خبراء: الدراما سلاح لتعزيز الوعى والهوية الوطنية ومسلسلات رمضان تُرسخ سلوكيات منحدرة تدمر المجتمع

دعا الرئيس عبد الفتاح السيسي، صناع الدراما، إلى تقديم «دراما إيجابية» باعتبارها عنصراً فعالاً في تشكيل الوعي المجتمعي وتقديم رسائل بناءة تدعم تطور الوطن، مؤكداً على ضرورة ألا يكون المحتوى المقدم للجمهور مقتصراً على الغث أو الهزل فقط، أو ما لا يساهم في بناء الأمة، جاء ذلك خلال مشاركته في الإفطار السنوي للقوات المسلحة، مؤكدا على ضرورة إسهام الأعمال الدرامية والإعلام في تعزيز الأخلاق والقيم الأصيلة، مشيراً إلى «أدوار أخرى للفن وليس مجرد وسيلة للتسلية».
في ظل انتقادات الشارع المصري لبعض الأعمال الدرامية المعروضة خلال شهر رمضان 2025، وما يقدمه صناع المسلسلات من مشاهد مليئة بالعنف والبلطجة والعري وخروج عن قيم وعادات المصريين، انتقد خبراء علم نفس واجتماع الدراما الرمضانية التى جاء أغلبها مخيب للآمال فى إصلاح المجتمع وتهذيبه ونشر الثقافة البناءة فى المجتمعات.
وتُعد الدراما سلاح ذو حدين، حيث يقع المشاهد حائراً بين الإيجابيات التي تحتويها بعض الأعمال الدرامية حيث القضايا والموضوعات المهمة والشائكة التي تمس المجتمع بشكل مباشر، وفريسة للسلبيات التي تحتويها الأعمال الدرامية وسمومها التي لها تأثير سلبي علي عقول وسلوك الأطفال والشباب.
وفي هذا السياق تواصل «النهار» مع متخصصين وخبراء علم نفس واجتماع لمعرفة كيفية الإستفادة من إيجابيات الدراما والتوعية من مخاطر والتأثيرات السلبية للمشاهد العدوانية التي تُعرض على شاشات التلفزيون وأثارها على عقول وسلوك ووجدان الملايين من المشاهدين.
وقال الدكتور جمال فرويز استشاري الصحة النفسية في تصريحات لـ«النهار»، إن أغلب الأسر المصرية، إعتادت خلال شهر رمضان متابعة المسلسلات والأعمال الدرامية التي تُعرض بكثرة ضمن طقوس الشهر الفضيل ، منوهًا إلى أن هناك بعض المسلسلات الرمضانية قد يتخللها مشاهد تحتوي على سلوكيات لا تتناسب مع سن الأطفال كمشاهد العنف والتحرّش والتدخين والبلطحة، وهذه السلوكيات لها تأثير سلبي على الشباب الأطفال وخاصة في المراحل العمرية الأولي، لا سيما وأن الطفل يميل إلى تقليد وإتباع وتطبيق ما يشاهده من سلوكيات قد تضر بالمجتمع.
وأوضح «فرويز» أن بعض الأطفال بطبيعة صغر سنهم يميلون إلى تقليد المشاهد المعيبة والعدوانية التي يشاهدونها في الدراما، مشيرا إلى أن بعض البرامج تسعى إلى تحقيق أعلى مشاهدات وربح مادي دون النظر أو مراعاة للحفاظ على قيم وثوابت المجتمع.

