«هيكل»: السيسى لم يحسم موقفه الانتخابى وافضل الرئاسية قبل البرلمانية
مع مشارف بداية عام جديد يضع مصر والمنطقة كلها بعد معركة تحرير الإرادة، إلى عام المصير، فى منطقة تتدحرج فيها كرة نار هائمة فى جميع أرجاء الإقليم، يطل الكاتب الكبير والمفكر السياسى محمد حسنين هيكل، كعادته فى اللحظات الفاصلة والحاسمة، ليبين الخيط الأبيض من الأسود، ليس رجماً بالغيب وإنما بفكره وقراءته لحركة التاريخ.
ووفقاً لمقولته الشهيرة «من قرأ التاريخ لا يخطئ»، وأن المعرفة هى الطريق إلى النور، تواصل الإعلامية لميس الحديدى، فى حلقات «مصر أين وإلى أين»، حوارها مع «هيكل»، قبل أن تنفرط الأيام المتبقية من عقد 2013.
يقف «الأستاذ»، كعادته، محللاً وقارئاً ليضع قراءة متأنية فى كف هذا الوطن الحائر، ويرسم لنا بساطاً معرفياً، علّنا نجد الضوء فى نهاية النفق المظلم إذا سرنا عليه، واصفاً 2014 بعام المصير ليس لمصر فقط ولكن للمنطقة كلها.
فى هذه الحلقة التى خصصها الكاتب عن منطقة الشرق الأوسط والتحديات التى تواجهها أكد أن ما تعيشه المنطقة الآن سببه تلاقى قوتين وإرادتين متضادتين، إحداهما الربيع العربى النابع من إرادة التغيير الشعبى والآخر التدخل الخارجى، الذى يريد أن يضع قبضته على التغيرات، قبل أن تأخذ مساراً آخر وبين هذا وذاك تتحول المنطقة إلى أعمدة نار ملتهبة تحيط بمصر فى كل حدودها شرقاً وغرباً وجنوبا.
وعرج الكاتب الكبير، على تفاصيل زياراته للبنان والإمارات وتمنى أن يقر الدستور الجديد وإن اختلف على بعض النقاط، موضحا أن الدستور سيفتح آفاقاً إلى مستقبل يعقبه تشكيل دولة واقفة وثابتة تستطيع مواجهة الطوفان قبل أن يطفو عليها ويأخذها فى طريقه.
وطالب بأن تكون الانتخابات الرئاسية قبل البرلمانية، مشيراً إلى أنه يرى أن مصر قد لا تتحمل طول الفترة، وأن الفريق أول عبدالفتاح السيسى، وزير الدفاع، يواجه مأزقًا كبيرًا فى ظل الأزمات ولديه أسبابه المقبولة قد يرفض الترشح، والمعقولة قد يوافق عليه.
وشدد «هيكل»، على أن قراره ينبغى أن يكون نابعاً بشكل إنسانى يأخذه هو بما يقدر فيه المصلحة العامة، وأكد أن الرئيس القادم أياً كان، سيواجه تحديات لم يسبق لرئيس أن واجهها.. كما تحدث «هيكل»، عن تمويل الإخوان والإرهاب والتحركات الدولية ومستقبل العلاقات مع إيران أخرج من جعبته الكثير.. وإلى نص الحوار:
■ لماذا ترى أن 2014 عام المصير؟
- دائماً فى حركة التاريخ تكون هناك ثمة تراكمات، ونحن نعيشها منذ 15 عاماً تقريباً، ووصلت إلى ذروتها فى عام 2013، وأصبحت المنطقة بأسرها منهكة وعلى وشك السقوط، لولا بقاء بعض الأعمدة التى تسندها، وأهمها مصر التى لا تزال واقفة على قدميها برغم كل الأزمات، وأرى أن مصر عليها أن تتقدم أو أن تفعل شيئاً العام المقبل، وإلا فإنى أخشى أن يعم هذا الطوفان وأن يسير فى المنطقة بأسرها، والغرب لا يزال ساكنًا والجنوب ما زال ملتهباً، فعندما تطلين على الخريطة يصيبك الذعر.
