النهار
الأربعاء 19 مارس 2025 11:22 مـ 20 رمضان 1446 هـ
جريدة النهار المصرية رئيس مجلس الإدارة ورئيس التحريرأسامة شرشر
لماذا لا ترد المقاومة الفلسطينية حتي الان القصة الكاملة لواقعة تنمر بين طلاب بمحافظة الإسماعيلية شرشر ومقلد في ضيافة الدكتور محمد الباز في أمسية رمضانية بجريدة الدستور وكيل الطب العلاجى يتفقد الأطفال المصابين بحادث سقوط سقف غرفة فى بني عبيد محافظ الدقهلية يتفقد مصابي سقوط سقف غرفة بعزبة سمعان...ويعزي أسرة المتوفين تعاون إستراتيجي بين مجموعة أغذية وهيئة المساهمات المجتمعية - معاً، لإنتاج 500 ألف رغيف و 100 ألف عبوة من مياه جامعة أسيوط تعزز دمج ذوي الإعاقة: إعفاءات ومنح وتطوير شامل رئيس جامعة بنها يشارك حفل إفطار رمضان بكليتي الزراعة والطب البيطري بمشتهر موقف شهامه لأهالي قرية أم سن في كفرالشيخ إقاموا سرادقاً للعزاء في الـ4 شباب المتوفيين في حادث طريق الدولي علي نفقتهم الخاصة خناقة وشغب بسبب محل.. القبض على 16 شخصًا في واقعة مشاجرة شارع الجميل بقنا تخصيص 10 مساجد للاعتكاف بالبحر الأحمر «طب بنات الأزهر بالقاهرة» تكرم إيمان محمود بفوزها بلقب الطالبة المثالية

منوعات

ما سِرّ براعةِ بعضِ اللاعبين في سحبِ مكاسبِهم في اللحظةِ المُثلى دون غيرهم؟

ما سِرّ براعةِ بعضِ المُقامرين في سحبِ مكاسبِهم في اللحظةِ المُثلى دون غيرهم؟

في دُنيا الرِهانات و كازينو العاب الحظّ المُتقلّبة، لا يكمُنُ النجاحُ الحقيقيُّ فقط في تكويمِ الأرباحِ ومُراكمتِها، إنّما يتجلّى أيضاً في إدراكِ اللحظةِ الفارقةِ التي ينبغي فيها التوقّفُ عن اللعبِ وسحبُ هذه المكاسب. شاهدتُ على مرِّ السّنينِ مُقامرين يمتلكون موهبةً استثنائيّةً في اتّخاذِ القرارِ السّليمِ في التوقيتِ المُناسبِ تماماً، فتراهُم ينسحبون من طاولةِ اللعبِ في اللحظةِ الذهبيّةِ قبلَ أن تنقلبَ الأرباحُ المُحقّقةُ إلى خسائرَ فادحةٍ بلمحِ البصر. وبالمُقابلِ، رأيتُ العديدَ من المُقامرين الآخرين يُعانون من عجزٍ فادحٍ في تقديرِ الموقفِ، فيُضيّعون ما جَنَوهُ بسببِ عنادِهم وإصرارِهم على مواصلةِ اللعبِ والمُخاطرةِ دونَ رؤيةٍ واضحةٍ أو خُطّةٍ استراتيجيّةٍ مُحكمة.

الفارقُ الجوهريُّ بين هاتين الشّريحتين مِن المُراهنين لا يعودُ بالضّرورةِ إلى عاملِ الحظِّ وحدَهُ كما يظنُّ السّوادُ الأعظمُ من النّاس، بل تكمُنُ حقيقةُ الأمرِ في وجودِ منهجيّاتٍ وقواعدَ مُحدّدةٍ وأُصولٍ متينةٍ يلتزمُ بها المُراهنون الأذكياءُ لضمانِ حصدِ مكاسبِهم في الوقتِ الأمثلِ بعيداً عن شراكِ الطّمعِ والجشعِ المنصوبةِ في كلِّ زاويةٍ من زوايا صالاتِ القمارِ وملاعبِ الرّهانات. في هذا المقالِ المُفصّلِ، سنستعرضُ معاً العواملَ الرّئيسيّةَ والرّكائزَ الأساسيّةَ التي تُساعدُ المُراهنينَ النّاجحينَ على صياغةِ قراراتٍ حكيمةٍ ومدروسةٍ بخصوصِ توقيتِ سحبِ الأموالِ والانسحابِ من اللعبِ، وسنتطرّقُ بالشّرحِ والتّفصيلِ إلى مجموعةٍ مُنتقاةٍ من التّقنياتِ والاستراتيجيّاتِ المُجرّبةِ والمُجديةِ التي من شأنِها أن تنفعَ أيَّ مُراهنٍ في تحسينِ أدائِهِ وتعظيمِ أرباحِهِ وتقليصِ خسائرِهِ إلى أدنى حدٍّ مُمكن.

