خبراء التعليم: قرار فردي بدون دراسة ومليارات «التابلت» كان يمكن صرفها في حل مشاكل التعليم الحقيقة...والمعلمون: إهدارا للمال..حمل الدولة فوق طاقتها... والعودة لـ الورقي أفضل...ونائبة: أين التابلت؟

رغم التحديات والضغوط، أنفقت الدولة المصرية مليارات الجنيهات على تطوير المنظومة التعليمية، وذلك لضمان تعليم جيد لأبناء مصر في الجمهورية الجديدة، تعليم يرتبط بمتطلبات المجتمع وسوق العمل المحلي والإقليمي والدولي، وتزامن مع إعلان الرئيس عبدالفتاح السيسي، 2019 عاما للتعليم في مصر، عودة نظام «التابلت» في عهد الدكتور طارق شوقي، وزير التربية والتعليم الأسبق، بعد تجارب ومحاولات كثيرة من وزراء التربية والتعليم السابقين في إدماج «التابلت» في المنظومة التعليمية.

الدكتور طارق شوقي: أجهزة «تابلت» المرحلة الثانوية كلفتنا 9 مليارات جنيه

كان قد كشف الدكتور طارق شوقي، وزير التربية والتعليم الأسبق، أن الدولة أنفقت 9 مليارات جنيه لتوفير أجهزة التابلت لطلاب المرحلة الثانوية بصفوفها الثلاثة، ومنحت الوزارة التابلت للطلاب مجانا بالإضافة إلى منحهم المحتوى التعليمي الموجود عليه مجانا على منصة "ذاكر" وعلى منصة "إدارة التعليم".

ورغم أهمية «التابلت» في المنظمة التعليمية إلا أنه أثناء التطبيق على أرض الواقع ظهرت مشاكل كثيرة، وتعالت أصوات خبراء التعليم وبعض أولياء الأمور والمعلمين يؤكدون أن منظومة «التابلت» أخفقت بعد أن تكبدت الدولة المليارات الجنيهات، ويطرحون عدة أسئلة، من المسئول عن المليارات التي أنفقتها الدولة؟ وماذا عن امتحانات طلبة أولى ثانوي العام الحالي...هل الامتحان "ورقيّا أم إليكترونيّا" مع طلاب الثانوي خدمات ومنازل؟ ولماذا لم يتسلم عدد كبير من طلبة أولى ثانوي «التابلت» حتى كتابة هذه السطور؟ وكيف يسترد أولياء الأمور تأمين «التابلت» العام الماضي ولم يستلموه؟

تحقيقات «النهار» ترصد في السطور التالية مع الخبراء والنواب والمعلمين وأولياء والمختصين هذا الملف المهم

خبراء التعليم:

خبير تربوي: مليارات «التابلت» كان يمكن صرفها في حل مشاكل التعليم الحقيقة... ويتحمل وزراء التعليم السابقين المسئولية.

قال الدكتور محمد عبدالعزيز، الخبير التربوي والأستاذ بكلية التربية جامعة عين شمس، إن مسئولية منظومة «التابلت» لا يتحملها محمد عبداللطيف، وزير التربية والتعليم الحالي، ولكن يتحملها الوزراء السابقين، لأن قرار دمج «التابلت» في منظومة التعليم من 2013 حتى بدأ تطبيقه بالفعل في عهد الدكتور طارق شوقي، مضيفا أن المليارات التي تم إنفاقها على «التابلت» كان يمكن استخدامها في حل مشاكل التعليم الحقيقة، وتطوير العملية التعليمية من بناء مدارس جديدة وزيادة عدد الفصول وسد عجز المعلمين وحل مشكلة كثافة الطلاب في الفصول.

وأضاف الدكتور محمد عبدالعزيز في تصريح خاص لـ «النهار» أنه يرى المشهد الحالي أن وزير التربية والتعليم استبدل الميزانية المخصصة لـ «التابلت» في دفع مكافآت معلمي الحصة المدرسية لسد عجز المعلمين في المدارس.

وتابع: «قرار منظومة «التابلت» كان قرارا خاطئا، لأن هناك أولويات لمواجهة التحديات، ووضع حلول للمشكلات الحقيقة، وهذه هي مشكلة وزارة التربية والتعليم، لا تدرس المشاكل طبقا للواقع، ولذلك إذا كانت الوزارة تتابع المشكلات على أرض الواقع لحددت التحديات وضعت الحلول، لذلك كان يجب توفير تلك المليارات لحل مشكلة التعليم الحقيقة.

وأوضح «عبدالعزيز»، أن منظومة «التابلت» مرتبطة بأشياء أخرى، منها البنية التكنولوجية، والتي كلفت الدولة مليارات، مضيفا أن هناك بعض المدارس لم تستلم التابلت وأخرى استلمت ولكن البنية التحتية غير جيدة.

