تميز في السباحة وأصبح رسامًا محترفًا.. «سونيا» تعاني من شلل الأطفال وتدعم ابنها المُصاب بالتوحد
![تميز في السباحة وأصبح رسامًا محترفًا.. «سونيا» تعاني من شلل الأطفال وتدعم ابنها المُصاب بالتوحد](https://media.alnaharegypt.com/img/25/02/12/1105723-122647.jpg)
تحديات كثيرة واجهت «سونيا» بداية من إصابتها بشلل الأطفال مُنذ الصغر، لتكون هذه الإعاقة سببًا في تحويل حياتها رأسًا على عقب، ومن ثم جعلتها إنسانة حالمة وتريد تغيير كل الصعوبات لتكون حقائق من خلال بحثها الدائم عن الفرص كي يزداد شغفها بالحياة، لم يكن هذا فحسب التحدي الوحيد بالنسبة لها، إلا أنها رٌزقت بمولود من ذوي الاحتياجات الخاصة يُعاني من التوحد، لتكون حياتها كلها عبارة عن محن حولتها بالإرادة والصبر إلى منح وعطايا.
«من ساعة ما وعيت على الدنيا كنت بعاني من شلل الأطفال، ودايمًا كنت بحس أني مش بعرف اعمل أي شيء بسهولة».. هذه العبارات الأولى للسيدة سونيا أحمد، خلال حديثها الخاص لـ«النهار»، فكانت دومًا تشعر أنها مختلفة عن غيرها من الأطفال، ولا تستطيع القيام بالكثير من المهام التي تكون سهلة بالنسبة لغيرها، بمرور الوقت أصبحت قادرة على تقبل الأمور والإقبال على الحياة، لذا فكل الصعوبات تحولت إلى مهام تقوم بها دون أن تشعر بأي حالة من الضجر، كما أنها تزوجت وحدث أكثر من مرة إجهاض، إلا أنها رٌزقت بالنهاية بطفلها «مؤمن» والذي اعتبرتها هدية من الله، فكانت تقوم بمتابعة صحته وحالته بصفة دائمة، إلا أنها لم تنتبه من هدوئه الزائد على الرغم من أنه مثل أي طفل قد يحدث ضجيجًا.
حكت «سونيا» أنه بمرور الوقت وبمجرد خوضه تجربة المشي والحركة مثل أي طفل، تحول الطفل الهادئ إلى طفل آخر غير مقدر للمسافات أثنا حركاته المختلفة، وبالتالي هذا كان سببًا في خوفها الزائد عليه لأنه يُعرض نفسه للخطورة، لافتة:«حسيت أني العبء عليا بيزيد كل ما يمر الوقت، لأنه بقيت دايمًا اتابعه في كل لحظة».
بدأت تشعر «سونيا» بأن هذه العلامات إشارة لأعراض غير طبيعية، وذلك بسبب مقارنتها بين أفعال ابنها وغيره من الأطفال الذين في عمره، قائلة:«ومن ضمن المؤشرات المهمة أنه متكلمش نهائي حتى بعد ما عدى السنتين، علشان كده والدتي فضلت تضغط عليا أني لازم أروح به للدكتور».
بعدما ذهبت بابنها إلى الطبيب سمعت عن التوحد وكانت هذه المرة الأولى بالنسبة لها، ومن ثم شعرت بحالة من الصدمة والانهيار، وظلت مكتئبة فترة من الوقت، متابعة:«حسيت بعد كده أن مش دي الطريقة الصح، وأني لازم أواجه علشان أخرج من المنطقة المظلمة دي».
اجتهدت «سونيا» كثيرًا كي تحول هذه المحنة إلى منحة، وتستطيع أن تخرج بابنها إلى بر الأمان، من خلال الاطلاع والقراءة الكثيرة عن التوحد كي يكون لديها دراية كاملة لتسهيل التعامل مع ابنها، مشيرة:«ماكنتش لاقية حد متخصص يساعدني والمراكز كانت وقتها قليلة».
