بغرض سرقة هاتفه... النيابة العامة تترافع بقضية إنهاء حياة شخص علي يد عاطل
إستمعت محكمة جنايات شبرا الخيمة، الدائرة الثانية، برئاسة المستشار أيمن عفيفى سالم، وعضوية المستشارين عبد العزيز على محمود، وشيرين صلاح حمدى، ومحمود أبو اليزيد جاب الله، وأمانة سر هانى خطاب، لمرافعة وكيل النائب العام "أحمد سعيد عيسى" بنيابة أول شبرا الخيمة، في قضية إنهاء حياة شخص علي يد عاطل لسرقة هاتفه المحمول بدائرة قسم أول شبرا الخيمه بمحافظة القليويية.
"الحكم بالعدل"
حيث بدأ "أحمد سعيد عيسى" وكيل النائب العام - مرافعته ببسم الله الرحمن الرحيم ( رَبِّ اشْرَحْ لِي صَدْرِي * وَيَسِّرْ لِي أَمْرِي * وَاحْلُلْ عُقْدَةً مِن لِسَانِي * يَفْقَهُوا قَوْلِي ) صدق الله العظيم... و يقول المولى في محكم آياته:
(اسْتَحْوَذَ عَلَيْهِمُ الشَّيْطَنُ فَأَنسَهُمْ ذِكْرَ اللَّهِ ۚ أُوْلَئِكَ حِزْبُ الشَّيْطَنِ أَلَا إِنَّ حِزْبَ الشَّيْطَنِ هُمُ الْخَسِرُونَ) صدق الله العظيم
وقالت السيدة نفيسة رضي الله عنها.. محال أن يموت المظلوم ويبقى الظالم... فأعملوا ما شئتم فإنا صابرون.. وجوروا فإنا بالله مستجيرون... واظلموا فإنا إلى الله متظلمون }.. وحيث قال صلى الله عليه وسلم... لزوال الدُّنيا أَهْوَنُ على اللَّهِ مِن قتل مؤمن بغير حق" لئن كان شرف للنيابة العامة أن تُمثل المجتمع دائماً فيما وقع عليه من جرائم؛ فقد وفاها الشرف قدراً وهي تمثل اليوم في ساحة عدلكم. فحينئذ تحدث أمورٌ وأمور - يقوم الحوار ويختلط الفهم وتطرح الحجج وتزداد الدفوع، ويُطلب العقاب، وتُرجى البراءة، وينتظر الحكم، ولكن أي حكم؟! هو الحكم بالعدل.. فلقد أمرنا رسولنا الكريم؛ أن نقيم ألسنتنا بالحق أينما كنا ولا نخاف في الحق لومة لائم
وقال "عيسى" سيدي الرئيس الهيئة الموقرة جئنا اليوم إلى ساحتكم المقدسة هذه.. نحمل إليكم كلمة المجتمع - الذي منحنا شرف تمثيله - في واحدة من القضايا .. ننشد فيها الحق والعدل .. اللذين يعيشان في ضمائركم... جئنا وقد ارتدينا ثوب الإدعاء.. حاملين، ومؤدين للأمانة التي عرضت على السماوت، والأرض ، والجبال فأبين أن يحملنها .. فحملناها، ونخشى بذلك أننا قد ظلمنا أنفسنا.
وأضاف إن النيابة العامة على يقين تام من المامكم الشامل بواقعات دعوانا الماثلة... لكن إذنوا لنا بالمرافعة إجلاء لما بين ثنايا السطور، وأداء للأمانة التي كلفنا بها.
