الشيخ «صباح الأحمد » أمير الإنقاذ للقمم العربية
تقول العرب «الرجال معادن» وتقول الحكمة « فى الشدائد تظهر معادن الرجال» هكذا كان موقف البلدان العربية مع مصر فى محنتها إبان ثورتها الثانية فى 30 يونيو .. فبينما الهجمة على مصر فى أشدها .. وفى التوقيت المناسب يتدخل أمير الكويت ليثبت حبه لمصر وحرصه على مصالحها العليا ووقوفه لجوارها فى الشدائد ..الموقف هذه المرة كان القمة العربية الأفريقية الثالثة والتى عُقدت خلال الفترة من (19 - 20 نوفمبر)،و التى استضافتها الكويت بمبادرة من أمير البلاد الشيخ «صباح الأحمد»، والتى مثلت فرصة تاريخية لمصر مابعد 30 يونيو لاستعادة اللحمة مع الأشقاء فى إفريقيا والأشقاء العرب أيضاً حيث جمعت القمة بين (أعضاء فى كل من الجامعة العربية والاتحاد الأفريقي)، فى اجتماع نادر وبعد . قرار إفريقى جمّد أنشطة مصر سياسيًا ودبلوماسيًا فى الإتحاد الإفريقى بعد ثورة المصريين فى 30 يونيو الماضى ضد نظام الإخوان ،
وقد حشدت الكويت وبإخلاص وجهد معهود منها حشداً دبلوماسيًا لتعديل هذا القرار، وسط إشارات إيجابية من الجانب الأخر بدات منذ إفتتاح أعمال القمة العربية الإفريقية، وقد لوحظ فى العاصمة الكويتية أن أمير دولة الكويت «الشيخ صباح الأحمد الصباح» يقود جهدًا سياسيًا ودبلوماسيًا عربيًا وإقليميًا من أجل إستعادة مصر مقعدها المؤثر فى إتحاد القارة الإفريقية، إذ كان واضحاً أن القيادة السياسية الكويتية تريد موقفًا إفريقيًا مغايرًا لقرار سبق للإتحاد الإفريقى أن أصدره، بعد أيام قليلة من إنهاء حكم جماعة الإخوان المسلمين فى مصر، وبعد ثورة شعبية فى الثلاثين من يونيو الماضي، وبحسب أوساط دبلوماسية كويتية ومصرية على هامش القمة العربية الإفريقية، فإن الكويت بذلت جهودًا كبيرة على أعلى المستويات لإعادة مصر إلى الإتحاد الإفريقي، عبر التأكيد الجازم للقيادات السياسية فى الدول الإفريقية المؤثرة إقليميًا أن ما حدث فى مصر ثورة شعبية أيدها الجيش المصري، وأن مصر مُكوّن سياسى مهم فى المجموعة العربية، إضافة إلى موقعها ودورها المؤثر إفريقيًا، وهو ما يستدعى موقفًا إفريقيًا سريعًا بإعادة تفعيل عضوية مصر القارية فى القارة السمراء وقد وصلت الرسالة للأفارقة بل ربما للعالم كله بضرورة إعادة النظر فى التعامل والتعاطى مع 30 يونيو وهو ما انعكس حتى على المواقف الأوربية التالية على انعقاد هذه القمة فى الكويت وبرز فى تغيرات فى الموقف البريطانى والألمانى وغيرهما من الدول.
ليس غريباً
الموقف الكويتى مع مصر وقضاياها ليس غريبا فكما أكد الشيخ «سلمان الحمود الصباح» وزير الإعلام الكويتى وزير الدولة لشؤون الشباب، فإنَّ وقوف الكويت مع مصر موضوع غير قابل للنقاش لأنَّه موقف مبدئي، والأمير والحكومة والقيادة السياسية وكل الشعب الكويتى اتفقوا على مساندة مصر، مشددًا على أن العلاقات الكويتية المصرية علاقات متجذرة منذ القدم، وأنَّ الكويت دائما ما تقدر مواقف مصر العربية الأصيلة فى كافة الظروف، معيدًا إلى الأذهان موقف مصر وشعبها الوفى عند غزو الكويت فى أغسطس 1990 ووقوفه مع الحق الكويتي.
وشدد على أن نهضة الكويت دائمًا ما يكون لمصر الدور الرئيسى فيها، وهذا الشعور عند كل كويتى يُقدِّر مصر شعبًا وقيادة .
رصد للمشهد
يستطيع كل من تابع القمة العربية - الأفريقية فى الكويت لا أن يرصد أن وزير الخارجية «نبيل فهمي» إلتقى مسؤولين أفارقة قبل افتتاح القمة، وأن مصر بحسب السفير «بدر عبد العاطى» المتحدث باسم الخارجية المصرية تترقب بعد القمة العربية - الأفريقية تفهمًا إفريقيًا للظروف السياسية الحالية فيها، مؤكدًا أن للقاهرة دور سياسى كبير فى القارة الإفريقية.
خاصة وأن مصر بحسب ما أكده الرئيس المؤقت المستشار «عدلى منصور»، فى قمة الكويت تسيربخطى ثابته فى تنفيذ خارطة الطريق، وأن أيام معدودة تفصل المصريين عن موعد الاستفتاء على الدستورمؤكداً على أنه ليس طرفا فى إعداد الدستور، وأن «لجنة الخمسين» هى صاحبة القرار فيه.