■ ما طبيعة هذا الطوفان؟
- كل ما حولك عبارة عن دمار، فبعد انفصال جنوب السودان عن الشمال، يشهد الجنوب اضطرابات الآن، وهناك كردفان ودارفور ثم الصومال، وبالتالى الجنوب يمثل جبهة مشتعلة، ومن الغرب هناك جبهة أخرى مشتعلة فى ليبيا، وأخرى فى المشرق العربى حتى حدود إيران، ومصر تقف الآن فى دائرة نار، وإذا لم تقف وتتقدم وتزيح ما أمامها، فإن الوضع سيكون مقلقا، خاصة أن الموقف الاقتصادى والسياسى والاجتماعى على الحافة.
■ هل زرت لبنان لاستكشاف شىء معين؟
- قرأت مثلاً فى إحدى الصحف المصرية نقلاً عن لبنانية أنى توجهت لبيروت حتى أقوم بصلح بين الأطراف المتنازعة، وعلى ما يبدو أن الصحفى اللبنانى الذى صاغ الخبر كان ذكيا بعض الشىء، فعندما وجدنى ألتقى كل أطراف الدولة اللبنانية، اعتبر أن هذا ليس أمراً طبيعياً فكتب الخبر، ولكن ذلك غير حقيقى، فأنا صحفى لا أقوم بمهمة، وجميع الأطراف فى لبنان عاشوا الحرب الأهلية، وذاقوا ويلاتها، وهم أدرى بمصلحتهم من أى أحد آخر، بالإضافة إلى أن من يقوم بالوساطة يجب عليه أن يمنح الضمانات لجميع الأطراف، وهذا لا يكون إلا من دولة، ولا يتوافر لى.
■ ما الذى دار فى حواراتك مع حسن نصر الله؟
- لا أحد يستطيع أن يقول إن حزب الله إرهابى، حتى الأمم المتحدة نفسها لم تستطع أن تفعل هذا، واتصاله بإيران مقبول فى سياقه، ونصر الله شخص موجود أمام إسرائيل وفى الساحة اللبنانية، وقد نقل لى رسالة على سبيل المثال عن لسان مرشد الثورة الإيرانية، وأنا أرى أن وجوده على الساحة أو حتى وجود مخابراته بهذا التشعب، يجعله مركز معلومات فى غاية الأهمية.
■ ماذا كان مضمون هذه الرسالة؟
- أمران، أولهما دعوة إلى زيارة إيران، والثانى محاولة فهم الموقف الإيرانى واللبنانى والشيعى بشكل أكبر، وفى اعتقادى أن المنطقة يزج بها إلى صراعات لا لزوم لها، فهناك تنوع أكبر من هذا فى المنطقة، وأنا كنت أقول دائماً إن هناك ميزة التنوع الإنسانى والفكرى والدينى فى المنطقة، وإما أن نجعله لوحة قابلة للانسجام مع بعضها البعض، أو نحوله بأكمله إلى عناصر متنافرة.
■ كيف يرى حسن نصر الله مستقبل سوريا ومستقبل الأسد؟
- هو لا يملك أن يرى مستقبل سوريا أو أن يحدده، لكنه يملك أن يتدخل عند اللزوم.
■ هل 2014 سنة مصير أيضاً بالنسبة لحزب الله؟
- سنة مصير لكل شعوب المنطقة، وهذا ليس معناه أن حزب الله سيخرج أو يغادر أو ينتهى، لكن أقصد أنها ستحدد قيمة فعله، فعلى سبيل المثال، فإن قيمة فعل حزب الله فى مساندة سوريا تأكدت، ولا يمكن الحديث عن حل سلمى يجمع كل الأطراف دون وجوده، خاصة بعد أن أحدث تغييرا رئيسياً على الأرض فى القصير.
■ هل بدا لك نصر الله أكثر قوة الآن بعد القصير، وبعد استبعاد الضربة العسكرية الأمريكية؟
- بدا أكثر حذراً، فلا يوجد أى أحد فى العالم العربى الأكثر قوة، ولا يوجد أحد لديه القدرة على أخذ زمام الأمور، وأن يبدأ بالهجوم، كلنا نعمل فى خط الدفاع، ولكن علينا أن نتذكر دوما بعد كل هذه التطورات، أن الدفاع فى بعض الأحيان تكون له قوة الهجوم، وهذه نظرية عبدالمنعم رياض فى حرب الاستنزاف، فإذا كنت تستطيع الدفاع جيدا، فإن ذلك يعنى استنزاف خصومك.
