رئيس هيئة قضايا الدولة في حوار خاص لـ ”النهار”: العدالة الناجزة والتحول الرقمي على رأس أولويات هيئة قضايا الدولة
هيئة قضايا الدولة، أحد أعمدة النظام القضائي في مصر، تضطلع بمسؤوليات جسيمة تتعلق بحماية المال العام وصون حقوق الدولة.
المستشار عبد الرزاق شعيب، رئيس الهيئة، يتحدث في حوار صحفي خاص لجريدة النهار عن خططه المستقبلية لتطوير العمل، وتعزيز التحول الرقمي، وتحقيق العدالة الناجزة.
س: كيف استقبلتم تكليفكم برئاسة هيئة قضايا الدولة؟
أشعر بامتنان كبير تجاه القيادة السياسية وعلى رأسها الرئيس عبد الفتاح السيسي، الذي منحني هذه الثقة الغالية، هيئة قضايا الدولة هي شريك رئيسي في تحقيق العدالة وصون المال العام، وأنا أتعهد ببذل كل الجهود لتطوير الأداء وتحقيق العدالة الناجزة بما يعزز ثقة المواطنين في مؤسسات الدولة.
س: ما هي شروط الانضمام إلى الهيئة؟ وكيف يتم اختيار الأعضاء؟
نلتزم بمعايير صارمة تشمل الشفافية والمساواة، حيث يعتمد الاختيار على التقديرات الأكاديمية وسلامة التحريات. يتمتع أعضاء الهيئة بضمانات قانونية تضمن حيادهم واستقلالهم أثناء أداء مهامهم.
حماية المال العام: إنجازات بارزة
س: هل يمكنكم تسليط الضوء على إحدى القضايا الكبرى التي حققت فيها الهيئة نجاحًا؟
نجحنا مؤخرًا في قضية تحكيم دولي مع شركة “إيجيبت جلف”، حيث تم تخفيض التعويض المطلوب من الدولة إلى أقل من 1% من المبلغ المدعى به، هذا الإنجاز يعكس قوة الهيئة في الدفاع عن المال العام وحماية مقدرات الدولة.
رؤية المستقبل: تطوير شامل
س: ما هي خطط الهيئة المستقبلية؟
نعمل على افتتاح فروع جديدة في المحافظات، تطوير البنية التحتية، وإعادة تأهيل المقرات بما يتماشى مع حجم الدعاوي المنظورة بكل محافظة أو إقليم و عدد الأعضاء اللازمة لمباشرة تلك الدعاوي، و ايضا وفقا لمبدا تقريب جهات التقاضي للمواطنين اضافة الي متطلبات التحول الرقمي و تحديث البني التحتيه لتلك المقرات.
مع استراتيجية التحول الرقمي، كما نستثمر في تدريب الأعضاء لتطوير مهاراتهم القانونية والتكنولوجية لضمان استدامة الأداء المتميز.
أهم الإنجازات التي حققتها الهيئة خلال الفترة الأخيرة في مجال الدفاع عن المال العام؟
هيئة قضايا الدولة بذلت مجهودًا كبيرًا خلال السنوات الأخيرة، خاصةً في الملفات التي تتعلق بالقضايا التي تؤثر علي الخزانة العامة للدولة، ومن بين الإنجازات البارزة، كان نجاحنا في قضية “إيجيبت جلف”، التي تم فيها تجنب خسارة مليارات الدولارات لصالح الدولة المصرية.
كما حققنا انتصارات قانونية مهمة في مجال التحكيم الدولي، حيث نجحنا في تسوية قضايا شائكة تتعلق باستثمارات ضخمة، وذلك عبر فريق قانوني على أعلى مستوى، هذه الإنجازات تُبرز مدى كفاءة أعضاء الهيئة والتزامهم بحماية المال العام وتطبيق القانون.
بالحديث عن التحول الرقمي، كيف سيؤثر هذا التحول على سرعة الفصل في المنازعات القضائية؟
التحول الرقمي هو أحد المحاور الرئيسية لتحقيق العدالة الناجزة، لقد بدأنا في تطوير نظام إلكتروني متكامل لإدارة القضايا، ما يساهم في تقليل الوقت المستغرق للفصل فيها.
النظام الرقمي سيتيح لنا تتبع القضايا بشكل أفضل، وسرعة الوصول إلى الوثائق والمستندات المتعلقة بكل قضية، كما أننا نعمل على ميكنة معظم العمليات الإدارية داخل الهيئة، مثل تسجيل الدعاوى، وحفظ الأحكام، وإعداد التقارير القانونية، مما يوفر الوقت والجهد ويزيد من كفاءة العمل.
بالإضافة إلى ذلك، نسعى لتوفير بوابة إلكترونية تُمكّن الجهات الإدارية والمواطنين من متابعة قضاياهم إلكترونيًا، مما يعزز من مبدأ الشفافية.
