الكشف عن أسرار ثورة 25 يناير الآن يضر بمصلحة الوطن
اللواء عادل المرسي: رئيس هيئة القضاء العسكري السابق لـ«النهار»:
< في البداية نود إلقاء نبذة عن القضاء العسكري وتشكيل هيئاته واختصاصاته.
- القضاء العسكري قضاء خاص وليس قضاء استثنائياً، وهو قضاء طبيعي وفقا لبروتوكول العهد الدولي لحقوق الإنسان السياسية والمدنية الصادر عام 1966 الذي يعرف القاضي الطبيعي بأنه القاضي الذي يحدد اختصاصه القانون ويتمتع بالاستقلالية ويكفل الدفاع والعلانية فيما يتعلق بجلساته ويكون علي درجتين.
والقضاء العسكري يسمح بنقض أحكامه أمام المحكمة العليا للطعون العسكري والتي يرأسها رئيس هيئة القضاء العسكري، وهذه المحكمة تسير علي ذات المبادئ التي تسير عليها محكمة النقض المصرية.
< بعد أن تقلدت منصب رئيس هيئة القضاء العسكري وباعتبارك عسكرياً من يحرك من.. عادل المرسي «العسكري» أم عادل المرسي «القاضي»؟
- ضمير القاضي هو الذي يحركني، وهنا أقول لك أن القانون 25 لسنة 1966 هو الحاكم للقضاء العسكري وأن القضاة مستقلون ولا تحكمهم إلا ضمائرهم ولا يجوز عزلهم ويتمتعوا بذات الحصانات التي يتمتع بها القاضي العادي ويطبق ذات القوانين، وكل الاختلاف بين القضاءين هي الإجراءات التي تحكم القاضي العسكري.
< كانت هناك محاكمات للمدنيين أمام المحاكم العسكرية في عده النظام السابق وبعد الثورة والبعض يري في هذه المحاكمات نوعاً من التمييز لبعض الأفراد في بعض القضايا وأنها ضد حقوق الإنسان.. إلي أي مدي صحة هذا الإدعاءات؟
- القضاء العسكري يباشر اختصاصه والذي يسمح بإجراء المحاكمة للمدنيين الواردة في القانون.
كما أن المادة السادسة من القانون تسمح لرئيس الجمهورية في جرائم أمن الدولة «الداخلية والخارجية» أن يحيلها للقضاء العسكري، كما يسمح له في الفقرة الثانية من المادة أن يحيل أي قضية للقضاء العسكري في حالة الطوارئ.
ورغم ذلك فإن المحاكمات التي تم إحالتها للقضاء العسكري وخصوصاً ما بعد الثورة كانت تتعلق بقضايا المتهم فيها اعتدي علي منشأة عسكرية أو ارتكب جناية علي أي الجهات التابعة للقوات المسلحة أو سرقة أسلحة أو ذخيرة أو مركبات أو الاعتداء علي أي أفراد القوات المسلحة، فلما كان الطرف الآخر في الدعوي يخص القوات المسلحة مطبقاً للقانون ينظرها القضاء العسكري.
وبالمناسبة بعد الثورة طالب القضاء العسكري بإلغاء المادة التي تسمح بمحاكمة المدنيين أمام القضاء العسكري وتم إلغائها فعلياً بعد الثورة.
< أنت الآن عضو بمجلس الشوري وتشارك في التشريعات الخاصة بقانون الانتخابات الجديد.. هل تري أن المشهد السياسي سيكون مهيئاً لخوض الانتخابات التشريعية القادمة؟
- نعم أري أن المشهد يسمح ولابد أن تعمل كل القوي السياسية علي توفير المناخ اللازم لإجراء هذه الانتخابات وذلك لضرورة استكمال بناء مؤسسات الدولة، وعلي كل الأحزاب والتيارات السياسية أن تعد نفسها وكوادرها للاحتكام إلي صندوق الانتخابات وفقاً لرؤيتها في حل المشكلات التي تمر بها مصر وكيفية شعار الشعب «عيش، حرية، عدالة اجتماعية».
