الرسوم الأمريكية الجمركية الجديدة.. ضربة للاقتصاد العالمي أما دفعة للأمام؟

خبراء: زادت من نسب دخول الولايات المتحدة الأمريكية في حالة ركود إلى 50%
خبراء: قد تُسفر عن عزل الولايات المتحدة الأمريكية تجارياً في نهاية المطاف
«نجلاء»: ينتج عنه تباطؤ معدل النمو الاقتصادي العالمي وتعطيل سلاسل التوريد العالمية
«أماني»: يترتب عليها ردود فعل انتقامية من الدول الأخرى المُصدرة
«ياسر»: تأثيرها علينا يكون من خلال قناة السويس
رسوم أمريكية جديدة تتراوح قيمتها ما بين 10% و50%، طالت أغلب دول العالم بجانب 25% تعريفة جمركية على السيارات خارج الولايات المتحدة الأمريكية، أقرها الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، آملاً أن تُسهم في تصحيح عجز الميزان التجاري وموازنة دولته، إلا أنه بعد أن علم العالم الرسوم يبقى السؤال الأهم عن تأثيرها، وهل هي ضربة للاقتصاد العالمي أم دفعة للأمام؟
تعددت آراء الخبراء المتخصصين حول هذه الرسوم، إذ يروا أن نسب دخول الولايات المتحدة في حالة ركود زادت إلى 50% وقد تُسفر هذه الرسوم عن فرض السيطرة الأمريكية بشكل كبير عالمياً أو قد تُسفر عن عزل الولايات المتحدة تجارياً في نهاية المطاف، فإذا ما قررت «بريكس» التخلي عن الدولار سيكون الاقتصاد الأمريكي في أزمة تُحتم القرارات حدوث موجة تضخمية عنيفة داخل الولايات المتحدة وركود تضخمي عالمي.
اتفاقية تجارية جديدة
وفق الخبراء، فإن التأثير على الدول العربية لن يكون مباشراً، خاصة وأن صادراتها إلى الولايات المتحدة قليلة لكن التأثير غير المباشر يشمل موجات تضخيمة عنيفة وارتفاع أسعار السلع المستوردة عالميا، فمن المتوقع زيادة الشراكات التجارية بين الصين والاتحاد الأوروبي كبديل عن السوق الأمريكية ما قد يفرض اتفاقية تجارية جديدة على العالم ويُغير خريطة الاقتصاد العالمي، وقد تبحث المصانع الأمريكية عن بديل آخر لتصنيع منتجاتها بدلاً من الصين الأمر ذاته ينطبق على الصين التي ستبحث عن أماكن أخرى لتصنيع منتجاتها.
الدكتورة نجلاء بكر، أستاذ الاقتصاد بجامعة بني سويف، أكد أن هذه الرسوم تُثير جدلاً كبيراً حول تأثيرها المُحتمل على الاقتصاد العالمي، سواء على أمريكا نفسها أو مجموعة الدول التي فُرضت عليها، موضحة أن احتمالية كونها ضربة للاقتصاد العالمي موجودة واحتمالية كونها دفعة للأمام أيضاً موجودة، فيمكن أن تؤدي إلى زيادة تكلفة السلع المستوردة، وارتفاع الأسعار على المستهلكين في جميع أنحاء العالم، ويمكن أن تؤدي إلى حروب تجارية بين الدول الأمر الذي ينتج عنه تباطؤ معدل النمو الاقتصادي العالمي، كما تؤثر على تعطيل سلاسل التوريد العالمية، وتؤثر على الشركات التي تعتمد على مكونات ومواد خام مستوردة.
تأثير على المُنتج النهائي
من أهم السلع التي تتأثر بهذه الرسوم، وفق ما روته «نجلاء» في تصريحات خاصة لـ «النهار»، الصلب والألومنيوم وبعض السلع الوسيطة والمواد الخام فكلها سلع فُرضت عليها رسوم وهي لها تأثير على المُنتج النهائي، أيضاً تأثر القهوة والموز والكاكاو.
ضمن التأثيرات السلبية، التي كشفت عنها الدكتورة نجلاء بكر جراء هذه الرسوم، هي تأثر سلاسل الإمداد، كما أنه سيكون هناك تباطؤ فيها خاصة القادمة من الصين وروسيا وهم الشركاء الأساسيين لأمريكا، وأيضاً ستأثر قناة السويس جراء تباطؤ الإمدادات، موضحة أٍعار السلع سترتفع في أمريكا الأمر الذي يؤدي إلى تقليص الواردات إلى أمريكا.
قناة السويس
بالنسبة لمصر، أكدت أستاذ الاقتصاد، أن هذه الرسوم ستؤثر على قناة السويس حيث سيكون هناك تباطؤ في حجم الواردات بجانب المشاكل التي تعاني منها منطقة البحر الأحمر، لافته إلى أن المنتجات المصرية منتجات مُهمة بالنسبة للسوق الأمريكي، فأغلبها زراعية وقطنية، إلا أن أسعارها سترتفع على المستهلك الأمريكي، وهنا يمكن القول إن التأثير سيكون محدود.
