عمرو موسى قائد إنجاز الدستور الدبلوماسى
سلم رئيس «لجنة الـ50» عمرو موسى الثلاثاء دستور ثورة 30 يونية والذى يعد تعديلاً كبيراً لدستور الإخوان 2012 إلى الرئيس عدلى منصور، بمقر رئاسة الجمهورية بمصر الجديدة وهو دستور اتسم بالتوافق والدبلوماسية من رئيس اللجنة التى قامت بإنجازه حيث أثبت «عمرو موسى» كفاءة كبيرة إذا ما قورن «حسام الغريانى» رئيس لجنة إعداد الدستور السابق فضلاً عن قدرته الدبلوماسية الفائقة التى انتجت فى النهاية دستوراً دبلوماسياً توافقياً أساسه المواطنة.. فبحسب رئيس لجنة الخمسين لتعديل الدستور عمرو موسى فإن عمل اللجنة اتسمت بالتوافق الشامل على مواد الدستور التى عدلت جذريا من الدستور المعطل لتعبر بمصر إلى المستقبل فى وثيقة تضمنت 247 مادة منها 42 مستحدثة و 18 تتحدث عن الحقوق والحريات وعن التنمية الاقتصادية وعن العدالة الاجتماعية وعن الحقوق السياسية بمثل ما تحدثت عن الحقوق الاقتصادية.
وكما قال عمرو موسى فإن هذا الدستور يعيد القوى الناعمة لمصر التى جعلت لمصر نفوذا وبهاءًا .
كما أن «الدستور» تحدث عن حقوق العمال والفلاحين وأعطاهم الكثير من هذه الحقوق وهى ليست مكتسبات وهمية إنما نصوص إلزامية تحقق المصالح لهاتين الفئتين .
ولا ينكر موسى أن الخلافات داخل لجنة الخمسين كانت موجودة لكن التوافق انتصر فى النهاية .
ويوضح موسى : أن الدستور يتعامل مع وضع خطير تمر به مصر ليرسم الطريق بالتزامات الدولة نحو مصر ومستقبلها.
وقد تم وضع 45 مادة تتعامل مع العمال والفلاحين وأهمها مواد تحفظ حقوق العمال فى كل ما يتعلق بشؤونهم ونقاباتهم وحقهم فى حماية امورهم وأجورهم كما تحدث الدستور عن المرأة والطفل وعن اصحاب الاحتياجات الخاصة والشباب وعن كل عناصر المجتمع بتقرير حقوقه وحرياته وضمانها وعن الجماعات المهمشة جغرافيا أو مجتمعيا لنبنى اسس المواطنة الحديثة وهى المساواة بين كل المواطنين والرجل والمرأة فى أفكار مفاهيمنا وثقافتنا.
زمن إنجاز المهمة
وقد تتطلب إنجاز مهمة دستور 30 يونية فى الشهر الأخير فقط عقد 56 جلسة فى بـ 272 ساعة و 306 ساعات فى اللجان النوعية والاستماع بإجمالى عدد الساعات فى المرحلة الأولى 720 ساعة وفى أخر شهر تم الاستماع إلى 91 هيئة.
وقد أعرب رئيس لجنة الخمسين لتعديل الدستور عن أمله فى أن يؤيد الشعب الدستور الجديد عبر الاستفتاء القادم من أجل أن تنتقل مصر من مرحلة الإضراب إلى مرحلة الاستقرار ومن التخلف الاجتماعى إلى ضمان التقدم المجتمعى.
النظام الانتخابى
الدستور الذى سلمه موسى للرئيس عدلى منصور وفيما يتعل بالنظام الانتخابى ترك لرئيس الجمهورية اتخاذ ما يراه مناسبا بشأنه لكن الأحكام الانتقالية للدستور طالبت بالجمع بين النظام الفردى والقائمة حيث يكون ثلثا المقاعد بالانتخاب والثلث الآخر بالقائمة ولرئيس الجمهورية حرية الاختيار.