وأكد أستاذ الصحة النفسية أن مشاهد العنف والسلوكيات العدواني، التي تتخللها الأعمال الدرامية والسينمائية تؤدي إلي التأثير المباشر على الأطفال والشباب ، تتسبب في معاناتهم من التوتر والقلق والاضطرابات وبعضها يؤثر على الصحة النفسية، موضحاً أن الدراما والإعلام لهما دور في نشر الوعي، ولذا يجب تقديم محتوى يحترم خصوصية هذا الشهر الكريم ويراعي القيم الدينية والاجتماعية، ويحمي العقول والوعي من محاولات التضليل والتشويه،إلى جانب دور الجهات المختصة في الرقابة وفرز محتواها بما يتناسب مع القيم المجتمعية قبل عرضها على المشاهد.
وأشار «فرويز» إلى أن الأسر يقع عليهم مسئولية حماية ووقاية أطفالهم من السلبيات التي تحتويها المسلسلات، من خلال تخصيص وقت محدد لمشاهدة التليفزيون ، واختيار البرامج المناسبة لأعمار أطفالهم، من حيث المحتوى الذي يُقدمه، والمدّة التي يستغرقها، وغيرها من الأمور، سواءً كانت هذه البرامج ترفيهيّة، أو تعليميّة، كما أنّه لا بُدّ من الإلمام التام بالبرنامج، والرسالة التي يقدّمها، وما إلى ذلك من أمور، وتصحيح السلوكيات الغير هادفة وتوعية الأبناء الصغار أنه مجرد مشاهد تمثيلة وليس حقيقية حتى ننشئ أجيال نافعة للأسر والمجتمع .
أستاذ علم اجتماع: دراما رمضان ترسخ قيما مسمومة وسلوكيات منحدرة
ومن جانبها أكدت الدكتورة "سامية خضر" أستاذ علم الاجتماع بجامعة عين شمس خلال حديثها لـ«النهار»، أنّ مشاهد العُنف التي تتكرّر أمام مرأى الأطفال أثناء مشاهدتهم للتلفاز تتسبب في رفع مستوى سلوكهم العدواني، وشددت على ضرورة تركيز القائمين على الفن لتكثيف الأعمال الدرامية التي تُهدف إلى تعزز الهوية المصرية للأطفال وترفع وعيهم لترسيخ العادات والاخلاقيات الحميدة منذ الصغر والبعد كل البعد عن الأعمال الهابطة التي تضر بالنشئ والمجتمع ، وخاصة مع التطورات المتسارعة التي يشهدها العالم.
وتابعت: مشاهد العنف في الدراما لها تأثير عدواني خطير على المجتمع ، فالإنسان منذ والدته يكون كائن مُقلد، وتساءلت : أين البرامج الهادفة مثل «ضمير أبلة حكمت» و«عائلة ونيس» أين المسلسلات الوطنية ! إين دور الجهات الرقابية المختصة مما يعرض من سلبيات على مسامع ومرأي الأطفال والشباب إين دورهم في البرامج التي تحرض على سلوك المقالب والتنمر!؟.

وأكدت أستاذ علم الاجتماع، أنه لابد من تخصيص لجنة من وزارة الثقافة والإعلام وأهل الفن، لمراقبة ومتابعة الأعمال الدرامية والفنية، وضرورة الانتباه للمسلسلات التي تحوي مشاهد العنف والسلوكيات الغير مقبولة والغير مألوفة ووقف عرضها وتقديم كل ما هو مناسب للعقول .
واستكملت: كفانا عنف أوقفوا أي أعمال تخرج عن المألوف وتساعد على نشر العنف، لابد أن ينتبه أهل الفن إلى ضرورة التركز على الأعمال الوطنية التي ترسخ في عقوال الأطفال والشباب هوية الدولة المصرية الوطنية.
وشددت الدكتورة ساميةخضر،أنه مع انتشار نوافذ التكنولوجيا المتعددة، أصبح من الصعب على الأسر محاصرة أبنائهم،ولكن يقع علي أولياء الأمور دور مهم في توعية أبنائهم ومتابعتهم والحرص على إبعادهم عن المسلسلات التي تحتوي على مشاهد عدوانية وسلوكيات غير صحيحة، لتجنب التأثر بها مؤكدة على مشاهدة التلفاز بشكل عائلي، مع مراعاة انتقاد السلوكيات الخاطئة وتصحيحها أمام الأطفال.
واختتمت حديثها: انتبهوا ايها السادة مصر أم الدنيا ..العالم العربي كله بيتعلم منها على مدى العصور، فكونوا على نفس الطريق السليم وإذا كان هناك أعمال غير مألوفة اوقفوها وحافظوا على قيم المجتمع .