"التعدى علي حقوق العباد وقتل الأبرياء"
قائلا سيدي الرئيس... إن الصحائف التي طويت اليوم أمام عدالتكم تطل فيها الجريمة بأبشع صورها حيث جمع المتهم فيها مجامع الشر لسفك الدماء ويستولى على الأموال فمن موكب الدنايا نستخلص اليوم هذه الشرذمة ومن لب الخيانة... نستخلص تلك الجذور الآثمة فالمتهم القابع أمامكم اليوم في قفص الإتهام في مقتبل العشرين من العمر.. تجرع من كؤؤس الإنتقام وراح يجول في الطرقات.. بحثاً عن إشباع غريزته في حب المال لكي يستولى على أي متعلقات.. بهدف جمعها غير عابئ بما قد يسفر فعلته عن التعدي على حقوق العباد... وقتل الأبرياء وإننا قبل أن نخوض في عباب وقائع القضية وخطوبها فإننا نؤثر أن نلقي ضوءاً موجزاً على شخوصها وظلالهم في الأوراق { سرقة؛؛؛ وقتل؛؛؛ خسة ؛؛؛ ووضاعة}
"شيطان يسوق الروؤس"
موضحا إن المجني عليه يا سادة هو "سامح الزناتي ابراهيم علي محمد" يبلغ من العمر الثامنة وثلاثون عاماً ؛؛؛ تزوج من أحب يسعى و يكد لجمع قوت يومه،، و يفترش الأرض في نهاية يومه الشاق أملاً أن يستقيظ للغد في أمان و سلام ليعاود كفاحه ومن واد أثيم ؛؛؛ وسواد جهيم ونفوس كرؤوس الشياطين جاء المتهم لينفذ مخططه؛؛؛ ويرتشف من كأس الغدر، و الخيانة كي يُشبع غرزيته في التحصل على مبتغاه، فالمتهم قد زيع عنه سوء خلقه ؛؛؛ و فساد أحواله واشتهر بين الناس بلقب الشيطان ؛؛؛ فيهيم في الطرقات متعدياً على حرمات غيره و مستولياً على ما لا يستحقه إلا أن القدر قد أوقعه في براثم العدالة ؛؛؛ ليلقى جزاء ما ارتكبه من إثم.
"قتله لسرقة هاتفه المحمول "
واكمل مرافعته أنه في اليوم المشهود الموافق الأول من شهر مارس للعام الجاري و مع بزوغ شمس ذلك اليوم، كان المجني عليه مفترشأ الأرض مستغرقاً في نومه؛؛ و بجانبه زوجته رفيقة حياته؛؛؛ فإذا بالمتهم غليظ القلب سئ الفعال، إذ به ينقض على المجني عليه وزوجته منغصاً نومهما الهادئ ؛؛؛ فيستقيظ المجني عليه فزعاً في خوف و کدر،. و إذ بالمتهم يفتعل معه شجاراً لسرقته ؛؛؛ وحال محاولة المجني عليه رد قصده ؛؛؛ و الدفاع عن نفسه ؛؛؛ فما كان من ذلك المجرم إلا أن هداه فكره و شيطانه إلى أيسر الحلول ؛؛؛ و دفعه جشعه إلى التعدي على المجني عليه لإشباع رغبته في الاستيلاء على هاتف فريسته ؛؛؛ فأمسك بقطعة حجرية صلبة ؛؛؛ و كال له بها ضربة قاسية في موضع قاتل بطبعه ؛؛؛ بمقدمة رأسه ؛؛؛ فيسقط المجني عليه مضرجاً بدمائه و ما كان ذلك إلا لتحقيق غرضه و سرقة هاتفه المحمول.
و ذكر أنه عقب أن تأكد الجاني بسقوطه أرضاً ؛؛؛ عاجزاً عن الحركة ؛؛؛ متأثراً بجراحه ؛؛؛؛ لم تهتز نفسه أو مشاعره أو تتراجع لما اقترفته يداه من جرم ؛؛؛ إصراراً منه على سرقته فأمتدت يديه الآثمتين إلى ما لا يستحقه و تمكن من التحصل على مبتاغه ؛؛؛ وهو سرقة هاتف المجني عليه و فر هارباً ؛؛؛ وقام بقضاء حاجته ،، وكأن شيئاً لم يكن هناك وظن أن دماء المجني عليه ستقيد ضد مجهول !!! وأن ذلك الأمر بالنسبة له ؛؛؛ لا يوجد عليه خلاف ونام مطمئناً ذئب ليل الظلام ولكن ؟؟! شمس الحقيقة ليست بفان وكشف الجريمة قد حان ونفذ رصيد ستره عند الرحمن وأرسله لنا مكبل اليدان لنتولى الإستجواب ،،، ولم يستطع الإفلات.