وعن إنشاء غرفة ثانية للبرلمان ذكر موسى أن البرلمان القادم له كافة السلطات لاتخاذ ما يراه نحو إنشاء غرفة ثانية أم لا.
تحصين وزير الدفاع
وفى اطار الجدل الواسع حول وضع وزير الدفاع فى الدستورر الجديد وما يتعلق بتحصينه نفى عمرو موسى وجود تحصين لأحد فى الدستور ..قال هناك فقرات انتقالية خاصة وأن القوات المسلحة لها دور عظيم ونحن نشاهد ذلك على الساحة وأن المرحلة الحالية تتطلب ذلك.
كما نفى رفض القوى الثورية الأساسية لمشروع الدستور ..وقال لم يرد إلينا ما يتعلق برفض هذه القوى للدستور بل على العكس قد شاركت فى المناقشات بإيجابية.
وأشاد بحزب النور ووصفه بأنه كان متعاونا ومتفاهما وقدم اقتراحات أخذ ببعضها.
المحاكمات العسكرية
وفيما يتعلق بمحاكمة المدنيين أمام محاكم عسكرية أوضح موسى أن الدستور الجديد حدد حالات الإحالة بجواز تقديم المدنيين إلى القضاء العسكرى بعكس الدساتير السابقة ومنها الاعتداء المباشر على المنشآت العسكرية والأفراد والضباط.
وقال إن وثيقة الدستور تتعامل مع مستقبل مصر الواعد وتستجيب لمطالب الشعب المصرى الذى سيصل إلى 150 مليون نسمة خلال الأربعين سنة القادمة مما يعد تحديا كبيرا ويستلزم ضمان حقوق المصريين اليوم وغدا وبعد غد.
وأكد موسى أن اللجنة لا تنتظر مكافأة من أحد على عملها ولا تنتظر منصبا تنفيذيا وإنما قمنا بواجبنا كما نؤمن به من أجل مصر ومستقبل شعبها.
تتويج لمسيرة حافلة
لقد انتخب عمرو موسى رئيساً للجنة الخمسين المنوط بها تعديل الدستور ، بحصوله على 30 صوتا مقابل 16 صوتا لسامح عاشور ليرأس هذه اللجنة التى انتجت هذا الدستور لتكون تتويجاً لمسيرتة الحافلة والتى بدأت بالميلاد فى 3 أكتوبر 1936 بالقاهرة، لعائلة سياسية تنتمى إلى محافظتى القليوبية والغربية، كان والده محمود أبو زيد موسى نائباً فى مجلس الأمة عن حزب الوفد ولذا فقد سلك عمرو موسى السياسة وأصر على الالتحاق بكلية الحقوق منذ صغره، وبالفعل التحق بها وحصل على إجازة فى الحقوق من جامعة القاهرة 1957 والتحق بالعمل بالسلك الدبلوماسى بوزارة الخارجية المصرية عام 1958.
عمل مديرا لإدارة الهيئات الدولية بوزارة الخارجية المصرية عام 1977 ومندوبا دائما لمصر لدى الأمم المتحدة عام 1990 ، وعمل كوزير للخارجية فى مصر من 1991 إلى 2001. تم انتخابه كأمين عام لجامعة الدول العربية فى مايو 2001، وحتى 2011 وقد خلفه نبيل العربي.
