”إلحق مستثمر!!”.. لماذا اندثرت الأندية الشعبية في مصر؟
الكورة للجماهير، وهذا ما لم نراه فى وقتنا الراهن، حيث أن الأندية الشعبية كانت لها باع طويل من البطولات فى مختلف المحافل الكروية، ولكن الوضع الآن تردى إلى الأسوأ حينما اندثرت تلك الأندية بعدما خيمة أندية الشركات والمؤسسات غير الجماهيرية على المشهد الكروي، ربما لعدم مواكبة الأندية الشعبية لدفع مبالغ ضخمة للاعبين وسيطرة الفكر الإستثماري على أندية الشركات.
مما ترتب على هذه الظاهرة اختفاء الجمهور من المدرجات، وبالتالي افتقاد اللاعبين للتفاعل مع الجماهير داخل الملعب على عكس الدوريات الأوروبية التي تمتلك كل فرقة بها لجمهور خاص يتولى تشجيعها بقوة.
فالدوري المصري الممتاز يشتمل على ثلث عدد الفرق من الأندية الشعبية صاحبة الجماهيرية وثلثين العدد لأندية الشركات والمؤسسات غير الجماهيرية، وهذا ما يعكس الإختفاء الصامت لأندية مثل الأوليمبي والسويس والمنصورة وطنطا... إلخ، وحلول فرق الشركات محلها، وكأن لسان حال الأندية الشعبية وهى مكبلة اليدين: "إلحق مستثمر جديد" سينهي مسيرة نادي شعبي، والنتيجة أن معظم المباريات أصبحت تقام في القاهرة ويوجد أكثر من 20 محافظة غير ممثلة في الدوري الممتاز.
أندية الشركات، إلى أين تقود الدوري المصري، هل تدعم صناعة كرة القدم أم ستقضي على الأندية الشعبية؟ سؤال ساخن يطرحه محرر "النهار" على طاولة المسؤولين.
قال كابتن "محمد صلاح" لاعب الزمالك الأسبق في تصريحاته الخاصة لجريدة "النهار" أن السر يكمن فى الموارد المالية الباهظة، حيث أن الأندية الشعبية بإستثناء ناديي الأهلي والزمالك تفتقد إلى الموارد على عكس أندية الشركات التي تتيح لها مواردها طلب لاعبين جدد بأسعار مرتفعة.
وتابع "صلاح" حديثه بأن قديمًا كانت الدولة تنفق على الأندية الشعبية الجماهيرية على عكس مايحدث الآن من ضعف الماديات للشركة الراعية والإعلانات وتردي قيمة عقود اللاعبين وبالتالي خسارة الأندية الشعبية.
وأرجع "صلاح" هذا الأمر إلى أن المستثمرين بأندية الشركات يضعون كرة القدم في مقدمة أولوياتهم، مشددًا على ضرورة إيجاد موارد مالية للإنفاق على المنظومة الكروية وأن عودة الجماهير ستساهم في زيادة تلك الموارد.
بينما أبدى الناقد الرياضي "نبيل عمر" في تصريحاته لـ"النهار"، اعتراضه على إقامة المؤسسات لفرق كرة قدم بلا جماهير، ناصحًا إياهم بصنع أبطال أولمبيين لمصر كسبيل أفضل للدعاية لشركتهم فحينما يتوجون لاعبيهم بميداليات ذهبية سيُنسب النجاح أيضًا إلى الشركات التي ينتمون إليها وبالتالي سيتردد اسم الشركة على مسامع الجماهير وستحقق أغراضها الربحية.
ونوه "عمر" على عبارة "الكرة للجماهير" أي ليست حكرًا على مؤسسات بعينها والتي تمتلك فكرًا يقوم على الإنفاق على مدربين ولاعبين من الأندية الشعبية وعدم التجديد في السوق الكروي.
وأعطى "عمر" مثالًا حيًا للتجربة الكروية الناجحة لنادي "غزل المحلة" بعدما تحول من نادي شركة إلى نادي شعبي وارتباطه بإسم الراحل "طلعت حرب".
فيما رأي الكابتن "أحمد صالح" لاعب الزمالك السابق أن هناك تأثير كبير لأندية الشركات على الأندية الشعبية بفضل الأموال التي يتم إنفاقها على شراء لاعبين ذو مميزات هائلة فضلًا عن منافسة لاعبي الأهلي والزمالك.
وأكد "صالح" أن اللاعبين حاليًا يسعون إلى الإنضمام للنادي الذي سيتقاضون منه أموال طائلة على عكس اللاعبين القدامى ممن كان سعيهم الأسمى وراء بناء اسم وتاريخ كروي، موجهًا نصيحة إلى المسئولين بالمجال الكروي بضرورة المحافظة على الأندية الشعبية عن طريق تلقي الدعم من الأفراد والمؤسسات حتى يصبح هناك توازن بينهم وبين أندية الشركات.
من جانبه قال عبدالرحمن علام، مشجع لنادي الزمالك، أن غزو الشركات للإستثمار في قطاع كرة القدم سلاح ذو حدين، ولكن السلبيات كانت أكثر ومن أهمها افتقاد متعة لفاف الجمهور حول فريقه المفضل، ومن ثم إندثار الأندية الشعبية وعدم القدرة على الصمود فى مواجهة الأموال الباهظة.
أما عن طريقة معالجة الظاهرة بشكل مفيد للكرة المصرية، يرى "علام" أن نجعل وجود هذه الشركات التي باتت ظاهرة لا غنى عنها ولكن نضعها فى المسار الصحيح، والذي يخدم الشركات المستثمرة ويحقق أهدافها التجارية وفي ذات الوقت يكون هذا الاستثمار مفيد للكرة المصرية.
ويقترح "عبدالرحمن"، أن الشركات تعمل على رعاية الأندية الشعبية وضخ الأموال المناسبة ولكن عدم تخطي هذا الإستحواذ على أكثر من 49% من قيمة إدارة النادي، لتجعل هذه النسبة الإدارة فى يد الجمعية العمومية.