النهار
الجمعة 20 سبتمبر 2024 03:38 صـ 17 ربيع أول 1446 هـ
جريدة النهار المصرية رئيس مجلس الإدارة ورئيس التحريرأسامة شرشر

عربي ودولي

حصاد عمل وزارة الخارجية في أعقاب ثورة 30 يونيو

95 اتصال رسمي و 169 لقاءً مع مسئولين أجانب لشرح قيقة الاوضاع فى مصر

 بعد أن شهدت البلاد ثورة شعبية في 30 يونيو جسدت طموحات الشعب المصري العظيم وتطلعه لرؤية قرار مصري مستقل، قامت وزارة الخارجية ( على مدار النصف الثاني من العام الماضي) ، تحت قيادة الوزير نبيل فهمي، بالتحرك على المستوى الدولي لتحقيق وتحصين المصالح المصرية بما يعكس الإرادة الشعبية، بالتوازي مع جهود مكثفة لكافة قطاعات الوزارة في القضايا التي تهم المواطن المصري وفى مقدمتها دعم التنمية الاقتصادية ورعاية مصالح المواطنين المصريين في الخارج.

ووضعت الدبلوماسية المصرية نصب أعينها فى كافة تحركاتها أن ما يحكم سياسة مصر الخارجية هو المصلحة الوطنية المصرية واعتبارات الأمن القومي المصري وليست الاعتبارات الأيديولوجية . وفي هذا الإطار حدد الوزير نبيل فهمي ثلاثة محاور رئيسية للسياسة الخارجية المصرية منذ بدء المرحلة الانتقالية الحالية أعلنها بوضوح فور توليه مهام منصبه وهى:

 

أولا : الدفاع عن الثورة خارجياً وحشد الدعم لها وتوضيح حقيقة ما حدث في مصر من ثورة شعبية.

ثانيا : إعادة مركزة مصر كدولة ريادية في الدوائر العربية والأفريقية وتفعيل دورها المحوري في أهم القضايا الإقليمية ومواجهة التحديات الإقليمية التي توثر على الأمن القومي المصري.

ثالثا : وضع أُسس لرؤية مستقبلية للسياسة الخارجية المصرية تمتد إلى عام ٢٠٣٠.

 

ومن هذا المنطلق بدأت المؤسسة الدبلوماسية المصرية تعمل على تخطي المرحلة الأولى من الظرف التاريخي الذي تمر به البلاد، وهى المرحلة التى ارتكزت حول الدفاع عن ثورة 30 يونيو وتصحيح  الصورة المغلوطة لدى البعض في العالم الخارجي بزعم أن ما حدث في مصر هو انقلاب عسكري.

ونجحت وزارة الخارجية من خلال تواصل الوزارة والبعثات الدبلوماسية بالخارج مع الحكومات والجهات الرسمية في دول العالم، فضلاً عن وسائل الإعلام المرئية والمقروءة والمسموعة وجهات المجتمع المدني في تلك الدول، في أن تصحح المعلومات المغلوطة والانطباعات السلبية.

وانعكس هذا النجاح في عدم استخدام أي دولة في العالم مصطلح "انقلاب" في أى من البيانات الرسمية الصادرة عنها، بالإضافة إلى التحسن الملاحظ في موقف عدد كبير من الدول والزيارات المتبادلة بين وزير الخارجية وكبار مسئولي تلك الدول وتصريحاتهم الداعمة للموقف المصري. وتحركت وزارة الخارجية بشكل مكثف لمنع تدويل ما يحدث في مصر من حراك سياسي ومجتمعي سواء في مجلس الأمن أو مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة أو في منظمة التعاون الإسلامي أو الإتحاد الأوروبي وغيرها من المحافل الإقليمية والدولية من خلال إجراء اتصالات ولقاءات مع عدد كبير من وزراء خارجية دول العالم خاصة المؤثرة منها في الشأن الدولي كالدول دائمة وغير دائمة العضوية في مجلس الأمن وغيرها، ووزراء خارجية دول الإتحاد الأوروبي، والدول العربية وعدد كبير من الدول الإفريقية، فضلاً عن دول آسيوية هامة في مقدمتها الصين واليابان والهند. كما تم إجراء أكثر من 60 لقاءً مع ممثلي وسائل الإعلام الغربية والعالمية ومع قادة الرأي في دول مؤثرة كالولايات المتحدة والدول الأوروبية لشرح حقائق الأمور.

