الايراني حسن روحاني.. الرئيس ”المرن” يحكم الدولة ”الصلبة”
إيران ما بعد أحمدي نجاد ... إلي أين تمضي ؟ كان هذا هو السؤال الذي شغل المراقبين والمحللين السياسيين طوال فترة الإنتخابات الإيرانية التي جاءت بمفاجأة .. رئيس «مرن» لدولة «صلبة» إنه الرئيس ذو العمامة البيضاء .... حسن روحاني، المفاوض الإيراني الرئيسي السابق في الملف النووي، رجل الدين الوحيد الذي خاض سباق انتخابات الرئاسة الإيرانية، التي انتهت بإعلانه رئيسا للجمهورية الإسلامية.
إيرانيا جاء فوز "روحاني " صادمًا لقطاع كبير من المحافظين الذين كانوا يتصورون أن مقعد الرئاسة سيظل بحوزتهم ، بل الرئيس " روحاني " نفسه فوجيء بفوزه فآماله لم تكن كبيرة قبل فتح صناديق الاقتراع ... لكن الصناديق اسفرت عن إعلان فوزه بمنصب الرئيس بنسبة تتجاوز الخمسين بالمائة .. هل استفاد حسن روحاني من كونه المرشح الإصلاحي الوحيد بعد انسحاب المرشح الإصلاحي، محمد رضا عارف الذي وجد أن فرصته ضئيلة في الفوز أمام ، ثلاثة من منافسيه الرئيسيين، المقربيين من المرشد الأعلي للثورة الإيراني، آية الله علي خامنئي فانسحب ... ربما .. لكن هذا لا يمنع من القول بأن الصوت الإيراني قرر الإنحياز للإعتدال في مرحلة مابعد نجاد .
مسيرة روحاني
تولّي «روحاني»، المقرب من «رفسنجاني»، خلال مسيرته الطويلة منصب نائب رئيس مجلس الشوري الإيراني، وتقلد العديد من المناصب العسكرية من بينها قيادة القوات الجوية، كما كان كبيرا للمفاوضين الإيرانيين في الملف النووي بين عامي 2003 و2005، وفي هذه الفترة حاز علي لقب «الشيخ الدبلوماسي»، لدوره في المفاوضات، وظل عالم الدين الوحيد في الفريق النووي الإيراني حتي اليوم.
وخلال حملته الإنتخابية تعهد «روحاني» بإجراء إصلاحات، وإطلاق سراح السجناء السياسيين، وضمان الحقوق المدنية، والتعهد باستعادة «كرامة البلاد»، وهو ما يُشير إلي أن «روحاني» يعتزم الإنفصال عن حقبة حكم المحافظين، التي مثلها الرئيس السابق، محمود أحمدي نجاد في دورتين رئاسيتين.
وحث الإيرانيين علي التصويت بكثافة في الإنتخابات الرئاسية، قائلا إن المتشددين «لا يريدون منكم التصويت، فهم يريدون الفوز بالإنتخابات دون مواجهة أي تحديات».
مناظرة سياسية
وفي مناظرة سياسية بين المرشحين الرئاسيين، أثار «روحاني» قضايا حساسة، مثل المواجهة مع الغرب بخصوص الملف النووي، وتردي علاقات إيران دوليا، والوضع المتردي للإقتصاد الإيراني، وعزلة طهران عن المجتمع الدولي.
ووجه «روحاني» انتقادا شديدا إلي «أحمدي نجاد»، الذي لا يحق له الترشح للانتخابات الرئاسية بعد ولايتين متتاليتين، وقال في لقاء عام «هذه الحكومة استهانت بالعقوبات في حين كانت تستطيع تجنبها أو تخفيف آثارها»، واعدا في حال انتخابه بـ«إرساء علاقات بناءة مع العالم»، من بينها دول الجوار في المنطقة العربية.
