النهار
الجمعة 21 فبراير 2025 08:13 مـ 23 شعبان 1446 هـ
جريدة النهار المصرية رئيس مجلس الإدارة ورئيس التحريرأسامة شرشر

ثقافة

المشاريع الفكرية العربية والتمحور حول الذات!

مأزق الأيدولوجيا العربية
مأزق الأيدولوجيا العربية

أنشغال العقل العربي على تحليل افكاره ما هو الا إعادة إجترار الأفكار، أصبحت الثقافة العربية منغلقة على نفسها، من حيث استخدام المناهج لفهم الأخر، وكأن العقلية العربية عقلية "لوامة" تعيد صياغة أفكارها بكافة المناهج المتاحة للوقوف على أوجه القصور في فهم الأخر، بدلاً من إعمال العقل في فهم أيدولوجية الأخر نفسه.

حتى الأبحاث والاوراق التي تحاول فهم الأخر لا تتخطى كونها ترجمات وقراءات دون قراءة حقيقية للأيدولوجية من داخلها، فالأعتماد على البرانية هو السائد، والجوانية قليل جداً وإن وجد فأنه مهمش بفعل "البروباجندا".

حسن حنفي والجابري

الأخر يفهم العقلية العربية أكثر من العرب أنفسهم، نتيجة رؤيته من الخارج، والانعتاق من كافة الأيدولوجيات المسيطرة عليه، فيكون محور القراءة للعقلية العربية أكاديمي بحث، يتميز بالموضوعية ويخدم الواقع ويستشرف المستقبل.

التراث والتجديد

اما عن المناهج الحديثة في فهم تكوين العقل العربي فهي وان كانت مشاريع قوية الا انها مع ذلك لا يتم أستخدامها، بل تظل في "فاترينة" المثقفين تزين مكتباتهم، للعرض فقط. ربما لأن تلك المشاريع وان كانت تستطيع خدمة الواقع الا انها تتسطح في أغلب الأوقات، ولا حل الا خروج تلك المشاريع للشارع من جديد.

حتى يتسنى ذلك لابد من زيادة أعداد المثقفين في المجتمع العربي ككل، وتأهيلهم لأعادة تشكيل الثقافة بما يتوافق مع معطيات الواقع، الواقع الذي يفرض سرعة في الأستجابة وأيضاً تنحية جزء كبير من المكون الثقافي العربي.

تنحية هذا المكون والذي يختص بالتفكير والأبداع ما هو الا وسيلة لأعادة السيطرة على شعوب كانت ترضخ للسيطرة الاجنبية، سواء أكان بقوة عسكرية ام بقوة ثقافية، فالموضوع ليس الا اعادة صياغة لما كان يحدث قديماً، فبوجود التكنولوجيا التي ساهمت في الأنتشار الثقافي للدول التي تطلع على نفسها عظمى أستطاعت أختراق الثقافات الأخرى للمجتمعات للسماح لها بالسيطرة من خلال المكون الثقافي.

ادورد سعيد

قدم العديد من المفكرين مشاريع لفهم الأيدولوجيا العربية، وبعضهم حاول تشريح الأيدولوجيات الأجنبية والتي لها تماس مع الأيدولوجيا العربية، في تجاهل تام لأيدولوجيات مجتمعات هي الأقرب صلة بنا بل وتشترك معنا في الجزور العرقية والثقافية. الأمر الذي استغله الغرب في تكوين جبهة جديدة تحاول تفتيت العقلية العربية من الداخل. عملاً بمنهج ان لم استطع السيطرة عليهم فسأحاول تفتيك تلك المجتمعات لجعلها سهلة الأنقياد. في ظل وجود شبكة عالمية تستطيع خدمة ذلك الأتجاه وفي ظل غياب تام للأحداث التي تحدث تحت السطح.

الأهم في ذلك تلك المشاريع التي تقرأ الخارج وتحاول إستيعابه كمنطلقات فكرية لمخاطبة الغرب، بل وايضاً لتطوير الأيدولوجيا العربية حتى تعمل بتناغم مع الأيدولوجيات الغربية.
هناك تياران لتلك المشاريع والتي يمكن وصفها كمشاريع ايدلوجية كنتيجة للأثر التي أحدثته في خضم العصر الراهن، اولهم إدورد سعيد ومنهجه في قراءة العقلية الغربية تجاه الشرق، ومحاولة تحليلها او تفكيكها كما يدعي البعض، للوقوف على ماهيتها ولفهم نظرة الاخر لنا.

المشروع الأخر لعبد الوهاب المسيري، وهو ان وصفناه كمشروع قد ينطوي على مبالغه للبعض لأنه يركز على فئة قليلة الأفكار والأيدولوجيات بل ومعتنقيها اصلاً، ولكنها لها أثر في السياق العالمي وتشكيل وجهه النظر العالمية من خلال سيطرتهم على راس المال والاعلام والكثير.
لذا يمكن ان ينشئ إتجاه اخر ناحية القرن الأفريقي، والذي تم تجاهله حتى أصبح له صوت وأيدولوجيات، بعضها مشوهه ويستم أستخدامه بخارج السياق المرجو منه، فالهدف الأساسي التعاون والتقارب، وليس التناحر والسرقة!

خروج العقلية العربية من مازق التفكير الجواني للبراني سيمنحها مزايا تكاد تقترب من عصور الريسانس "النهضة الأوروبية"، وربما في بعض مجتمعاتنا ستتحول لمجتمعات ازمة ما لم يستطع المثقفين توجيه الدفة للسير في التيار الأيدولوجي الجديد.

موضوعات متعلقة