مستكملا سيدي الرئيس حضرات السادة القضاة لإن كان الحكم في بعض القضايا يُحملكم في بعض الأمور مشقة من بحث، ووزن، وترجيح ثم إقتناع فيقين... فإني أبشركم أن هيئتكم الموقرة لن تجد في هذه القضية مشقة ... ولن تجدوا بينكم في الحكم خلافا... إذا أن ما أسلفناه في حق المتهم ثابت لا محالة.
وطالب "عيسى" من الهيئة أن تسمح له بإستعراض أدلته القولية و الفنية في حق الجاني، وذلك على النحو التالي.. بسم الله الرحمن الرحيم (قُلْ هَاتُوا بُرهَانَكُم إِن كُنتُم صَادِقِينَ ) صدق الله العظيم.
(أدلة الدعوى)
أسندت النيابة العامة للمتهم أحمد محمد عوض محمد تهمة قتل المجني عليه سامح الزناتي إبراهيم عمداً من غير سبق إصرار أو ترصد و ارتبطت بها جنحة السرقة على نحو ما جاء بأمر الإحالة الذي تلوناه على مسامع حضراتكم... وقد استندت في ذلك إلى باقة من الأدلة المتساندة وقد انقسمت تلك الأدلة إلى أدلة قولية و أدلة فنية وسنقوم بعرضها على النحو التالي:
الأدلة القولية (شهود العيان)
فبشأن إثبات الواقعة الشاهدة الأولى وهي المدعوة ورده عبد الخالق عبد المجيد القماش؛؛؛ فقد شهدت بأنها حال تواجدها رفقة المجني عليه زوجها؛؛؛ غاطين في النوم جائهما المتهم عازماً على سرقة الهاتف المحمول المملوك للمجني عليه و حال رفضه أمسك المتهم بقطعة حجرية و أنهال بها ضرباً فأصاب رأسه مما تسبب في إحداث جرح بالغ بجبهة رأسه فسقط مغشياً عليه تسيل منه الدماء فسرق المتهم الهاتف و لاذا بالفرار.
مشيرا ولا يقف الأمر عند هذا الحد ؛؛ فهناك تقرير مصلحة الطب الشرعي؛؛؛ والذي أورى أن الوفاة تُعزى إلى الإصابة بالرأس؛؛؛ وما نتج عنه من كسر بعظام الجمجة ونزيف أعلى سطح المخ و تجلطات الأنزفة دموية بتجاويف عظام قاعدة الجمجة مما أدى للوفاة.... حيث يصب في الإطار الذي تصب فيه الأدلة المتقدم بيانها وإذا أبصرنا تحريات جهة البحث؛؛؛ نعم؛؛؛ ما هي إلا قرينة لا ترقى لمرتبة الدليل؛؛؛ إلا أنها في دعوانا الماثلة لا تحمل سوى الصدق لأنها مؤازرة من غيرها من الأدلة على النحو الذي يُشيد بنيان الإتهام بأوث ما يكون من التشييد.
