاكم أمن الدولة العليا وهم من تتذرع جهة الإدارة بكونهم من السجناء السياسيين وأن في العفو عنهم مراعاة لاعتبارات سياسية ، إلا أن أيا من المعفى عنهم بموجب هذا القرار والذين تمت إدانتهم من قبل المحاكم العسكرية أو محاكم أمن الدولة لا يمكن أن ينطبق عليه وصف السجين السياسى, ولا يمكن القول أيضا بأن جريمته جريمة سياسية .

واستشهدت هيئة مفوضي الدولة في تقريرها بحالتي كلا من طارق الزمر وعبود الزمر وهما المدانين في القضية رقم 7 لسنة 1981 عسكرية وقد تمت معاقبة ،الأول بالسجن المؤبد و22 سنة أخرى وتمت معاقبة الثانى ب 2 مؤبد و15 سنة أخرى،لاتهامهم بقتل الرئيس الراحل محمد أنور السادات،فهل يمكن القول بأن حمل السلاح في وجه الدولة وقتل النفس التي حرمها الله إلا بالحق مصداقا لقوله تعالى"ومن يقتل مؤمنا متعمدا فجزاؤه جهنم خالدا فيها وغضب الله عليه ولعنه وأعد له عذابا عظيما" هي جريمة سياسية, ،إذا فالمعفى عنهم تمت إدانتهم في جرائم جنائية وليست جرائم سياسية ,ولكن نظرا لوقوع الجرم على شخص الرئيس الراحل محمد أنور السادات وهو القائد الأعلى للقوات المسلحة ولتعلقه أيضا بمحاولة قلب نظام الحكم في الدولة بإستخدام السلاح تمت محاكمتهم أمام المحكمة العسكرية.

وأكدت المفوضين أن الأمر لم يختلف كثيرا بالنسبة لباقى المعفى عنهم حيث شمل القرار عدد آخر من المدانين في قضايا القتل وصدرت عليهم احكام بالمؤبد من محاكم امن الدولة والمحاكم العسكرية,وهو الأمر الذى يقطع بان قرار العفو هو في حقيقته قرار بالعفو عن مجموعة من السجناء الجنائيين بما يحقق صالحهم هم فقط وبما لا يمثل من قريب او بعيد رعاية للمصالح العليا للدولة سواء الخارجية او الداخلية،ومن ثم يكون محاولة إسباغه بالصبغة السياسية للتفلت من رقابة القضاء عليه محاولة محكوم عليها بالفشل فهو قرار إدارى بالإفراج عن مجموعة من السجناء لا شان له بكيان الدولة السياسى من قريب أوبعيد .

واستطرد التقرير " إن كان القرار يهدف إلى تحقيق مصلحة عامة تتمثل في العفو عن باقى العقوبة لبعض من السجناء ,وذلك بما يكفل إعادة تأهيلهم مرة أخرى,الا أنها صدرت متعارضة مع غايات قومية أخرى أسمى ،تتمثل في الحفاظ على الأمن الإجتماعى والنظام العام,والذى يقتضى أن يتم التحقق ممن سيتم العفو عنهم ,وهو ما كان يستلزم من جهة الإدارة أولا ان تراعى أن يكون المعفو عنهم من غير ذوى الخطورة, لا سيما في ذاك التوقيت الذى صدر فيه القرار بعد مرور أيام قليلة على أحداث 28 يناير وما تبعها من إنفلات أمنى وهروب المساجين وشيوع الفوضى في عموم البلاد ،فلا يستقيم الحال والبلاد تعمها الفوضى ان تعفو السلطات عن من ادين سابقا في أشد أنواع الجرائم خطورة وهى جرائم قتل النفس,ولم يثبت لدى جهة الإدارة ان سلوكه أثناء تنفيذ العقوبة يبعث على الثقة حال العفو عنه ،وهو مما لا شك فيه أمر في غاية الخطورة على الأمن والنظام العام ،وليس ادل على ذلك من ان بعض ممن أفرج عنهم بذلك القرار المطعون فيه قد صدر ضدهم أمر من النائب العام بالضبط والإحضار لإتهامهم بالتحريض على العنف والقتل في الأحداث التي شهدتها البلاد عقب قيام ثورة 30 يونيو وما زالوا طريدي العدالة ".

كما أكدت المفوضين على أن وضع المعفو عنهم تحت مراقبة الشرطة لمدة 5 سنوات لم يكن كافيا لتبرير إصدار هذا القرار حيث أنه صدر بتاريخ 10 مارس 2011 أي بعد مضى 29 يوما فقط على تنحى الرئيس الأسبق محمد حسنى مبارك عن الحكم وبعد مضى ما يقارب الشهر والنصف على أحداث جمعة الغضب"28 يناير"وما نتج عنه من إنهيار للشرطة المصرية في كافة أرجاء البلاد وهو الأمر الذى ظهر واضحا وجليا في إقتحام الأقسام وفتح السجون بعموم البلاد مما أثبته حكم محكمة جنح مستأنف الإسماعيلية في قضية "وادى النظرون" ،وقد أورد في حيثياته سردا لوقائع إقتحام سجن وادى النطرون من قبل من وصفهم الحكم بجهات داخلية وخارجية وذلك على إثر الفوضى الأمنية التي شاعت بالبلاد عقب أحداث 28 يناير،الأمر الذى يقطع بما لا يدعى مجالا للشك ان جهاز الشرطة في ذلك الوقت لم يكن لديه من الأدوات التي تمكنه من مباشرة وظائفه على النحو المقرر دستوريا وقانونيا.

وذكر تقرير مفوضي الدولة ان قرار العفو عن العقوبة قد إستجمع كافة مقومات القرار الإدارى وليس عملا من أعمال السيادة،كما ان القرار تضمن خلطا بين العفو عن العقوبة والإفراج الشرطى ،وتساءل إذا كان المعفى عنهم بموجب هذا القرار وفقا لما ذهبت اليه جهة الإدارة هم سجناء سياسيين فلم إذا وضعتهم تحت مراقبة الشرطة لمدة خمس سنوات من تاريخ العفو عنهم وفقا لما ورد بالقرار،وهو الامر الذى يكشف بما لا يدع مجالا للشك بأن القرار هو في حقيقته قرار بالإفراج عن بعض السجناء الجنائيين تحت شرط ،وتم وضعهم تحت رقابة الشرطة نظرا لخطورتهم ،الا أنه نظرا للمخالفات التي شابت القرار وخوفا من خضوعه لرقابة المشروعية من قبل القاضي الإدارى, فلم يكن هناك سوى التذرع بنظرية أعمال السيادة هروبا من تلك الرقابة ،الأمر الذى يكون معه الدفع بعدم إختصاص محاكم مجلس الدولة بنظر النزاع الماثل لتعلقه بعمل من أعمال السيادة دفعا غير ذي سند صحيح من الواقع والقانون .

وانتهى التقرير إلى أن قرار العفو قد صدر مشوبا بعيب عدم المشروعية ،مما ينحدر به إلى مدارك البطلان منذ تاريخ صدوره .