زيادة أسعار الوقود تحرق آمال المصريين (تقرير)
في ظل الأزمة الاقتصادية العالمية والتي تؤثر على العديد من الدول، شهدت مصر ارتفاعات ملحوظة في أسعار الوقود، هذا الارتفاع لم يعد مجرد مشكلة اقتصادية، بل أصبح له تأثيرات عميقة على حياة المواطنين اليومية، من ارتفاع تكلفة النقل إلى زيادة تكلفة المواد الأساسية، يمكن القول بأن الأزمة الوقودية أثرت بشكل كبير على الأسر المصرية.
تعتبر السيارات وسيلة حياة أساسية للكثير من المواطنين، ولكن مع ارتفاع أسعار البنزين، أصبح السفر من وإلى العمل أمراً مكلفاً، هذا الارتفاع لم يعد مجرد مشكلة مالية، بل أثر على الصحة النفسية للمواطنين، حيث أدى إلى زيادة التوتر والضغوط النفسية، بالإضافة إلى ذلك، أثرت الأزمة الوقودية على تكاليف المواد الأساسية، مما أدى إلى زيادة تكلفة الحياة اليومية وتعقيد الأمور للعديد من الأسر.
من الجانب الاقتصادي، أثرت الأزمة الوقودية على الأنشطة التجارية والصناعية، حيث أدى إلى زيادة تكاليف الإنتاج والنقل، مما أثر سلباً على الإنتاجية والأرباح، هذا الارتفاع لم يعد مجرد مشكلة للمواطنين، بل أصبح تحدياً للحكومة والسلطات المختصة لتقديم حلول مستدامة تتماشى مع احتياجات المواطنين وتحقيق التوازن بين الاقتصاد والمجتمع.
خبير اقتصادي: تحديات الوقود فرصة للابتكار ودعم الاقتصاد الوطني
ومن جانبة، قال المهندس هشام علما، الخبير الاقتصادي، لـ "النهار" إن أزمة ارتفاع أسعار البنزين في مصر تلقي بظلالها الثقيلة على كاهل المواطن المصري، مشددًا على أن هذا الارتفاع يشكل عبئًا إضافيًا على الميزانية اليومية للمواطن.
وأوضح المهندس هشام: "لا شك أن هذا الوضع يؤثر بشكل مباشر على تكلفة المعيشة، ويحد من قدرة المواطنين على تلبية احتياجاتهم الأساسية، مما يمثل تحديًا كبيرًا يواجه مختلف شرائح المجتمع."
وأضاف علما: "علينا جميعًا أن ندرك أن هذه الأزمة هي جزء من تحديات اقتصادية عالمية تتجاوز حدودنا، ولكن علينا أن نتحلى بروح التكاتف والتعاون في مواجهة هذا التحدي. يجب أن نعمل معًا، حكومةً وشعبًا، للبحث عن حلول مستدامة لهذه الأزمة، وأن نتقبل هذه التحديات بروح إيجابية، وأن ننظر إليها كفرصة للابتكار والتطوير."
وأوضح المهندس هشام أننا قادرون على تجاوز هذه المرحلة الصعبة، وأن نخرج منها أقوى وأكثر تماسكًا، مؤكدًا على أهمية تحمل الجميع لمسؤولياتهم والمساهمة في دعم الاقتصاد الوطني. وقال: "التكاتف هو مفتاح الحل، والتحديات هي فرصة للنهوض."
وفي ختام تصريحه، أكد المهندس هشام على أهمية البحث عن حلول مبتكرة لهذه الأزمة، داعيًا إلى التعاون بين مختلف القطاعات للوصول إلى حلول مستدامة تضمن مستقبلًا أفضل لأجيالنا القادمة.
نقيب الفلاحين يحذر ارتفاع أسعار المحاصيل ملاحقة بالوقود
وفي سياق متصل، حذر حسين عبد الرحمن، نقيب الفلاحين في تصريحات خاصة لـ "النهار"، من التأثير السلبي لارتفاع أسعار الوقود على المزارعين المصريين، معتبرًا أن الزيادة الأخيرة في أسعار السولار ستشكل ضغطًا كبيرًا عليهم، وأوضح أن الوقود يُعد عنصرًا حيويًا في جميع مراحل الزراعة، من الري والرش إلى النقل والجني، ونتيجة لذلك، فإن ارتفاع تكاليف الوقود سيزيد من تكلفة الإنتاج الزراعي، مما يهدد بزيادة تصل إلى 15% في أسعار المنتجات الزراعية.
وأشار عبد الرحمن إلى أن المزارعين يعانون بالفعل من ارتفاع أسعار المبيدات والأسمدة، وأن الزيادة في أسعار الوقود قد تدفع بعضهم للتوقف عن الزراعة، وأكد أن التأثير لن يظهر على المحاصيل الحالية في الأسواق، بل سيؤثر على المحاصيل القادمة، مما يزيد من تعقيد الوضع لكل من المزارعين والمستهلكين، مشيرًا إلى تأثير العرض والطلب على الأسواق الزراعية.