■ فى زياراتك لدول الخليج، هل كان هناك سؤال بعينه يُطرح عليك؟
- جميع من جلست معهم فى الخليج ولبنان يبادرونى بسؤال واحد: «طمنى على مصر؟». وهذا فى اعتقادى يجعل مصر فى السنة المقبلة مطالبة بأن تلملم نفسها وتجمع أطرافها، وإذا مرت هذه السنة دون أن تقف أعتقد وأخشى أن نكون أمام مشكلة كبيرة.
■ لماذا تراجع أوباما من وجهة نظرك عن الضربة العسكرية فى سوريا؟
- سأستشهد بمقالة لسيمون هيرش، وأنا معجب به جداً، واخترته ليتحدث هنا للشباب فى مصر، لأنى أعتقد أنه أهم مخبر استقصائى، حيث كتب قائلاً إن النظام السورى لا يمكن أن يكون هو من استعمل الغازات، واتهم النظام الأمريكى بأنه حاول تلفيق هذا الأمر بناء على ضغوط، وفى مقاله نكتشف أن مواقع الأسلحة الكيماوية فى سوريا محاطة بأجهزة مراقبة قوية وكبيرة مزروعة فى الأرض، تنقل كل حركة تجرى وتنقلها وتصل فى نفس الوقت لتل أبيب وواشنطن.
■ ولماذا لم يكتشف النظام السورى أجهزة المراقبة تلك؟
- سيمون هيرش ذهب أيضا إلى أن مكتب الأسد كان مراقباً بنفس الأجهزة، والسوريون اكتشفوا أن ثمة بعض التسريبات يبدو فيها اختراقًا لمكتب الرئيس، فاتخذوا بعض الإجراءات، لكن تلك الأجهزة الموجودة حول مواقع الأسلحة الكيماوية بقيت كما هى وتعمل بشكل جيد، وهو يؤكد أنها أجهزة دقيقة، ويقول إنه فى ديسمبر أطلق أوباما تحذيراً بأن نظام بشار الأسد يستعد لاستخدام الأسلحة الكيماوية، وعليه أن يتراجع لأن هناك ضحايا سيكونون بالمئات، ويعود هيرش قائلاً إن هذه الإدارة أخذت مقدمات ما حدث فى ديسمبر وألصقتها بعد تغيير التاريخ إلى نوفمبر الماضى، وقالت إن النظام استخدم الأسلحة الكيماوية، وأن المعارضة لديها هذا السلاح وأنها هى من بدأت بالاستخدام هذه المرة رغبة منها فى توريط النظام.
■ إذا انتقلنا إلى إيران وتركيا.. هل من الممكن أن تضرب إسرائيل إيران منفردة؟
- أمريكا لن تضربها، وأنا أشك أن تستطيع إسرائيل ضرب إيران بمفردها، أقصد من الناحية الجغرافية، فإن ذلك صعب جدا، بالإضافة إلى أنه ليس هناك أقوى من ثقافة شعب على أرضه، التى لم تتغير عبر التاريخ، فمنذ بداية التاريخ إيران دولة حقيقية، وتركيا نفس الشىء ومصر أيضاً نفس الشىء، ولو قلنا إن هناك ثلاثة بلاد مؤثرة فى المنطقة، ستكون إيران وتركيا ومصر، وبقية الدول حديثة.
■ ما دور مصر فى إحداث تقارب إيرانى - خليجى مثلاً؟
- لابد أن تؤكد لدول الخليج أنها معها، ليس من خلال إرسال القوات، لكن أنها تسعى مع إيران أيضاً، فهناك دول كثيرة وأنماط مختلفة، إما دولة كبيرة تتحول إلى ثقل أصم وتكون كارثة فى هذا الوقت على التقدم، وإما دولة تكون حاضرة وموجودة، وإما ثالثة تقود بقوتها الناعمة أو الصلبة.