التحول الرقمي: تسريع العدالة
س: هل يشهد التحول الرقمي تقدمًا داخل الهيئة؟
التحول الرقمي هو أحد أهم أولوياتنا، وقد قطعنا شوطًا كبيرًا فيه بالتعاون مع وزارة الاتصالات، نعمل على بناء بنية تحتية تقنية متطورة لتسريع الإجراءات، بالإضافة إلى تدريب المستشارين والموظفين لضمان تحقيق الكفاءة العالية.
وأن مركز التدريب التقني سيتم افتتاحه قريباً مركز التدريب التقني معتمد من المجلس الاعلي للجامعات ويمنح شهادة معتمدة في أساسيات التحول الرقمي.
ذكرت سيادتكم أهمية تطوير الكوادر البشرية.. هل يمكن توضيح البرامج التدريبية التي يتم تقديمها؟
بالتأكيد، نحن نؤمن أن الاستثمار في الكوادر البشرية هو مفتاح النجاح لأي مؤسسة، لذلك نقوم بتوفير برامج تدريبية مكثفة تشمل جوانب قانونية وإدارية وتقنية.
على سبيل المثال، يتم تنظيم ورش عمل ودورات تدريبية بالتعاون مع وزارة العدل ومؤسسات تعليمية عالمية، لتعريف مستشاري الهيئة بأحدث التشريعات والقوانين الدولية، بالإضافة إلى موضوعات مثل التحكيم الدولي، وصياغة العقود، وحقوق الإنسان.
تم إنشاء المركز للتدريب التقني وكمركز اختبار معتمد لدى المجلس الأعلى للجامعات، يملك صلاحية منح شهادات معتمدة في أساسيات التحول الرقمي FDTC، لمُنتسبي هيئة قضايا الدولة والجهات والهيئات القضائية والمجتمع غير الجامعي.
تمكين المرأة: أولوية وطنية
تُعتبر المرأة المصرية شريكًا رئيسيًا في بناء الدولة.. كيف تُدعم الهيئة دور المرأة داخلها؟
المرأة شريك أساسي في العمل القضائي داخل الهيئة. تقلدت القاضيات مناصب قيادية بارزة مثل عضوية المجلس الأعلى ورئاسة القطاعات، تمكين المرأة يعكس رؤية الدولة لتحقيق المساواة ويعزز التنوع في صنع القرار.
في السنوات الأخيرة، شغلن القاضيات مناصب قيادية مهمة مثل عضوية المجلس الأعلى للهيئة ورئاسة الفروع والقطاعات، والأمانة العامة والتفتيش الفني، وهذا يعكس مدى الكفاءة التي تتمتع بها المرأة المصرية، ودورها المهم في تحقيق العدالة.
كما أننا نحرص على توفير الفرص المتكافئة للجنسين في التعيينات، بناءً على الكفاءة والتقدير العام، دون أي تمييز، نؤمن أن تمكين المرأة يعزز من أداء الهيئة، ويدعم مبدأ المساواة الذي نلتزم به.
مع ازدياد القضايا التي تُرفع ضد الدولة.. كيف تُوازن الهيئة بين الدفاع عن الدولة وحقوق المواطنين؟
هذا السؤال جوهري، فهيئة قضايا الدولة تُعتبر “خصمًا شريفًا”، نحن لا نهدف فقط إلى الدفاع عن الدولة، ولكن أيضًا إلى تحقيق العدالة، إذا تبين أن المواطن له حق، فإننا نسعى لتنفيذ الحكم القضائي لصالحه بكل شفافية.
على الجانب الآخر، عندما تكون هناك دعاوى تستهدف المال العام أو مصالح الدولة بطريقة غير مشروعة، فإننا نقوم بالدفاع بكل قوة وحزم لضمان حماية حقوق الشعب المصري.
في الواقع، لدينا آليات صارمة لمراجعة المواقف القانونية قبل الدخول في أي دعوى، لضمان عدم إطالة النزاعات القانونية بلا داعٍ.
ماذا عن مستقبل التعاون مع الجهات الدولية والإقليمية لتعزيز قدرات الهيئة؟
التعاون الدولي جزء أساسي من استراتيجيتنا، نحن نسعى دائمًا لتعزيز علاقاتنا مع الهيئات القضائية في الدول الأخرى، وتبادل الخبرات معها.
على سبيل المثال، لدينا بروتوكولات تعاون مع العديد من الجهات الدولية، مثل المركز الدولي لتسوية منازعات الاستثمار (الإكسيد)، ومنظمات الأمم المتحدة المختلفة.
كما نشارك بانتظام في مؤتمرات دولية تُعنى بالقانون والتحكيم الدولي، مما يُتيح لأعضاء الهيئة الاطلاع على أفضل الممارسات العالمية وتطبيقها محليًا.
قضايا الدولة تسترد 26 الف فدان للدولة.. ماذا عن تفاصيلها؟
نجحت هيئة قضايا الدولة أن تسترد 26 الف فدان للدولة في منطقة العياط، بتكلفة إجمالية تجاوزت ثمانية مليارات دولار أمريكي، إلا أن هيئة قضايا الدولة، التي تمثل الدولة المصرية في النزاع، تمكنت من دحض معظم مزاعم المحتكمين.