حيث نوهت النيابة العامة إلى أنها قد ساق إليها القدر إثنين من أقران المتهم كانا متواجدين بمسرح الواقعة وقد جاءت أقوال ورواية كلاً منهما بالتحقيقات متوافقة ؛؛؛ فقد قررا بأنهما حال سيرهما رفقة المتهم و الذي شهرته الشيطان فادعى لهما ذهابه لقضاء حاجته أسفل الكوبري محل الواقعة و إذ بهما أبصراه محاولاً الإعتداء على المجني عليه لسرقته ؛؛؛ فقاما بتحذيره طالبين منه الكف عن أذى غيره ؛؛؛ إلا أنه لم يلبي ندائهما؛؛؛ إذ فوجئا به يلتقط قطعة حجرية و كال له ضربة استقرت برأسه فما كان منه إلا أن سقط أرضاً مدرجاً بدمائه متأثراً بجراحه ولم يبالي من انتزعت الرحمة من قلبه لذلك الفعل وقام بسرقة الهاتف الجوال و لاذ بالفرار حيث أن نزعته الإجرامية الكامنة في نفسه أنه عشق الجريمة وتوارثها ؛؛ كابراً عن كابر إنه حقاً شيطان الإنس؛؛؛ ألا لعنة الله عليه وعلى أمثاله من بني والتي شب عليها؛؛؛ قد باتت تحفزه على سفك الدماء بل أنها صارت نهجاً لحياته يتلذذ بها؛؛؛ سالباً للأرواح وكأن بلسان حاله يردد الإنسان... هكذا اكتملت حلقات الفجيعة لتطوق عنق هذا المارق بحبل من مسد فقد ارتكب جرماً تقشعر له الأبدان ويشيب منه الولدان ويهتز له الكيان والبنيان.
مشيرا إلي قول سيدي الرئيس .. الهيئة الموقرة
أما وقد أفضنا فيما منحتمونا إياه من شرف المرافعة بين أيديكم ؛؛؛ وصولاً للقصد النبيل ؛؛؛ وهو إقامة العدل بقضائكم العادل ؛؛؛ فإنا قد أوجزنا ما حملته الأحداث ؛؛؛ وعرضنا لما يحمله القانون من حجج.. وجلاء لأي إلبات.. وندعو الله أن نكون قد بلغنا البعض من ما حملته صدورنا من مقاصد جسام، وندعو الله أن ننال من قضائكم ما يُحقق القصاص شرع الله القديم الخالد، وأن يُرسى حكمكم جبراً لذوي الدم وردعاً لسافكيه والمتجرئين عليه، وإن النفوس الخبيثة لا دواء لها سوى إقتلاعها وألا ندع لهذه النفوس الشائهات والأيادي الآثمات بيننا متسع ولا رحاب.
وأشاد سيدي الرئيس ... الهئية الموقرة
إن القاتل قد أمعن في الضلال، وتغذى على الدماء كالضباع قبض روحاً طمعاً في إرث مال إن العقاب الأقسى إن نزل بمثل هذا المتهم فهو الجزاء الرادع؛؛؛ والزجر الدافع والعدل المنتظر من مقامكم الكريم ولكل ما سبق.. فإننا نلوذ بعدلكم؛؛؛ ونطلب توقيع عقوبة الإعدام على المتهم جزاء على شنيع جرمه و ليذوق وبال أمره... إننا نطالب بالقصاص لأجيال طبعت بشرية بحب الخير والوئام فأتى هذا المتهم ليلطخ وجه الإنسانية بالجحود والنكران ولكن؛؛؛ محال أن تضيع محبة؛؛؛ أو أن تهدر مودة في بلد قمتم أنتم على قضائه.
(حديث للمجتمع)
وأوضح "عيسى" أن طالما كانت النيابة العامة هي حصن المجتمع والملاذ لكل مظلوم ومكلوم ومدافعة عن الحقوق والحريات.. فإنها تناشد المجتمع بالتمسك بالقيم والمبادئ والتي نشأنا عليها.. فلا تمحوها الجريمة لأبد الدهر وتطلب من الآباء غرس تلك القيم في نفوس أبنائهم كي لا ينتشر الفساد؛؛؛ وتعم الجريمة أرجاء البلاد.
وأختتم مرافعتي بقول الحق تبارك وتعالى بسم الله الرحمن الرحيم (وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِنًا مُتَعَمِّدًا فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِدًا فِيهَا وَغَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذَابًا عَظِيمًا ) صدق الله العظيم... وفقكم الله إلى ما يُحب ويرضى وسدد على طريق الحق خطاكم والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.