 

وأعَقَب ذلك انتقال عمل وزارة الخارجية إلى مرحلة الدفاع عن الدولة المصرية وقراراتها وسياساتها عقب قرار فض اعتصامي رابعة والنهضة، في ظل انتقادات وتنديدات من قبَل البعض في المجتمع الدولي نتيجة إدعاءات بأن الاعتصامات كانت تلتزم بالسلمية. وقامت الوزارة بالتواصل مع المسئولين ووسائل الإعلام في كافة الدول للدفاع عن قرار الحكومة لإبراز أعمال العنف والتحريض والترويع التي كان يقوم بها المعتصمون والتشديد على حق وواجب الحكومة المصرية في حماية سلامة المواطنين وفرض القانون، وتم إمداد تلك الجهات بمواد إعلامية توثق وتوضح انتهاكات المعتصمين للقانون وتعرضهم للمواطنين وللممتلكات العامة والخاصة، مما أسهم في تخطي مصر لتلك المرحلة الحرجة دون تحمل تداعيات سلبية جادة على المستوى الدولي والمضي قدما في تنفيذ خارطة الطريق لتحقيق تطلعات الشعب المصري نحو مستقبل أفضل.

 

​ ثم تحول منهج العمل الدبلوماسي المصري إلى الهجوم متجاوزاً لمرحلة الدفاع عن الثورة والتأكيد على شرعيتها الشعبية، حيث بدأت عملية تفعيل الدور المصري على المستويين الإقليمي والدولي والإسهام في القضايا البارزة والطارئة  فتحركت وزارة الخارجية لإنعاش علاقات مصر الخارجية خاصة مع بعض الدول التي كانت قد أُُهِملت من قِبَل مصر في الفترة الماضية مثل روسيا والهند والصين وذلك في إطار سياسة تنويع البدائل وتعزيز الخيارات المصرية في السياسة الخارجية بهدف ترسيخ استقلالية القرار المصري الخارجي وإعلاء المصلحة الوطنية، فضلاً عن التحرك للتقارب وتعميق التعاون مع دول القارة الأفريقية - والتي تمثل أحد ركائز الأمن القومي والمصلحة الوطنية المصرية – عن طريق ترتيب عدد من الجولات الهامة للوزير نبيل فهمي في القارة وإيفاد 8 مبعوثين رئاسيين من الدبلوماسيين المخضرمين إلي غالبية دول الإتحاد الإفريقي. كما طرحت وزارة الخارجية فكرة إنشاء الوكالة المصرية للشراكة من أجل التنمية والتي ستمثل إطاراً أشمل للتعاون بين مصر والدول الأفريقية والإسلامية، وغيرها من الدول الصديقة النامية بالتركيز على المجالات التى تتمتع مصر فيها بميزة نسبية وخبرة كبيرة، مثل مجالات الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات، والخدمات الصحية، والزراعة، والطاقة.

 

​ كما قامت وزارة الخارجية بالمشاركة الإيجابية في أهم الفعاليات الدولية و أبرزها الجلسة الـ68 للجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك والتي مثلت فرصة لنقل صوت الشعب المصري والتعبير عن إرادته أمام المجتمع الدولي لأولى مرة عقب ثورة 30 يونيو، فضلاً عن التأكيد على عودة مصر إلى الساحة الدولية كلاعب محورى ومبادر في أهم القضايا الدولية، حيث قام الوزير نبيل فهمي خلال الجلسة بإلقاء كلمة مصر التي طرح من خلالها المبادرة المصرية لإخلاء الشرق الأوسط من أسلحة الدمار الشامل.

 وانطلاقا من هذه المبادرة عقد مجلس جامعة الدول العربية اجتماعاً علي مستوي المندوبين الدائمين يوم 10/11بناءً علي طلب مصر بهدف استعراض المبادرة والنظر في سبل تنفيذ بنودها، وأقر المجلس بالإجماع قرارا يؤيد المبادرة، والعمل علي توفير الدعم السياسي والعملي لتنفيذها، فضلاً عن متابعة الأمر وعرض التطورات علي المجلس الوزاري للجامعة في دورته المقبلة.