واختتم الخبير التربوي والأستاذ الجامعي حديثه مؤكدا أنه لابد من وضع إطار عام للتعليم، بداية من «كجي 1» حتى الثانوية العامة، مضيفا لابد أن تكون هناك رؤية مستقبلية للتعليم، ورسالة واضحة ومحددة، ويتم وضع مواصفات الطالب في العملية التعليمية بالإضافة إلى صفات المعلم والمربي وتحديد شروط لأداؤه وراتبه بجانب عمليات المتابعة والمحتوى التعليمي «الكتاب المدرسي»، ومعرفة طرق التدريس، ومواصفات المعلم وعمليات التقييم، كما يجب وضع منظومة للتعليم تتماشى مع إمكانيات مصر، أسوة بالدول الأخرى، الهند على سبيل المثال رغم أنها دولة فقيرة إلا أنها لديها تعليم جيد، نتطلع في مصر أن يتخرج أولادنا في ظل تعليم جيد يلبي متطلبات المجتمع وسوق العمل، ويجد الخريج المصري مكانا محاليا وإقليميا وعالميا.

خبير تعليمي وأستاذ بالمركز القومي للامتحانات والتقويم:

«منظومة التابلت» قرار فردي بدون دراسة كلف الدولة مليارات الجنيهات....وأتوقع عودة الامتحانات ورقيا

قال الدكتور محمد فتح الله، الخبير التربوي، وأستاذ القياس والتقويم بالمركز القومي للامتحانات والتقويم التربوي، إن «التابلت» وسيلة من وسائل التعليم، وكان يجب مراعاة الأولويات في الإنفاق لتطوير منظومة التعليم، مؤكدا أنه يجب أن يحاسب المسئول عن منظومة التابلت ومن دعمها.

وأكد «فتح الله» في تصريح خاص لـ «النهار» أنه يجب تشيكل لجنة علمية بحثية محايدة من الجامعات والمراكز البحثية، تدرس العوامل أو الجوانب المختلفة في منظومة «التابلت» من حيث التكاليف وإرهاق الدولة مليارات الجنيهات، بالإضافة إلى النتائج وتحقيقها، والغايات، مشير إلى أنه يجب على اللجنة البحثية أن تكشف وتوضح لمتخذي القرار الوضع الراهن.

وتابع: «التابلت» كان قرارا فرديا، بدون دراسة، تم اتخاذه دون مراعاة لمتطلبات المجتمع التعليمي، ولم يتم استشارة الأساتذة والخبراء والمتخصصين، وهنا أطرح سؤالا، هل كان هناك دراسات علمية تؤكد وتشير إلى أهمية ضرورة دمج التابلت في منظومة التعليم؟، وأيضا ما دور التابلت الحقيقي في منظمة التعليم؟

واختتم الدكتور محمد فتح الله، الخبير التربوي وأستاذ القياس والتقويم، حديثه قائلًا: أتوقع عودة الامتحانات ورقيا، وهذا طبيعي، وبذكر الامتحانات أطرح سؤالا آخر، من الذي أكد أننا في حاجة أن نجري امتحانات الطلبة عن طريق اختيار من متعدد «البابل شيت» فقط، أو مقالي فقط، لا توجد منهجية تحدد نوعية الأسئلة في الاختبار أو نسبتها، كما يحدث في امتحانات طلبة ثانوي الآن، والمنهجية أن من يقوم بوضع الامتحان إذا كان مدربا تدريبا حقيقيا له الحق أن يضع أي نوعية من الأسئلة في الاختبار، بمعنى أنه من الممكن أن يأتي الاختبار «مقالي» أو «مقالي واختيار من متعدد»، الخلاصة أن أي نسب غير ملزمة لمن يضع الامتحان، لذلك نظام «البابل شيت» ليس له منهجية علمية، كما لا توجد دراسات علمية تشير إلى تقيم الطلاب باختيار من متعدد، بالإضافة إلى الاختبار التحصيلي، كما لا توجد منهجية علمية تؤكد أن امتحانات الثانوية العامة وما قبلها في نظام الكتاب المفتوح «Open Book» أو على شاكلته.

النائبة أميرة أبوشقة: أين التابلت؟ وما جدوى "التابلت" إذا كانت الامتحانات ورقيًّا وليس إليكترونيًّا، وهل البيئة التكنولوجية المتواضعة مناسبة؟

قالت النائبة أميرة أبوشقة عضو مجلس النواب، إن تصريحات وزير التعليم، أواخر أغسطس الماضي، بأنه لا طباعة لكتب ومقررات الثانوية، ولا نية لإلغاء "التابلت"، تخالف ما يحدث على أرض الواقع.

وأضافت أن هناك الكثير من الشكاوى التي تتعلق بهذا الموضوع، من أولياء الأمور والطلبة على حدٍّ سواء، مشيرة إلى أن عددًا كبيرًا من المدارس والطلبة في مناطق كثيرة، سواء أكان ذلك في مدارس حكومية أو خاصة، وكذلك طلبة "الخدمات الحكومي" والمنازل، لم يتسلموا "التابلت" خلال العام الماضي أو الحالي!