أدى ذلك لصدور حكم بتخفيض التعويض إلى أقل من 1% من القيمة المطالب بها، وبذلك، تجنبت الخزانة العامة للدولة خسارة محتملة تفوق الثمانية مليارات دولار، وهي القيمة التي ادعى المحتكمون أنهم تكبدوا خسائرها في هذا النزاع.
وأعلنت الهيئة صدور حكم في 13 سبتمبر 2024 بشأن الدعوى التحكيمية رقم (ICSID Case No. ARB/18/31) التي رفعتها شركة المجموعة الدولية للمشاريع القابضة وبعض المحتكمين من الجنسية الكويتية ضد جمهورية مصر العربية أمام المركز الدولي لتسوية منازعات الاستثمار (الإكسيد) التابع للبنك الدولي في واشنطن.
ماذا عن تدريب أعضاء الهيئة وإصقال مهاراتهم؟
تُعد هيئة قضايا الدولة مدرسة عريقة للقانون، تأسست في عام 1876 في عهد الخديوي إسماعيل، تخرج منها العديد من فقهاء القانون البارزين، مثل المستشار عبد الحميد بدوي باشا أول قاضٍ مصري في محكمة العدل الدولية، والمستشار عبد الحليم الجندي، والمستشار عبد الرزاق السنهوري، وغيرهم من القامات القانونية التي أسهمت في تطوير الفقه القانوني في مصر.
وفي إطار استمرار هذه المسيرة، تولي الهيئة اهتمامًا كبيرًا بتطوير مهارات أعضائها وصقل معارفهم القانونية، يتم ذلك من خلال تنظيم دورات تدريبية متخصصة في مركز الدراسات القضائية التابع لها، بالإضافة إلى الاستفادة من البرامج التدريبية التي تقدمها وزارة العدل، تغطي هذه الدورات مجالات متعددة مثل القوانين المستحدثة، التحكيم، وحقوق الإنسان، بهدف تمكين المستشارين من مواكبة التطورات التشريعية وتعزيز كفاءتهم.
علاوة على ذلك، توفر الهيئة برامج تدريبية للعاملين الإداريين بها لتطوير مهاراتهم القانونية والتقنية، بما يتماشى مع توجهات التحول الرقمي في المنظومة القضائية، هذا الاهتمام الشامل بالتدريب يرسخ دور الهيئة كمنصة تعليمية وقانونية تسهم في تأهيل أجيال جديدة من الكوادر القادرة على مواجهة التحديات القانونية المتجددة.
وما هي الضمانات التى يتمتع به مستشارو وأعضاء الهيئة للقيام بمهام عملهم بحيادية وكيف يتم تقسيم الأعمال؟
يتمتع مستشارو وأعضاء هيئة قضايا الدولة طبقاً لدستور 2014 و أحكام قانون تنظيم الهيئة ببعض الضمانات التي تمكنهم من أداء مهامهم في حيدة وتجرد، وعلى رأس هذه الضمانات عدم القابلية للعزل وعدم جواز القبض على أي منهم في غير حالات التلبس إلا بعد إتباع الإجراءات المقررة قانوناً.
وتنقسم هيئة قضايا الدولة إلى أقسام يختص كلٍ منها بمباشرة قضايا الدولة أمام إحدى الدوائر القضائية ويرأس كل قسم أحد المستشارين نواب الرئيس، بينما يختص قسم المنازعات الخارجية بمباشرة قضايا الدولة المصرية في الخارج أمام المحاكم وهيئات التحكيم الدولية ويرأسه المستشار رئيس الهيئة لخطورة وأهمية القضايا المتداولة به.
ماذا عن توقيع برتوكول التعاون بين الهيئة والجامعات؟
في سبيل تعزيز أواصر التعاون المُثمر بين هيئة قضايا الدولة برئاسة المُستشار عبدالرزاق شعيب وبين المجلس الأعلى للجامعات، تم إنشاء المركز للتدريب وكمركز اختبار معتمد لدى المجلس الأعلى للجامعات.
وبالفعل تم توقيع بروتوكول تعاون يأتي لاستكمال مسيرة التواصل المستمر والتعاون بين هيئة قضايا الدولة وبين الجامعات المصرية كافة، مثمنًا الدور الكبير الذي يقوم به المجلس الأعلى للجامعات في نشر الثقافة الرقمية.
ما هو الهدف الرئيسي من الدورة التدريبية التي يقدمها الأكاديمية العسكرية لأعضاء هيئة قضايا الدولة الجدد؟
الهدف الرئيسي من الدورة التدريبية التي تقدمها الأكاديمية العسكرية لأعضاء هيئة قضايا الدولة الجدد هو تعزيز روح الالتزام والانضباط لديهم، وتنمية مهاراتهم المهنية، وإعدادهم لتحمل المسؤوليات القضائية بكفاءة، كما تسعى الدورة إلى غرس قيم النشاط والإيجابية في العمل، بما يساهم في أداء دورهم في الدفاع عن المال العام وصونه.