ترويضُ النّفسِ والتّحكّمُ بالعواطفِ: حجرُ الزّاويةِ في عالمِ المُراهنات

من أخطرِ العقباتِ والتّحدياتِ التي تعترضُ طريقَ المُراهنين عندَ صُنعِ قراراتِهم الماليّةِ الحاسمةِ هيَ العاطفةُ الجياشةُ والمشاعرُ المُتأجّجة. ذلك أنَّ الرّهاناتِ بطبيعتِها تُثيرُ وتُحرّكُ عواطفَ جارفةً كالحماسِ المُفرطِ، والطّمعِ المُستفحلِ، والتّوتّرِ العصبيِّ، والإحباطِ المُدمّرِ، والقلقِ المُزمنِ، وحتّى الغضبِ الشّديدِ في بعضِ الأحيان. وكُلُّ هذا الزّخمِ من المشاعرِ المُتضاربةِ قد يُؤثّرُ بشكلٍ سلبيٍّ وخطيرٍ على قُدرةِ المُراهنِ على التّفكيرِ العقلانيِّ المُتوازنِ والمُتجرّدِ، ممّا يؤدّي في نهايةِ المطافِ إلى اتّخاذِ قراراتٍ ارتجاليّةٍ مُتسرّعةٍ وغيرِ مُتّزنةٍ تكونُ عواقبُها وخيمةً ونتائجُها مُكلِفةً للغاية.

كيفَ تُؤثّرُ العواطفُ والانفعالاتُ على قراراتِ المُراهنين وخياراتِهم؟

  • الانتشاءُ والزّهوُ بعدَ الفوزِ: حينما يُحقّقُ المُراهنُ سلسلةً من الانتصاراتِ المُتتاليةِ، يَغلبُ عليهِ شعورٌ قويٌّ بالثّقةِ المُفرطةِ ويتملّكُهُ وهمٌ بأنّهُ "مُنيعٌ ضدَّ الهزيمةِ" و"مُحصّنٌ ضدَّ الخسارةِ"، ممّا يدفعُهُ للاستمرارِ في اللعبِ والمُخاطرةِ بمزيدٍ من المالِ بدلاً من الاكتفاءِ بما حقّقَهُ من أرباحٍ والانسحابِ في الوقتِ المُناسب.

  • الخوفُ الشّديدُ من ضياعِ الفرصِ: بعضُ المُراهنين يتملّكُهم هاجسٌ وخوفٌ من التّوقّفِ عن اللعبِ مُبكّراً، مُتوهّمين أنَّ أمامَهم فرصةً ذهبيّةً لا تُعوّضُ لتحقيقِ أرباحٍ أكبرَ وأكثرَ سخاءً، لكنّهم في نهايةِ المطافِ ينتهي بهم المآلُ إلى خسارةِ كُلِّ ما بحوزتِهم من مالٍ ومكاسبَ سابقة.

  • الإحباطُ والضّيقُ إثرَ الخسارةِ: المُراهنُ الذي يُمنى بخسارةٍ ما قد يستمرُّ في اللعبِ ويُضاعفُ مُخاطرتَهُ أملاً منهُ في استردادِ خسائرِهِ السّابقةِ، ممّا يُضاعفُ احتمالاتِ تكبّدِهِ لخسائرَ إضافيّةٍ أكبرَ وأفدح.

المُراهنون المُحنّكون ذوو الخبرةِ والدّرايةِ يُدركون تماماً أنَّ العواطفَ والمشاعرَ المُتضاربةَ قد تتحوّلُ إلى عدوٍّ لدودٍ وخصمٍ شرسٍ، لذا فهُم يعتمدونَ على منظومةٍ من الأساليبِ والتّقنياتِ النّفسيّةِ التي تُعينُهم على اتّخاذِ قراراتٍ رصينةٍ مبنيّةٍ على المنطقِ والتّحليلِ العقلانيِّ بعيداً عن تأثيرِ المشاعرِ الجياشةِ والانفعالاتِ الآنيّةِ الطّارئة.