< هل تري أن الأحزاب وخاصة التي تشكلت بعد الثورة لديها القدرة علي خوض هذه الانتخابات علي إثر الأحداث الأخيرة والتي تأزمت بها مصر كثيراً وكادت بسببها أن تدخل أنفاقاً مظلمة؟
- أري أن كل الأحزاب لديها القدرة، وفي رأيي أنه مع اتساع الدوائر الانتخابية يجب أن تتحد الأحزاب الصغيرة مع المرشحين المستقلين لخوض هذه الانتخابات بقائمة موحدة.
< ولكن وبعد تجربة مجلس الشعب الماضي الذي سيطر عليه الأحزاب الإسلامية من الممكن أن نقع في ذات الأمر مرة أخري نظراً لقدرتها في السيطرة علي عقول البسطاء والذين يشكلون ورقة رابحة في السباق الانتخابية؟
- في رأيي أنه من مصلحة الأحزاب ذات الميول الإسلامية أن يكون تكوين مجلس النواب القادم والشوري من بعده جامعاً لكل التيارات ولا تحكمه أغلبية إسلامية فقط، فتعدد الاراء يؤدي بالضرورة إلي إصدار قانون يراعي جميع فئات المجتمع.
< حرب التصريحات الأخيرة التي تناثرت من قيادات بجماعة الإخوان المسلمين وبعض السياسيين ضد الجيش.. كيف تراها؟
-صدقني لم أتابع هذه التصريحات ولم أعرفها بدقة وما بلغني أن من أطلقها نفاها.
< المجلس الأعلي للقوات المسلحة ناله هجوما كبيرا وصلت لاتهامات ولحد السب، وقد سلم حكم البلاد للرئيس المنتخب ورحل في صمت دون أن يتكلم أو يكشف عن أسرار معينة.. كيف تري ذلك؟
- القوات المسلحة وفقاً للدستور ملك للشعب، وكما أقسم وزير الدفاع «وأنا شاهد عيان» أن كل اهتمام المجلس الأعلي للقوات المسلحة، والقوات المسلحة علي وجه العموم من ضباطها وضباط صفها وجنودها كانوا حريصين علي ألا يوجهوا أسلحتهم إلي الشعب وأن يحافظوا علي الوطن، ومن ثم فلم يساهم أحد من القوات المسلحة في قتل متظاهر، بل أن البطل الحقيقي هو الضابط الصغير والجندي الذي تعرض لجميع الاعتداءات وألفاظ السباب، وكان القرار الدائم لقياداتهم هو ضباط النفس حتي نجنب الوطن شرور الحرب الأهلية، وكما رأيناه دائراً في دول الجوار، ولعلك نظرت إليها وعلمت مدي وطنية قواتك المسلحة ومدي محافظتها علي الوطن، فحيي معي قواتك المسلحة التي قامت ومازالت تحرص علي أمن وسلامة الوطن بكل حب، باذلة في ذلك كل غال ونفيس حتي ولو ضحوا أفرادها بأرواحهم.
< حادث رفح حدث وقت كنت رئيساً لهيئة للقضاء العسكري، وقد طالت نتائج التحقيق التي ينتظرها الرأي العام.. ما الذي يمكن أن تكشفه لنا عن ملابسات هذه الجريمة والتي أشارت أصابع الاتهام فيها لأطراف عديدة؟
- اسمح لي ألا اتحدث في هذه الموضوع ونترك جهات التحقيق تعمل وتصدر قرارها ووقتها سيكون هو القرار الصحيح، من قتل وما جنسياتهم، فالعبرة سيكون بما تثبته التحقيقات.