فسّرت «نجلاء» لجوء «ترامب» لفرض هذه الرسوم، إلى رغبته في تقليل الواردات والعجز في الميزان التجاري، خاصة وأن أمريكا تعتمد بجزء كبير على وارداتها من الصين وروسيا وكندا وهذا سيؤثر على الاقتصاد الأمريكي، موضحة أن الصين ردت على هذه الرسوم برسوم أخرى الأمر الذي ينتج عنه ارتفاع أسعار السلع على السوق الأمريكية، مؤكدة أن أمريكا لديها مشاكل اقتصادية كبيرة وتأمل من رفع هذه الرسوم أن تقلل الواردات وإتاحتها للمستهلك بنفس الأسعار المميزة التي كانت يحصل عليها من واردات الدول الأخرى، واصفة هذه الرسوم: «بأنها عشوائية وغير مدروسة».
إنتاج المزيد من السلع المحلية
من جانبها، حسمت الدكتورة أماني فوزي، أستاذ الاقتصاد المساعد بالمركز القومي للبحوث الاجتماعية والجنائية، الأمر بالنسبة لهذه الرسوم سواء كونها دفعة للأمام أم ضربة للاقتصاد العالمي، موضحة أنها ستكون دفعة للأمام في حالة حمايتها للصناعات المحلية الأمريكية، وبالتالي إنتاج المزيد من السلع المحلية وخلق الكثير من فرص العمل، وتعزيز الاقتصاد الأمريكي ما يُلزم دول أخرى لتخفيض رسومها الجمركية، وخلص تجارة أكثر عدالة، بما يؤدي إلى وجود توازن إلى حد ما في الرسوم والتجارة.
وأوضحت «فوزي» في حديثها لـ «النهار»، أن الرسوم قد تؤدي على النقيض إلى ارتفاع الأسعار على المستهلكين بما يُقلل من قدرتهم الشرائية، وهنا تظهر ردود فعل انتقامية من الدول الأخرى على الصادرات الأمريكية، بما يؤثر على الشركات الأمريكية التي تعتمد على المكونات والمواد الخام المستوردة وبالتالي تتأثر الصناعة الأمريكية.
استهداف السلع برسوم جمركية عالية
تتفق «أماني» مع «نجلاء» في تأثير هذه الرسوم على مصر وسلاسل الإمداد، موضحة أن الصادرات المصرية للولايات المتحدة الأمريكية ستتأثر في حالة استهداف السلع برسوم جمركية عالية، وأيضاً يُمكن أن تتأثر الاستثمارات الأجنبية في مصر لو اعتبر المستثمرون أن الرسوم تخلق حالة من عدم اليقين في الاقتصاد العالمي، وبالنسبة لسلاسل التوريد العالمية، فهي تأثر مع فرض الرسوم على المواد الخام والسلع الوسيطة وتضطر بعض الشركات لتغيير سلاسل التوريد جراء زيادة التكاليف والتأثير على الإنتاج الأمر الذي ينتج عنه تباطؤ معدل النمو الاقتصادي.
ذكر الدكتور ياسر شحاتة، أستاذ التنمية المستدامة، أن الرسوم تستهدف شريحة واسعة النطاق، فأمريكا تستهدف سد عجز الميزان التجاري وعودة عصرها الذهبي، ولكن ستؤدي هذه الرسوم إلى ركود تضخمي من أسوأ أنواع التضخم ولا يمكن مواجهته بالسياسة النقدية وحده، كما أنها ستؤدي إلى الإطاحة بالشركات النائشة والبورصات وقد تكون الضحية الأولى هي البورصة الأمريكة نفسها.
تباطؤ سلاسل الإمدادات
ونوه إلى أن التأثير السلبي يقع على مصر فقط من ناحية قناة السويس كما ذكرت «أماني» و«نجلاء»، موضحاً أن الرسوم تؤدي إلى تباطؤ سلاسل الإمدادات والتجارة العالمية، لافتاً إلى أن حجم التبادل التجاري بين مصر وأمريكا يمثل نسبة صغيرة من إجمالي التجارة الخارجية لمصر: «استبعد يكون فيه تأثير كبير على التبادل التجاري.. ويمكن لمصر أن تستفيد من اتفاقية الكويز لأنها قد تكون أداة لامتصاص الرسوم وهي تعفي المنتجات المصدرة عن طريقها من الرسوم الأمريكية وهنا الدولة يمكنها الاستفادة من الحرب التجارية العالمية وأيضا تعظيم الصادرات خاصة مع تميز الموقع الجغرافي المصري واستقطاب صناعات على أرضها من دول أخرى ويتم فرض جمارك وإعادة تصدير منتجات هذه الصناعات لأمريكا».