تعهدات
وتعهد «روحاني» باستعادة العلاقات الدبلوماسية مع الولايات المتحدة، التي قطعت علاقاتها مع إيران في أعقاب هجوم طلاب إسلاميين علي السفارة الأمريكية في طهران عام 1979 .
وقد جاء انتخاب «روحاني» رئيسًا لإيران وسط اهتمام واسع من وسائل الإعلام الغربية، التي اعتبرت اختياره قد ينبئ بتغيير، بشكل أو بآخر، في تعاطي إيران مع عدد من الملفات السياسية والاقتصادية، علي الرغم من أن مفاتيح السياسة الإيرانية تبقي مع ذلك في يد المرشد الأعلي، آية الله علي خامنئي.
رفض شعبي
بينما قالت الصحافة الأمريكية إن نتائج الانتخابات تظهر رفضًا شعبيًا لمعسكر رجال الدين المحافظين وقادة الحرس الثوري، الذي رسخ سلطته في البلاد بعد انتخابات 2009،.
وخلال المظاهرات الطلابية التي خرجت مناهضة لإغلاق إحدي الصحف الإصلاحية عام 1999، تبني «روحاني» موقفا شديدا بإعلانه أن من ألقي القبض عليهم في تلك المظاهرات بتهمة التخريب وتدمير ممتلكات الدولة سيواجهون عقوبة الإعدام إذا ما ثبتت إدانتهم، إلا أنه في عام 2009 أبدي دعمه المظاهرات التي اندلعت عقب الانتخابات ووجه انتقاداته للحكومة لمعارضتها ما كان يراه من حق الشعب في التظاهر السلمي.
وينحدر «روحاني» من منطقة سرخة بمحافظة سمنان، جنوب شرق طهران، وهو حائز علي شهادة دكتوراه من جامعة جلاسكو، ومتزوج وله 4 أبناء، ويُجيد 5 لغات وهي الإنجليزية، والفرنسية، والروسية، والألمانية، والعربية، إضافة إلي اللغة الفارسية.
هذا وقد ولد حسن روحاني في يوم 12 نوفمبر 1948 في مدينة سرخة بمحافظة سمنان جنوب شرق طهران. وهو حائز علي شهادة دكتوراه من جامعة غلاسكو.
يعتبر حسن روحاني المرشح الوحيد من أصل المرشحين الستة القادم من المؤسسة الدينية. وقد أشرف في السابق علي المحادثات النووية بين إيران والأسرة الدولية ما أكسبه في الغرب لقب 'شيخ الدبلوماسية'.
رجل دين
وروحاني رجل دين يحمل صفة "حجة الإسلام" ويعتم بعمامة بيضاء وله لحية بيضاء خفيفة. ويتهمه المحافظون بأنه "وقع تحت سحر ربطة العنق وعطر جاك سترو" وزير الخارجية البريطاني السابق الذي أجري معه مفاوضات في العام 2003 .
وتولي روحاني (64 عاما) مناصب هامة، أبرزها منصب مدير المجلس الوطني الأعلي للأمن حتي 2005، وهو التاريخ الذي استقال فيه من هذا المنصب بسبب خلافات عميقة مع الرئيس محمود أحمدي نجاد.
وكان روحاني قد ركز حملته الانتخابية علي مبدأ 'الإدارة الجديدة لشؤون الدولة' بعيدا عن المشادات والصراعات السياسية. وكان يعتبر من أبرز المنافسين للمرشحين الآخرين بحكم تجربته الطويلة في تسيير شؤون الدولة واعتداله السياسي.
واعتمد حسن روحاني (64 عاما) المفتاح كشعار يفترض أن يفتح باب الحلول أمام إيران وكذلك اللون البنفسجي.
