النهار
الجمعة 20 سبتمبر 2024 08:54 صـ 17 ربيع أول 1446 هـ
جريدة النهار المصرية رئيس مجلس الإدارة ورئيس التحريرأسامة شرشر

عربي ودولي

صفقة الوقت الضائع.. الإخوان تعتزل السياسة ١٠ سنوات مقابل رأس المرشد

محمد بديع
محمد بديع

 

فيما أطلق عليها كثيرون داخل اﻹخوان «صفقة الفرصة اﻷخيرة»، وصلت مبادرة يقودها مجموعة من شباب اﻹخوان المحسوبين على التيار اﻹصلاحي داخل الجماعة، مدعومة ببعض الشخصيات العامة التي لها قبول داخل صفوف التنظيم إلى مراحل متقدمة نحو حل اﻷزمة الراهنة بين الجماعة والدولة جراء عزل محمد مرسي.

تهدف المبادرة إلى وقف اﻹخوان لجميع تظاهراتها، والتعهد بعدم القيام بأي أفعال عنف، وتجميد حزب «الحرية والعدالة»، واعتزال العمل السياسي تماما لمدة 10 سنوات، أو دورتين برلمانيتين في مقابل وقف الملاحقات اﻷمنية لجميع العناصر اﻹخوانية على مستوى الجمهورية، واﻹفراج عن جميع القيادات التي تم القبض عليها، بمن فيهم الرئيس المعزول والمرشد والشاطر.

اشترطت المبادرة عدم صدور إعلان من الجماعة بالاعتراف بـ 30 يونيو، حفاظا على التماسك داخل اﻹخوان وضمان إقناع القواعد بالمبادرة، ولكنهم في نفس الوقت لن يعارضوا أو يشاركوا في خارطة الطريق، أو أية فعاليات سياسية طوال العشر سنوات.


وأرجعت مصادر محسوبة على التيار اﻹصلاحي داخل الجماعة، أن المبادرة تم التفكير فيها بعد أن انصرف كثيرون من المحبين للجماعة والمنتسبين لها، ورفضهم الخروج في تظاهرات داعمة للإخوان، كذلك نجاح اﻷجهزة اﻷمنية في استقطاب كثير من الحلفاء الرئيسيين للجماعة مثل الجماعة اﻹسلامية وحزبها «البناء والتنمية»، وكثيرين من حزب «الوسط».

المصادر أضافت: كما نجحت الدولة أيضا في تحييد قوى أخرى، ما أدى إلى كشف حجم أنصار الجماعة الحقيقيين، أو ما يمكن أن نطلق عليهم «أصحاب العضوية العاملة داخل اﻹخوان»، وهو ما ظهر بوضوح في تظاهراتها اﻷخيرة من حيث ضعف العدد، وهو ما يعني عدم استطاعتها بمفردهها مواجهة الجيش والشرطة المدعومين بشكل غير مسبوق من غالبية الشعب.

وقالت المصادر إن المبادرة تلقى قبولا واسعا بين عناصر اﻹخوان، بهدف الحفاظ على الجماعة وإعادة تقييم الموقف بشكل كامل، خاصة في ظل الرفض الشعبي الكبير للجماعة، وهو ما يجعل فرص حصولها على تمثيل مشرف في أي انتخابات قادمة صعبا للغاية ويكاد يكون مستحيلا، وفقا لوجهة نظر كثيرين داخل الجماعة، في حين أنه بعد 10 سنوات من الآن ستكون الصورة تغيرت، وأعاد التنظيم بناء نفسه مرة أخرى متلافيا أخطاء الماضي بما يسمح بعودة اﻹخوان للحياة السياسية مرة أخرى.


وأوضحت المصادر أن ما يعزز من فرص قبول المبادرة داخل الجماعة أيضا، هو اتضاح حجم الصعوبات الضخمة التي واجهت جماعة الإخوان فيما يتعلق بتنفيذ مخططها لنشر الفوضى في البلاد، تمهيدا لإسقاط الجيش والشرطة، وفقا للخطة التي وضعها قيادات الإخوان في حال فض اعتصامي رابعة والنهضة، والتي حصلت «فيتو»، على تفاصيلها والتي كانت تعتمد على نشر الفوضى في كل أنحاء الجمهورية، من خلال قطع الطرق وكان من المقرر أن يقوم به عناصر من الإخوان مدعومة من التيار السلفي بالمحافظات، وحرق الكنائس وأقسام ومراكز الشرطة ومقار المحافظات والأحياء ومجالس المدن على أن تتولى تنفيذه عناصر من الجماعة الإسلامية في محافظات الصعيد، والسلفية الجهادية في المحافظات الحدودية، أما في منطقة القاهرة الكبرى ومحافظات الدلتا والمحافظات الساحلية، فكان من المفترض أن تقوم عناصر من التنظيم الخاص بجماعة الإخوان بمساعدة بلطجية لتنفيذ المهمة.


