النهار
الثلاثاء 4 مارس 2025 12:13 مـ 5 رمضان 1446 هـ
جريدة النهار المصرية رئيس مجلس الإدارة ورئيس التحريرأسامة شرشر

المحافظات

أستاذ بمعهد البحوث الزراعية والهندسة الوراثية بجامعة المنوفية ينشر تجربة ”الزراعة النظيفة” بمئات الأفدنة في مركز الشهداء

الدكتور محمد فتحي سالم " البرنامج يهدف إلى مضاعفة إنتاجية الفدان بأقل تكلفة وتقليل استهلاك المياه ومحصول آمن وتعظيم الصادرات وحصلنا على شهادة تسمح بتصدير المنتج إلى كافة دول العام

"فارق واضح تستطيع عين غير خبيرة في مجال الزراعة أن تحدد بمنتهى السهولة، الفارق بين زراعتين لمحصول واحد في نفس الأرض أحدهما أستخدم تقنيات الزراعة الحيوية والآخر مازال يستخدم الأسلوب المتبع بإستخدام الأسمدة الكيماوية، والصادم في الأمر أن الزراعة الحيوية كانت الأسلوب المتبع قديما بشكل آخر في حين أن استخدام الأسمدة الكيماوية كان دخيلا على أقدم الحرف التي عرفتها الحضارة المصرية القديمة ولجوء البشر إلى تحفيز التربة على زيادة الإنتاج بعد الزيادة السكانية الكبيرة وتقلص مساحات الأراضي.

طريق إختاره الدكتور محمد فتحي سالم، أستاذ بمعهد البحوث الزراعية والهندسة الوراثية التابع لجامعة المنوفية، لتصل بحوثه العلمية إلى الفلاح المصري بعيدا عن الروتين الحكومي وتقليدية التفكير، ليبدأ تطبيق برنامجه لنشر الزراعة الحيوية على مئات الأفدنة بمركز الشهداء في محافظة المنوفية، في مبادرة شخصية تبناها بمساعدة عدد كبير من طلاب كلية الزراعة والباحثين وطلاب الدراسات العليا للقضاء على العديد من المشكلات المزمنة التي تعاني منها الزراعة في مصر.

"النهار" رصدت التجربة الرائدة بنشر الزراعة الحيوية، من خلال زيارة حقول فلاحي مركز الشهداء الشهيرة بزراعة الفاصوليا، وبعين غير خبيرة في مجال الزراعة، تستطيع أن تلاحظ الفارق الكبير من أرض تم تطبيق برنامج الزراعة النظيفة وأخرى ملاصقة لها إتبعت النظام القديم في الزراعة بإستخدام الأسمدة الكيماوية.

رضا أحمد مازن أحد المزارعين الذين طبقوا برنامج الزراعة النظيفة قال لـ النهار، "أنا فلاح أبا عن جد وأعمل في الزراعة منذ أن كنت طفلا، وهذه الأراضي مشهورة بزراعة الفاصوليا، وأضاف أنه قرر اللجوء الى الزراعة النظيفة بعد ان أصبحت مهنة الزراعة غير مجدية ماديا بسبب إرتفاع أسعار الأسمدة الكيماوية وإضطرار الفلاحين لشرائها من السوق السوداء بأسعار مضاعفة بالإضافة الى إرتفاع تكلفة الأيدي العاملة وغلاء المعيشة، مشيرا إلى أنه تواصل مع أستاذ البحوث الزراعية من خلال أحد العاملين معه في البرنامج وبعد عدة جلسات مع عشرات الفلاحين لشرح البرنامج وكيفية إستخدامها ونتائجة، قررنا إستخدام البرنامج على محصول العروة الشتوية للفاصوليا وكان هناك عدد من الفلاحين في الأرض المجاورة إستخدموا الزراعة الحيوية في صوب الخيار والطماطم وحققوا إنتاجية مضاعفة بتكلفة أقل وأضاف، انه إلتزم بالبرنامج بعد أن لاحظ الفارق في النمو الخضري والتزهير بما يبشر بإنتاجية عالية في الوقت نفسه تقل تكاليف استخدام الأسمدة الحيوية الى الربع تقريبا بالمقارنة باستخدام كيماوي الجمعية الزراعية وأضاف، أطالب جميع الفلاحين بالتعامل بالزراعة الحيوية قائلا، " إتفاجئت بمنظر الزرعة في عمر شهر والشجرة وصلت الى 3 أدوار -أبراج تزهير- وكان لسه فاضل 60 يوم، حاسس أني أول مرة أزرع فاصوليا بعد سنين طويلة من الفلاحة".