وضع خطة مالية صارمة

من أهم العوامل التي تميز اللاعبين الناجحين عن غيرهم هو امتلاكهم لخطة مالية واضحة. فهم لا يدخلون الألعاب عشوائيًا، بل يحددون مسبقًا المبلغ الذي يمكنهم المخاطرة به، والأرباح التي يرغبون في تحقيقها قبل الانسحاب.

القواعد الذهبية لإدارة الأموال

  • تحديد ميزانية محددة: يجب على اللاعبين تحديد مبلغ معين من المال للمراهنة، وعدم تجاوزه تحت أي ظرف.

  • تحديد نسبة الأرباح المستهدفة: يحدد اللاعب الناجح نسبة معينة من الأرباح (مثل 50% أو 100% من المبلغ الأصلي) ويقرر الانسحاب بمجرد تحقيق هذا الهدف.

  • عدم المراهنة بالأرباح: من الأخطاء الشائعة أن يستمر اللاعب بالمراهنة باستخدام الأرباح بدلاً من صرفها، مما يؤدي غالبًا إلى خسارتها.

  • استخدام استراتيجيات لإدارة الأرباح: هناك طرق مثل تقسيم الأرباح إلى جزء يُسحب وجزء يُستخدم للمراهنة لتقليل المخاطر.

فهم الاحتمالات وإحصائيات الألعاب

يعتمد اللاعبون الناجحون على التحليل الإحصائي للألعاب التي يشاركون فيها، حيث يعرفون أن كل لعبة تعتمد على نسب محددة من الاحتمالات، وليس مجرد الحظ العشوائي..

اتباع استراتيجيات خروج واضحة

من بين التقنيات التي يستخدمها اللاعبون المحترفون لتحديد متى ينسحبون، هناك استراتيجيات مجربة تعمل على تحسين إدارة الأرباح وتقليل الخسائر.

استراتيجيات الخروج الفعالة

  • استراتيجية النسبة المئوية: يحدد اللاعب هدفًا معينًا مثل مضاعفة رصيده، وإذا تحقق هذا الهدف، فإنه ينسحب فورًا.

  • استراتيجية الجولات المحددة: يحدد اللاعب عددًا معينًا من الجولات التي سيلعبها ثم يقرر الانسحاب بغض النظر عن النتيجة.

  • استراتيجية الحماية الجزئية: بمجرد تحقيق مكاسب، يقوم اللاعب بسحب جزء منها ويبقي جزءًا صغيرًا فقط للمخاطرة الإضافية.

  • قاعدة الحد الأقصى للخسائر: بمجرد أن يصل اللاعب إلى حد معين من الخسائر، فإنه ينسحب دون محاولة تعويض الخسائر بالمزيد من المراهنات.

التعلم من الأخطاء السابقة

من أهم العوامل التي تساعد اللاعبين على تطوير مهاراتهم هو القدرة على مراجعة أخطائهم والتعلم منها. اللاعب الناجح لا يرتكب نفس الخطأ مرتين، بل يستخدم تجربته السابقة لتحسين قراراته المستقبلية.

كيف يتطوّر المُقامرون الأذكياء ويتعلّمون من تعثّراتهم وهفواتهم السابقة في عالم المَيسِر؟

اللاعبون المُحترفون والمُراهنون أصحاب الخبرة الطويلة يتميّزون عن غيرهم من المُبتدئين والهُواة بقدرتهم على استخلاص الدروس والعبر من تجاربهم السابقة، سواء أكانت تجارب ناجحة أم كانت إخفاقات مُؤلمة. فالمُقامر الذكيّ هو مَن يرى في كلّ خسارة فرصةً ثمينةً للتعلّم وتحسين الأداء، وليست مجرّد نكسة ماليّة عابرة. وقد لاحظتُ خلال سنوات طويلة من مُتابعة أساطين القمار في صالات اللعب الكُبرى أنّهم يتّبعون مناهج مُنظّمة لاستخراج المعرفة من تجاربهم الشخصيّة، ومن أبرز هذه المناهج:

  • تشريح القرارات والخيارات السابقة بمشرط النقد: بعد انتهاء كلّ جلسة من جلسات اللعب، يُخصّص المُقامرون المُتمرّسون وقتاً كافياً لإعادة النظر في جميع القرارات المفصليّة التي اتّخذوها أثناء اللعب، فيُقلّبونها على جميع وجوهها، ويُحلّلون ظروفها ومُلابساتها، ويتفحّصون نتائجها وتداعياتها، كلّ ذلك بهدف معرفة ما إذا كانت تلك القرارات صائبة وفي محلّها، أم كانت مُتسرّعة وغير مدروسة. وقد أخبرني أحد عظماء البوكر في مدينة مونتي كارلو أنّه يُخصّص ساعتين كاملتين بعد كلّ جلسة لعب لمُراجعة القرارات المُهمّة التي اتّخذها، بل إنّه يُسجّل مُلاحظاته وانطباعاته في دفتر خاصّ يحتفظ به لهذا الغرض.

  • الاحتفاظ بسجلّ دقيق ومُنظّم للأداء والنتائج: كثير من المُقامرين البارعين يحرصون على تدوين نتائجهم ومُعدّلات ربحهم وخسارتهم في سجلّات مُفصّلة ومُنظّمة، بل ويُدوّنون أيضاً المبالغ التي راهنوا بها، وأوقات وتواريخ المُراهنات، ونوع الألعاب، والظروف المُحيطة بكلّ مُراهنة. كلّ هذه التفاصيل تُساعدهم على استكشاف وتحديد أنماط النجاح والإخفاق في تجاربهم السابقة، وبالتالي اكتشاف المواطن التي يُحقّقون فيها أرباحاً أكبر، والحالات التي يتكبّدون فيها خسائر فادحة. وقد شاهدتُ بنفسي مُقامراً استثنائيّاً في مدينة لاس فيغاس يحتفظ بجداول إلكترونيّة مُعقّدة تُسجّل فيها جميع مُراهناته منذ عشر سنوات، ويُجري عليها تحليلات إحصائيّة دقيقة شبيهة بما تفعله المؤسّسات الماليّة الكُبرى.

  • مُقارنة الخيارات والقرارات باستراتيجيّات أكثر فعاليّة ونجاعة: يستطيع المُقامرون تحسين أساليبهم وتطوير منهجيّاتهم في اللعب من خلال مُقارنة قراراتهم واستراتيجيّاتهم مع استراتيجيّات أكثر كفاءة ونجاحاً يتّبعها مُقامرون آخرون محترفون. ويتمّ ذلك من خلال قراءة كُتب ومقالات متخصّصة، ومُشاهدة فيديوهات تعليميّة، ومُتابعة الدورات التدريبيّة التي يُشرف عليها مُقامرون محترفون. وقد أخبرني أحد لاعبي البوكر المُخضرمين أنّه كان يقضي ساعات طويلة كلّ أسبوع في مُشاهدة مباريات البوكر التي يخوضها أبطال العالم، ويُقارن قراراته بقراراتهم، ويتساءل: "ماذا كان سيفعل هذا البطل لو كان مكاني في هذا الموقف بالذات؟"

الختام: أين يكمن الفوزُ الحقيقي؟

وبعد هذه الرحلة، وجدتُ أن فهم اللحظة المناسبة لأخذ المكاسب وترك طاولة اللعب هو حجرُ الزاوية في بناء لاعبٍ ناجح. ليس الحظُّ وحده من يصنع الفائز - رغم ما يظنُّه البعض - بل هي مزيجٌ من خطط مدروسة وأساليب مُجرَّبة في إدارة المخاطر، مع فهمٍ عميق للعوامل المتداخلة التي تحكم نتيجة اللعب.

سألني صديقٌ ذات مرة: كيف أُحسِّن مستواي؟ قلتُ له: تعلَّم السيطرة على مشاعرك أولاً. ضع خطة واضحة للمال قبل أن تبدأ. افهم احتمالية الربح والخسارة في كل رهان تضعه. حدِّد مُسبقاً متى ستنسحب - قبل أن تبدأ اللعب! هكذا تزيد فرصتك في الربح المستدام، بدل أن تخسر كل شيء بسبب قرارٍ متهور أو انفعالٍ عابر.

رأيتُ كثيرين يغادرون بجيوب فارغة، لأنهم لم يعرفوا متى يتوقفون. الفوز الحقيقي ليس في المال وحده، بل في القدرة على الانسحاب بكرامة، والعودة ليوم آخر. تذكَّر دائماً: أعظم اللاعبين ليسوا من يربحون أكثر في ليلة واحدة، بل من يستمرون في الربح لسنوات طويلة.