وقال في أحد تصريحاته "حكومتي لن تكون حكومة تسوية واستسلام (في الملف النووي) لكننا لن نكون كذلك مغامرين"، مضيفا إلي أنه سيكون "مكملا (لسياسات) رفسنجاني وخاتمي". ولم يستبعد إجراء مفاوضات مباشرة مع الولايات المتحدة، العدو التاريخي للجمهورية الإسلامية، لإيجاد حل للأزمة النووية، علي رغم وصف هذه الخطوة ب"الصعبة". وفي رصيد روحاني مراحل طويلة من العمل السياسي. فبعد مسيرة نيابية بين عامي 1980 و2000، انتقل لعضوية مجلس خبراء القيادة، الهيئة المكلفة الاشراف علي عمل المرشد الاعلي علي خامنئي.
ولا يزال ممثلا لآية الله علي خامنئي في المجلس الأعلي للأمن القومي، مثل سعيد جليلي المدعوم من الجناح المتشدد في النظام، كما أنه عضو في مجمع علماء الدين المجاهدين الذي يضم رجال دين محافظين.
الدعم لروحاني
واستفاد روحاني من انسحاب المرشح الإصلاحي الوحيد محمد رضا عارف كما تلقي دعم الرئيسين السابقين المعتدل أكبر هاشمي رفسنجاني والإصلاحي محمد خاتمي .
فقد أعلن أكبر هاشمي رفسنجاني المستبعد من الانتخابات الرئاسية الايرانية، تأييده للمرشح المعتدل حسن روحاني .
وقال رفسنجاني الذي تولي الرئاسة مرتين بين 1989 و1997 في تصريح نقلته وكالة أنباء إيرانية الثلاثاء "سأصوت للدكتور روحاني الذي دخل السباق بعد التشاور معي" وأضاف "أري أنه الأكفأ (من بين المرشحين الآخرين) لتولي السلطة التنفيذية".
وقال الرئيس الإيراني السابق الإصلاحي محمد خاتمي "أدعو الجميع وخصوصا الإصلاحيين وكل الذين يريدون عظمة أمتنا إلي المشاركة في الانتخابات والتصويت للسيد روحاني".
وكتب خاتمي في رسالته "انطلاقا من واجبي تجاه بلادي ومستقبل الشعب، سأصوت لأخي العزيز روحاني".
وفي ظل رئاسة خاتمي كان روحاني أمين سر المجلس الأعلي للأمن القومي. وبصفته هذه كان مسؤولا عن المفاوضات النووية بين إيران والدول الأوروبية الثلاث (فرنسا وبريطانيا وألمانيا) لحل الأزمة النووية الإيرانية بين 2003 و2005.
وكانت إيران وافقت علي تعليق برنامج تخصيب اليورانيوم وتطبيق البروتوكول الإضافي لمعاهدة حظر انتشار الأسلحة النووية الذي يتيح عمليات تفتيش مباغتة للمنشآت النووية الإيرانية.
ويدعو روحاني إلي سياسة مرنة أكثر في المفاوضات مع الدول الكبري في مجموعة 5+1 (الولايات المتحدة وروسيا وبريطانيا وفرنسا والصين إلي جانب ألمانيا) لتسوية الملف النووي الإيراني لتخفيف العقوبات المفروضة علي إيران والتي تسببت بأزمة اقتصادية حادة.
المرونة
بعد الإعلان عن فوز المرشح حسن روحاني برئاسة إيران، بدأ الحديث عن شخصية الرئيس الجديد وميوله السياسية الداخلية والخارجية، وهو المعروف عنه أنه من أنصار أكبر قدر من المرونة مع الغرب لإنهاء العقوبات التي أغرقت بلاده في أزمة اقتصادية خطرة.
وقد عرف روحاني ( 64 عاما) باعتداله الكبير في خطابه مما قد يساعده في انجاز نحو مزيد من الانفتاح علي الغرب.
معضلات
لكن ثمة معضلات تواجهه ابرزها الملف السوري والملف النووي الايراني وثمة ترقب عالمي للخطوات التي سيتخدها ولكن بل من المؤكد أنها لن تتصادم بصورة كاملة مع الدولة المحافظة في ايران .