وقد طور عمرو موسى أداء الجامعة العربية منذ أن تولى قيادتها عام 2001 وحتى عام 2011، حيث أصبحت الجامعة العربية لها دور إقليمى هام فى المنطقة العربية وتعاملت مع العديد من القضايا العربية كان أولها الغزو العراقى للكويت حيث قاد عمرو موسى عددًا من المبادرات لإقامة السلام والصلح بين البلدين، ومن أمثلة الأمور التى أضافها السيد عمرو موسى للجامعة العربية : البرلمان العربي، صندوق دعم الصناعات الصغيرة والمتوسطة، السلطة التى أعطيت للمجلس الاقتصادى والاجتماعى ،وغيرها من الأمور، إلا أن السيد عمرو موسى دائماً ما يُهاجم من قبل معارضيه بأنه لم يكن على المستوى المطلوب فى الجامعة العربية ولم يكن للجامعة دور ملحوظ بل أن المنطقة العربية شهدت أحداث جسام فى فترة ولايته أشهرها: الغزوالأمريكى للعراق والحصار الإسرائيلى على غزة.إلا أن السيد عمرو موسى يرد دوماً على هذا الهجوم بأنه لم يتخاذل ولم يقف صامتاً إزاء هذه التطورات وندد كثيراً بالغزو الأمريكى للعراق وطالب بفك حصار غزة بل أنه قام بزيارة لقطاع غزة كانت الأولى عربياً للتفاوض مع حركتى فتح وحماس وللمطالبة بكسر هذا الحصار وقد طرح اسمه للترشح للرئاسة قبل ثورة 25 يناير وعانى من هذا كثيراً .
وأثناء ثورة 25 يناير قام عمرو موسى بزيارة لميدان التحرير حيث يعتصم شباب الثورة، وصرح بأنه يفكر بالترشح للرئاسة المصرية فى الانتخابات القادمة، وقد اتخذ السيد عمرو موسى قراره النهائى بالترشح لرئاسة الجمهورية ووعد بطرح برنامجه الرئاسى فور فتح باب الترشح لانتخابات الرئاسة، وقد طالب موسى كثيراً بضرورة إنهاء الفترة الانتقالية _ فترة حكم المجلس العسكرى للبلاد _ فى أسرع وقت ؛إذ أن استمرار هذه الفترة الانتقالية فيه ضرر كبير على استقرار مصر وضرر على أوضاعها الاقتصادية.
وقد أجريت الانتخابات الرئاسية بالفعل فى يومى 23-24 من شهر مايو عام 2012 م، إلا أن السيد عمرو موسى قد خسر فى الانتخابات إذ لم يحصل سوى على 2392197 صوت، بنسبة 10.93% من إجمالى عدد الأصوات، مما يضعه فى المركز الخامس بعد د.محمد مرسى مرشح جماعة الإخوان المسلمين فى المركز الأول والفريق أحمد شفيق فى المركز الثانى وحمدين صباحى فى المركز الثالث، بينما حل رابعاً د.عبد المنعم أبو الفتوح. وبعد خسارة الانتخابات لم يعتزل السيد عمرو موسى الحياة السياسية بل صرح بكل وضوح بقبوله لنتائج الانتخابات وتقبله للهزيمة وعزمه على المضى قدماً فى سبيل نهضة ورفعة البلاد ووضعها على الطريق السليم، وقد بدأ أولى الخطوات بالفعل بوضعه وثيقة سميت بوثيقة العهد وقام بعدة مشاورات مع عددًا من الساسة المصريين والكتاب ورجال الدولة أمثال: د.يحيى الجمل نائب رئيس الوزراء الأسبق، المهندس حسب الله الكفراوى وزير الإسكان الأسبق.. وغيرهما.
قام عمرو موسى بإطلاق مبادرة لتشكيل تحالف الأمة المصرية، وهو تحالف يجمع عدد من الأحزاب السياسية والحركات الوطنية والثورية، بالإضافة لعدد من الشخصيات العامة الوطنية والشخصيات السياسية المعروفة.
ولعب عمرو موسى دوراً مهماً فى مواجهة الإخوان طوال عام من حكم مرسى ولاشك أن دورة فى رئاسة لجنة الخمسين التى كتبت دستور مصر الجديد بعد 30 يونية هو تتويج لسيرته ومسيرته كدبلوماسى وسياسى مخضرم.