أضاف أن الحكومة كانت قد رفعت أسعار البنزين والسولار في وقت سابق من هذا العام، مما أدى إلى زيادة إضافية في تكاليف الإنتاج الزراعي.
تحرك برلماني عاجل بسبب زيادة أسعار المحروقات
وفي ذات السياق أصدر المهندس إيهاب منصور، عضو مجلس النواب ورئيس الهيئة البرلمانية للحزب المصري الديمقراطي الاجتماعي ووكيل لجنة القوى العاملة بمجلس النواب، بيانًا عاجلًا يعبر فيه عن قلقه بشأن قرار زيادة أسعار المحروقات.
في بيانه، أشار منصور إلى أن استمرار الحكومة في زيادة أسعار المحروقات يزيد من معاناة المواطنين، وأوضح أن المواطنين لم يتعافوا بعد من الزيادات التي طرأت على أسعار السلع والكهرباء والمياه وغيرها، وأضاف أن بعض المواطنين تعرضوا لمعاقبة مزدوجة، حيث زادت فاتورة الكهرباء بشكل جزافي، مما أدى إلى وقف بطاقات التموين.
وتساءل منصور: "من يتخذ هذه القرارات ومن يدرس آثارها؟ فقد اعتادت الحكومة على إصدار قرارات دون دراسة كافية لتأثيراتها، وهناك العديد من الأمثلة على ذلك"، وأضاف: "الزيادة الأخيرة في أسعار المحروقات تراوحت بين 10.9% و17.4%، والأمر المثير للدهشة أن أعلى نسبة زيادة كانت في سعر السولار، مما سيؤدي إلى ارتفاع كبير في أسعار السلع والخدمات بمختلف أنواعها"، وأشار إلى الضعف الواضح في الرقابة على الأسواق، وانتقد رفض الحكومة لطلبه بدعم الجانب الرقابي أثناء مناقشة الموازنة.
أوضح النائب أن الطبقات الاجتماعية أصبحت طبقة واحدة، حيث لم تعد الشكوى تقتصر على الطبقة الفقيرة فقط، بل انضمت إليها الطبقة المتوسطة، مما جعل المعاناة تشمل غالبية المصريين، وتساءل كيف يمكن لحكومة حديثة العهد أن تتخذ هذا الكم من القرارات، بما في ذلك قرارات في مجالات التعليم والصحة والتموين وغيرها، دون دراسة آثارها، وأكد رفضهم لهذه القرارات جملة وتفصيلاً.
أكد وكيل لجنة القوى العاملة أن الشعب المصري تحمل الكثير من الضغوط، ولا يزال يعاني منها، وأوضح أن القرارات المتتالية التي تصدرها الحكومة، والتي تعتمد بشكل كبير على جيب المواطن المصري استجابة لصندوق النقد الدولي، أمر غير مقبول، وأشار إلى فشل الحكومة في تطبيق قانون التصالح، مما أثر على موارد الدولة بقيمة تتراوح بين 150 و200 مليار جنيه، وفشلها في إنهاء معاناة المواطنين.
وأضاف أن السياسات الحالية تفتقر إلى ترتيب أولويات الإنفاق وأساسيات التنمية المستدامة، وأوضح أن معظم المشروعات التي تنفذها الحكومة ذات تكلفة عالية وعائدها المحتمل طويل المدى، بينما تمولها بقروض قصيرة المدى، مما يضاعف عبء الديون على الميزانية، وأشار إلى أن الحكومة تضطر لرفع الدعم عن السلع الأساسية، مما يؤدي إلى زيادة الأسعار، ويتحمل المواطن عبء الغلاء بدون سياسات حماية اجتماعية حقيقية.
كما أشار إلى أن الاستثمار في مصر لا يزال مكبلاً بالعوائق البيروقراطية، وتقلب سياسات الضرائب والرسوم والجمارك، مما يؤدي في النهاية إلى هروب الاستثمارات أو توقف بعضها.
إذا كانت زيادة أسعار الوقود في هذا الوقت تتماشى مع الزيادة العالمية، فإنها تزيد من أعباء التضخم وارتفاع الأسعار على المواطنين، مما يثقل كاهل الأغلبية العظمى من أفراد الشعب ويدفع فئات أخرى نحو خط الفقر، يُذكر أن الحكومة استفادت بشكل كبير من انخفاض أسعار البترول الخام أثناء أزمة كوفيد-19، حيث بلغ سعر برميل البترول 18 دولارًا في ذلك الوقت، ومع ذلك لم تعكس لجنة التسعير الحكومية هذا الانخفاض لصالح المواطن، لذا، لا ينبغي أن يتحمل المواطن زيادات الأسعار عند ارتفاع سعر برميل البترول، ولا يستفيد في حالة انخفاض السعر.
كما طالب منصور بإعادة ترتيب أولويات الموازنة العامة للعام الحالي 2024-2025، بحيث يتم زيادة مخصصات الحماية الاجتماعية، بما في ذلك مخصصات الدعم السلعي وأسعار الوقود، من شأن هذا تخفيف آثار التضخم ومحاولة السيطرة على آثار الأزمة الاقتصادية.