ونحن حتى الآن لا نستطيع أن نستوعب ماذا حدث لأردوغان، قابلت أناساً كثيرين قابلوه وجلسوا معه، وعلى سبيل المثال الرئيس ميقاتى قابله ومكث معه ساعات طويلة، وأنا الآن لا أنقل عنه شيئاً لكن أقول: تركيا دولة كان لديها حلم الخلافة الإسلامية، وقد حاولت الانضمام لأوروبا، والقارة ليس لديها مكان لتركيا، وألمانيا ودول كثيرة تعارض هذا، فحلم الالتحاق بأوروبا لم يتحقق وبالتالى عودتهم للارتداد مرة أخرى للشرق الأوسط، وهذا كان ضمن خطة حلف الأطلنطى التى كلفت بأن تتولى شمال أفريقيا من مصر إلى نهاية الشمال، وتركيا مكلفة بالشام نظراً لجذورها تاريخياً.
وقد حلم بمشروع عثمانى وجده انتهى فى مصر، ودون أن نسهب فى التفاصيل: الرئيس ميقاتى سأل أردوغان قائلاً: ماذا تريدون من مصر؟ لماذا كل هذا؟ فقال: رقم واحد حدث انقلاب هناك، فقال له ميقاتى: ليس انقلاباً.. والغريب أن ثمة اتصالات بين تركيا وإيران يسألون خلالها عن طبيعة ما حدث، حتى وصلت إيران إلى توصيف خلص إليه المرشد العام هناك، قال فيه بعد حيرة لفترة طويلة إن ما حدث فى مصر من الممكن أن يكون له ظواهر الانقلاب العسكرى لكنه مؤيد بالإرادة الشعبية.
■ هذه إيران لكن تركيا لا؟
- أردوغان قال أولاً انقلاب، وهناك أمر أننى لست متحمساً لسبه ولا تخفيض العلاقات، وأنا أتفهم ما حدث له، فقد بدأ بالنجاح مثل تاتشر عندما كان عمدة لاسطنبول والآن لا.
■ لديه مشاكل؟
- ليست مشاكل فقط بل مصائب لأن سياسته جعلت من تركيا معبراً لسوريا، ومن الأشياء المخيفة أنه أصبح لديك دولة كردية قائمة.
■ الآن تنظيم الإخوان ينتقل إلى تركيا؟
- دعينى أكمل هذه النقطة قبل الولوج إلى هذا السؤال، فأردوغان رجل حقق نجاحات وأصبح ذا رمزية وقيمة، ثم طال بقاؤه فى الحكم فانقطعت صلته بالحقائق، وأصبحت الأساطير أقرب لذهنه من الحقائق، ويتحدث بما هو أقرب للأساطير، وعندما أجده يرد بإشارة رابعة أجد ذلك يعكس حالة الحزب الذى أحدث اضطرابات كبيرة وأصبحت تركيا مهددة بالانقسام بسببه.
■ لكن أعتقد أنه مع الضغوط الخليجية على قطر فإن معظم أعضاء التنظيم سينتقلون إلى هناك ومن ثم تصبح تركيا منصة العداء للنظام المصرى؟
- أعتقد أن هذا يلقى معارضة قوية فى تركيا خاصة أن النظام بدأ يتنبه إلى أن تركيا نفسها فى خطر، وأن الغرور صوَّر أموراً غير صحيحة، فعندما نتحدث عن وطن دون معرفة بطبيعة هذا الوطن القابلة للانفكاك تحدث أخطاء كبيرة جداً، أتصور أن أردوغان أخذ هيلمان الدولة التركية معتمداً على نجاحه الأولىّ وتناسى دور السياسات التى اتبعها فى سوريا وأن لديه علويين على الجبهتين.
■ منصة العداء للنظام القطرى بعد 30 يونيو إما من الدوحة أو تركيا.. قطر الآن هناك محاولات مصالحة من قبل السعودية أو الإمارات؟
- أنا لا أخفى أن لدىَّ صلة صداقة مع أمير قطر والشيخة موزة، وأعتقد أننى كصداقة لن أتغير معهم، أنا ناقد لسياسة قطر، وقد تكلمت فيها ولم أخف رأيى إطلاقاً، وقد قابلت الشيخ حمد ورأيت تميم وهو شاب واعد وفيه أمل، لكنى أرى أن قطر ارتكبت أخطاء كان من الممكن تفاديها لا لزوم لها، عندما تكون الأحلام أكبر من القدرات والقدرات ليست فقط أموالاً، البعض يتخيل أن الغنى قادر على أن يخلق قوة، يخلق فقط إمكانية الشراء وليس القوة، وأرى أنهم بحاجة لمراجعة سياستهم، وكثيرون فى المنطقة يحتاجون إلى هذا، ودول الخليج تحتاج لمراجعة المواقف.
