مونيكا وليم خبيرة العلاقات الدولية تحلل للنهار : السياسة الخارجية المصرية تمثل روح الدبلوماسية المتوازنة والدعم المستمر

- الدكتورة مونيكا وليم : سياسة الدولة المصرية الخارجية حيال القضية الفلسطينيةتمثل دبلوماسية متوازنة ودعم مستمر
تعتبر جمهورية مصر العربية الدولة المركزية الاهم في المنطقة والتي تحملت عبء الدفاع عن القضية الفلسطينية وخاضت في سبيل الدفاع عنها حروبا عدة بداية من 1948 وصولا الي حرب العزة والكرامة ونصر اكتوبر المجيد في 1973 وحتي اليوم . تقول الدكتورة مونيكا وليم خبيرة العلاقات الدولية في تصريحات للنهار ان السياسة الخارجية للدول في الآونة الأخيرة علي المدخل البنيوي في ضوء غلبة الطابع الفوضوي لبنية النسق الدولي، والذي ينطلق افتراضه من قواعد عمل تًفرض على الفاعلين الدوليين ثلاثةانماط من التعاطي مع المتغيرات السياسية علي المستوي العلاقات الدولية، وهي: الاعتماد على الذات، انتهاج سياسة الموازنة، ودفع الدول إلى الحفاظ على بقائها وبالنظر إن القضية الفلسطينية تشهد منعطفاً مغايراً وفي ظل تصاعد التطورات المتسارعة وتنامي التعقيدات وسط معوقات تنذر بعواقب وخيمة تستهدف أعادة تشكيل ملامح الإقليم وتحيل تنفيذ المرحلة الثانية من وقف إطلاق النار ومن ثم خلق أفق سياسيةتضمن حل الازمة الراهبة بشكل دائم، مما يثير الغموض حول سيناريوهات المرحلة ومآلات هذا التصعيد ؟
واضافت الدكتورة مونيكا وعليه، انتهجت الدولة المصرية نهجاً متوازناً منذ 2023 تمَثل في رسم وتطوير مجموعة من السياسات وتبني مقاربة استراتيجية مكتملة الاركان إزاء القضية الفلسطينية في إطار مبدأ حل الدولتين الذي يمثل محدِّدًا ثابتًا في السياسة الخارجية المصرية ومحددات الأمن القومي والمتتبع لمسارأبعاد التحركات المصرية، يلاحظ أن الدولة المصرية قد ابدت صلابة في تعاطيها مع الأزمةخاصة في الفترة الاخيرة والتي تنطلق بالأساس من تحديات القطاع الانية وأيضًا من مرتكزات الدولة المصرية والتي تتلخص في الآتي:
المسار الاول المتمثل في المنحى المتعلق بتطوير العملية الإنسانية من خلال معبر رفح، إلا أنه بجانب ذلك وباعتبار مطار العريش شمالي سيناء نقطة استقبال مركزية للمساعدات التي يتم إرسالها إلى مصر من جميع دول العالم تقريبًا، عملت مصر على فتح مسار جديد يربط مصر بقطاع غزة من خلال معبري العوجة وكرم أبو سالم لزيادة كميات القوافل النافذة إلى القطاع ووحدت مصر أيضًا جهودها بالتعاون مع الأردن والإمارات والولايات المتحدة في تنفيذ عمليات إنزال جوي للمساعدات على قطاع غزة، وبالتحديد في منطقة شمال غزة
أما المسار الثاني، فهو المتعلقبالعمل علي توحيد الرؤية الفلسطينية والوصول إلى صيغة توافقية لإدارة القطاع بين الفصائل الفلسطينية المسلحة والسلطة الفلسطينية بما يحقق الحد الأدنى من احتياجات السكان الأساسية، وذلك على خلفية محاولات إسرائيل تحييد دور للسلطة الفلسطينية فيما يتعلق بترتيبات اليوم التالي في قطاع غزة، أذ سعت مصر لخلق توافق سياسي في إطار المصالحة بين فتح وحماس.
كما تتضمن هذا المسارالتشاوراتوالوساطة المصرية القطرية بالتعاون مع الولايات المتحدة منخلال عملية التفاوضبقمة القاهرة عام 2023 لتثبيت هدنة في اليوم الـ 48 من العدوان الإسرائيلي، والتي بموجبها تم إطلاق سراح(50) محتجزا إسرائيلياً في غزة، وتحرير(150)فلسطينيا من سجون الاحتلال إلي جانب الهدنة الثانية والثالثة.
في حين أن المسار الثالث برز في إطار المساعي المصريةلمنع تصفية القضية الفلسطينية خاصة ان الدولة المصرية قد استقرأت منذ البداية الهدف الخفي وراء إعلان إسرائيل الحرب على غزة، وبناءعلى ذلك، اعتزمت مصر حشد الرأي العام الدولي على اختلاف مكوناته الدولية والإقليمية، وهو ما ظهر جلياً من خلال تأكيد السيد رئيس الجمهورية في أكثر من لقاء كما وسعت من نطاق تحركها والذي شمل تضمين بعض الدول الغربية ومنها زيارة الرئيس إلي إسبانياواستقبال رئيس المجلس الأوروبي علي هامش قمة القاهرة.