من جانبه قال الدكتور محمد فتحي سالم، الأستاذ بمعهد البحوث الزراعية بجامعة المنوفية، إنه تم تطبيق برنامج الزراعة النظيفة " الأورجانيك" أو الحيوية، في مئات الأفدنة مركز الشهداء أحد أهم القطاعات المنتجة لمحصول الفاصوليا في مصر، باستخدام أسمدة حيوية أنتجها فريق بحثي وأظهرت نتائج مبشرة، ويهدف البرنامج في المقام الأول هو إنتاج غذاء آمن للشعب المصري خالي تأثيرات الأسمدة الكيماوية المتبع استخدامها في زراعة الأراضي منها "اليوريا ونترات نشادر والسوبر فوسفات"، التي يتم صرفها لمحاصيل العروة الشتوية، وأضاف أن هذه الأسمدة ممنوعة عالميا، وينتج عن إستخدامها مادة سامه وهي "نيتروز أمين"، التي تعد السبب الرئيسي في رفض إستيراد المحاصيل المصرية من الأسواق الأوربية ودول الخليج وأضاف أنه بمساعدة فريقة نجح في الحصول على شهادة من مركز بحوث وزارة الزراعة والمعمل المركزي لتحليل متبقيات المبيدات الزراعية والعناصر الثقيلة في الأغذية يمكن جميع الفلاحين الذي شملهم المشروع من تصدير منتجاتهم من الفاصوليا لجميع الدول الأوروبية بمواصفات عالمية بإستخدام الأسمدة والمبيدات الحيوية المتخصصة .

وأشار أستاذ البحوث الزراعية، أن البرنامج نجح في تقليل مقننات المياه المستخدمة من خلال الحصول على مجموع خضري عالي جدا من أقل كمية ممكنة من المياه، وهذا ما يجب أن تحارب الدولة من أجله لترشيد استهلاك المياه من خلال تعميم تجربة الزراعة الحيوية على كافة الأراضي الزراعية والتخلي عن الزراعة التقليدية التي تهدر المياه وصحة المواطن المصري وتحد من حجم الصادرات الزراعية المصرية، مضيفا أنه على المدى الطويل ومع تطبيق البرنامج أكثر من مرة يتم إعادة إحياة النشاط الحيوي للتربة من خلال إستخدام ميكروبات نافعة تساعد على التخلص من بقايا الأسمدة الكيماوية السامة، وأشار الدكتور محمد سالم أن البرنامج كان تركيزه على رفع المستوى المعيشي للفلاح من خلال خفض تكاليف الزراعة إلى الربع تقريبا، فهذه المنطقة تشتهر بزراعة الفاصوليا وبحساب تكاليف الأسمدة للفدان لا تتعدى على مدار السنة 1000 جنيه في حين أن تكلفة الزراعة بالطرق التقليدية واستخدام الكيماوي تصل الى 4 الاف جنيه سنويا للفدان، حيث أن هذه المنطقة تزرع الفاصوليا عروة شتوية وأخرى صيفية تتبعها زراعة محصول الذرة، وأضاف أن إنتاج الفدان من الفاصوليا بالطريقة التقليدية لا يتعدى 700 كيلو في حين أن برنامج الزراعة الحيوية حقق إنتاجية تتخطى 1600 كيلو للفدان في العروة الشتوية ونحو 2500 كيلو فاصوليا في العروة الصيفية بما يحقق مكاسب كبيرة للفلاح المصري.

وأكد سالم، أنه تم زراعة بعض المساحات بالطريقة التقليدية بجوار الأراضي التي تم تطبيق البرنامج عليها حتى يلاحظ المزارعون الفرق بين المحصولين في الأرض الواحدة سواء النمو الخضري أو أبراج التزهير المسئولة عن الإنتاج ، قبل الحصاد، وأضاف أنه يقوم بمتابعة تطبيق البرنامج بمساعدة فريق معاون من طلبة كلية الزراعة وطلاب الدراسات العليا والمعيدين، ونقوم على فترات بالإستماع الى المزارعين وعمل أكثر من برنامج إرشادي للفلاحين والإستماع الى آرائهم في الزراعة الحيوية بالإضافة إلى برنامج أخر لمكافحة الآفات الزراعية.

وطالب استاذ البحوث الزراعية بتغيير فلسفة الزراعة في كافة أنحاء مصر ،وقال إن الزراعة النظيفة هي طريق مصر لتعظيم صادراتها للخليج والدول الأوربية بالإضافة إلى الحفاظ على صحة المواطن المصري ورفع المستوى المعيشي للفلاحين وترشيد استخدام المياه في ظل الأزمة الحالية، ودعا الخبير الزراعي زملائه العلماء وأساتذة الجامعات لاستخدام علمهم في كافة البحوث التطبيقية قائلا" إن قيمة أستاذ الجامعة هي ما يتوفر له من نقاط إرتكاز لتوليد الأفكار التي تخدم مجتمعه وكلا في تخصصه من زراعة وصناعة وطب وصيدلة.