■ هل تتوقع أن تنجح المبادرة السعودية الإماراتية؟
- أنا من أنصار علاقات مباشرة دون وساطات، أن نتحدث مباشرة مع أى طرف بما فيها قطر ومصر، ولكن المسألة أن تستعيدى التوازن، نحن أهدرنا أشياء كثيرة فى هذا البلد لأن أناساً كثراً قبلوا أن يتقبلوا أموالاً فى مقابل غض النظر عن مساعدات، كان لدىَّ هذا الأسبوع شخص قصَّ علىَّ أشياء كثيرة تدمى القلب عن الحقائب التى تدخل إلى البلد، نحن الآن نقوم بالبحث عن ثورات بعض الناس فى الخارج، وأنفقنا على ذلك ملايين الدولارات وهم لا يفهمون شيئاً ويبحثون عن السراب.
ولو رأيت كميات الحقائب التى خرجت ودخلت لمكاتب مسؤولين فى مصر وخارجها ستشعرين وقتها بأن السياسات شُوهت لصالح بعض الحقائب.
■ بأى عملة؟
- باليورو.
■ كيف استقبلت دعوات تشبيه مرسى بمانديلا.. باستخفاف أم استهزاء؟
- أنا لا أستهزئ، إذا وجدتِ أحداً مخطئاً وكان لديكِ ما تقولينه، فمن واجبك أن تقوليه، وأحياناً كثيرة أشفق على مرسى لأنى أعتقد أنه رجل وُضع فى غير موضعه.
■ هل هناك وجه تشابه بينهما؟
- لا يوجد وجه تشابه نهائياً من ناحية الثقافة السياسية، هذا شخص سُجن لمدة 22 سنة، ظل يقرأ تاريخاً ويفكر ويتأمل ومخه يعمل، وشخص فى الرئاسة.
■ من أين تأتى هذه الأموال للإخوان؟
- أنا سألت أناساً كثيرين جداً، ومنهم شخصية مهمة قابلتها فى دبى، وهو ضاحى خلفان، وهو شخصية مهمة لأنه قائد بوليس ناجح ومتابع للإخوان المسلمين، لم يذكر هذا حرفياً لكنه بدا واضحاً أنه يتحدث عن موارد هائلة بالبلايين، ويبدو أنه فى فترة النضال الإسلامى ضد أفكار الإلحاد، وإنفاق مبالغ كثيرة على الجماعات المقاتلة عبر الإخوان.
ويبدو أن استثمارات الإخوان فى منطقة الخليج وحدها تتراوح ما بين 10 و12 بليون دولار، نحن نتحدث عن أناس استطاعوا فى ظروف تاريخية أن يراكموا ثروة، أنا أعتقد أنهم يقومون بأشياء فى منتهى الخطورة وتخطت حدود ما لا يليق، وهى القضايا التى يقومون برفعها الآن.
ولن أتحدث فى التفاصيل، لكن رُصدت 10 ملايين جنيه إسترلينى أمام محكمة الجنايات الدولية لإحدى القضايا، نحن نتحدث عن موارد ضخمة نعود للمحامين الذين ذهبوا إلى إنجلترا وعندما تشجعوا وذهبوا للمحكمة الجنائية قالت المحكمة إنها تعتذر عن عدم نظر القضية لأن مصر ليست موقعة على الاتفاقية ثم ذهبوا لشخص أنا أعرفه وهو خبير قانونى ممتاز جداً اسمه دكتور فورك مع الأسف متزوج من سيدة تركية وخبير بالعالم العربى، وأنا رأيته بالقاهرة وقال لهم إن المحكمة الجنائية الدولية لا تنظر إلا قضايا الدول الموقعة للاتفاقية.
■ لابد أن يكون هذا بقبول المدعى العام البريطانى؟
- نعم على ما أعتقد.
■ هل ترى مستقبلاً لهذه القضايا؟
- أنا لا أرى مستقبلاً لهذه القضايا وأعتقد أنها عيب لا تليق.
■ كل تصرفاتهم لا تليق؟
- المشكلة أن الإخوان فى هذا كله يثبتون أنهم ليسوا حزباً سياسياً.
