النهار
الإثنين 21 أكتوبر 2024 11:19 صـ 18 ربيع آخر 1446 هـ
جريدة النهار المصرية رئيس مجلس الإدارة ورئيس التحريرأسامة شرشر
نائب رئيس الوزراء ووزير الصحة يترأس مادة مستديرة رفيعة المستوى حول «التنمية البشرية والسكان في مصر» إصابة عاملان بمشاجرة على قطعة أرض بالميراث بسوهاج الدم بقي مية.. إصابة خمسيني بطلق ناري على يد نجل عمومته بسوهاج الدكتور خالد عبدالغفار ووزير صحة اليوناني يتفقدان مستشفى العاصمة الإدارية الجديدة «»رئيس جهاز السويس الجديدة تتفقد وحدات ”سكن لكل المصريين” ومشروعات المرافق والخدمات إيقاف أعمال مخالفة وإزالة فورية لمخالفات بناء وتعديات بمدينة 6 أكتوبر بيسكوف : النزاع الأوكراني ليس على جدول أعمال قمة ”بريكس” في قازان وزير الإسكان: الطرح الجديد لـ”سكن لكل المصريين5” يغطي جميع مناطق الجمهورية تقريبًا وزير الصحة يترأس مادة مستديرة رفيعة المستوى حول «التنمية البشرية والسكان في مصر» خالد عبدالغفار ووزير الصحة اليوناني يتفقدان مستشفى العاصمة الإدارية (صور) كيف تحمي نفسك من نزلات البرد في فصل الخريف زى الهوى.. عمر خيرت يتألق بمهرجان الموسيقى العربية بحفل كامل العدد

ثقافة

رؤيا الفرعون الأخيرة للجيزاوى طلقة حبر ضد كهنة المعبد

قد يكون الصراع القائم بين ما هو دينى وما هو إبداعى تجاوز مرحلة الصدام الحتمي، بفعل الحراك السياسى والثقافى والحضارى وما أنتج من تبادل للأفكار وللحجج، فأصبح ما للأدب للأدب وما للدين للدين، بل أصبح النص الدينى مغريا للمبدعين لإضفاء لمسة إبداعية عليه ليصبح أثرا أدبيا تتفاوت قيمته الفنية وتأثيره الثقافى من مبدع لآخر حسب نضجه الفكرى ومقدرته اللغوية واتساع أفقه الثقافي، على ضوء هذه الأسطر بدا لنا بأن صاحب «رؤيا الفرعون الأخير» للروائى محمد الجيزاوى من هؤلاء المختلفين عبر نوعية إبداعهم وفى تخريجهم لتلك القصص التى تهفوا إلى قراءة مغايرة بعد أن كُتبت بأسلوب مغاير باستخدام لغة ساحرة التركيب والدلالة موجهة إلى أولى الألباب.

الرواية وإغواؤه

صرخة قابيل عنوان الفصل الأول:

لغة شعرية تعطى النص بعدا شاعريا (عصافير كانت تسكن أعلى الشجرة عند النافذة الشرقية...هبّت أسراب البوم فمزقت أعشاشها...فطارت العصافير تحت جنح الظلام ص8) كأنه تأملٌ وسط لوحة الحياة الحيّة يستفز القارئ لرؤية الآتى ويدق باب أفق انتظاره. كما أن أول صرخة  دلالة على الحياة صرخة المولود الجديد.

تتابع الأحداث ومعها «مونولوجات وسط الإخوة»

أحدهم يتهم أم يوسف بـ «الفاحشة» عبر قوله (من أين ملأت قربتها ص9).

ويواصل يهوذا القذف فى عرض أخيه غير الشقيق.

ليأتى استحضار النص القرآنى بارزا عبر عديد التعابير التى تتبدى فى بداية النص وصولا إلى نهايته: (...لا!! لا تقتلوه.. لكن باعدوا بينه وبين أبيه ص9 ) ( يرتع ويلعب ص 12) (ولن تؤمن لنا حتى لو كنا صادقين ص 20) (والأنعام نركبها وزينة ص 27 ) غداة وصف السارد لرحلة يوسف من بادية الشام إلى نهر النيل (الان حصحص الحق ص 77) (ليس إلهك إلا عصاى أهش بها على غنمى ص 88). (يا أبانا منع منا الكيل ص 99)

يعود بنا السارد إلى تفكيك صورة أخرى للوالد النبى وهو معتكف، إذ ويواصل وصف أجواء التأمل والعبادة بأسلوبه الشاعرى الذى أمسك بناصيته فأصبح لديه سلسا قريبا من العادة ولجعل القارئ متقبّلا ومحفزا على القراءة:

(صفعت عاصفة وجه الصومعة.. يعقوب عباءته تسقط من فوق ظهره وهو ساجد يبث الحصى سره المسربل بشهقات النحيب لعل القدوس يجيب.. وانطفأ السراج، وعم الظلام، ودوى فى الفضاء فحيح وعواء..ص 10)

وما نلبث أن ندخل فى سياق الرواية العامة وبعدها التاريخي_الديني. فبعد أن حكى يوسف الرؤية أعطى السارد الجواب على لسان يعقوب (- يوسف ليس كل ما نعرف به نلغو ونهرف...) ونلمس خروجا عن المألوف «الصوفي» إذ -قد- لا يستقيم الجواب مع البعد الدينى والصوفى لتلك الرؤية ولملمح النبوة فى الجواب وفى موروث النبوة لدى الفتى يوسف:( إنى أرى فى يوسف وجه نبى ص 22).

الصراع بين الإخوة وبين النثر والشعر!

ما قاله الأخوة: (أوليس هو ابن أبينا؟ ص 13) إشارة  إلى الصراع الدائم بين الإخوة من أمهات مختلفات.

ابتداء من ص 13 يزاوج السارد بين السرد الشاعرى بلغته مع الحوار ويتداخلان كأنه أعطى الإشارة للقارئ أنهما على توافق فى هذه المنهجية السردية ، سرد بأسلوب الشعر فى بداية كل مشهد ثم حوار قد يصل إلى ذروة الاحتدام وهكذا..لنعود إلى  المزاوجة -التطعيم-  بين النمطين ليخرج عن المألوف ويطور السرد.

من منتصف ص 15 إلى ص 17 امتزج السرد بالشعر وطغى النسق المقامى على الكتابة واستحال النص إلى شعر نثرى غزير لا يشعر بوقعه إلى من يتسارع مع العبارات الرشيقة كأنه فى سباق للوصول إلى نهاية المطاف الذى يبقى للقارئ مجهولا ، ربما يدرك الكاتب أن النص فى الأصل مغر ومطروق وله حضور فى الذاكرة فأضفى عليه لمسة النغم والوزن وبروح سردية.

من ص 24 تتجدد فى النص روح سردية كانت قد انسلت  فى بدايات العمل السردى بين أسطر التاريخ ويزاوج السارد بين رسم صورة الفتى فى البئر (وهنا تغيب لفظة الجب!) ودعائه للنجاة وبين رسم صورة الوالد النبى وسط خلوته وسريان الطمأنينة لكليهما كأننا أمام صور درامية سلخت من الشاشة بعدها التأثيرى لتربو على الصفحات وهى تنبض بالصوت. ويختم الصورة الكلية بدعاء مزدحم بالسجع واللفظ المقامي.

ص 27 عنوان الفصل: القافلة تسير كأنه يستفز القارئ بإكمال المثل (والكلاب تنبح) وهى إشارة إلى إنقاذ الفتى وبقى من كان سبب تعاسته فى رف الطريق طريق الحياة التى تسير فيها قافلة يوسف