على أن يكون ذلك متزامنا مع تنظيم اعتصام ضخم في ميدان رمسيس بالقاهرة، وآخر في ميدان سيدي جابر بمحافظة الإسكندرية، على أن يصاحب هذه الأفعال مظاهرات كبيرة تجوب ميادين المحافظات وعددا من الشوارع الرئيسية بالقاهرة والجيزة، حتى يبدو الأمر أمام الدول الغربية وأمريكا أصبح خارج السيطرة في مصر، وأن الجيش أصبح غير قادر على تسيير دفة الأمور في البلاد، ما يجعل الدول الغربية تصعد من ضغوطها على قيادات الجيش لتقديم تنازلات لصالح الإخوان خاصة عقب رد الفعل الغاضب بعد سقوط عدد كبير من الضحايا في فض اعتصامي رابعة والنهضة، أو التهديد بالتدخل في الشأن المصري بشكل مباشر، بحجة الخوف على مصالحها في المنطقة وتأمين قناة السويس، وبعد فشل هذا المخطط وإحكام اﻷمن قبضته على مجريات اﻷمور وقبضه على كثير من قيادات الجماعة التي تخلى حلفاؤها عنها، أصبح خيار الحفاظ على التنظيم هو الخيار المفضل لدى قطاعات كثيرة، بما يضمن تمرير المبادرة في حال موافقة النظام الحاكم، والجيش عليها.

 

وتقول المصادر إن المبادرة يتوفر لها فرص نجاح كبيرة بعد حالة الارتباك التي تمر بها الجماعة الآن نظرا لعدم قدرتها على تنفيذ هذا المخطط، وأن ما حدث حتى الآن من أعمال عنف ومظاهرات استطاعت الأجهزة الأمنية السيطرة عليه، خاصة فيما يتعلق بحرق الكنائس والأقسام ومراكز الشرطة ومقار المحافظات والأحياء، بجانب عدم قدرتها على تنفيذ اعتصامات بالقاهرة والإسكندرية حتى الآن، بعد فشل محاولات الاعتصام في رمسيس وقبله في شارع عباس العقاد، وهو نفس الأمر الذي تكرر في الإسكندرية، كما أن الجماعة لم تستطع تنظيم اعتصام واحد حتى الآن في أي محافظة على مستوى الجمهورية، وأن المنشآت التي تم حرقها حتى الآن تعد قليلة مقارنة بما كان مخططا له، بجانب أن المسيحيين اتبعوا سياسة ضبط النفس، ولم يقوموا بمظاهرات اعتراضا على حرق عدد من كنائسهم، ما فوت الفرصة على عامل كبير كانت تراهن عليه الجماعة في نشر الفوضى.

 

وتفيد المعلومات أن من بين أسباب فشل الجماعة في تنفيذ مخططها بصورة كاملة، هو حجم الاستجابة الضعيفة للغاية من التيار السلفي بمختلف تنوعاته من مشاركة الإخوان في أعمال العنف، على الرغم من تضامن قيادات سلفية مع الإخوان مؤخرا في وزن محمد حسان ومحمد يعقوب، ما أدى إلى ضعف زخم التظاهرات في الشارع مقارنة بما كان متوقعا عقب فض الاعتصامات، وما كانت تهدد به قيادات الجماعة، كذلك امتناع عدد كبير من عناصر الجماعة الإسلامية من تنفيذ مخطط الحرق، لقناعتهم من خلال تجاربهم السابقة بأن أي معركة مسلحة مع الدولة سوف يخسرونها، وأن كراهية غالبية الشعب المصري الآن لجماعة الإخوان المسلمين والتي وصلت بقوة إلى الصعيد، لن توفر لهم الحماية الشعبية التي كانوا يتمتعون ببعضها في مواجهتهم المسلحة مع الدولة في تسعينيات القرن الماضي.

 

وحسب المصادر، فإن الخطر الذي يواجه الإخوان الآن هو رفض قطاع كبير من داخل الجماعة لما وصلت إليه الأمور، وحالة الصدام غير المسبوقة التي دخلت فيها مع الدولة في صورة الجيش والشرطة، المدعومين من الغالبية العظمى من المصريين في هذه المرحلة، وهو ما يؤكد خسارة الجماعة لمعركتها، وبالتالي انتهاء التنظيم إلى الأبد، ويفضلون حل الأزمة عن طريق التفاوض والقبول بحلول تحفظ ماء وجه الجماعة وتعمل على بقائها وعدم مصادرة أموالها قبل فوات الأوان- بحسب ما ذكرته المصادر.

 

وتفيد المعلومات أن من بيدهم مقاليد الأمور بالجماعة أصبحوا على قناعة أنهم يخسرون أرضا جديدة كل يوم، وأن التفاوض مع الدولة أصبح خيارا استراتيجيا، وهو ما يعزز فرص نجاح مبادرة شباب اﻹخوان، خاصة بعد اﻹشارات اﻹيجابية التي تلقتها الجماعة من عناصر فاعلة داخل الحكومة عبر وسطاء من الشخصيات العامة، الذين أبلغوا الجماعة بأن من بيدهم مقاليد اﻷمور في البلاد الآن على استعداد للتفاوض حول المبادرة، بشرط تطويرها بشكل يقبله الرأي العام، وهو ما وافق عليها قيادات كبيرة داخل اﻹخوان.

نقلا عن فيتو