■ هذه الاموال لا تنفق فقط على القضايا الدولية وإنما تنفق أيضاً فى الداخل فى التدمير؟
- ليس التدمير فقط بل الإعاشة مثل اعتصام رابعة العدوية وغيره.
■ هل يمكن إيقاف هذه الأموال؟
- لا أعرف الكيفية وليس من السهل إيقافها، لكن إذا كانت هذه الأموال موجودة فى صورة استثمارات بأسماء لا نعرف من هى فكيف ستتم ملاحقتها، كل ما يحدث غير سياسى، هناك أساليب للنضال السياسى ليس بينها القتل، وما حدث فى سيناء.. هل من الممكن أن يوجه مسدس لضابط أو عسكرى فى الجيش المصرى؟! من غير الممكن.
■ فى ظل هذه الأوضاع المسيطرة والغالبة أين تقف مصر فى الفوضى التى تحدث فى المنطقة؟
- مصر تقف حائرة، وهذا ما يقلقنى فى 2014، وأرى أن مصر لابد أن تحسم أمرها.. هذا الذى يجرى أرى أن ثمة أشياء إيجابية وأن ثمة خارطة طريق احترمت بشكل أو بآخر، أرى دستوراً قد أختلف مع بعض ما فيه لكنى أحترم جداً مقاصده وأرغب أن يمر حتى فتح الطريق إلى المستقبل، انتخابات رئاسية وبرلمانية، وأتمنى أن يكون هناك شكل دولة وقيمة، دولة لا أريد أن يكون هناك دور قيادى، فقط أطالب مصر بأن تضع قدميها فى الطريق الصحيح وشاعرة بثقتها فى المستقبل.
■ هل قلت فى لبنان إن الفريق أول عبدالفتاح السيسى لن يكون مترشحاً للرئاسة؟
- قلت لن يرشح نفسه للرئاسة، وهذا موضوع أنا أتردد دائماً فى الخوض فيه لأنى أعرف أن هذا الرجل يواجه مأزقاً شديداً للغاية، وأنا رأيته آخر مرة بشكل طبيعى.
وكثير من الناس يتصور أن هناك علاقة خاصة، وهذا يسعدنى جداً، لكن ليس صحيحاً، أرى أمامى رجلاً حائراً ولديه أسباب حقيقية لهذه الحيرة ولديه أسباب تجعله يقول (لا) وأخرى حقيقية تجعله يقول (نعم)، وأنا قابلته بعد عودتى من السفر، وما يضايقه أن الناس تتصور أنه يفكر بشكل أب آخر بمعزل عن الحيرة لكنه يواجه مأزقاً حقيقياً، هو يرى أن دخوله للرئاسة قد يؤثر على القوات المسلحة، ستكون تجربة قاسية إذا لم تنجح التجربة وهو يرى الطموحات الشعبية معلقة عليه، أنتِ أمام رجل فى حيرة يسمع نداء الناس ولديه تحفظات ويعز عليه أن يخلع بدلته العسكرية وهى مشكلة إنسانية بجوار المشكلة الكبرى.
■ متى يجب أن يتخذ قراره؟
- عليه أن يتخذ قراره بعد الاستفتاء، وأرى أنه من الأفضل أن تجرى الانتخابات الرئاسية قبل البرلمانية، الساحة بها مخاطر كبيرة والمنطقة من حولنا تجعلنا فى حصار من أعمدة نار فى كل مكان، وأعتقد أن الرئيس القادم- مهما كان- أمامه تحديات لم يسبق للرئيس أن واجهها، و2014 هى سنة الحسم، سوف تتقرر فيها مصائر.
■ تفضّل أن يكون لمصر رئيس منتخب قبل البرلمان؟
- قبل ذلك كنت أفضل أن تكون خارطة الطريق كما هى الآن. لأن شعب مصر لا يحتمل أن يترك لفترة طويلة يخوض انتخابات برلمانية وهو مفكوك بهذا الشكل.
■ سواء قرر الفريق السيسى أن يترشح أم لا؟
- سواء قرر أم لا أعتقد أنه قرار إنسانى عليه أن يتخذه هو وحده بضميره وشعوره التاريخى، ولكن ما يهمنى البلد الذى يقبل على لحظة تتقرر فيها مصائره، إذا لم يستعد لملاقاتها أخشى أن يأتى عليه الطوفان.