”اللعب مع الكبار ”و ”طيور الظلام”.. أفلام لا تُنسى صنعت ملحمة وحيد حامد وشريف عرفة وعادل إمام
تحل اليوم الذكرى الرابعة لرحيل الكاتب الكبير وحيد حامد، الذي ترك بصمة لا تُمحى في تاريخ السينما والتليفزيون المصري، لما قدمه من أعمال مميزة طوال مسيرة فنية أبدع فيها بقلمه مبتكرًا شخصيات لا تزال عالقة بالأذهان وستظل طويلاً، بأفلام حققت جماهيرية كبيرة لكبار النجوم.
ولد حامد في 1 يوليو 1944 في قرية بني قريش، مركز منيا القمح، محافظة الشرقية بمصر، ودرس بكلية الآداب، جامعة القاهرة، كان له مسيرة تعليمية متميزة ساعدته في تكوين خلفية معرفية قوية أهلته لأن يكون من أبرز كتاب السيناريو في مصر حيث منحته دراسته في جامعة القاهرة فرصة للاطلاع على مجموعة واسعة من الأدب والفلسفة والعلوم الإنسانية. هذا التكوين الأكاديمي أثر بشكل كبير في كتاباته، حيث مزج بين الأدب والفكر النقدي والوعي الاجتماعي والسياسي.
شكل “وحيد حامد ”مع الفنان “عادل إمام” ثنائية مميزة بدأت في عام 1981 حينما تعاونا في فيلم" انتخبوا الدكتور سليمان عبد الباسط" وشارك في الفيلم كوكبة من نجوم الشباك حينها، ومنهم القدير “عمر الحريري” و الفنانة" مديحة كامل" والإخراج لمحمد عبد العزيز، ثم تعاونا معًا مرة أخرى في فيلم" الإنسان يعيش مرة واحدة" من إخراج سيمون صالح.
واستمرت هذه الثنائية ربع قرن تقريبًا، إذ كانت بداية النجاح الحقيقية من الفيلم الثالث الذي تعاونا فيه معًا وكان فيلم “الغول” وشارك عادل إمام فيه النجم القدير" صلاح السعدني" و"صلاح قابيل" والنجمة" إلهام شاهين" و “نيللي”، ثم فيلم "الهلفوت" الذي عالج مشكلات اجتماعية ظهرت في هذه الفترة، منها الحرمان الجنسي، واستطاع" وحيد حامد" ربطه بالفقر وقلة الوعي بحبكة درامية محكمة.
وظل السيناريست الكبير" وحيد حامد" في معالجة القضايا الاجتماعية التي عانى منها المجتمع المصري في فترة التسعينيات، ومنها مشكلة البطالة التي اجتاحت المجتمع المصري في انتظار الوظيفة الحكومية، فقدم للشاشة عام 1991م فيلم" اللعب مع الكبار" بطولة عادل إمام، وحسين فهمي، وعايدة رياض ومن إخراج" شريف عرفة" .
ثم توالت الأفلام التي تعاونا فيها “حامد” مع “عادل إمام” وبتوقيع المخرج شريف عرفة، هذا المثلث الذي أحدث ضجة كبيرة في عالم السينما من خلال تقديم مجموعة من الأعمال السينمائية الجريئة والتي مثلت مرحلة انتقالية في السينما المصرية بين فترة التسعينيات والألفية الجديدة.
وارتبطت الأفلام التي وقعها المثلث السينمائي الأشهر في السينما المصرية بالمجتمع، ومنها فيلم “الإرهاب والكباب” و"المنسي" و"طيور الظلام" و"النوم في العسل" بالواقع ومناقشة القضايا الفكرية والاجتماعية المتوارية خلف جدران الخجل المجتمعي من الطرح، ثم انتهت هذه الثنائية في 2005 مع فيلم عمارة “يعقوبيان” من إخراج مروان حامد، والذي ناقش المثلية الجنسية بجرأة، إلى جانب مجموعة من الحبكات الفرعية منها السياسة والتطرف وعلاقتهم بإدارة الدول والأنظمة، وقد لاقى هذا العمل تحديدًا ردود فعل غير متوقعة من النظام السياسي حينها، ولقد عاد إلى شباك السينما بعد ضغط جماهيري ونقدي غير متوقع .
قدم الكاتب وحيد حامد رحلة فنية حافله بالأعمال الهامة، أبرز تلك الأعمال في السينما فيلم "طيور الظلام، المنسي، الإرهاب والكباب، اللعب مع الكبار، رغبة متوحشة، مسجل خطر، المساطيل، كشف المستور، الراقصة والسياسي، الدنيا على جناح يمامة، ملف سامية شعراوي، اضحك الصورة تطلع حلوة، احكي يا شهرزاد"، وعلى مستوى الدراما قدم مسلسل "الجماعة، بدون ذكر أسماء، أوان الورد، العائلة، البشاير، الرجل الذي عاد".
حصد وحيد حامد العديد من الجوائز عبر مسيرته الإبداعية الطويلة منها، جائزة الدولة التقديرية عام 2008، وجائزة النيل عام 2012، وجائزة نجيب محفوظ عن مجمل أعماله التليفزيونية من مهرجان الإعلام العربي عام 2010، وجائزة الهرم الذهبي من مهرجان القاهرة السينمائي 2020.
رحل وحيد حامد عن عالمنا يوم 2 يناير عام 2021، ولكنه ترك خلفه إرثًا فنيًا حافلًا يعكس موهبته الكبيرة لما قدمه من أفكار وشخصيات معالجة بحبكات درامية امتزجت فيها السينما بالواقع بعمق وإبداع، حتى ظلت حاضرة في أذهان محبي السينما المصرية عمومًا و سينما الواقع خصوصًا.