وأوضحت أن العديد من أولياء الأمور قاموا بسداد رسوم تأمين "التابلت" مع الرسوم الدراسية في بداية العام، وإلى الآن لم يتم استلامه، متسائلة: ما جدوى "التابلت" إذا كانت الامتحانات ورقيًّا وليس إليكترونيًّا، وهل البيئة التكنولوجية المتواضعة تستطيع تنفيذ هذا المشروع كما هو مخطط له، خصوصًا في المدارس البعيدة والنائية، أو الموجودة في القرى والأقاليم؟

وأشارت إلى أن وزارة التعليم أعلنت أيضًا في منتصف مايو الماضي، أن مقدرات الباب السادس لشراء الأصول غير المالية "الاستثمارات" من موازنة ديوان عام الوزارة، للعام المالي الجديد، تقدر بـ8.5 مليار جنيه، منها 7.7 مليار جنيه لـ"التابلت" فقط، متسائلة: مرَّ على بدء الدراسة حوالي شهرين، "فين التابلت"؟

وقالت النائبة أميرة أبوشقة عضو مجلس النواب، إنه وفقًا لمشروع تلك الموازنة لـ"التابلت"، فأين هذا المبلغ وهناك مدارس لم يوزع فيها أصلًا على الطلاب، وإذا تم التوزيع فهل تم ذلك على جميع الطلبة المقيدين فعليًّا؟

وأوضحت أن تحقيقات النيابة كشفت مؤخرًا عن تفاصيل مثيرة في قضية سرقة 1100 تابلت من مقر وزارة التربية والتعليم، بمدينة مبارك التعليمية، بمدينة السادس من أكتوبر، حيث ثم إحالتهم للمحاكمة الجنائية بتهمة السرقة والاختلاس، مشددة على ضرورة الكشف عن مدى ارتباط تلك القضية بنسبة العجز في "التابلت"، وهل ستكون امتحانات هذه السنة مثل العام الماضي، ورقيًّا؟

المعلمون عن منظومة التابلت: إهدار للمال العام...حمل الدولة فوق طاقتها... والعودة لـ الورقي أفضل

أكد بعض المعلمين، أن منظومة «التابلت»، كلفت الدولة مليارات الجنيهات، ولم تحقق الاستفادة المرجوه منها، وأن الامتحانات الورقي أفضل للطالب وللعملية التعليمية.

قال سعد زغلول، معلم في إحدى المدارس، إن التابلت فى التعليم شيء جيد جدا ولكن فى مصر لا يوجد فكر أو فهم صحيح لكيفية استخدامه، بينما يرى سمير حافظ، «التابلت» أفشل العملية التعليمية بمرحلة ثانوى، وأيضا الاختيار من متعدد سهل عملية الغش الجماعي، مؤكدا أن النظام الورقي القديم أفضل مع يقظة ضمائر المعلمين أثناء التصحيح، والمصحح والمراقب هما أساس نجاح التعليم.

وأضاف محمود غنيمي، معلم، أن نظام الامتحان «الورقي» أفضل حتى يحث التلميذ بأهمية الامتحان وشعوره بطبيعة الامتحان، كما أكد حسام الدين غانم، أن مشروع «التابلت» فشل فشلا ذريعا، مضيفا أنه حمل الدولة فوق طاقتها.

وتابعت هدى أنور، أن منظومة «التابلت»، إهدارا للمال، لأن الطلاب يتسلموا ورقة بها السؤال المقالي، وورقة أخرى بها المفاهيم، وهذه تكلفة على الدولة، «تابلت وورقي»...أين الفائدة؟

وزارة التربية والتعليم: عدم تسليم التابلت لطلاب الثانوية بالمدارس الخاصة

قد أكدت وزارة التربية والتعليم، غلق التسجيل والتعديل لبيانات الطلاب على قاعدة البيانات المركزية والبدء في تسليم أجهزة التابلت المدرسي حسب أعداد الطلاب المستهدفين والمسجلين في قاعدة البيانات المركزية ، وكذلك إصدار النشرات السنوية للإحصاء الاستقراري.

أصدر محمد عبد اللطيف، وزير التربية والتعليم، قرارا بإعتماد خطة توزيع أجهزة التابلت المدرسي طبقا لأعداد الطلاب المستهدفين، والمسجلين علي قاعدة البيانات المركزية وذلك عبر التطبيق الإلكتروني لاستمارة الطالب.

تسليم التابلت لطلاب الصف الأول الثانوي للمدارس "الحكومية فقط"

نفت وزارة التربية والتعليم والتعليم الفني، صدور قرار ينص على عدم تسليم التابلت لطلاب الصف الأول الثانوي بهذا العام ، وأوضحت أنه قد تقرر تسليم التابلت لطلاب الصف الأول الثانوي فقط في المدارس الحكومية بهذا العام.

وقد قرر محمد عبد اللطيف ،وزير التربية والتعليم والتعليم الفني، عدم تسليم التابلت لطلاب الصف الأول الثانوي في المدارس الخاصة خلال العام الدراسي الجاري.