واشارات الدكتورة وليم في الوقت الذي تدعم فيه الولايات المتحدة اسرائيل دعماً متناهياً ومطلقاً، حيثتلاقت المصالح الاسرائيلية مع الرئيس الامريكي دونالد ترامب الذي جاء لتحقيق مصالح نفعية وفق مبدأ السلام بالقوة وهو تحقيق السلام وفًقا لمصالحهم وأملاتهم ، خاصة باعتبار انه بالفعل تم تحقيق بعض الاهداف التكتيكية في لبنان وسوريا، وهو ما تمثل في صفقة الاسلحة الذي تم أمدادها لاسرائيل بعد تقييدها من قبل الرئيس السابق بايدن إلي جانب أعلان ستيف ويتكوف المبعوث الأمريكي للشرق الأوسط عن خطته والتي تنص عن تمديد وقف إطلاق النار لمدة 42 يوما بما يتيح فرصة للتفاوض حول شروط وقف إطلاق النار الدائم، كما تتضمن الخطة الأفراج عن نصف المحتجزين وهو ما ترفضه حماس باعتباره تجزئة لشروط وقف إطلاق النار دون ضمانات.
وفي هذا الإطار،لابد من النظر إلى حالة عدم الاستقرار السياسي والانقسام المتنامي في الداخل الاسرائيلي والذي برز خلال جلسة الكنيست يوم 3 مارس 2025 بحضور نتيناهو والتي اختُتمت بطرد يائير غولان زعيم حزب العمل على خلفية عدة مشادات بين الأعضاء من جهة، وبين عائلات الأسرى، وقوات الأمن من جهة أخري وهو ما يعد أحد ابرز الارتدادات والمعطيات التي لابد من أخذها في الاعتبار.
واضافت الدكتورة مونيكا للنهار بالتوازي فقد تبنت الديناميكية المصريةنهج دبلوماسي متبلور في المساهمة في ايجاد صيغة تشاركية للعمل العربي وتوحيد الموقف العربي خاصة وذلك خلال تعميق التعاون مع السعودية والإمارات والأردن وقطر، بالإضافة إلى السلطة الفلسطينية؛ وذلك لتقويض المساعي الاسرائيلية التي تستهدف تصفية القضية الفلسطينية أو أضعاف وتحييد دور السلطة الفلسطينية في قطاع غزة وتأسيساً على ذلك، فقد استضافت مصر 3 قمم عربية منها لقاءات وزارية وأيضا القمة العربية الطارئة بالقاهرة في 4 مارس 2025 للاتفاق على خطة لأعمار غزة دون تهجير الشعب الفلسطيني، حيث وضعت مصر الاهداف المرحليةومرتكزات الخطة التي تضعطروحات للفترة الانتقالية بالقطاع وسيناريوهات المرحلة القادمة التي تتمحور حول تشكيل لجنة تتولي إدارة القطاع لمدة 6 أشهر،والحفاظ على استدامة الهدنة وتوفير سكن مؤقت للنازحين في غزة خلال عملية إعادة الإعمار، إلى جانب مناطق داخل القطاع في 7 مواقع تستوعب أكثر من 1.5 مليون فرد. وقدرت الخطة إعادة إعمار غزة بـ 53 مليار دولار، لمدة 5 سنوات.
واشارت الدكتورة مونيكا في الوقت نفسه، شاركت مصر في القمة العربية المصغرة بين دول الخليج ومصر والأردن في السعودية، كما أن مصر قد أدانت التصريحات الإسرائيلية والتي تحرض ضد المملكة العربية السعودية وتطالب ببناء دولة فلسطينية بالأراضي السعودية، كلها مناقشات معمقة تعكس أهمية تبني موقف عربي موحد وراسخ أزاء القضية المفصلية التي تتشعب تداعياتها علي طبيعة تفاعلات الاقليم برمته.
كما أن مصر قد أبدت جاهزية في التعاطي مع كافة السيناريوهات المطروحة، منها التهديد بقطع المعونات العسكرية أو غيره وقد استعاضت عن ذلك بتطوير القدرات العسكرية المصرية وأبرام مصر العديد منالصفقات منها تلك المبرمة مع الصين، بأستلام مقاتلات صينيةj-10C .
وتختتم الدكتورة مونيكا تصريحاتها للنهار إن السياسة الخارجية المصرية تجاه القضية الفلسطينية لم تكن وليدة اللحظة، بل هي امتداد لدورتاريخي لطالما لعبت مصرفي الدفاع عن الحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني. وفي ظلال التطورات المتسارعة التي تشهدها المنطقة، فإن استمرار هذه السياسة على أسس ثابتة تتسم باتزان وحكمة يعكس رؤية استراتيجية تدرك أبعاد الصراع وتوازنات القوى، وتسعى لتجنب التصعيد من جهة، ودعم الحقوق الفلسطينية المشروعة منجهة أخرى.
ومن خلال تحركاتها المكثفة، سواء عبر الجهود الدبلوماسية الثنائية أو العمل في الأطارات الدولية، قد برزت المقاربة المصرية في التعامل مع الأزمة من خلال عدة محاور رئيسية، شملت تكثيف الجهود لوقف إطلاق النار، وتقديم المساعدات الإنسانية لسكان غزة، فضلاًعن السعي لاستئناف مسارالتسوية السلمية وفق المرجعيات الدولية. كما حرصت القاهرة على الحفاظ على قنوات التواصل مع مختلف الأطراف، إيمانًا منها بأن الحل الدائم يجب أن يكون سياسيًا قائمًا على إقامة دولة فلسطينية مستقلة وفق حدود عام 1967،وعاصمتها القدس الشرقية.