< ولكن هناك تصريحات صحفية نسبت إليك ونشرتها أجهزة إعلامية عديدة من أنك ذكرت أن منفذي حادث رفح غير مصريين، وأن هناك أطرافا دولية في هذا الحادث.
- لم يحدث مني أبداً أن أطلقت مثل هذه التصريحات وكما قلت لك الأمر بيد جهات التحقيق وينبغي علي الجميع الصمت وترك الأمر لهذه الجهات.
< عن أزمة القضاء الأخيرة والتي تفجرت بين القضاة وجماعة الإخوان المسلمين ومؤيديهم علي إثر مشروع قانون السلطة القضائية الذي تقدم به حزب الوسط إلي مجلس الشوري لمناقشته وإقراره.. أنت كقاضي كيف تري هذه الأزمة والخروج منها؟
- الدستور ألزم مجلس الشوري باعتباره يتولي السلطة التشريعية كاملة أن يرجع إلي الجهات القضائية المختصة ممثلة في المجلس الأعلي للقضاء والمجالس الخاصة لمجلس الدولة وهيئة النيابة الإدارية وهيئة قضايا الدولة، فلن يصدر قانون خاص بالقضاء والقضاة إلا بعد الرجوع إلي هذه الجهات، وأنا شخصياً وبحسباني قاضياً قبل أن أكون نائباً بمجلس الشوري لا أؤيد النزول بسن القاضي خاصة وأن الدستور قد ألزم باستئناف الزحكام الصادرة في الجنايات فجعلاها علي درجتين، بما يستتبع ضرورة تشكيل دوائر جديدة تستلزم خبرات كبيرة، ومن ثم فوجود مثل هؤلاء الشوامخ من القضاة أصحاب الخبرات ضروري، ولم يكن هذا رأيي فحسب ولكنه كان رأي كثيرا من الأعضاء.
< ولكن الأزمة أخذت بعدا أسياسياً بين القضاة وكل من مجلس الشوري وجماعة الإخوان المسلمين صورة تصفية الحسابات لخروج قضاة بعينهم باعتبارهم من أتباع النظام السابق بهذا القانون معتمدين علي تخفيض سن القضاة إلي سن الستين الذي ورد في مشروع القانون.
- للأمانة في هذه الشأن أود تصحيحاً مهماً وهو أن ليس جميع اعضاء حزب الحرية والعدالة موافقون علي مشروع القانون الجديد للسلطة القضائية الذي تقدم به حزب الوسط.
وفي هذ الأزمة أذكر لك أن كان هناك اجماع فقط من اعضاء مجلس الشوري علي استنكار الخطاب الوارد من رئيس نادي القضاة إلي رئيس مجلس الشوري، وأعتقد أن هذا الخطاب ما كان يجب أن يصدر ترسيخاً لمبدأ الفصل بين السلطات، فالخطاب يطلب من المجلس عدم نظر مشروع القانون المقدم من حزب الوسط ومن عضو حزب الحرية والعدالة وعضو حزب الأصالة.
وهذا في رأيي يماثل طلب السلطة القضائية من أن تمتنع عن نظر قضية معينة وهذا يستحال أن يتم.
< أخيراً.. هناك كثير من الأسرار الغامضة التي أحاطت بثورة الخامس والعشريون من يناير وتمتلكها مؤسسات مثل الجيش والمخابرات العامة والمخابرات الحربية.. هل لم يحن الوقت للإفصاح عن هذ الأسرار؟
- نعم هناك أسرار ولكن هذه الأسرار عن الثورة ندعها للتاريخ القادم هو الذي سيذكرها ويقدمها للأجيال، كما أن الإفصاح عن هذه الأسرار في الوقت الحالي غير وارد لأنه يضر بمصلحة الوطن، كما أن القانون ينظم للجهات المعنية بهذه الأسرار الوقت المناسب لإعلان مثل هذه الأسرار فلابد أن يمضي عليها فترة زمنية معينة وذلك حفاظ علي امن وسلامة البلاد