بعد مرور 3 سنوات من عمره، أصبحت تظهر علامات وأعراض أخرى أشد من الأولى، وفي هذا التوقيت اضطرت أن تذهب إلى أقرب مركز لها في مدينة طنطا، موضحة:«مكانش في رعاية سليمة للطفل، وكان دايمًا بيتجرح كتير».
حاولت «سونيا» أن تقدم الدعم اللازم لابنها كي يكون في حالة أفضل، وذلك بسبب حالة الرضا التي كانت دومًا تشعر بها، وتحاول تبعد نفسها عن أي كلمات سلبية قد يقولها أي شخص لها بسبب ظروف ابنها الخاصة، بالإضافة إلى ذلك اجتهادها الدائم لمعرفة الكثير عن الحالة الخاصة بابنها، فضلًا عن ذلك اختيارها الأماكن التي يمكن أن يتواجد فيها طفلها كي تشعر بحالة من الاطمئنان عليه، متابعة:«كمان تحملت مشقة الطريق من السفر من طنطا إلى القاهرة والعكس علشان علاج ابني اللي كنت دايمًا شايفة أنه أفضل في القاهرة بسبب توفير المراكز».
بعيدًا عن الجانب المظلم إلى أن هناك جوانب أخرى مليئة بالأمل والحياة، بسبب تميز «مؤمن» ابن السيدة «سونيا» في عدد من المواهب، فكانت البداية بحفظه للقرآن الكريم وتمييزه للآيات القرآنية وتحديد السور الخاصة بكل آية، بالإضافة إلى قدرته على التحصيل الدراسي مثله مثل غيره من زملائه المماثلين له في العمر، فضلًا عن ذلك قدرته في الرسم والتي اكتشفتها خلال فترة انتشار فيروس كورونا والمكوث في المنزل فترة طويلة، عندما تركت له العنان في الرسم، لافتة:«في الوقت ده بدأنا ندور على حد يساعده في تطوير مهارة الرسم عنده، وبعد فترة صغيرة لوحاته بقيت تتباع زيه زي أي فنان محترف».
بالنسبة للجانب الرياضي، فظهر حبه للسباحة من عمر الـ5 سنوات، وذلك من خلال التدريبات التي كان توفرها له «سونيا» كي يصل لمراكز مميزة في عالم الرياضة، وفي مرحلة أخرى، قررت أن يذهب إلى صالة رياضية من أجل تأدية تمرينات معينة لتهيئة جسده للسباحة، متابعة:«أخذ ميداليات في السباحة في مسابقات مختلفة سواء في مصر أو برا مصر، زي حصوله على المركز الأولى في مسابقة بأبو ظبي، والأخرى كانت في دبي ووقتها حصل على المركز الثاني، كما أنه حصل على ميدالية فضة بعد مشاركته في مسابقة كأس مصر».
صعوبات كثيرة واجهها «مؤمن» برفقة والدته خلال مشواره الرياضي، فكانت البداية عندما كان يعاني من مشكلة في القدم وأجرى على أثرها جراحة عاجلة، تسببت في توقفه فترة من الوقت عن السباحة، بالإضافة إلى مرض والدته المفاجئ والذي كان سببًا أيضًا في تعطله عن مشواره الرياضي، فضلًا عن ذلك صعوبة إيجاد مُدرب جيد في الأقاليم وخاصًة للأطفال الذين يعانون من مشكلات خاصة مثل حالة «مؤمن»، كما أن حمامات السباحة في المسابقات التي يشارك فيها الطفل جميعها بالمعايير الدولية تكون 50 متر، على عكس حمامات السباحة الموجودة في الأقاليم والتي تكون غالبًا 25 متر، متابعة:«ابني دايمًا بحسه نسخة مني في الصبر والإرادة ودايمًا بيواجه أي مشكلة أو عقبات بسهولة وبيكمل طريقه».