أسامة شرشر يكتب: نتنياهو مجرم حرب وغزة ولبنان لن تسقطا
الأحداث سريعة ومتلاحقة، فى لبنان وغزة، بينما الشعب اللبنانى الصامد وشعب غزة الأبى يتعرضان لأبشع أنواع الإبادة وضرب البنية الإنسانية فى لبنان وفلسطين، وما زالت المقاومة مستمرة، وأقولها إن لبنان وغزة لن تسقطا فى أيدى اليمين المتطرف الإسرائيلى، رغم أنهم دفعوا فاتورة الشهادة والموت أمام صمت العالم والدول العربية والإسلامية.
وفى هذا النفق المظلم يبدو ضوء من الإرادة والحياة، فى حكم المحكمة الجنائية الدولية، بأن نتنياهو وجالانت مجرما حرب، وأصبحا مطلوبين دوليًّا فى كل عواصم العالم، خاصة مع مطالبة المحكمة الجنائية الدولية الدول الأعضاء بضبط نتنياهو وجالانت والتعاون مع المحكمة، ويكفى موقف الدول التى أخذت قرارًا بالقبض عليه إذا مر بمطاراتها أو نزل بأراضيها، وهذا انتصار صنعته جنوب إفريقيا، بلد نيلسون مانديلا، الذى قال مقولته الشهيرة (لن أشعر بتحرير جنوب إفريقيا إلا إذا تم تحرير فلسطين).
وأمام استمرار سيناريو الإبادة فى لبنان على طريقة غزة، أعتقد أن ما يتردد من أن وقف الحرب فيهما هو أكذوبة كبرى، ولو تمت فسيكون السبب هو الضغط الذى سببه (حكم المحكمة الجنائية الدولية) على السياسة الأمريكية والإسرائيلية، لأن خطورة بايدن فى عقيدته الصهيونية المسيحية، التى صدّرت قبل تسلم ترامب مقاليد السلطة فى البيت الأبيض يوم 20 يناير 2025 أزمة بضرورة القبض على خليل الحية وخالد مشعل وإغلاق مكتب المقاومة فى قطر التى فعلت مع الولايات المتحدة ما لم يفعله أحد، من خلال الدبلوماسية القطرية وتوجيهات الشيخ تميم بن حمد، أمير قطر، ووزير خارجيته محمد بن عبدالرحمن آل ثان الذى لعب دورًا خطيرًا ومكوكيًّا مع قيادات حماس فى الدوحة، وسبق أن نجحت قطر فى إنهاء الصراع فى أفغانستان مع طالبان بعد 20 سنة، بالإضافة إلى إصدار هذا الشيطان الحقيقى قرارًا بتصدير الصواريخ لضرب العمق الروسى لإشعال حرب عالمية ثالثة فى العالم، قبل رحيل هذا الرجل الذى قلت مرارًا وتكرارًا إن وعده ودعمه اللامحدود والمطلق لإسرائيل أخطر من وعد بلفور، فهو يريد أن يبيد فلسطين من على الخريطة العالمية، ويعيد تغيير شكل الشرق الأوسط الجديد وأن يكون نتنياهو واليمين المتطرف هو الحاكم الفعلى للشرق الأوسط الجديد، والذراع الأمريكية لتحقيق الحلم الصهيونى، وأمام محاولاته الجديدة التى يفعلها هذا المجرم بالاستعداد لضرب بغداد، وتوسيع قاعدة الحروب المفتوحة فى الشرق الأوسط بعد فلسطين ولبنان واليمن سيكون على الرادار الأمريكى العراق وسوريا مع إيران.
وما قاله «عمرو موسى» أخطر وزير خارجية فى القرن الـ21 إن اليمين المتطرف يسعى إلى ضم أراضٍ من مصر والسعودية مع الدول العربية التى تم ذكرها، هو أمر خطير، رغم قناعاتى بأن مصر بالذات بجيشها خير أجناد الأرض لن يستطيع اللوبى الصهيونى واليمين المتطرف أن يقترب منها بمشاريع التوسع، ولن يضموا شبرًا واحدًا من أرضها، لأنهم يعلمون ماذا سيكون رد فعل الشعب المصرى والقوات المسلحة، فمصر تقود الجميع فى عدم تصفية القضية الفلسطينية أو تهجير الفلسطينيين أو إعادة تغيير الخريطة فى غزة ، ولكن دائمًا للصبر حدود؛ فتوسيع دائرة الحرب إذا دخلت مصر على الرادار فى مواجهة الكيان الصهيونى سيكون بداية النهاية لإسرائيل أيًّا كان الدعم الغربى إذا وقفت الدول العربية خلف مصر.
كل هذه التوقعات والاستنتاجات قابلة للتنفيذ، ولكن مصر تستخدم سياسة الصبر الاستراتيجى ودبلوماسية وسياسة النفس الطويل، والتفاوض والحوار من خلال جهاز المخابرات المصرى العظيم الذى يطرح المبادرة تلو الأخرى لفك هذه الأزمة، وأعتقد أن قرار المحكمة الجنائية الدولية فى هذا التوقيت أعطى زخمًا حقيقيًّا للموقف المصرى والدبلوماسية المصرية النشطة التى يقودها الوزير بدر عبد العاطى فى محاولات تضييق الخناق على المشروع الاستيطانى الإسرائيلى الجديد وضم أراضٍ عربية جديدة، وخاصة الضفة الغربية.
ومع وصول ترامب إلى البيت الأبيض ينتظر العالم العربى ما سيفعله وحتى لا نكون متفائلين، فهو سيقوم بالحل إذا تحركت الدول العربية الفاعلة تحركًا إيجابيًّا واستخدمت أدوات الضغط ولعبة المصالح المتبادلة والصفقات والأموال التى يؤمن بها ترامب كرجل أعمال.. دعونا نلاعبهم بنفس الأوراق التى لاعبونا بها، وقد تكون بداية لحل الأزمة العربية بدلًا من السكوت الذى سيكون خاتمة لتغيير المنطقة تمامًا.
العالم يترقب والمنطقة العربية تشتعل والتغيرات الجيوسياسية تستفحل، وإذا حدث تصالح إيرانى أمريكى ستهدأ المنطقة ولن يتم ضم الضفة الغربية، وستكون هناك رؤية جديدة لشرق أوسط جديد تكون مصر والسعودية والإمارات والجزائر والدول الفاعلة صناع هذه الاستراتيجية الجديدة، وإذا نجح ترامب فى فك الأزمة الروسية الأوكرانية فستكون انعكاساتها على قضية الشرق الأوسط إيجابية جدًّا جدًّا.
وأنا دائمًا متفائل من خلال ما يجرى على أرض الواقع، خاصة إذا توحد العرب ولو لمرة واحدة خلف مصر، وأصبح هناك محور عربى جديد لمواجهة الهيمنة اليمينية الإسرائيلية الصهيونية المتطرفة، فنحن نحترم اليهودية ولا نحترم الصهيونية.
خريطة العالم تتغير بسرعة شديدة جدًّا، ولا نملك إلا الدعاء لشهدائنا فى لبنان وفلسطين وفى كل الأراضى العربية.
أفيقوا يا حكام العرب..
يرحمكم الله
قبل فوات الأوان..
وإذا حدث أن تم القبض على نتنياهو مجرم الحرب، فستكون هذه هى بداية النهاية للمشروع الإسرائيلى.
والسؤال: هل سيعيش العالم عصرًا جديدًا بدون نتنياهو المطلوب القبض عليه؟
ندعو الله أن يتم ذلك.