وتحركت الوزارة لاتخاذ المواقف التي تتناسب مع مكانة مصر التاريخية ودورها الريادي التقليدي تجاه أهم القضايا وفي مقدمتها الأزمة في سوريا، حيث أكدت مصر على دعمها للشعب السوري في تطلعه لبناء دولة ديمقراطية تضم وتضمن حقوق جميع أطياف الشعب السوري، وعلى أهمية الحفاظ على كيان الدولة السورية، كما كانت مصر أول الدول العربية إعلانا لرفضها توجيه ضربة عسكرية ضد سوريا من قَبل أي قوة خارجية خارج إطار الشرعية الدولية وذلك تمسكاً بمبادئ القانون الدولي وميثاق الأمم المتحدة، كما قامت مصر خلال العام الماضي بالتأكيد المتكرر على دعمها للموقف الفلسطيني في المفاوضات الفلسطينية الإسرائيلية، مشددة على ضرورة أن تنتهي المفاوضات بإنشاء دولة فلسطينية مستقلة عاصمتها القدس الشرقية علي حدود الرابع من يونيو 1967.    

 

وفي نفس الوقت الذى كانت تعمل وزارة الخارجية فيه على تفعيل دور مصر إقليمياً ودولياً، كانت الوزارة والبعثات الدبلوماسية بالخارج تعمل على جذب السياحة الوافدة إلى البلاد وحشد الدعم الاقتصادي والتنموي وجذب الاستثمار، حيث قام عدد من الشركاء الإقليميين والدوليين بتقديم المساعدات المالية والفنية وإنشاء مشاريع استثمارية كبيرة في مصر .. وضمن أبرز هذه المساعدات والمشروعات جاءت المنحة التي قدمتها الحكومة الصينية إلى مصر بقيمة 150 مليون يوان لتنفيذ مشروعات تنموية وتجارية، والتي تم الإعلان عنها خلال زيارة وزير الخارجية إلى بكين عقب لقائه مع نائب وزير الخارجية الصيني، بالإضافة إلى توقيع عقد خلال زيارة الوزير إلى كوريا الجنوبية بقيمة 4.8 مليار دولار لإنشاء مجمع للبتروكيماويات في منطقة العين السخنة بمشاركة كورية في التمويل بنسبة 30% إلى جانب كونسورتيوم دولي، مما يسهم في خلق 20 ألف فرصة عمل خلال فترة الإنشاءات وحوالي 20 ألف فرصة عمل أخرى خلال فترة بدء الإنتاج.

 

وفي ذات السياق، نتج عن جهود الوزارة والبعثات الدبلوماسية رفع حظر السفر المفروض على مصر من قبل أكثر من 30 دولة بعد توضيح وإبراز حقيقة الوضع الأمني في مصر وتزايد استقراره يوما تلو الآخر، مما أعاد النشاط لأحد أهم مصادر الدخل القومي، كما شارك السفراء المصريون بالخارج في العديد من الندوات والفعاليات السياحية للترويج إلى السياحة في مصر.

 

وخلال قيام وزارة الخارجية بتلك الجهود، كانت الوزارة دائماً تحرص على إعلاء الكرامة المصرية واستقلالية القرار المصري، حيث أن السياسة الخارجية المصرية عقب ثورة 30 يونيو اتسمت بالرفض القاطع للمشروطية السياسية والتدخل في الشئون الداخلية، متبعة لمنهج التعامل بالند وبلغة المصالح المشتركة، ومن أبرز القرارات التي أوضحت عزم وزارة الخارجية على إعلاء الكرامة المصرية كان قرار تخفيض مستوى العاقات مع تركيا إلى مستوى وزير مفوض وسحب السفير المصري في أنقرة واعتبار السفير التركي في القاهرة شخصا غير مرغوب فيه بعد التدخلات السافرة والمستمرة لرئيس وزراء تركيا في الشأن المصري، بالإضافة للقرار الذي اتخذه الوزير نبيل فهمي عقب تولي منصبه بإعادة تقييم العلاقات الثنائية مع كافة الدول ومراجعة كافة المساعدات التي تتلقاها مصر من قبل دول أجنبية، وذلك فى اطار بلورة سياسة خارجية مصرية جديدة تحقق من جانب التوازن يبن تحقيق المصلحة الوطنية والتعبير عن الإرادة الشعبية وتضمن من جانب آخر تنويع البدائل من خلال إضافة شركاء وأصدقاء جدد دونما خصم فى علاقاتنا مع دول كبرى . 

