هل يتمسك الفلسطينيين بأرضهم ويتغلبوا علي ضغوط ترامب ؟
يقول الكاتب والمحلل السياسي فراج اسماعيل الخبير في شؤون الشرق الاوسط ان الفلسطينيين لن يترك أرضهم ولو عاشوا حياتهم كلها فوق "الهدم" الذي برر به ترامب فكرته لتهجيرهم.. لكن الواقع أنه يفكر في إعادة رسم حدود مصر الشرقية وتقليصها من جهة شبه جزيرة سيناء، وهي فكرة قديمة تم تداولها تاريخيا في فترات أزمنة مختلفة بدعوى أنها امتداد للشام أو جزء من فلسطين وأن اتفاقية 1840 ثم الاستعمار البريطاني 1906رسماها بوضعها الحالي الذي يجعل الحدود المصرية تمتد إلى غزة التي بدورها خضعت للإدارة المصرية مرتين.. من عام1948 إلى حرب1956 ومن بعد ذلك إلى حرب يونيه 1967.
واشار فراج الي لمحة تاريخية عندما دخلت الدولة العثمانية مصر عن طريق سيناء عام 1516 لم تقترب منها بأي تعديل، واعتبرتها جزءا لا بتجزأ من مصر، رغم أنها أرادت فصلها عن ولاية مصر في أواخر عهد الخلافة، لولا الانتداب البريطاني على كل من مصر وفلسطين الذي احتفظ بها لمصر إلى حدود غزة وفي فرمان تولية محمد علي حكم ولاية مصر عام 1841.. كانت سيناء جزءا من الإقليم المصري الوارد في الفرمان. بل كانت تضم أيضا بعض المناطق على الساحل الشرقي لخليج العقبة وهي ضبا والعقبة والمويلح والوجه وفي الفرمان كان حد مصر الشرقي ممتد من رفح على نحو 28 ميلا من العريش إلى جنوب قلعة الوجه، أى أن سيناء كلها وقلاع العقبة وضبا والمويلح والوجه.
وفى أواخر عام 1890 جاء بول فريدمان برفقة 30 عائلة من اليهود المهاجرين، واشترى أرضا في المويلح على ساحل البحر الأحمر على مقربة من خليج العقبة، وكانت محاولة صهيونية مبكرة للاستيطان.
فشلت هذه التجربة مبكرا وتصدى لهم الجنود المصريون باعتبارها حدودا إدارية مصرية. وانتهت محاولة التوطين وأخفق مشروع فريدمان الوهمى بتأسيس مملكة إسرائيلية التي كانت ضمن إرهاصات استيطان سيناء وفلسطين، وأصدر السلطان عبدالحميد 3 فرمانات متتالية عام 1891 لمنع استيطان اليهود وبعد ذلك بدأ صراع اقتطاع سيناء من مصر بين بريطانيا والدولة العثمانية مع تولية الخديوى عباس الثانى، حيث أصدر السلطان العثمانى فرمان التولية فى 17 يناير 1892 مخالفا لبنود معاهدة لندن 1840، واقتطع شبه جزيرة سيناء من مصر وضمها إلى الأراضى الحجازية، واعتبر الحدود الممنوحة لخديوى مصر تمتد من العريش إلى السويس.
وقبل ذلك الفرمان دارت مفاوضات بين المعتمد العثمانى فى مصر والحكومة المصرية، لاستبعاد العقبة من الحدود المصرية، وبالفعل تقرر نهائيا أن تتخلى مصر عن العقبة للدولة العثمانية لتضمها إلى ولاية الحجاز، وقبيل قراءة فرمان التولية طلبت الاستيلاء على الطور بعد التسليم لها فى العقبة.
امتنع الخديوي عن تلاوة فرمان التولية الذى ينتقص من حقوق مصر الثابتة فى إقليمها، ومارست بريطانيا مع فرنسا وروسيا ضغوطا على اسطنبول، لضمان عدم خرق اتفاقية 1840، ما دفع الدولة العثمانية إلى التراجع.
وأرسل الصدر الأعظم برقية للخديوى عباس الثانى فى 8 أبريل 1892 لتصحيح الوضع وجاء فيها: "أما فيما يتعلق بشبه جزيرة سيناء، فإن الحالة الحاضرة تبقى فيها كما هى عليه، وتكون إدارتها بيد الخديوية المصرية، كما كانت فى عهد جدكم إسماعيل باشا، ووالدكم محمد توفيق باشا".
وكان ذلك أول خط حدود فى التاريخ الحديث بين مصر والجناح الشرقى للوطن العربى، وهو لون من تعيين الحدود بين الأقطار العربية التى لم تعرف حدودا سياسية فاصلة بينها.
فكرة ترامب نقل سكان غزة في حقيقتها محاولة لإعادة رسم خط الحدود وليس عملا إنسانيا، فإعادة إعمار غزة بالنسبة له تحويلها إلى منتجع، وسبق أن اقترح صهره جاريد كوشنر إقامة مشروعات عقارية على الواجهة البحرية للقطاع لتكون مثل لاس فيجاس. وشبهها ترامب بأنها يمكن أن تكون أفضل من موناكو.