خبير في شؤون الشرق الاوسط يحلل للنهار لماذا سقط الشمال السوري سريعا في يد الفصائل المسلحة ؟
في اعقاب توقيع الدولة السورية مع المعارضة بضمانة تركيا وسوريا وروسيا وكازخستان علي تفاهمات استانا عاصمتها الجديدة تنفس السوريون الصعداء في فتح طاقة نور في جدار الصراع المسلح الذي انهك الدولة السورية ووضع اكثر من 10 ملايين بين مشرد ونازح ولكن فوجيء الجميع بتحرك خاطف وسريع بعيد ساعات من دخول اتفاق وقف النار في لبنان الهش حيزالتنفيذ.
يقول الكاتب فراج اسماعيل المحلل السياسي والخبير في شؤون الشرق الاوسط في تصريحات خاصة للنهار ان مشهد سقوط حلب وريفها وجزءا من ريف حماة في أيدي الفصائل المسلحة في حوزتها الآن 25% من مساحة سوريا وهنا السؤال الاهم لماذا هذا السقوط السريع؟!.. وماذا يعني ربط هذه الفصائل بتركيا؟..
المدقق للموقف يلحظ حقيقة حدوث تغير جيوسياسي كبير لكن يجب أن نضبط المصطلحات بإحكام لأن إسرائيل وواشنطن تراقبان الوضع والإعلام الإسرائيلي الذي يُعرف الفصائل بأنهم متمردون سنة، يقول بأنهم سيشكلون تهديدا لها، وواشنطن تقول إنها ليست ضالعة في هذا الهجوم وأن هيئة تحرير الشام (يسميها الإعلام العالمي جبهة النصرة) مصنفة على قوائم الإرهاب كما أن أنقرة تؤكد أنها غير منخرطة في الصراع.
بالنسبة لأي محلل.. المشهد غامض جدا، ويزيده غموضا أنه اشتعل بعد اتفاق وقف النار في لبنان، وتفكك بنية حزب الله وإيران في سوريا لذا يجب عدم الاستعجال وتسمية ما يجري بأنه ثورة المعارضة ضد نظام الأسد لأننا لا نجهل أن تلك الفصائل المسلحة ستتحارب فيما بينها عقب الانتهاء، وأن سوريا بأكملها ستدخل في صراع على الكعكة حسب القيمة الاستراتيجية والاقتصادية لمناطقها، وسيكون هناك استقطاب دولي للفصائل، ولن تكتفي واشنطن وإسرائيل بالمراقبة والانتظار.
وأضاف اسماعيل للنهار ان هذا الصراع لم يعزل دمشق وحدها.. بل عزل غزة وسيدخلها إلى المجهول، فمن المستحيل الآن أن تتفاوض إسرائيل على وقف الحرب في مواجهة حماس التي تعتبرها واشنطن منظمة إرهابية مسلحة، في ظل سيطرة فصائل تقع تحت تعريف "المنظمات الإرهابية" على سوريا المجاورة.
والغريب ان تناول الاعلام العبري للموقف جاء من خلال عنوان لافت للنظر يقول "من جولاني إلى جولاني.. أين تقف إسرائيل".. أي من لواء جولاني الإسرائيلي الشهير الذي يقوم بالدور الأكبر في حرب غزة، إلى "أبو محمد الجولاني" زعيم هيئة تحرير الشام المصنف على قوائم الإرهاب.
مواقف كل من واشنطن وإسرائيل وتركيا وإيران وروسيا تجعل من الصراع المسلح الذي بدأ بإسقاط حلب من قبضة النظام، صراعا دوليا بامتيازوواشنطن مثلا في بيان لها ذكرت أنها تراقب الوضع وتحث على حماية لأقليات.. وذلك يعني أنها تفتح بابا للتدخل المباشر.
واشار اسماعيل روسيا تدخلت بغارات جوية خجولة.. ويبدو أنها لا تريد التورط أكثر من ذلك، فهي لا تحتمل صراعا جديدا في ظل حربها في أوكرانيا. وإيران لا تستطيع في الوقت الحالي أكثر من البيانات واتهام واشنطن وتل أبيب بالضلوع في هجوم إسقاط حلب ولكن تبقى تركيا التي تنسب لها الفصائل المسلحة، ولا ندري هل بالفعل بعيدة عما يجري رغم تأثيره المباشر على أمنها واستقرارها ، وهل ستقبل إسرائيل أن تقضم تركيا أردوغان معظم سوريا؟..
حتى اللحظة فإن الإعلام العالمي يسمي الفصائل المسلحة بأنها "الموالية لتركيا".. وهو تعريف مقلق جدا، لأن الدول الأخرى المنافسة لن تقف مكتوفة الأيدي.
سياسيا.. سقوط حلب يجعل دمشق، مركز نظام الأسد، على وشك الإنهيار التام ما لم تجد إيران سبيلا لإنقاذه مع الوضع في الاعتبار أنها غاضبة منه بسبب وقوفه على الحياد في حرب حزب الله ضد إسرائيل، واتهامه الحزب في رده على رئيس وزراء لبنان في قمة الرياض مؤخرا بأنه من قتل أطفال سوريا!.
واضاف اسماعيل للنهار ان الإمارات وهي دولة مؤثرة خارج الأضواء التنافسية الحالية تبدو مؤيدة لبقاء نظام الأسد. جرى اتصال هاتفي بين محمد بن زايد والأسد وذلك يقودنا إلى تنافس الإمارات مع قطر التي توضع إلى جانب الفصائل المسلحة.
من يصمد للنهاية وتكون له الغلبة؟.. الفصائل المسلحة بدأت هجومها بأسلحة متطورة لم تكن بحوزتها من قبل، وبأساليب عسكرية جرى الإعداد لها جيدا. أما الأسد فقد ذهب إلى موسكو.. ومن هناك تعهد باستخدام القوة ضد ما أسماه "الإرهاب". قد تكون زيارته لموسكو طلباً للتدخل المباشر من حليفته. والأيام ستشهد على نتيجة ذلك.
ونأتي إلى طريقة تعامل قوات سوريا الديمقراطية (قسد) وهو فصيل كردي، وانتشاره في مناطق استراتيجية في حلب، وقد جرت بالفعل بينه وبين الفصائل الموالية لتركيا معارك عنيفة في تل رفعت بريف حلب.. وذلك يؤشر لحرب شوارع في حلب التي انقسمت بين سيطرة الفصائل وسيطرة المليشيات الكردية.
ويستنتج اسماعيل أن “حلب" هي الحد الأقصى لفصائل المعارضة، فلن تستطع الدخول في حرب مع قوات قسد المدعومة من واشنطن. أنقرة لا يمكنها قلب الطاولة ، وكل ما قد تسعى إليه هو إضعاف وجود قوات سوريا الديمقراطية وقطع مناطق سيطرتها حتى لا تحصل على حصة كبيرة في المفاوضات بعد ذلك.. وليس القضاء عليها تماما وأنت ما هو رأيك؟!
رغم أنه يمكن استنتاج رأيي من العرض السابق، فإنني ألخّصه هنا في كلمتين لا ثالث لهما "إني متشائم"..