دعم اقتصادى
الدعم الذى تقدمه الكويت لمصر فى هذه المرحلة التى تمر بها لا يتوقف على المواقف السياسية لكنه يتجاوزها لدعم اقتصادى فاعل وفعال عبر حزمة مساعدات ضخمة وقد بلغت الحزمة الأولى من هذا الدعم 4 مليارات دولار، وأن هناك حزمة أخرى سيعلن عنها قريباً وستكون مفأجاة فى هذا للجميع لتؤكد مجدداً على حجم وقوف الكويت حكومة وشعباً إلى جانب مصر، و استمرار الدعم السياسى والاقتصادى الكويتى لإرادة الشعب المصري.
ففى قمة الكويت وعد الأمير «صباح الأحمد الجابر الصباح» الرئيس منصور بأن الكويت ستقوم بتسليم مصر المنحة البالغ قيمتها مليار دولار ــ السابق الإعلان عنها فى 10 يوليو الماضي، والتى جاءت ضمن حزمة الدعم الكويتية البالغة 4 مليار دولارــ فور موافقة البرلمان الكويتى عليها.
جدير بالذكر أن مصر تلقت بعد 30 يونيو دعم إقتصادى كويتى تمثل فى وديعة بقيمة 2 مليار دولار فضلاً عن مُنتجات بترولية بقيمة مليار دولار.
الملف الحساس
فى قمة الكويت وبترتيب من أمير الكويت لم يغب الملف الحساس « سد النهضة « عن المشهد حيث مهدت الكويت لمباحثات مصرية اثيوبية دفعت بالمسئولين فى أثيوبيا إلى القول : إنهم يتفهمون حقوق مصر فى مياه النيل وحسب الرئيس عدلى منصورفأن لقاءه مع رئيس الوزراء الأثيوبى على هامش القمة العربية الأفريقية بالكويت تناول موضوع سد النهضة، حيث أعرب (ديسالين) عن تقدير بلاده للعلاقات التاريخية بمصر متمنيا للرئيس والحكومة الانتقالية النجاح.
وأشار الرئيس منصور إلى أن المرحلة القادمة ستشهد مزيد من التعاون المصرى - الأثيوبى فى المجالات الاقتصادية والاستثمارية، وأن هناك دورا كبيرا للقطاع الخاص، ومن المنتظر أن تتم خلال فترة قادمة زيارات لدعم العلاقات الاقتصادية بين مصر وأثيوبيا.
وفيما يتعلق بملف دول حوض النيل، قال الرئيس منصور «نبحث عن نقطة التوازن بين مصلحة دول المنبع ومصلحتنا كدولة المصب، ولهذا نحاول أن نصل إلى اتفاق من خلال التفاوض» ، مؤكدا تفاؤله من المفاوضات الجارية الآن.
وأشار إلى أن مصر تصر على وجود لجنة الخبراء الدوليين باعتبارها هيئة محايدة لكل الأطراف فى الاجتماع المقرر عقده بالخرطوم يوم 8 ديسمبر القادم للجنة الثلاثية التى تضم (مصر وأثيوبيا والسودان)، مؤكدا أن مصر طلبت من الجانب الأثيوبى رد على عدة أسئلة ونقاط فنية أثارتها لجنة الخبراء الدوليين «وفى انتظار الرد».
كما التقى الرئيس عدلى منصور فى الكويت مع سيلفا كير، رئيس جنوب السودان، والذى أكد على وقوفه مع مصر فى مطالبها بشأن مياة النيل، معربا عن دعم بلاده الكامل لاستئناف مصر لعضويتها فى الاتحاد الأفريقى فى أقرب فرصة، كما دعا الرئيس إلى تعميق التعاون مع جنوب السودان فى كافة المجالات خاصة فى مجال الخبرات والتقنيات والتنمية.
لقاءات مع المستثمرين
فى الكويت أيضاً أتيح للرئيس المصرى بترتيب كويتى لقاءات بعدد من رجال الأعمال والمستثمرين الكويتيين فى مصر وسمع منهم شكاواهم ووعد بتذليل كافة الصعوبات مادامت لاتخالف القانون.
أمير الكويت نفسه أعرب عن أمله أن تستعيد مصر مكانتها فى أقرب فرصة بما يمثله ذلك من أهمية للعرب جميعاً ولأمنهم القومى .
وليس سراً أن بعض الأفارقة حاولوا إدخال عبارات سلبية تجاه مصر فى البيانات، ورفضت الكويت هذا الأمر بصورة قاطعة بل وطالبت بعكسه تماما .
سيرة ومسيرة
فى النهاية نشير إلى أن الشيخ «صباح الأحمد الجابر الصباح» المولود فى (16 يونيو 1929)،هو أمير دولة الكويت الخامس عشر. تولى مقاليد الحكم فى 29 يناير 2006 وذلك بعد قيام مجلس الأمة بجلسته المنعقدة بتاريخ 24 يناير 2006 بنقل سلطات الأمير سعد العبد الله السالم الصباح إلى مجلس الوزراء بسبب أحواله الصحية ، وتزكية مجلس الوزراء له بعد نقل السلطات الأميرية إليه، ومبايعة أعضاء مجلس الأمة بالإجماع له فى جلسته الخاصة المنعقدة فى 29 يناير 2006 وهو الإبن الرابع من الأبناء الذكور للشيخ أحمد الجابر الصباح أمير الكويت العاشر من زوجته منيرة عثمان السعيد العيار
وقد شغل الشيخ صباح الأحمد فى مسيرته مناصب هامة ومتعددة أبرزها وزارة الإعلام ووزارة الخارجية ورئاسة الوزراء ثم أمير الكويت من 29 يناير 2006 وحتى الآن.