وانطلاقاً من الواقع الجديد الذي فرضته ثورتي يناير ويونيو، والصحوة المجتمعية التي لا يمكن إغفالها، فقد اعتبرت الدبلوماسية المصرية أن أحد أهم أهدافها هو أن تنقل صوت الشعب المصري للعالم. ولذا، فقد أصبح من الضروري أن يتم سد الفجوة التي كانت قائمة بين الرأي العام الشعبي والسياسة الخارجية من خلال التواصل مع المجتمع المدني الذي يقوم في الوقت الراهن بدور غير مسبوق في السياسة الخارجية بعد أصبح للمرة الأولى شريكاً تتواصل معه الوزارة وتعمل على الاستفادة من الخبرات التي يقدمها، وتحرص على شرح المواقف الرسمية لممثليه بدلاً من سياسة الصدام معه على مدار عقود.

وقد اتخذ هذا التواصل شكلاً شبه مؤسسي رغم كونه غير رسمي من خلال تشكيل عدد من مجموعات العمل تضم عدد محدود من الدبلوماسيين إلى جانب خبراء ومتخصصون من المجتمع المدني وقادة الفكر والرأي وإعلاميين من خارج الوزارة للاستفادة من خبراتهم في قضايا معينة مثل:

* مجموعة عمل التواصل الإعلامي والدبلوماسية العامة: والتي تعمل على تطوير الرسالة الإعلامية للوزارة والعمل علي تدعيم التواصل مع المراسلين الأجانب بالقاهرة/ تعزيز القدرات الفنية والتكنولوجية للوزارة / تعظيم الاستفادة من الدبلوماسية العامة.

* مجموعة عمل  تعظيم الاستفادة من القوة الناعمة لمصر: والمعنية بصياغة رؤية وطنية لآلية الاستفادة من أدوات القوة الناعمة في تحقيق أهداف السياسية الخارجية المصرية، بما في ذلك الفنون والآداب والثقافة، وتعزيز دور مؤسستي الأزهر الشريف والكنيسة القبطية، فضلاً عن الاستفادة من دور منظمات المجتمع المدني في تحقيق تلك الأهداف.

 * مجموعة عمل لوضع أسس لصياغة رؤية واضحة المعالم للسياسة الخارجية المصرية حتى العام 2030: مع التركيز على المصالح المصرية، خاصة في الشرق الأوسط وأفريقيا، تتناول الفرص والتحديات التي تواجه السياسة الخارجية في المستقبل والأهداف والأدوات والسياسات المقترحة لهذه الرؤية، بما يعزز من قدرة مصر على التعامل مع متغيرات الواقع الإقليمي والعالمي.

بالاضافة الي مجموعات عمل اخري تتناول قضايا الأمن القومي والأمن المائي المصري والعلاقات بين مصر وافريقيا وبين مصر والعالم العربي. 
كما أولت وزارة الخارجية اهتماماً كبيراً للتواصل مع المصريين في الخارج والعمل على تقديم مقترحات جديدة لرعاية مصالحهم من خلال مقترح إنشاء "هيئة لرعاية المصريين في الخارج" لها ميزانية مستقلة للإنفاق علي توفير الحماية القانونية للمصريين في الخارج من خلال التعاقد مع مكاتب المحاماة بالخارج.

وقام وزير الخارجية منذ توليه مهام منصبه باجراء حوالي 95 اتصال رسمي مع نظرائه في دول العالم لشرح حقيقة الأوضاع في مصر وتطوير العلاقات الثنائية بين مصر ودولهم وتناول قضايا اقليمية ودولية، بالإضافة إلي عقد حوالي 169 لقاءً مع مسئولين أجانب من بينها لقاءات علي هامش أعمال الدورة 68 للجمعية العامة للأمم المتحدة، فضلاً عن القيام بحوالي 24 زيارة خارجية. يضاف إلي ما سبق إجراء أكثر من 100 لقاء وحديث مع وسائل الإعلام المصرية والعربية والأجنبية.